تكاد النفايات تدخل تفاصيل حياتنا غرف نومنا موائد طعامنا أنفاسنا وكامل أجسادنا، متسببة بأمراض وتكاثر حشرات لا يوصف و الحل الجذري لا يبدو قريباً فيا للمأساة التي يعيشها لبنان ، فهي أيام معدودات وتدخل أزمة النفايات شهرها التاسع.
إن فشل الحلول لهذه الأزمة يفاقم المشاكل يوماً بعد يوم، بعدما بدا أنّ إيجاد حلول مرحلية أو آنية ليس من مسؤولية البلديات، فتراكمت النفايات في الازقة والطرق الداخلية وأمام مداخل البنايات، ليصح القول بالفعل ان النفايات بدأت تأكل المواطنين.
وبما أن معظم النفايات المنتشرة في أكثر من موقع هي من المواد العضوية، أي فضلات الطعام، قشور الفواكه والخضر وغيرها، فإنَّ ذلك يشكّل بيئة حاضنة تشجع البكتيريا والفطريات على التكاثر، وتالياً إنتقالها بسهولة إلى الناس والمأكولات والمياه متسببة بالتسمم الغذائي.
إنها مجزرة التي يذهب ضحيتها العشرات الذين يدخلون المستشفى، وأكثرهم يخرجون محملين إلى مثواهم الأخير، والمجتمع اللبناني يكاد يفقد السيطرة طبياً وبيئياً ولم يوفّر هذا الفيروس أحداً من شره بل كان ضحيته الكبار والصغار.
وإنّ تساقط الأمطار زاد من قدرة النفايات على إحتضان الفطريات، فيما ساهمت سيولها في نقل المواد السامة الكيميائية المتوافرة في المواد الصناعية إلى المياه الجوفيّة مما يؤدي إلى الإصابة بأمراض عديدة سرطانية أو بالجهاز التنفسي وغيرها.
طفح الكيل ولا يمكن السكوت عما يحصل، دولتنا برها وبحرها وجوها في خطر، والصمت عن الفضائح والكارثة التي تحل بنا سيسجلها التاريخ، ففصل الشتاء يستعد للرحيل بعدما قام بمهمته محولاً النفايات إلى سموم تصب بأكملها في البحر التي ستقضي على ثروتنا البحرية الذي من شأنه أن يؤثر على الإقتصاد والسياحة، إضافةَ إلى ذلك إن إستمرار أزمة النفايات يكمن أيضاً في إمكان تفشي الكوليرا، التيفوئيد والطاعون وغيرها من الأمراض المعدية..
فاليوم أصبحنا نسمع بأمراض جرثومية لم نكن نسمع بها من قبل، والتسمم غذائي كان شائعاً بالصيف لكننا بتنا نسمع به في فصل الشتاء، ما يؤكد أن الوضع بات كارثي ويجب علينا قرع ناقوس الخطر..
خلاصة.. أصبح لبنان الجميل، جبل نفايات، تتسابق وسائل الإعلام العالمية على نشر صور النفايات فيه، والسؤال يبقى من يتحمّل المسؤولية؟!
لسنا هنا لنحاسب، بل نصلي كي يرأف الله بهذا البلد الجميل الذي عانى وما زال.