طوق خليجي عربي على حزب الله الموصوف بالإرهاب وإعتراض على التوصيف
السفير : بعد ساعات من تقاطع الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري عند ضرورة استمرار الحوار بين «الحزب» و«تيار المستقبل»، لحماية الساحة الداخلية الهشة من مخاطر الفتنة المذهبية، فاجأ مجلس التعاون الخليجي ومجلس وزراء الداخلية العرب لبنان بتصنيف «حزب الله»، الممثل في مجلس النواب والحكومة، وصاحب القاعدة الشعبية الواسعة.. منظمة إرهابية!
لم يشفع لـ«حزب الله» دوره المحوري في المقاومة، ولا تقديمه آلاف الشهداء والجرحى على طريق الصراع مع إسرائيل، ولا إنجاز التحرير في العام 2000، ولا انتصار تموز 2006، ولا مساعدته للفلسطينيين المحاصرين في غزة.
كل هذه السيرة الذاتية في مواجهة الاحتلال لم تكن كافية، حتى لتخفيف العقاب، بل شطبها قرار مشبوه بشحطة قلم، لم يرف لها جفن.. ولم ترتجف منها يد.
والأرجح، أنه بسبب هذه التضحيات والإنجازات، قررت الأنظمة العربية التي جمعتها «المصيبة» من المحيط إلى الخليج، مع بعض الاستثناءات، تأديب «حزب الله» ومعاقبته، بمفعول رجعي، استنادا الى أحكام جاهزة ومعلّبة.
وليس خافياً على كثيرين أن المقاومة أحرجت، منذ الولادة، الكثير من تلك الأنظمة التي لم تكن تملك في الماضي ما يكفي من الذرائع لمواجهة الحزب، فأتت الأزمة السورية وحرب اليمن لتشكلا الغطاء المناسب للانقضاض عليه، وتصفية حساب مؤجل ومتراكم معه، في لحظة احتقان مذهبي، تبيح المحظورات.
لم يجد زعماء الخليج ولا معظم وزراء الداخلية العرب أي حرج في التماهي مع أدبيات الاحتلال الاسرائيلي وتوصيفه المعتمد لـ«حزب الله». ولم يزعجهم أن يجدوا أنفسهم في خندق واحد، عن قصد أو غير قصد، مع العدو الذي انقلب صديقا نكاية بإيران.
وإذا كانت المواجهة بين السعودية و«حزب الله» قد بلغت حداً جعل الرياض تذهب بعيداً في الانتقام من دون التمييز بين الدولة اللبنانية والحزب، فإن ما ليس مفهوماً أو واضحاً هو تقيّد العرب الآخرين بـ«النوتة» السعودية، وبالتالي مسارعتهم الى الرقص فوق حافة الهاوية المذهبية على إيقاع غضب المملكة.
والمفارقة، أن الولايات المتحدة وأوروبا ظهرتا حتى الآن أكثر رأفة بلبنان من أشقائه المفترضين، وأحرص منهم على حماية استقراره الداخلي وعلى تسليح جيشه، ولو كان ذلك يأتي ربطاً بمصلحة أميركية ـ أوروبية في إبقاء الوضع الداخلي ممسوكاً، قدر الإمكان، حتى لا ينفجر ملف النازحين بين أيدي القارة العجوز والدولة العظمى.
والأغرب أن أوروبا بدت «معتدلة»، قياساً على العرب، عندما اكتفت بوضع الجناح العسكري في «حزب الله» على لائحة الإرهاب، بينما لم يتردد الأقربون في «التعميم» الذي لا يميز بين مستوى سياسي وآخر عسكري، ما يدفع الى التساؤل عما إذا كان الرئيس تمام سلام بات يترأس حكومة تتعاون مع الإرهاب، باعتبارها تضم في صفوفها وزيرين للحزب؟
وإذا كان القرار الخليجي يُدرج في أحسن الحالات في خانة التهور والانفعال، إلا أنه يسجل في المقابل أن الداخل اللبناني أظهر، في مواجهته، قدراً عالياً من المسؤولية والعقلانية، عكسه أساساً وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اعترض على قرار مجلس وزراء الداخلية ونأى بنفسه عنه، «صوناً لما تبقى من مؤسسات دستورية». كما أن الرئيس سعد الحريري أكد، قبل أن يجف حبر البيان الخليجي، استمراره في محاورة الحزب والتعاون معه لتحصين الداخل، وإن يكن قد انتقد في الوقت ذاته سلوك الحزب وخياراته في المنطقة.
وأغلب الظن، أن المدى الذي وصلت اليه المواجهة الخليجية مع «حزب الله» باتت تحرج الحريري أكثر مما تريحه، برغم أنه في موقع الخصومة الحادة للحزب، ذلك أن رئيس «تيار المستقبل» يعلم أنه لا يستطيع أن يجاري هذه الاندفاعة المحمومة، بمعزل عن عواطفه، وهو الذي يدرك أن التوازنات اللبنانية الدقيقة لا تطيق حمولة سياسية ثقيلة من النوع الذي يجري تصديره الى لبنان حاليا.
ولم يتأخر النائب وليد جنبلاط بدوره في التقاط هذه الحقيقة، قائلا: نحن في لبنان لا نستطيع أن نتحمل هذا التصنيف.
وزراء الداخلية العرب
وكان مجلس وزراء الداخلية العرب المنعقد في تونس قد أكد «إدانته وشجبه للممارسات والأعمال الخطرة التي يقوم بها حزب الله الإرهابي لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية».
ولم يكن مفاجئاً للوفد اللبناني برئاسة المشنوق أن يحاول الخليجيون إضافة الفقرة المتعلقة بـ«حزب الله» وذلك على مسافة ساعات قليلة من بيان دول مجلس التعاون الخليجي الذي صنف «حزب الله» بأنه «تنظيم إرهابي»، بل هو سبق له أن توقع أن يتدحرج هذا المسار، في مقابلته المتلفزة مع الزميل مرسيل غانم يوم الخميس الماضي، عندما ذكر أن قرار حجب الهبة السعودية سيكبر ويتحول إلى مواجهة كبرى وقد تصل الأمور الى القمة العربية المقبلة.
