غطى الرصاص الذي ترافق مع إطلالة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عند الثامنة والنصف من ليل أمس، على دعوات التهدئة ونبذ الفتنة، وعدم تكرار 7 أيّار 2008، فضلاً عن وصف التعرّض للصحابة ورجالات الإسلام بأنه «خطيئة» محرماً الذي حصل ليل السبت - الأحد، باعتباره امراً ممنوعاً وغير جائز ويؤذي وحدة المسلمين، مع التأكيد على رفض اي تحرك في الشارع، نظراً لصعوبة الوضع ودقته، ولتفويت الفرصة على العاملين على الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة.
ولاحظت مصادر نيابية ان التمسك بالسلم الأهلي وببقاء الحكومة والحوار الثنائي والحوار الموسع، قابلته مواقف بالغة التصعيد ضد المملكة العربية السعودية حيث كشف (أي نصر الله) ان حزبه قادر لوحده على مواجهة المملكة، معتبراً في موقف مفاجئ، انه «يفتخر» بالموقف الذي أعلنه ضد المملكة بعد «عاصفة الحزم» التي شنّها التحالف الإسلامي بقيادة السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن، واصفاً هذا الموقف بأنه «الاشرف» في عمره كلّه وأهم من حرب تموز عام 2006.
وبمحصلة الحملة ضد السعودية، أكّد نصر الله «اننا لن نسكت وسنظل مكملين»، الأمر الذي رأت فيه المصادر بمثابة صب الزيت على النار، معربة عن مخاوفها من ان يبقى الوضع الداخلي الذي وصفه نصر الله نفسه «بالحساس» في دائرة الخطر.
ومع ان نصر الله أكّد على التمسك بالسلم الأهلي وبكل ما من شأنه ابعاد الفتنة عن لبنان، فإن ازيز الرصاص ادرجته المصادر النيابية نفسها في سياق الضغط على الحوار.
والمواقف التي اعلنها نصر الله، ستكون موضع ردّ تفصيلي من قبل رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري اليوم، أثناء وبعد لقاءات واستقبالات في «بيت الوسط».
وكان الرئيس الحريري الذي زار السراي أمس وعقد محادثات وصفتها مصادر السراي الكبير «بالممتازة» مع الرئيس تمام سلام، تناولت الجلسة النيابية ذات الرقم 36 لانتخاب رئيس للجمهورية، والتي سيشارك فيها شخصياً، اليوم، فضلاً عن الجلسة الحكومية غداً التي يفترض ان تنهي ملف النفايات، في ظل تأكيد من الرئيس سلام ان لا مجال للمساومة أو التهاون في بت موضوع المطامر على ان تتحمل السياسية المشاركة في الحكومة المسؤولية.
وأكّد الرئيس الحريري من السراي الكبير اننا عندما نحاور حزب الله نتمسك بثوابتنا في سبيل حماية لبنان والاستقرار الوطني ومنع أي جهة من الانزلاق بالبلاد نحو الفتنة، معتبراً ان مشاركة النائب سليمان فرنجية في الجلسة النيابية اليوم أفضل «لاننا سننزل إلى البرلمان من أجله».
ولفت الرئيس الحريري خلال استقباله وفداً موسعاً من اتحاد جمعيات العائلات البيروتية برئاسة الدكتور فوزي زيدان، إلى ان ما حصل في الأيام الماضية من أعمال شغب وقطع طرق وحرق دواليب في بعض شوارع العاصمة يندرج في إطار محاولات لإثارة الفوضى والفتنة، وعلينا ان لا ننجر إلى أي محاولة من هذا النوع.
وإذ شدّد على أهمية ما تضمنه البيان الذي صدر عن اجتماعه بالرئيس نبيه برّي من توجهات تشدد على درء الفتنة، دعا إلى الاتعاظ مما يعانيه الحوار وجوب التزام حدود المصلحة الوطنية في مقاربة كل المشاكل القائمة، مضيفاً بأن هناك قرارات سياسية اتخذها من أجل مصلحة البلد قد لا تعجب البعض كالخيار الذي اتخذه  في موضوع رئاسة الجمهورية، لكننا نضع أمامنا مصلحة لبنان، وكل القرارات  التي نتخذها هي لإخراجه من حالة الفراغ والاهتراء جرّاء تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية.
واعتبر ان تدخل «حزب الله» في الحرب السورية وضد أبناء الشعب  السوري هو جريمة بحق الحزب نفسه، وبحق الشعب السوري وبحق لبنان، لافتاً إلى ان التاريخ لن يرحم، وفي النهاية سيسجل عقلانيتنا وكيف اننا نعمل لإنقاذ لبنان، قيما يذهب سوانا إلى القتال في سوريا والعراق واليمن، ويهدد أمن دول الخليج العربي.
