كان يفترض ان تحتل الجلسة الـ36 لانتخاب رئيس للجمهورية صدارة التقويمات الداخلية نظراً الى دلالتها البارزة في جمع 73 نائبا بما يعنيه ذلك من تنامي الحركة الضاغطة التي يتولاها الرئيس سعد الحريري والتي شكلت حشراً لمعطلي الانتخابات مع الاقتراب من العدد الحاسم للنصاب. غير ان أحداً في الداخل على ما يبدو لم يتصور مفارقة متنامية بسرعة اتسع معها بقوة المسار الحصاري لـ"حزب الله" من اطاره الخليجي الصرف الى النطاق العربي الاوسع كما حصل امس. دلالة هذا الحدث اتسمت بحشر لبنان تكراراً وفي أقل من شهر بين مطرقة الحصار العربي المتسع على الحزب من جهة وسندان الواقع الداخلي الواقف عند خطوط الخوف من تداعيات وحساسيات سياسية ومذهبية مما أدى الى بروز مفارقة جديدة وضعت وزير الداخلية نهاد المشنوق في تجربة استعادة ما اثاره وزير الخارجية جبران باسيل ولو بفارق ان المشنوق الذي تحفظ عن تصنيف وزراء الداخلية العرب في تونس "حزب الله"، "إرهابياً" من منطلق "صون ما تبقى من مؤسسات دستورية في لبنان"، قرن اعتراضه بتأييد بيان وزراء الداخلية العرب الذي تضمن "الادانة الكاملة لايران وحزب الله كمصدر لزعزعة السلم في المنطقة". لكن الخطوة اللبنانية لم تكن واقعاً سوى انعكاس للحرج الكبير الذي بات معه لبنان رهينة ومحاصراً هو أيضاً بمأزق غير مسبوق يصارع معه تمدد تداعيات الحصار ديبلوماسيا واقتصادياً، فيما واقعه الداخلي يرزح تحت المخاوف من الأثمان الكبيرة للفراغ الدستوري والرئاسي على نحو ما جسدته الجلسة النيابية أمس.
وجاء تشديد القبضة على "حزب الله" بخطوتين متعاقبيتين أولاها قرار دول مجلس التعاون الخليجي اعتبار "ميليشيات حزب الله بكل قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة منها منظمة ارهابية". ثم تبعها اعلان وزراء الداخلية العرب في تونس "حزب الله"، "ارهابياً" وادانته "لدوره في زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية". والى الوزير المشنوق، تحفظ أيضاً وزير الداخلية العراقي عن البيان رافضا تصنيف الحزب "ارهابيا".
لكن الرئيس الحريري اتخذ موقفاً برّر فيه "السبب الأساسي لتصنيف مجلس التعاون الخليجي "حزب الله" منظمة إرهابية بممارسات الحزب وارتكاباته في اليمن والبحرين والعراق وسوريا والكويت والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول العالم". وقال: "بدلا من أن نكون مع الإجماع العربي، يسعى الحزب من خلال البعض لخرق هذا الإجماع لغير مصلحة لبنان، ثم نعود ونسمع الخطابات العالية النبرة لتبرير هذه الممارسات والارتكابات".

مجلس الوزراء
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان ثمة موضوعيّن على طاولة مجلس الوزراء اليوم من خارج جدول الاعمال هما: قرار مجلس وزراء الداخلية العرب وأزمة النفايات. أما موضوع مؤتمر تونس، فسيطرح على طاولة البحث إذا ما قرر وزير أو أكثر أن يثيره وسط ترجيحات أن يعتمد موقف وزير الداخلية الذي إتخذه في المؤتمر موقفاً للحكومة مجتمعة.
وصرّح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" بأنه "ليس دور مجلس الوزراء أن يعلّق على مواقف الاخرين لا تأييدا ولا رفضا.وبقدر ما نتفهم الدوافع التي أملت هكذا موقف من مجلس وزراء الداخلية العرب فإن لنا في لبنان ظروفاً لا تعتبر حزب الله حزباً إرهابياً. ونحن ندعو الحزب الى إحترام مصالح اللبنانيين متشبها بالموقف الايراني الصامت حالياً".

 

النفايات
وأما في شأن أزمة النفايات، فقالت المصادر الوزارية انه تم التوصل الى حل للمطامر سيعرض على الجلسة ويتضمن ثلاثة أمكنة هي: منطقة كجك بين أقليم التفاح وأقليم الخروب و"الكوستا برافا" وبرج حمود، على ان تكون هذه المطامر مستوفية الشروط الصحية والبيئي، وان تكون المطامر حلاً مؤقتاً في إنتظار الحل النهائي المتمثل بالمحارق والتي وزعت الدراسة في شأنها على الوزراء كي تناقش لاحقاً وتقرّ. وستمدد في جلسة اليوم مدة الحل المؤقت في انتظار الحل المستدام الذي لا إتفاق عليه الان، على ان لا لربط الحل الموقت بالحل النهائي.
وعلى رغم التفاؤل النسبي الذي ابدته المصادر، لم تتوافر معطيات قاطعة بعد عن مرور الحل اليوم في شكل ناجز، علماً ان كارثة النفايات بلغت حدوداً غير متصورة في تعميم الأخطار الصحية والبيئية والاجتماعية كما على الصعيدين السياسي والقضائي اذ بدأت عملية تحريك مسار قضائي بناء على الدعوى التي قدمها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. وفي ملف جديد تنشره "النهار" اليوم (ص 9) عن هذه الكارثة، تتبين وقائع شديدة الخطورة على المستوى الصحي وخصوصاً جراء اتساع حتمي للأمراض المسرطنة التي تتسبب بها النفايات على المديين المتوسط والبعيد ناهيك بالدمار البيئي الذي يتغلغل من خلال استنقاع جبال النفايات طويلاً وانتشارها في المناطق الآهلة والشوارع والامكنة العامة.

مجلس النواب
وفي ما يتصل مجلس النواب أمس التي لم يكتمل نصابها، علمت "النهار" ان نائب رئيس المجلس فريد مكاري إقترح إعتماد نصاب النصف زائد واحد لإنتخاب رئيس للجمهورية، فعلّق النائب وليد جنبلاط مبتسما: "ما بدك يانا نرجع الى البيت لتناول الغداء؟" وتوقعت مصادر نيابية ان تستكمل المحاولات لتوفير نصاب الـ86 نائباً والتي تتضمن غالبية 65 نائباً لإنتخاب رئيس للجمهورية. ووصف النائب مروان حمادة لـ"النهار"حضور 73 نائباً الى المجلس أمس بإنه "رقم سحريّ يذكّرنا بإنتصار 14 آذار في إنتخابات عام 2009 وبموقّعي العريضة الشهيرة الى الامم المتحدة والتي مهدت لقيام المحكمة الدولية".