ولحظة دخوله إلى الدورة الثالثة والثلاثين لمؤتمر وزراء الداخلية العرب، في تونس، قال المشنوق إنه يدخل بصفته وزيراً يمثل حكومة لبنان لا فريقاً لبنانياً بذاته، أي أنه سيتصرف بما يمليه عليه الموقع الرسمي لا الانتماء السياسي.
وعلى هذا الأساس، قرر المشنوق التحفظ (أو «النأي بالنفس» حسب البيان الرسمي أو «الاعتراض» حسب الوزير نفسه) حيال الفقرة التي نعتت حزب الله بـ«الإرهابي».
وجاء هذا الاعتراض بعد مناقشة هادئة بين المشنوق ورئيس الدورة وزير داخلية البحرين الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة، تدخل إثرها وزير الداخلية السعودي ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، وطلب تسجيل موقف لبنان (التحفظ) في محضر الجلسة، ليعكس بالتالي تفهماً سعودياً للموقف اللبناني سرعان ما انسحب على وزراء آخرين وبينهم وزير داخلية الإمارات الشيخ سيف بن زايد آل نهيان (نائب رئيس مجلس الوزراء) الذي اجتمع بالمشنوق بعد انتهاء الاجتماع الوزاري العربي مباشرة.
أما الممانعة العربية الوحيدة لـ «الخطيئة» السياسية والقومية التي ارتكبها وزراء الداخلية، فقد سُجلت للعراق والجزائر، الى جانب لبنان.
النهار :
كان يفترض ان تحتل الجلسة الـ36 لانتخاب رئيس للجمهورية صدارة التقويمات الداخلية نظراً الى دلالتها البارزة في جمع 73 نائبا بما يعنيه ذلك من تنامي الحركة الضاغطة التي يتولاها الرئيس سعد الحريري والتي شكلت حشراً لمعطلي الانتخابات مع الاقتراب من العدد الحاسم للنصاب. غير ان أحداً في الداخل على ما يبدو لم يتصور مفارقة متنامية بسرعة اتسع معها بقوة المسار الحصاري لـ"حزب الله" من اطاره الخليجي الصرف الى النطاق العربي الاوسع كما حصل امس. دلالة هذا الحدث اتسمت بحشر لبنان تكراراً وفي أقل من شهر بين مطرقة الحصار العربي المتسع على الحزب من جهة وسندان الواقع الداخلي الواقف عند خطوط الخوف من تداعيات وحساسيات سياسية ومذهبية مما أدى الى بروز مفارقة جديدة وضعت وزير الداخلية نهاد المشنوق في تجربة استعادة ما اثاره وزير الخارجية جبران باسيل ولو بفارق ان المشنوق الذي تحفظ عن تصنيف وزراء الداخلية العرب في تونس "حزب الله"، "إرهابياً" من منطلق "صون ما تبقى من مؤسسات دستورية في لبنان"، قرن اعتراضه بتأييد بيان وزراء الداخلية العرب الذي تضمن "الادانة الكاملة لايران وحزب الله كمصدر لزعزعة السلم في المنطقة". لكن الخطوة اللبنانية لم تكن واقعاً سوى انعكاس للحرج الكبير الذي بات معه لبنان رهينة ومحاصراً هو أيضاً بمأزق غير مسبوق يصارع معه تمدد تداعيات الحصار ديبلوماسيا واقتصادياً، فيما واقعه الداخلي يرزح تحت المخاوف من الأثمان الكبيرة للفراغ الدستوري والرئاسي على نحو ما جسدته الجلسة النيابية أمس.
وجاء تشديد القبضة على "حزب الله" بخطوتين متعاقبيتين أولاها قرار دول مجلس التعاون الخليجي اعتبار "ميليشيات حزب الله بكل قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة منها منظمة ارهابية". ثم تبعها اعلان وزراء الداخلية العرب في تونس "حزب الله"، "ارهابياً" وادانته "لدوره في زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية". والى الوزير المشنوق، تحفظ أيضاً وزير الداخلية العراقي عن البيان رافضا تصنيف الحزب "ارهابيا".
لكن الرئيس الحريري اتخذ موقفاً برّر فيه "السبب الأساسي لتصنيف مجلس التعاون الخليجي "حزب الله" منظمة إرهابية بممارسات الحزب وارتكاباته في اليمن والبحرين والعراق وسوريا والكويت والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول العالم". وقال: "بدلا من أن نكون مع الإجماع العربي، يسعى الحزب من خلال البعض لخرق هذا الإجماع لغير مصلحة لبنان، ثم نعود ونسمع الخطابات العالية النبرة لتبرير هذه الممارسات والارتكابات".
مجلس الوزراء
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان ثمة موضوعيّن على طاولة مجلس الوزراء اليوم من خارج جدول الاعمال هما: قرار مجلس وزراء الداخلية العرب وأزمة النفايات. أما موضوع مؤتمر تونس، فسيطرح على طاولة البحث إذا ما قرر وزير أو أكثر أن يثيره وسط ترجيحات أن يعتمد موقف وزير الداخلية الذي إتخذه في المؤتمر موقفاً للحكومة مجتمعة.
وصرّح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" بأنه "ليس دور مجلس الوزراء أن يعلّق على مواقف الاخرين لا تأييدا ولا رفضا.وبقدر ما نتفهم الدوافع التي أملت هكذا موقف من مجلس وزراء الداخلية العرب فإن لنا في لبنان ظروفاً لا تعتبر حزب الله حزباً إرهابياً. ونحن ندعو الحزب الى إحترام مصالح اللبنانيين متشبها بالموقف الايراني الصامت حالياً".
النفايات
وأما في شأن أزمة النفايات، فقالت المصادر الوزارية انه تم التوصل الى حل للمطامر سيعرض على الجلسة ويتضمن ثلاثة أمكنة هي: منطقة كجك بين أقليم التفاح وأقليم الخروب و"الكوستا برافا" وبرج حمود، على ان تكون هذه المطامر مستوفية الشروط الصحية والبيئي، وان تكون المطامر حلاً مؤقتاً في إنتظار الحل النهائي المتمثل بالمحارق والتي وزعت الدراسة في شأنها على الوزراء كي تناقش لاحقاً وتقرّ. وستمدد في جلسة اليوم مدة الحل المؤقت في انتظار الحل المستدام الذي لا إتفاق عليه الان، على ان لا لربط الحل الموقت بالحل النهائي.
وعلى رغم التفاؤل النسبي الذي ابدته المصادر، لم تتوافر معطيات قاطعة بعد عن مرور الحل اليوم في شكل ناجز، علماً ان كارثة النفايات بلغت حدوداً غير متصورة في تعميم الأخطار الصحية والبيئية والاجتماعية كما على الصعيدين السياسي والقضائي اذ بدأت عملية تحريك مسار قضائي بناء على الدعوى التي قدمها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. وفي ملف جديد تنشره "النهار" اليوم (ص 9) عن هذه الكارثة، تتبين وقائع شديدة الخطورة على المستوى الصحي وخصوصاً جراء اتساع حتمي للأمراض المسرطنة التي تتسبب بها النفايات على المديين المتوسط والبعيد ناهيك بالدمار البيئي الذي يتغلغل من خلال استنقاع جبال النفايات طويلاً وانتشارها في المناطق الآهلة والشوارع والامكنة العامة.
المستقبل :
لكان اللبنانيون اليوم استفاقوا على عهد جديد يعيد وصل رأس جمهوريتهم المبتور لولا أن نجحت الأقلية المعرقلة لإنجاز الاستحقاق في تمديد عمر الشغور وتعطيل الانتخاب أمس بفارق 14 صوتاً عن النصاب المطلوب بعد أن بلغ الحضور النيابي في الجلسة 36 الرئاسية 72 نائباً تظهيراً لجاهزية أكثرية أعضاء المجلس واستعجالها انتخاب رئيس للبلاد بوصفه المفتاح الرئيس لفكفكة القيود والأغلال المستحكمة بمختلف مفاصل العمل المؤسساتي في الدولة. وعلى المستوى الإقليمي، لكان اللبنانيون بغنى عن تصنيف فريق منهم «إرهابياً» بنظر الخليجيين والعرب لولا أنّ «حزب الله» جنى على نفسه وعلى مصالح الدولة اللبنانية وعموم أبنائها جراء ارتكاباته وممارساته العدوانية من المحيط إلى الخليج ما دفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى اعتباره «منظمة إرهابية» بالتزامن مع توصيفه بـ»الإرهابي» في البيان الختامي لمجلس وزراء الداخلية العرب رداً على تدخّلات الحزب العسكرية والأمنية التخريبية، بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن إيران، في الشؤون الداخلية العربية. إذ وبُعيد صدور القرار الخليجي بالإجماع «اعتبار ميليشيات «حزب الله» بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها منظمة إرهابية»، مع الإشارة إلى أنّ دول مجلس التعاون الخليجي «سوف تتخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارها بهذا الشأن استناداً إلى ما تنصّ عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبّقة في دول المجلس والقوانين الدولية المماثلة»، أتى توصيف الحزب في البيان الختامي لمجلس وزراء الداخلية العرب «إرهابياً» في معرض إدانة «الممارسات والأعمال الخطرة التي يقوم بها لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية« وسط تحفظ عراقي على بعض فقرات «إعلان تونس» ونأي لبناني عن هذا التوصيف. وأوضح وزير الداخلية نهاد المشنوق في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي أنه «دان في كلمته خلال المؤتمر تدخل «حزب الله« العسكري في الدول العربية، ووافق على البيان الختامي، لكنه اعترض فقط على وصف حزب الله بأنه «إرهابي« في المقررات صوناً لعمل المؤسسات الدستورية الباقية في البلد، وذلك بعدما تحفظ العراق ورفض المقررات وبالتالي لم يكن هناك إجماع عربي«.
وأشاد المشنوق في كلمته بقرار المملكة العربية السعودية مواجهة التمدّد الإيراني قائلاً: «الوطن العربي أرضاً وشعباً يواجه تحديات تستهدف أمن مواطنيه واستقرار دوله كما أنه يواجه تحديات خارجية من الطامعين«، مشيراً في هذا السياق إلى أنّ «قرار المواجهة السعودي هو بداية استعادة التوازن« نظراً لأنه «قبل ذلك لم يكن هناك توازن بين الجهد العربي وبين مشروع إيران«.
المشنوق: لم أخرق الإجماع
وليلاً اتصلت «المستقبل» بالمشنوق في مقرّ إقامته في تونس فنفى أن يكون موقفه مشابهاً لموقف وزير الخارجية جبران باسيل في الجامعة العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي، وقال: «لا تشابه بين الموقفَين على الإطلاق، فأنا لم أقف في وجه الإجماع العربي ولم يكن لبنان الدولة الأولى أو الوحيدة في وجه إجماع عربي وإنّما جاء بعد تحفّظ من العراق ومن ثم الجزائر».
أضاف: «تحفّظت على وصف حزب الله بـ»الإرهابي»، موضحاً أنّ «الحزب مُمثّل في الحكومة وفي المجلس النيابي ولا أستطيع إلا أن ألتزم بتعريف جامعة الدول العربية للإرهاب». وتابع أنّه طالما هو عضو في الحكومة يلتزم بـ»أصول التضامن الحكومي».
وردّاً على سؤال عمّا إذا كان نسّق موقفه مع رئيس الحكومة تمام سلام قال المشنوق: «طبعاً نسّقت موقفي مع رئيس الحكومة قبل التوجّه إلى تونس واتفقنا على القواعد التي يجب أن تتّبع بشأن قرار ممكن أن يصدر ويتعلق بحزب الله أو بسياسة التدخّل الإيراني في المنطقة»، مضيفاً أنه تشاور أيضاً مع الرئيس الحريري «في هذين العنوانين».
وكان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني قد أوضح بعد صدور قرار تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية أنّ «دول المجلس اتخذت هذا القرار جراء استمرار الأعمال العدائية التي تقوم بها عناصر ميليشياته لتجنيد شباب دول المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة الفتن والتحريض على الفوضى والعنف»، مشيراً إلى أنّ المجلس يعتبر ممارسات الحزب في الدول الخليجية «والأعمال الإرهابية التي يقوم بها في كل من سوريا واليمن والعراق تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية والقوانين الدولية وتشكل تهديداً للأمن القومي العربي».
لاحقاً، وفي سياق متقاطع مع إشارة وزير الدولة للشؤون الخارجية البحريني غانم البوعينين عزم دول الخليج على «اتخاذ إجراءات ضد مصالح «حزب الله» في أراضيها»، لفت الانتباه إعلان مجلس الأمة الكويتي في أعقاب صدور القرار الخليجي اعتبار «أي تغريدة أو دعم أو مناصرة لـ»حزب الله» جريمة يُعاقب عليها وفقاً لقانون الجرائم الالكترونية».
الجمهورية :
تَوزّع الاهتمام الداخلي أمس على ثلاث قضايا أساسية، أولاها جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي لم يكتمل نصابُها، وغابَ عنها المرشّحان رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار «المرده» النائب سليمان فرنجية، فيما كان الرئيس سعد الحريري الحاضر الأبرز، ومع أنّ الحضور بلغَ 72 نائباً إلّا أنّها تأجّلت إلى 23 آذار المقبل لعدم اكتمال النصاب. وثانيها الذي حاز الاهتمام كان قرار دوَل مجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله «منظمة إرهابية»، وثالثها ملف النفايات الذي استحوَذ على القسط الأكبر من النقاش في اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة درسَه، وسط ترقّب ما ستقرّره جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية اليوم. صَدقت كلّ التوقعات، ولم تُعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بسبب غياب نوّاب تكتّل «التغيير والإصلاح» وتيار «المردة» و«الوفاء للمقاومة»، فيما ارتفع عدد النوّاب الحاضرين ليبلغ 72 نائباً، وتميّزت بحضور الحريري شخصياً، إلى كتَل «14 آذار» و«اللقاء الديموقراطي» و«التنمية والتحرير» وبعض المستقلّين.
وإذ نَقل النواب عن بري تأكيده ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، مشدّداً على «أهمية التوافق لإنجاز هذا الاستحقاق في أقرب وقت ممكن»، قال الحريري «إنّ النصاب لم يكتمل، وأتمنّى أن نتوصّل في الجلسة المقبلة الى انتخاب رئيس للجمهورية وأن يحضر النواب الذين غابوا ويمارسوا حقّهم الدستوري الذي فرضَه الدستور عليهم لكي ينتخبوا رئيساً للجمهورية، وآمل من النواب الكرام أن لا يتركوا هذا الفراغ الذي يَقتل لبنان يومياً، فلا يمكن حلّ المشكلات إلّا بوجود رئيس للجمهورية وهذا يكون أفضل بكثير من الفراغ الذي نعيشه»، مكرّراً تمسّكه بـ»ترشيح فرنجية أكثر من أيّ وقت، وأتفهّم موقفَه (بعدم الحضور)، وربّما الأمور لم تنضج بعد».
«14 آذار»
وقالت مصادر نيابية في «14 آذار» لـ«الجمهوريّة» إنّ «لعبة النصاب تُثبت أنّ «حزب الله» ما زال يعرقل الانتخابات الرئاسية، خصوصاً أنه كان يتحجّج سابقاً بأنّ ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع هو الذي يعرقل الانتخاب، أمّا الآن فإنّ المرشّحَين هما مِن فريقه السياسي، فلماذا لا يتوسّط بين حليفَيه ويَحسم هويّة مرشّحِه؟ أو أقلّه ينزل الجميع إلى المجلس وتحصل العملية الانتخابية»؟.
وعن الخطوات المستقبلية، أكّدت هذه المصادر أنّ «إتفاق «القوات» و»المستقبل» على مرشّح ليس متوافراً حاليّاً، وأنّ «14 آذار» نظّمت خلافَها، وعلى رغم تمسّك الحريري بترشيح فرنجية، وجعجع بعون، إلّا أنّها اختارت الديموقراطية لحسمِ هذا التبايُن، ومَن ينتصر سيبارك الجميع له».
وسألت المصادر: «إذا كان محور «8 آذار» منتصراً ولا يسَهّل وصول عون أو فرنجية فماذا يريد أكثر، فهل يَسعى للسيطرة على كلّ البلد؟». وأكّدت أنّ «الاتصالات السياسية ستتكثّف بين كلّ المكوّنات، على أمل حصول مفاجأة تدفَع في اتجاه انتخاب الرئيس أو التوافق قبل جلسة 23 آذار المقبل».
وهبي
بدوره، قال عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب أمين وهبي لـ«الجمهورية»: «كما رأينا، أعلنَ الرئيس الحريري استمرار دعمه للنائب سليمان فرنجية، وهو متفهّم لظروف هذا الأخير، إنّما في الوقت نفسه يسعى بما أمكنَه لإنجاز هذا الاستحقاق، لأنّ كلّ ما في الدولة بتراجُع مستمر، إذ إنّ هذا الموقع حسّاس ومهمّ جداً»، معتبراً «أنّ العمل والتواصل والجهد سيستمرّ حتى الجلسة الرئاسية المقبلة، لكنّني أتوقع أن يبقى مرشّح «حزب الله» الفراغ، لأنّ مصلحته فيه في حال بقيَت الأمور كما هي في الإقليم».
