على الشعار نفسه الذي اطلقه الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لدى بداية تدخل الحزب في القتال في سوريا بدعوته الفريق المعترض على هذا التدخل الى "التقاتل في سوريا وتحييد لبنان"، مضى أمس في تصعيد حملته الحادة على المملكة العربية السعودية في مقابل اعتماده لغة التهدئة والطمأنة في الداخل الى حدود استنكار ما قام به انصاره "عفوياً" في الشارع في الايام الاخيرة.
ووقت كان الرئيس سعد الحريري يرى ان "التاريخ لن يرحم حزب الله لتدخله ضد ابناء الشعب السوري الذي شكل جريمة بحق هذا الشعب وبحق لبنان"، شدّد السيد نصرالله هجماته على السعودية الى حدود اتهامها "بادارة السيارات المفخخة التي انفجرت في الضاحية الجنوبية والبقاع"، داعياً اياها الى "تصفية حسابها مع حزب الله وليس مع جميع اللبنانيين". أما في الموضوع الداخلي، فنفى ان يكون لبنان على حافة حرب أهلية مؤكداً ان الحزب "ليس في وارد قلب الطاولة أو القيام باي شيء يعكر السلم الاهلي". كما نفى أي علاقة للحزب بالتحرك الاخير في الشارع واستنكر الاساءات الى بعض الرموز الاسلامية وشدد على ان "بقاء الحكومة هو مصلحة وطنية". كذلك أكد استمرار الحزب في الحوار الثنائي مع "تيار المستقبل".
واذا كانت حركة الرئيس الحريري أمس تركزت في جانب أساسي منها على الدفع نحو تأمين مشاركة كثيفة للنواب في الجلسة الـ36 لمجلس النواب اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية، فان احتواء آثار ما شهدته شوارع بيروت في الأيام الأخيرة لم تغب عن هذه الحركة إذ التقى الحريري وفداً من جمعيات العائلات البيروتية وكرر دعواته الى عدم الانجرار الى محاولات اثارة الفوضى والفتنة. كما ان "كتلة المستقبل" النيابية اتهمت "حزب الله" باعداد "العراضات الأمنية المركبة وادارتها مستنداً الى سلاحه غير الشرعي وهيمنته ورهبته بالتوازي مع الحملة التي يشنها للاساءة الى علاقات لبنان مع الاشقاء العرب".
وعلمت "النهار" ان القراءة الاولية لخطاب نصرالله تشير الى انه أحدث قطيعة في الداخل مع عدد من الأطراف وتسبب بالاحراج لحلفاء نصرالله على رغم انه بدأ بكلام هادئ لطمأنة الجميع، ومن ثم قال "الامر لي" في الحرب على السعودية. وفي هذا السياق صرّح النائب مروان حمادة لـ"النهار": "أن الخطاب ألقيّ في لبنان لكنه خطاب غير لبناني وضد مصلحة لبنان".
وفي المقابل، أبلغ مطلعون على لقاء الرئيسين نبيه بري والحريري مساء الاثنين لـ"النهار" انهما أكدا تثبيت الحوار بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" واستمراره وان جولاته ستستكمل في 16 من الجاري ولا تعديل في جدول أعماله.
وشدّد بري والحريري بحسب المطلعين على حماية الوضع الأمني وضبط الشارع من اي تجاوزات واستكمال الاجراءات الأمنية التي اتفق عليها سابقاً. وكانت قد بوشرت في بيروت والمناطق ومنع تكرار العراضات.
وأظهر بري اصراراً شديداً على استمرار الحوار قائلاً ان "البديل منه هو الشارع وهذا ما لا يريده أي طرف". ولم تكن للقاء بري والحريري علاقة مباشرة بجلسة انتخاب رئيس للجمهورية اليوم.
الرسالة مبدئية
وتوقعت مصادر نيابية ان يتوافر في الجلسة النيابية اليوم نصاب يتجاوز النصف زائداً واحداً، لكن نصاب الثلثيّن غير متوافر. ويتوقع ان تتسم الجلسة بحضور كثيف لنواب 14 آذار في ما وصف بانه موقف مبدئي حازم سترتسم على أساسه دلالات بارزة على صعيد الخط البياني للأزمة الرئاسية اذ ستثبت قوى 14 آذار التزامها اللعبة الديموقرطية والدستورية مع القوى الأخرى التي ستحضر الجلسة، في حين ان غياب المرشحين الأساسيين لقوى 8 آذار مع القوى المقاطعة سيرمي حجراً معنوياً ثقيلا في خانة قوى التعطيل وخصوصاً بعدما ذهب ركنان اساسييان في قوى 14 آذار الى ترشيح كل من النائب سليمان فرنجية والعماد ميشال عون. واستبق الرئيس الحريري مشاركته في الجلسة مكرراً دعوته النواب الى النزول الى البرلمان، وتوجه مباشرة الى النائب فرنجية قائلاً: "أفضل ان تكون موجودا لأننا سننزل الى البرلمان من أجل ذلك".
ولكن فرنجية رد قائلاً: "سعد الحريري في القلب ولكن لن أنزل غداً (اليوم) الى المجلس". وأكد عقب زيارته مساء النائب السابق فريد هيكل الخازن ان الرئيس الحريري "على حق في طرحه وأنا أؤيده، لكنني متمسك بحقي الدستوري في عدم النزول لان من شأن نزولي ان يعقد الموضوع الرئاسي". وشدد على انه لن ينزل الى المجلس "الا بالتنسيق مع حلفائي في فريق 8 آذار".
مديرية المخابرات
في جانب آخر من المشهد الداخلي، برز تعيين العميد كميل ضاهر مديراً للمخابرات خلفا للعميد الركن ادمون فاضل على نحو فاجأ بعض القوى السياسية التي بدا واضحاً انها لم تكن تتوقع هذا التعيين الذي حصل كما علمت "النهار" بمعزل عن تشاور مع أحد اّلا ضمن الاطر الهرمية العسكرية بدءاً بقائد الجيش العماد جان قهوجي مروراً بالمجلس العسكري ووزير الدفاع سمير مقبل. ورفع المجلس العسكري اقتراحه اسم العميد ضاهر الى وزير الدفاع الذي وافق عليه ووقع قرار تعيينه. وأثار الاجراء استياء رئيس "اللقاء الديموقرطي" النائب وليد جنبلاط الذي سارع الى التعليق عليه معتبراً انه جاء "بعيداً من قواعد الاحتراف والحد الادنى من الانضباط والخلقية المسلكية".
تقدّم عشية الجلسة؟
في سياق آخر، تحدثت أوساط وزارية عن اجواء ايجابية يفترض ان يكون اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة ملف النفايات اليوم برئاسة رئيس الوزراء تمّام سلام محكا بارزاً لها في رسم اطار الحل المطروح لأزمة النفايات. وقالت المصادر لـ"النهار" ان ثمة تقدماً أحرز في التهيئة للاجتماع بحيث يستكمل فيه البحث في خيار اعتماد المطامر في موازاة اجراءات أخرى على طريق الحل المستدام وذلك عشية جلسة مجلس الوزراء غدا بما لا يعرض الحكومة لهزة حادة جراء تهيؤ وزراء لاثارة مصير الحكومة في حال تمادي العجز في حل هذه الازمة الخانقة.