خيارات سلام
إلى ذلك، أوضحت مصادر السراي لـ«اللــواء» حول ما أُشيع عن أن الرئيس سلام يتجه لتعليق جلسات الحكومة إذا لم تخرج الجلسة غداً بقرار واضح بشأن النفايات، أنه لا يوجد شيء إسمه تعليق جلسات.
لكن مصادر وزارية التقت رئيس الحكومة أمس، قالت أنها لمست منه وعوداً بحل أزمة النفايات اليوم الأربعاء، إلا أنه أبلغ هذه المصادر بأنه سيكون أمام خيارات كثيرة إذا لم يحلّ هذا الموضوع، لكنه لم يُحدّد طبيعة هذه الخيارات وإن كانت رجحت أن يكون من بينها الإستقالة.
وعن عدم ورود البند المتعلق بإحالة ملف ميشال سماحة إلى المجلس العدلي على جدول أعمال جلسة الغد الخميس قالت المصادر، إن هذا البند لم يكن مدرجاً على جدول أعمال الجلسة الماضية، رغم أنه من البنود المتراكمة، ولكن قد يكون السبب غياب الوزير المختص أي وزير العدل المستقيل أشرف ريفي.
من جهته أكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» أن المشهد الحكومي يتوقف على المسار الذي سيسلكه إجتماع لجنة ملف النفايات اليوم، معلناً أن هناك خيارات ستبحثها اللجنة التي يفترض بها أن ترفعها إلى الحكومة لاتخاذ القرارات المناسبة.
وعن الخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها الرئيس سلام، أوضح الوزير درباس أنه يمكن توقّع كل شيء من الرئيس سلام الذي لن يقبل أن يكون الواجهة التي تتعرّض لقصف الحجارة.
وفي ردّ على سؤال حول وجود أجواء تشاؤمية تتصل بعمل اللجنة، قال: «لا أجواء تشاؤمية والبحث مستمر داخل اللجنة».
ورأت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن معظم المواضيع أضحت ثانوية أمام موضوع النفايات الذي يتطلّب بحثاً داخل مجلس الوزراء قبل أي موضوع آخر، مشيرة إلى أن الرئيس سلام يعقد سلسلة لقاءات قبيل الجلسة لتقييم الموقف النهائي، على أن المساعي هذه المرة تختلف عمّا سبقها، لا سيما أن الحكومة باتت في سباق مع الوقت، وأن المطلوب استنفاد جميع الوسائل لوضع الملف على السكة الصحيحة ودخول الأفكار الجدّية حيّز التنفيذ من دون «فيتوات» و«فيتوات» متبادلة.
الجلسة 36
في هذا الوقت، أشعلت إشارة الرئيس الحريري إلى أنه سينزل إلى المجلس النيابي اليوم من أجل انتخاب النائب فرنجية على الرغم من أنه لن ينزل إلى المجلس إلتزاماً بقرار حلفائه، جملة من التكهنات حول احتمالات خلط جديد للأوراق، بعد تأجيل الجلسة، على أن النصاب فيها سيكون مثل الجلسات السابقة، وإن كان سيتميّز بمشاركة الرئيس الحريري مع عدد كبير من نواب 14 آذار و«اللقاء الديموقراطي» وكتلة الرئيس نبيه برّي.
وزاد من هذه الاحتمالات ما أعلنه البيان الذي صدر عن اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح» أمس، من أن النائب ميشال عون سيكون له «كلام آخر» بعد جلسة اليوم، في ضوء «الإخفاق تلو الإخفاق بهدف سلق هذا الاستحقاق المحوري والمفصلي والميثاقي بامتياز»، على حدّ تعبير البيان الذي تلاه الوزير السابق سليم جريصاتي الذي أضاف أن «الكلام المباح في مواقيته عند العماد عون الصابر على الصفة والقدرة والميثاق والمقارنات التي لا تصح في جميع المعايير، ولا تجوز المساومات في الحقوق الميثاقية والدستورية والقانونية ولن تمر»، مشيراً إلى أن «تعطيل الميثاق لن يبقى دون ردّ».
اما النائب فرنجية الذي تناول العشاء إلى مائدة خصم عون في الانتخابات الكسروانية النائب السابق فريد هيكل الخازن، فاعلن ان الرئيس الحريري يتفهم موقفه بالنسبة إلى عدم نزوله إلى مجلس النواب، باعتبار ان نزوله إلى المجلس يمكن ان يعقد الأمور بدل ان يسهلها»، لكنه رأى ان الحق مع الرئيس الحريري في ما طرحه بالنسبة إلى انه سينزل اليوم إلى الجلسة لأجله، و«هو في القلب»، لافتاً إلى ان الموضوع أكثر تعقيداً، وأن الأمور يلزمها تفاهم أكبر واعمق، ويجب عدم حرق المراحل.