وأكّد وهبي أنّ وجود الحريري في لبنان «حرّكَ الأمور والنشاط السياسي في البلد، كما أنه زاد نسبة الحضور في المجلس النيابي، ما يشكّل ضغطاً ذا قيمة تجاه المعطّلين والذين يفرضون الشغور، وأعتقد أنّ وجود الرئيس الحريري إلى جانب دعمه الحكومة واستمرار الحوار بين اللبنانيين يَخلق عامل اطمئنان داخل البلد وينشّط كلّ أشكال التواصل بين القوى السياسية».
«التيار» - «المرده»
وفيما يلتزم عون الصمت ويكتفي ببيان تكتّل «التغيير والإصلاح» أو بعض الإطلالات المدروسة، استفزّ كلام فرنجية الأخير «التيار الوطني الحر»، وردّ عضو التكتّل النائب حكت ديب على قوله إنّ «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» لا يمثّلان الغالبية المسيحية.
وقال لـ»الجمهوريّة»: «إنّ هذا الكلام مثلُ الذي يقول إنّ الساعة الثانية عشرة ظهراً هو ليل وليس نهار، «فالشمس طالعة والناس قاشعة»، ومهما قيل أو فَعل فرنجية أو غيره فإنّ الغالبية المسيحيّة معنا، وهذا ثابت بالأرقام وليس بالكلام، ولا يستطيع أحد التشكيك به».
ولفتَ ديب إلى أنّ «كلام فرنجية أثارَ استياءً حتى داخل الأوساط المسيحيّة المحايدة والتي هي على تواصل معنا ومعه، إذ إنّ ضربَ الغالبية المسيحية لا يَخدم التوازن في الدولة «. وأشار إلى أنّ «حديث فرنجية بهذا النحو ودخوله في لعبة الأرقام يدلّ على عدم جدّية ترشيحه»، موضحاً «أنّ اتّفاق معراب كرّسَ المصالحة المسيحية، وبات العماد ميشال عون يتمتّع بغالبية مسيحيّة لا يَستطيع أحد تخطيَها»، معتبراً «أنّ عدم الوقوف على رأي هذه الغالبية يشكّل ضرباً للميثاق والعيش المشترك ويؤدّي إلى نتائج لا تُحمد عقباها، خصوصاً أنّ اتفاق معراب لم يَجمع فقط «القوات» و»التيار»، بل فئة كبيرة من الحياديين والتي تبارك أيّ مصالحة مسيحية».
وذكّرَ ديب بأنّه قال عبر «الجمهوريّة» منذ نحو سنتين ونصف سنة، إنّه لو خُيّر بين رئيس ضعيف والدكتور جعجع سيختار جعجع، و»عندها قامت القيامة ولم تقعد»، والآن «القوات» اختارت بترشيح عون الرئيسَ القوي، ما أراح الساحة المسيحية وكرّس عرفاً لا يستطيع أحدٌ تخطيَه»، موضحاً «أنّ التحالف سيستمرّ في المحطات المقبلة، وهذه رغبة القيادتَين».
وعن خطوات ما بَعد جلسة أمس، قال ديب: «إنّ كلّ شيء يُدرَس في وقته، والتنسيق مستمرّ مع «القوات»، ولن يستطيع أحد بعد الآن التصرّفَ وكأنّ المسيحيين غير موجودين في المعادلة ويمكن تجاهلهم».
مجلس المطارنة
وفي هذه الأثناء، أعربَ مجلس المطارنة الموارنة بعد اجتماعه الشهري في بكركي أمس برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، عن «مخاوفه من احتمال هبوط لبنان في الفراغ المؤسّساتي الكبير»، مطالباً الكتلَ السياسية والنيابية بـ«تحمُّل مسؤولياتها الوطنية، والتحرّر من ربط مصير البلاد بمصالح الخارج، والاحتكام إلى موجبات الدستور وخير الوطن، وسلوك المخرج الوحيد من هذه الأزمة المصيرية بالجلوس معاً والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية يكون على مستوى آمال الشعب وحاجات البلاد. إذ أثبتَ الواقع أنْ لا بديل من رئيس الدولة رمز وحدة البلاد، والساهر على احترام الدستور والحفاظ على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه».
أوساط كنَسية لـ«الجمهورية»
وأشارت أوساط كنَسية لـ«الجمهورية» إلى أنّ «الراعي يَشعر بالخيبة، وهو كان يراهن على أنّ جلسة 2 آذار (أمس) ستُحدث تغيّراً ما أو حَلحلة على صعيد الرئاسة، خصوصاً مع عودة الحريري إلى لبنان وتحريكه عجَلة الاستحقاق وإجرائه سلسلة لقاءات ومشاورات مع الأفرقاء كافة، لكن على ما يبدو أنّ التحجّر السياسي ضربَ الساحة اللبنانية، والجميعُ ينتظر التوافق الإيراني - السعودي الذي يبدو حتّى الساعة بعيدَ المنال».
ورأت هذه الأوساط أنّ «الحجّة التي كانت سائدة منذ حصول الفراغ، من أنّ مشكلة الانتخاب سببُها عدم اتّفاق الأقطاب الموارنة على مرشّح لم تعُد تنطلي على أحد، لأنّ المشهد الإقليمي والدولي ملبَّد وسط انكفاء أميركا عن المنطقة والنزاع الإيراني - السعودي». ولفتَت إلى أنّ الراعي «سيُجري سلسلة مشاورات جديدة مع سفراء الدول الكبرى قبل جلسة 23 آذار المقبلة».
الخليج و«الحزب»
ووسط المشهد الإقليمي الضبابي، وبعد أكثر من أسبوع على القرار السعودي بوقف هبة الأربعة مليارات من الدولارات للجيش والقوى الأمنية اللبنانية، قرّرت دوَل مجلس التعاون الخليجي اعتبارَ حزب الله «منظمة إرهابية».
وهو القرار الأوّل الذي تتّخذه دوَل المجلس رسمياً بحقّ الحزب. واعتبرَت في بيان، أنّها «قرّرت اعتبار ميليشيات «حزب الله»، بكلّ قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها، منظمةً إرهابية».
