غداة إدراج «حزب الله» على اللائحة الخليجية والعربية للمنظمات الإرهابية نتيجة ارتكابات الحزب العسكرية والأمنية من المحيط إلى الخليج وممارساته المنضوية تحت راية منظومة الفصائل الميليشيوية الإيرانية المتوغلة في الإقليم العربي، لم يَسع طهران الغارقة والمستغرقة في دماء العرب لتعزيز نزعتها التوسعية في المنطقة إلا أن تلوّح بتقويض الاستقرار اللبناني رداً على القرارات العربية، حسبما هدد نائب وزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان بقوله أمس عبر التلفزيون الرسمي الإيراني: «وصف «حزب الله» بأنه جماعة إرهابية سيضرّ بالوحدة والأمن في لبنان». وعلى النسق التهويلي التصعيدي نفسه واصل «حزب الله» خلال الساعات الأخيرة تسطير مزيد من المواقف التخوينية للعرب عبر كتلتيه البرلمانية والوزارية، غير أنّ الكلام الذي أدلى به الوزير حسين الحاج حسن في مجلس الوزراء أمس واستنسخ فيه مفردات التخوين والتحريض والتهديد ضد المملكة العربية السعودية لم يجد آذاناً وزارية صاغية بل على العكس وجد نفسه معزولاً عن توجّه معظم مكونات الحكومة المتمسكة ببيانها الأخير المتضامن مع الإجماع العربي، فتقرّر في نهاية المطاف شطب كلام الحاج حسن التخويني للعرب من محضر الجلسة.
في الغضون، يواصل الرئيس سعد الحريري لقاءاته بزخم لافت على غير صعيد سياسي واقتصادي وشعبي دفعاً باتجاه تحصين الساحة الوطنية، وسط التشديد أمام زواره في بيت الوسط على خلاصة واحدة لخلاص الدولة تتمحور حول وجوب إنهاء الفراغ والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية باعتباره مفتاح الفرج والحل لكل الأزمات التي يتخبط بها البلد مؤسساتياً واقتصادياً واجتماعياً وحياتياً. وإذ برزت إشارة الحريري في حوار مع محطة «سي. أن. أن.» الأميركية بثته مساءً إلى أنه آثر على نفسه دعم ترشيح شخصية من 8 آذار للرئاسة بغية إنهاء الفراغ وإنقاذ لبنان، نبّه في هذا الإطار أنّ الدولة لن تستطيع مواجهة كل التحديات الراهنة والداهمة إذا لم يكن لديها «رئيس للجمهورية وحكومة جديدة»، متسائلاً عن أسباب منع إيران «حزب الله» من تأمين النصاب النيابي لانتخاب الرئيس. ورداً على سؤال رأى الحريري أنّ «حزب الله» من خلال معاداته العرب وتصعيده في وجه السعودية إنما يعكس كونه «يلعب دور الوكيل لإيران».
وفي إطار لقاءاته السياسية، التقى الحريري أمس سلسلة وفود أبرزها وفد «اللقاء الديمقراطي» الذي تحدث باسمه الوزير مروان حمادة مشيراً بعد اللقاء إلى «ضرورة تكثيف الجهود لانتخاب الرئيس»، ووفد «حزب الطاشناق» برئاسة النائب هاغوب بقردونيان الذي وصف الاجتماع بأنه «كان جدياً للغاية ومثمراً جداً». وليلاً استقبل الحريري وزير الخارجية جبران باسيل وعرض معه الأوضاع الراهنة.
مجلس الوزراء
بالعودة إلى جلسة مجلس الوزراء أمس، فقد انتهت إلى تأكيد رئيس الحكومة تمام سلام أنه لن يوجّه دعوة لانعقاد المجلس الأسبوع المقبل إذا لم يُحلّ موضوع النفايات خلال الأيام القليلة المقبلة، مع إشارته في مستهل الجلسة إلى أنّ اللجنة الوزارية المعنية «قطعت ثلاثة أرباع الطريق نحو الحل المرحلي المتمثل بالمطامر». وأفادت مصادر وزارية «المستقبل» أنّ السقف الزمني الموضوع للانتهاء من تحديد خارطة المواقع النهائية المزمع اعتمادها لطمر النفايات هو يوم الاثنين المقبل تمهيداً لوضع الحل المرحلي للأزمة على سكة التنفيذ.
