"لو ترجع أيام ابو سليم وشلتو"، بهذه الطريقة يترحّم الجيل القديم على الفنّ والفنّانين وعلى موهبتهم التي ضاعت سدىً في زمن إنحرف فيه التّمثيل عن مساره الحقيقي وأصبح مجرّد عرض لأجساد تجذب الأنظار وقصص حبّ مليئة بمشاهد الإغراء التي تجعل المشاهد يتلهّف لرؤية القبلة وأكثر.
فالبارحة ظهر أحد عمالقة الدراما اللبنانية التي دُفن زمنها وولّى بالنسبة للمنتجين السّاعين إلى زيادة نسبة مشاهديهم ، ظهر مع دمعة لا تخل من العتب على دولة تخلّت عن شعرائها وفنانيها الكبار غير آبهة بمصيرهم رغم كلّ ما قدّموه للبنان.
البارحة وقع الإختيار في محكمة المشاهير للإعلامي تمام بليق والذي يعرض على قناة الجديد على صلاح التيزاني الذي بات نسيًا منسيّا بالنسبة لجيلنا الحاضر وبغصّة تجعلنا نحتقر دولتنا يقول "عيب على دولتنا تترك فنانيها وشعراءها هيك، لو عطوا كل واحد 500 دولار ليعيش شو بيصير انا بخاف إذا متت شو رح يصير بعيلتي اكيد متل فهمان ودرباس الله يعينن عائلاتهم كيف عايشين".
ويتابع "أبو سليم" محاولا بكبرياء أن يحتفظ بدمعته لنفسه " انا بقبل بـ200 دولار لإطلع بمقابلة تلفزيونية ولو وصل فيي الأمر إنو بيع الأوسمة على الرصيف بعملها، بطلب من دولتنا بدل ما تكرمني عنعشي بباقة ورد هيدي إذا عملوها تعطيني ياهن مصاري هلأ".
وربما يتساءل كثيرون عمّا حصل مع ابوسليم حتّى وصل به الحال إلى هنا ، لذلك اجاب في محكمة المشاهير دون أن يوجّّه إليه السؤال قائلا " انا كان عندي غاليري بس لمّا كنت إعمل مسرح ما يكفّوا المصاري إدفع من اللي معي وإعزم العالم".
فمن أضحكنا في صغرنا ها هو يوم أمس يبكينا من الألم وإن كانت هذه البرامج التلفزيونية تستخدم هؤلاء الفنانين لأهداف قد تندرج تحت مسمّى"مصلحة الدعم والدعاية" إلّا أنّ ابو سليم استطاع أن يسلّط الضوء على مأساته من خلال برامج الإعلان هذه.
ولأنّ الحاجة "بتكسر الضهر" ظهر الديزاني مكسورًا ومرهقًا من كبرياء حمله طويلا في نفسه .
ولأنّ الكوميديا أيضا سيدة البسمة للمشاهد تضع الممثّل في فقاعة الضحك دون أن تظهر للعيان ما في داخله من حزن فإنّ جبران خليل جبران قد صدق حين قال "أصدق الحزن ابتسامة في عيون دامعة".
فهل سنعلم ودولتنا قيمة "أبو سليم وشلتو" وتحقق حلمه بتأمين منزل له قبل فوات الآوان؟ سؤال برهن استيقاظ الضمير الإنساني الميّت.