وأوضحَ الأمين العام للمجلس عبد اللطيف بن راشد الزياني أنّ القرار جاء نتيجة «استمرار الأعمال العدائية التي يقوم بها عناصر تلك الميليشيات لتجنيد شباب دوَل المجلس للقيام بالأعمال الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجّرات، وإثارة الفتن، والتحريض على الفوضى والعنف، في انتهاك صارخ لسيادتها وأمنها واستقرارها»، مشيراً إلى أنّ «دول مجلس التعاون تَعتبر أنّ ممارسات ميليشيات «حزب الله» في دول المجلس، والأعمالَ التحريضية التي تقوم بها في كلّ من سوريا واليمن والعراق، تتنافى مع القيَم والمبادئ والأخلاق الإنسانية والقوانين الدولية، وتشكّل تهديداً للأمن القومي العربي».
وقال الزياني إنّ دول المجلس «ستتّخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارها في هذا الشأن، استناداً إلى ما تنصّ عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبّقة في دول المجلس، والقوانين الدولية المماثلة»، من دون تحديد هذه الإجراءات.
من جهته، اعترضَ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على وصف «حزب الله» بـ»الإرهابي»، في المقرّرات النهائية للدورة الثالثة والثلاثين لمؤتمر وزراء الداخلية العرب، وذلك «صوناً لما تبَقّى من مؤسسات دستورية في البلد».
وأتى اعتراض المشنوق بعد مناقشةٍ هادئة بينه وبين رئيس الدورة وزير داخلية البحرين الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة. وتدخّل وليّ العهد السعودي ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود، وطلبَ تسجيل هذا الموقف في محضر الجلسة. وكان وزير الداخلية العراقي سبقَ وتحفّظ عن المقرّرات.
ولاحقاً أوضَح المشنوق أنه «دانَ في كلمته أمام مؤتمر وزراء الداخلية العرب تدخّلَ حزب الله العسكري في الدول العربية، ووافقَ على البيان الختامي، لكنّه اعترض فقط على وصف حزب الله بأنه «إرهابي» في المقرّرات، صوناً لعمل المؤسسات الدستورية المتبقّية في البلد، وذلك بعدما تحَفّظ العراق ورفضَ المقررات، وبالتالي لم يكن هناك إجماع عربي».
اللواء :
بقي ميزان الاستقرار يميل على حساب ميزان إقحام لبنان في «فوضى المنطقة العارمة».
وعلى الرغم من المواقف التصعيدية التي اعلنها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله أمس الأوّل ضد المملكة العربية السعودية، والتي اعقبها بيان مجلس التعاون الخليجي الذي اعتبر «ممارسات ميليشيات «حزب الله» في دول المجلس، والأعمال الإرهابية والتحريضية التي تقوم بها في كل من سوريا واليمن والعراق تتنافى مع القيم والمبادئ الأخلاقية والانسانية والقوانين الدولية وتشكل تهديداً للأمن القومي العربي»، فإن القوى اللبنانية ما تزال تغلب لغة التهدئة والفصل بين تداعيات تدخلات «حزب الله» في سوريا وغيرها والحفاظ على الاستقرار الأمني والسياسي ولو بحده الأدنى الذي يعيشه لبنان.
وتأسيساً على ما تقدّم، انتهى بيان مجلس التعاون, ونظراً لما وصفه «باستمرار تلك الممارسات»، إلى قرار «ان دول المجلس تعتبر ميليشيا حزب الله منظمة ارهابية».
وأكّد المجلس ان دوله ستتخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرارها بهذا الشأن، استناداً إلى ما تنص عليه القوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب المطبقة في دول المجلس والقوانين الدولية المماثلة.
وفيما انتقد الرئيس نبيه برّي القرار، رأى الرئيس سعد الحريري ان السبب الأساسي لتصنيف مجلس التعاون حزب الله منظمة إرهابية هو ممارسات وارتكابات الحزب في اليمن والبحرين والعراق وسوريا والكويت والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول العالم، مؤكداً اننا «ضد ما يقوم به الحزب من تدخلات في أية دولة».
لكن الحريري، واثناء لقائه وفداً من منسقيات بيروت في تيّار «المستقبل»، قال: «علينا واجب حماية لبنان بغض النظر عمّا يجري في الجوار، وفي سوريا تحديداً».
وأشار إلى التمسك باستمرار الحوار مع «حزب الله» لأنه «يخفف من الاحتقان الحاصل ويهدئ الأمور ويطرح وجهات نظر الأطراف لحل المشاكل القائمة».
الا ان الحريري غمز من قناة «حزب الله»، ولا سيما من أمينه العام، عندما قال امام وفد موسع من رؤساء بلديات ومخاتير منطقة القيطع في عكار ان هناك اطرافاً تنادي بالديمقراطية وتطالب باجراء الانتخابات البلدية، فيما تعطل في المقابل اجراء الانتخابات الرئاسية علناً، وكأن انتخابات الرئاسة لا تطالها الممارسات الديمقراطية».
اعتراض المشنوق
وفي موقف من شأنه ان يفتح نقاشاً في مجلس الوزراء اليوم، أكّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي، انه «ادان تدخل «حزب الله» العسكري في الدول العربية، ووافق على البيان الختامي الصادر عن وزراء الداخلية العرب الذين عقدوا اجتماعهم في تونس، لكنه اعترض على وصف «حزب الله» بأنه إرهابي في المقررات، «صوناً لعمل المؤسسات الدستورية الباقية في البلد، وبعد ان تحفظ العراق ورفض المقررات، وبالتالي لم يكن هناك إجماع عربي».
وأبلغ وزير التربية الياس بو صعب «اللواء» بأنه سيطرح على رئيس الحكومة تمام سلام خلال جلسة اليوم سؤالاً عمّا إذا كان الوزير المشنوق نسّق معه في الموقف الذي اتخذه خلال اجتماع وزراء الداخلية العرب.