وما عدا ذلك، أكدت المصادر أنّ جلسة الأمس «أخذت طابعاً سياسياً بامتياز»، موضحةً أنّ النقاش السياسي افتتحه وزير الخارجية حين توجّه إلى المجلس بطلب المشورة حول الموقف الواجب عليه اتخاذه في مجلس وزراء الخارجية العرب في تونس، عندها بادر الوزير الحاج حسن إلى طلب الكلام فباشر في توجيه الاتهامات التخوينية للمملكة العربية السعودية مكرراً اتهام دول الخليج العربي بالتعاون مع إسرائيل من خلال قرار تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية. وعلى الأثر توالت الردود من معظم أفرقاء الحكومة رفضاً لهذا الكلام التخويني، بحيث حذر الوزير ميشال فرعون من أنه «كلام يأخذ البلد إلى حرب»، متمنياً عدم تدوينه في محضر الجلسة، وهو ما وافقه عليه الوزير نبيل دي فريج الذي لفت إلى أنّ الحكومة معنيّة بحل مشاكل الناس وإنقاذ اقتصاد البلد وليست مهمتها الانخراط في معارك سوريا واليمن والعراق.
بدوره، توجه الوزير رشيد درباس إلى الحاج حسن متسائلاً: «هل نريد البلد دولة أو منبراً»، وذكّر برفض الرئيس الراحل فؤاد شهاب قطع العلاقات مع كوبا حرصاً على مصالح 300 لبناني كانوا حينها موجودين على أراضيها. وأضاف: «أدليتَ يا حاج على مسامعنا الأطروحة نفسها التي سمعناها من السيد حسن نصرالله لكن ما الفائدة منها طالما أن المجلس لن يتبنى هذا الكلام وأنّ نصف الشعب اللبناني يرفضه»، وأردف: «تتحدثون عن القصف السعودي لليمن وتتغاضون عن القصف الروسي لسوريا، وتتهمون المملكة من دون أي دليل بإرسال سيارات مفخخة إلى العراق بينما هناك أكثر من دليل على إرسال بشار الأسد الإرهابيين وارتكاب عمليات تفجيرية هناك بشهادة نوري المالكي نفسه»، مضيفاً: «إذا استمر التصعيد والتصعيد المقابل فلن ننتهي، لذلك أطلب هدنة كلامية ولندع رئيس الحكومة يعمل».
من جهته، سأل الوزير وائل أبو فاعور الحاج حسن: «ألم يقم الرئيس الروسي باستئذان إسرائيل قبل إرسال طائراته الحربية إلى سوريا، فهل تريدوننا أن نقول إن إيران تنسّق مع إسرائيل هناك؟» وشدد في المقابل على حق العرب في الدفاع عن أنفسهم في مواجهة التمدد الإيراني في كل العالم العربي، متمنياً على «حزب الله» عدم استفزاز العرب والسنّة لعدم دفعهم باتجاهات وخيارات لا تُحمد عقباها. كذلك طالب الوزير أكرم شهيب «حزب الله» بأنّ يعتمد سياسة واضحة تجاه الدول العربية «فلا يجوز على سبيل المثال أن تقولوا شكراً قطر يوماً ثم في يوم آخر تتهجمون عليها»، لافتاً انتباه الحزب إلى أنه كلما رفع سقف الهجوم على العرب باتت الدول العربية تردّ بأفعال وإجراءات.
وإذ انتقد الوزير سجعان قزي تصرّف «حزب الله» كدولة مستقلة مع ما يستتبع ذلك من انعكاسات سلبية على الدولة اللبنانية، أعربت الوزيرة أليس شبطيني عن رفضها تصنيف «حزب الله» بالإرهابي لكنها في الوقت عينه رفضت خوض الحزب المعارك العسكرية في سوريا واليمن والعراق وغيرها غصباً عن إرادة بقية اللبنانيين. في حين طالب الوزير روني عريجي الحكومة بالانصراف إلى حل أزمة النفايات وترك المواضيع السياسية المختلف عليها للبحث على طاولة الحوار الوطني، مؤكداً الالتزام بسقف البيان الصادر عن الحكومة تجاه الإجماع العربي.
وبعد أن جدد الوزير علي حسن خليل التأكيد كذلك على ضرورة التزام سقف البيان الحكومي، طلب رئيس الحكومة من الحاج حسن الموافقة على شطب كلامه من المحضر، فقال الوزير محمد فنيش: «دولة الرئيس نحن سنواصل الكلام كما يحلو لنا خارج المجلس لكن إذا كان كلامنا يؤذي داخل الحكومة فلا داعي له». فتم شطب كلام الحاج حسن من محضر الجلسة.
المستقبل : الحكومة ترفض تخوين العرب: شطب كلام «حزب الله»
المستقبل : الحكومة ترفض تخوين العرب: شطب كلام «حزب...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
329
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro