بمزيد من «المثابرة والصبر وطول البال» تدافع بيروت اليوم عن هويتها كما دافعت عن عروبتها خلال الحرب الأهلية الفتنوية التي يحاول البعض اليوم إعادة إنتاجها من خلال ممارسات ميليشيوية تهويلية على أهالي العاصمة كالتي نظّمها مناصرو «حزب الله» قبل يومين تحت شعارات وهتافات تحريضية تؤجج نيران الاحتقان المذهبي في البلد. غير أنّ الرئيس سعد الحريري، وفي معرض تأكيده عدم السكوت عن «محاولات زرع الفتنة في بيروت» من خلال ما شهدته نهاية الأسبوع الفائت من حرق للإطارات وقطع للشوارع، شدد على أنّ «هذه العراضات والممارسات المسيئة هي وصمة عار لمرتكبيها» بينما العاصمة التي أحبّها الرئيس الشهيد رفيق الحريري ستبقى عصيّة على الفتنة ولن تنجرّ إليها. وليلاً، برز صدور بيان مشترك لافت للانتباه عن رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري إثر زيارته عين التينة شددا فيه رداً على ما حصل خلال الأيام الأخيرة من «ممارسات لا تمت إلى الإسلام بصلة» على وجوب «مواجهة نار الفتنة» والتصدي لكل الأدوات الفتنوية والحملات المذهبية المشبوهة التي ترمي إلى وضع اللبنانيين مجدداً «على محاور التقاتل الداخلي».

وتعقيباً على هذه الممارسات التي برزت «في إطار حملة منظمة لإثارة المشاعر وإلهاب النفوس وتحريض المواطنين بعضهم على بعض»، أضاء البيان على كونها أظهرت «بما لا يدع مجالاً للشك نوايا مبطنة لدسّ الكلام المريب والمشبوه والمقصود الذي تطاول على مقام الدين الحنيف (...) خصوصاً لجهة التعرض إلى صحابة الرسول والخلفاء الراشدين (...) وقد حاولت هذه الحملة والمشاركون فيها أن يوقعوا بين المسلمين وأن يثيروا الفتنة بين المذاهب»، وطالب بري والحريري إزاء ذلك «قادة الرأي في لبنان والقيادات الدينية والسياسية ومختلف مؤسساته الإعلامية والثقافية بالتصدي لهذه الحملات المشبوهة ومواجهة كل محاولة لإشعال نار الفتنة حرصاً على لبنان واللبنانيين».

وكان الحريري قد تحدث أمام وفد موسّع من مخاتير مختلف مناطق العاصمة زاره في بيت الوسط، فقال: «نحن خطابنا السياسي واضح وبسلوكيات معروفة، ولن نرضى أن يستدرجنا أحد إلى الفتنة بأي وسيلة من الوسائل، نحن أمناء على أمن بيروت وسلامة أهلها، فمن يريد تأجيج الفتنة فلن يجد له مكاناً في صفوفنا ولا في صفوف كل أهل وعائلات بيروت»، محذراً في الوقت عينه من أنّ «أي ضرر يصيب بيروت يقع على كل لبنان في النهاية».

وعن الانتخابات البلدية، أكد الاستعداد لإجرائها مبدياً تمسكه بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في العاصمة وتعهد بأنه لن يساوم أو يبدّل في هذه المعادلة التي كرسها الرئيس الشهيد، قائلاً: «هناك محاولة لتأجيج المشاعر والدعوة للتفرقة وتغيير هذه المعادلة خدمةً لمصالح البعض، ولكننا كتيار سياسي ومسيرة سياسية، نرفض ذلك كلياً ولن نتراجع عن المناصفة في الانتخابات البلدية».

وفي الموضوع نفسه، شدد الحريري أمام وفد موسّع من رؤساء البلديات والمخاتير في منطقة الجومة الشفت في عكار على ضرورة تحقيق الإنماء المتوازن، وأردف: «نحن نعتمد سياسة واضحة في موضوع البلديات، وهي أن عكار كلها هي بالنسبة لنا سواء، المهم أن تختار من يمثلها ويعمل لمصلحتها وتنمية مرافقها وتطويرها«، مولياً في هذا المجال الأهمية إلى «أن تكون كلمة عكار مسموعة في لبنان».

وإذ أشار إلى وجوب انتخاب رئيس للجمهورية في سبيل تمكين المؤسسات من معالجة ما يعانيه اللبنانيون جراء الفراغ الرئاسي وتردي الوضع المعيشي والصحي والبيئي، أكد الحريري في ما يتعلق بمستجدات الأمور على صعيد العلاقات اللبنانية - السعودية التمسك بالعروبة ورفض «عزل لبنان عن محيطه العربي»، داعياً «كافة المعنيين في لبنان إلى الأخذ في الاعتبار المصالح العليا للبنانيين والتوقف عن تلك الحملات التي تسيء للبنان ودوره العربي وتعرّضه لمخاطر هو في غنى عنها«.

بان كي مون إلى لبنان

على صعيد منفصل، أفادت مصادر ديبلوماسية «المستقبل» أنّ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيزور لبنان قبل نهاية آذار الجاري يرافقه رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يانغ كيم، موضحةً أنّ «زيارة بيروت تأتي في إطار جولة على بعض دول المنطقة، وسيتم البحث خلالها مع المسؤولين اللبنانيين في التطورات والتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلاً عن استطلاع آخر مستجدات الاتصالات بشأن الاستحقاق الرئاسي من منطلق التشديد على الاهتمام الدولي بلبنان واستقراره».