وفي هذا الإطار رفضت مصادر الرئيس سلام التعليق على موقف المشنوق في تونس، واكتفت بتعبير: «لا تعليق».
وكان «إعلان تونس لمكافحة الارهاب» الذي صدر عن الدورة 33 لمجلس وزراء الداخلية العرب أدان وشجب «الممارسات والأعمال الخطرة التي يقوم بها «حزب الله» الارهابي لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية»، مشيراً (أي بيان المجلس) إلى «تحفّظ وفد جمهورية العراق على بعض فقرات الإعلان»، مضيفاً أن وفد الجمهورية اللبنانية «نأى بنفسه عن وصف حزب الله بالإرهابي».
وفيما اكتفت الخارجية الفرنسية، على لسان الناطق المساعد في الوزارة لشؤون الخارجية والتنمية الدولية ألكسندر جيورجيني بالإعلان أنها أخذت علماً بالقرار الخليجي، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي في 22 تموز 2013 وضع الجناح العسكري لحزب الله على اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية، مؤكداً أننا متمسكون مع لبنان بسياسة النأي بالنفس، أكدت مصادر ديبلوماسية غربية لـ«اللواء» أن دول الاتحاد الأوروبي تدعم كل المحاولات الجارية لتثبيت الاستقرار في لبنان وفصله عن التأزم العربي - الإيراني، والإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكشفت المصادر نفسها عن تحرك أميركي - روسي قد يكون منسقاً أو مشتركاً للإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، عبر فرض نوع من الثقل الدولي، أو تشكيل إرادة ضغط دولية لإنهاء الفراغ في رئاسة الجمهورية.
ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يكون هذا الموضوع محور اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري والسفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبيكين في «بيت الوسط» أمس.
الجلسة 36
نيابياً، أرعبت الجلسة الـ36 التي لم تنعقد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بما عبّرت عنه عن إرادة نيابية تقرب من النصاب «التيار العوني» واعتبرت محطةO.T.V الناطقة باسم التيار في نشرتها المسائية أمس، أن «محاولة تهريبة الرئيس حضرت في الجلسة النيابية أمس»، معتبرة أن «المخرج المتاح إما العودة إلى الشعب، أو تسوية حسب ما تقتضيه المعادلات الميثاقية».
وإذا كان حضور الرئيس الحريري من ضمن 72 نائباً، شكّل سمة الجلسة وكان نجمها، والتي أُرجئت إلى 23 آذار الجاري حاملة الرقم 37، فإنه كان لها رسائل عدّة في الشكل والمضمون، وضعت ملف إنهاء الشغور الرئاسي بقوة على الطاولة.
والثابت في الجلسة إعلان الرئيس الحريري تمسكه بترشيح النائب سليمان فرنجية الذي لم يحضر إلى ساحة النجمة أمس، معرباً عن تفهمه لما قاله فرنجية عن خصوصية الديمقراطية اللبنانية، آملاً أن تتبلور انتخابات الرئيس في الجلسة المقبلة التي أكد أنه سيحضرها، وهو باقٍ في لبنان.
النفايات ليست في مجلس الوزراء
ومساء ترأس الرئيس سلام اجتماعا للجنة الوزارية المكلفة دراسة ملف النفايات بقي ّ بعيدا عن الإعلام جرى خلاله متابعة البحث في الملف.
وأفادت مصادر وزارية شاركت في الاجتماع «للواء» ان إيجابيات برزت خلال الاجتماع تدعو الى التفاؤل لإنهاء الملف في وقت قريب، ولكنها استبعدت ان يتم اتخاذ اي موقف في هذا الاطار خلال جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد قبل ظهر اليوم، مشيرة الى ان هناك بعض المواقع المقترحة لانشاء المطامر تواجه رفضاً من الاهالي والقوى السياسية ومنها مطمر الشوف، وأملت المصادر ان يتم التفاهم على جميع هذه المطامر.
وأكدت مصادر نيابية مطلعة على الملف «للواء» انه لا يزال هناك عرقلة لموضوع النفايات، مشيرة الى ان الوضع لم يعد يطاق، وهناك ضغط شعبي كبير ومحق، وشددت المصادر على ضرورة اتخاذ القرارات المناسبة من قبل الحكومة وايجاد الحلول في اسرع وقت ممكن.
وتخوفت المصادر من ان يقدم عدد من الوزراء استقالاتهم من الحكومة بسبب هذه الازمة في حال لم يتم ايجاد الحلول لها، واشارت الى ان وزراء حزب الكتائب أبدوا انزعاجا كبيرا امام زوارهم من الاستمرار في المماطلة في هذا الملف.
وكشفت هذه المصادر ان حزب الكتائب يرى إمكانية لحل هذا الملف عن طريق المحارق.
أما مصادر السراي الحكومي فأوضحت لـ«اللواء» ان هناك تقدماً في ملف النفايات وما زالت هناك حاجة لاستكمال البحث، مشيرة الى انه ليس على جدول اعمال مجلس الوزراء ولكنها لم تستبعد أن يثار من خارج الجدول وقد يطلع الرئيس سلام الوزراء على النتائج التي توصلت اليها اللجنة الوزارية.
ومن جهته، أكد الوزير بوصعب لـ«اللــواء» ان الرئيس سلام مصر على إيجاد حلول لقضية النفايات، وأن هناك كلاماً جدياً حول ذلك، مشيراً إلى ان الأجواء توحي أنه لا يمكن أن تكون جلسات الحكومة عادية ويُغض النظر عن هذه القضية.
الاخبار :
لم تمضِ أيامٌ على إعلان القناة العاشرة الإسرائيلية زيارة وفد إسرائيلي «رفيع» للعاصمة السعودية الرياض قبل أسابيع، حتى رفعت السعودية من مستوى حربها على المقاومة في لبنان، بإعلان مجلس التعاون الخليجي ظهر أمس، تصنيف حزب الله منظمةً إرهابية «بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة منها».
وجاء البيان الختامي لاجتماع وزراء الداخلية العرب الذي انعقد في تونس، ليكمّل العدوان السعودي على المقاومة اللبنانية، بعد تبنّي المجتمعين التصنيف الخليجي ــ السعودي لحزب الله منظمةً إرهابية، في ظلّ تحفّظ وزيري داخلية لبنان نهاد المشنوق والعراق محمد الغبان.
فعلتها السعودية إذاً، كخطوة أولى لتدشين خروج العلاقات السعودية ــ الإسرائيلية إلى العلن، بعد عقود من التنسيق والتواصل السّري بين وزارتي الخارجية والدفاع والاستخبارات في الكيانين، والتآمر على حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية وسوريا والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
محاولات لاستدعاء تدخّل
سعودي في لبنان تحت مسمّى «التحالف الإسلامي»
ولم يكن القرار الخليجي مفاجئاً بالنسبة إلى حزب الله. فالإجراء الأخير كان متوقّعاً منذ أسابيع، بعد فشل ضغوط سعودية وإسرائيلية لاستصدار قرار من مجلس الأمن بإدانة المقاومة، والمعلومات التي حصلت عليها المقاومة عن زيارة رئيس الموساد يوسي كوهين السعودية على رأس وفد، ولقائه مسؤولين سعوديين، والاتفاق على توحيد الجهود لضرب المقاومة في لبنان. وبالتالي، إن كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليل أول من أمس كان استباقاً لإجراءات معروفة سلفاً. ويأتي الإعلان مكمّلاً للإجراءات السعودية التي اشتدت في الآونة الأخيرة ضد لبنان واللبنانيين من خلال طرد لبنانيين يعملون منذ سنوات طويلة في الخليج، بذرائع واهية، والطلب من الرعايا الخليجيين مغادرة لبنان، وصولاً إلى إعلان وقف الهبتين السعوديتين (مليار وثلاثة مليارات) للجيش والقوى الأمنية، علماً بأن قرار وقف دفع الهبتين متخذ منذ مدّة بسبب الأزمة المالية التي تمرّ بها السعودية جراء عدوانها على اليمن، ولأنّ من غير المجدي دعم القوى المسلحة اللبنانية، ما دامت لا تعلن الحرب على المقاومة.
وبحسب مصادر بارزة في قوى 8 آذار، إن الإجراء السعودي هو «استكمال للحروب التي تشنّها السعودية على سوريا والعراق واليمن واحتلال البحرين»، وإن ما حصل «هو إعلان تحالف إسرائيلي ــ سعودي ضد المقاومة اللبنانية والشعب اللبناني، وانخراط السعودية بشكل علني في تصفية القضية الفلسطينية». وتقول المصادر إن «السعودية حين تصل الأمور إلى العلاقة مع إسرائيل نراها تطرح السّلام ولا يهمّها حقوق الفلسطينيين من الملك فهد إلى الملك عبد الله إلى الملك سلمان، أمّا حين يتعلّق الأمر بالقوى المقاومة فإنها تعلن الحرب عليها، وتعلن تدخّلاً عسكرياً مباشراً في سوريا». وقالت المصادر إن «الخطير في الأمر هو محاولة قَوْنَنَة عربية لقرار وسم المقاومة بالإرهاب، استكمالاً للقرارات الأميركية، والذهاب أبعد من الموقف الأوروبي الذي فصل بين الجناح العسكري والجناح السياسي لحزب الله».
وفي ظلّ تصنيف أبرز التنظيمات المسلّحة التي تديرها وتسلّحها وتوجّهها السعودية في سوريا والعراق ولبنان كتنظيمات إرهابية، بحسب اللوائح التي يعمل عليها الأردن وروسيا والولايات المتحدة الأميركية، «تجد السعودية نفسها من دون أذرع عسكرية شرعية، وهي تحاول وضع خصومها على لوائح الإرهاب وشيطنتهم، تمهيداً للتفاوض مستقبلاً»، على ما تقول مصادر أخرى في قوى 8 آذار. وتضيف المصادر أن «السعودية لا تستطيع تصنيف أحد، وهي تدعم تنظيمات إرهابية كداعش والنصرة وتغذّي الأفكار الوهابية في العالم، والمقاومة تأخذ شرعيتها من قتالها إسرائيل وحاضنتها الشعبية، فيما السعودية هي أم الإرهاب في العالم».
وتشير المصادر إلى أن «السعودية تعتقد بأن الإجراءات تزيد الضغط على اللبنانيين على بيئة المقاومة، وتدفع برجال الأعمال للابتعاد عن المقاومة، لكنها بذلك تعاقب كل اللبنانيين وتحاول تحميل حزب الله المسؤولية، لكن الغالبية باتت تعرف أن السعودية تشنّ حرباً على اللبنانيين باسم العروبة». وحتى ليل أمس، لم يكن حزب الله قد أصدر أي موقف رسمي ردّاً على الإعلان السعودي، إلّا أن عدداً كبيراً من قوى المقاومة أعلنت إدانتها للموقف الخليجي. وفور صدور البيان الخليجي، أدانت وزارة الخارجية السورية تصنيف حزب الله منظمةً إرهابية، معتبرةً القرار «انعكاساً للتخبط السعودي واستلاباً لإرادة الشعب العربي في الخليج الذي يرفض التطبيع أو إقامة علاقات مع إسرائيل كما رفض وما زال المسّ بسوريا أرضاً وشعباً وسيادة»، كذلك فعلت الخارجية الإيرانية، معتبرةً أن «حزب الله حزب مقاوم ضد الكيان الإسرائيلي، واعتباره إرهابياً يأتي في ظل المؤامرة على المقاومة ويخدم الكيان الإسرائيلي».
وبدورها، استنكرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القرار، مؤكّدة أن «تاريخ حزب الله في الصراع مع العدو الصهيوني، ودعمه قضية فلسطين والمقاومة الفلسطينية، يجعلنا نربأ بأي طرف عربي، مهما كان الخلاف، بأن يتلاقى مع الموقف الإسرائيلي بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية».