خارج نطاق التمويل، وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، المستشار الاعلامي في السفارة الفلسطينية "حسان ششنية"، الدكتور جمال واكيم:" تخصيص الفلسطينيين يعني عزلاً، والدمج هي الوسيلة الافضل"، حلمي موسى ، عمر وهبة، الدكتورة عايدة النجار، صحيفة فلسطينية بطبعة لبنانية، انقراض الصحف الورقية، تطلعات في أفق السنوات المقبلة.
جريدة فلسطينية في لبنان أو جريدة بطبعة لبنانية، دون رمزية سياسية ولا ألوان، قد تكون أشبه بحلم يحاكي خيالنا يومياً
يغيب الصوت الفلسطيني عن المجال الاعلامي اللبناني بغياب جريدة فلسطينية يومية مستقلة، تماثل غيرها في العراقة والقوة، ومتخصصة الى حدٍّ ما في الشؤون الفلسطينية وأخبار الفلسطينيين في الداخل والشتات.
خارج نطاق التمويل
"الاستقلالية التحريرية" تمثل الهدف الأول الذي يطمح لتحقيقه هؤلاء الفلسطينيون في لبنان هاجسا كبيرا دوماً يحدّ من عمل وحرية أي وسيلة إعلامية أكانت صحيفة او غير ذلك. فتصطدم "استقلالية" الصحيفة ، بتفاصيل متطلباتها المادية فتندثر "أحلام" أو "أوهام" الاستقلالية، في مواجهة تبعية رأس المال، على اختلاف أشكاله والجهات التي يمثلها.
إنها قصة من لبنان قد تتكرر في أي مكان في الوطن العربي أو حتى في العالم. لان العلاقة بين الإعلام كمهنة ورسالة من جهة ، وبين مصادر التمويل، من جهة اخرى ،بين التبعية والاستقلالية، بين الحاجة وسوق الإعلانات، حكاية لن تنتهي فصولها يوماً
من الواضح أن الاراضي اللبنانية لم تطأها الصحف الفلسطينية المهاجرة حتى اليوم، ليس ضغفا بل قانوناً. في حين صدرت أغلب الصحف المهاجرة خارج الوطن العربي، حيث تمركز أكثرها في قبرص، ووجد بعضها في لندن، وباريس.
وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية "وفا":
ومن جهتها، صرّحت وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، عن عوامل عدة كانت وراء اتخاذ الهجرة الصحفية الفلسطينية طابع الهجرة الخارجية، من أهمها:
1- دخول الفلسطينيين كطرف في الصراعات العربية،
2-قيام الأنظمة المعارضة لمنظمة التحرير الفلسطينية بوضع الصعوبات والقيود أمام الفلسطينيين في مجال التعبير عن مواقفهم السياسية، سواء من خلال الصحف التي يصدرها فلسطينيون، أو من خلال الصحف المحلية داخل هذه الدول .
3- قيام الأنظمة العربية بإغلاق بعض الصحف الفلسطينية الصادرة على اراضها، كما حدث بالنسبة للصحف الفلسطينية في الأردن ،سوريا ،ليبيا ،لبنان والعراق وغيرها...
معنى ذلك، أن الصحف الفلسطينية ارتأت أن تصدر من خارج الوطن العربي؛ حتى لا تكون رهينة لأي نظام عربي يمنحها حق التعبير عن مواقفها عندما يشاء، ويمنع هذا الحق عنها عندما يشاء. وأما في الشتات، فقد صدر ست مجلات فلسطينية هي: الشرق الجديد، شؤون الساعة، البلاد، العرب الدولية، اليوم السابع، وفلسطين الثورة الخ...
علماً، أن "فلسطين الثورة"، هي مجلة كانت تصدر عن منظمة التحرير كل أربعاء في لبنان، وتشمل كل الصحافة الفلسطينية، ولكنها توقفت عام 1982 بعد خروج الثورة الفلسطينية من لبنان، أما الان فهي تصدر من قبرص، ازاء قانون الصحف والمطبوعات اللبناني الذي لا يسمح لإصدار جريدة دون ترخيص.
المشاكل التي واجهت الصحافة الفلسطينية ":
المستشار الاعلامي في السفارة الفلسطينية "حسان ششنية""-
في لبنان يعش ما يقارب 400 ألف فلسطيني ، كما أشار المستشار الاعلامي في السفارة الفلسطينية "حسان ششنية"، قائلا: "نحن بصدد العمل على ايجاد جريدة خاصة بالتعاون مع وكالة الانباء الفلسطينية "وفا"، بالاضافة الى المجلات الشهرية والاسبوعية، وكافة الفصائل الفلسطينية، ازاء المصالحة المقبلة يظهر اشارات ايجابية قد تساعد على توحيد الجسم الصحفي في لبنان."
كما وأشار "ششنية" في لقاءنا معه، عن مبادرات في لبنان حول اصدار جريدة موحدة هادفة ،تركز على هموم ومشاكل حياتية واجتماعية واقتصادية يعيشها الفلسطينيين وتضم عدد اكبر من الكفاءات الفلسطينية مع الاحتفاظ بالتنوع والاختلاف بالراي ،في مجال الاعلام والصحافة ، مما يساعد في الحفاظ على استقلالية الجريدة.
وأضاف "نحن نعمل الآن على ايجاد صحيفة فلسطينية من جديد تماثل "فلسطين الثورة" التي تم توقيفها بعد خروج الثورة الفلسطينية في لبنان." ملفتا النظر الى صعوبة الامر، كونه يتوجب علينا تأمين الكثير من التقنيات والامكانيات المطلوبة لإيجاد هذه الصحيفة، فالأشخاص والكفاءات متعددة، وبالتالي يسهل تأمينهم ولكن الاصعب هو التمويل اللازم.
الدكتور جمال واكيم:" تخصيص الفلسطينيين يعني عزلاً، والدمج هي الوسيلة الافضل:"-
ومن جهته، أظهر الدكتور جمال واكيم اعتراضه على تأسيس صحيفة مختصة بالفلسطينيين، معتبرا هذا التخصيص أشبه بعزل وتمييز ضد الانسانية، كما انه من المفترض ان تتعامل كل الجرائد اللبنانية مع الفلسطيني كما تتعامل ما أي فرد آخر. وقال: "ولكن الموضوع ليس موضوع جنسية بقدر ما هو موضوع انتماء الى قضية معينة."
اقترح واكيم تخصيص مساحة أكبر للفلسطينيين على صفحات الجرائد الموجودة في لبنان، كما تفعل جريدة السفير اللبنانية ، متسائلاَ، لم لا تأخذ الجريدة حيّزاً أكبر حتى ولو امتلكها فلسطيني الجنسية، ولا تكن متخصصة فقط بشؤون الفلسطينيين؟!
وأشار الدكتور واكيم مستشهدا بمثل فشل الأرمن في اللجوء الى اعداد نشرات اخبارية باللغة الارمنية، بهدف ايصال الصوت الارمني من خلال بعض التلفزيونات اللبنانية المحلية، أكثر مما هو مفيدا. وأضاف، عملية الدمج هي "الاهم والوسيلة الافضل، فكيف يستطيع الفلسطيني ان يطرح قضيته اذا كان معزولا في جامعته او مؤسسته او في حيّه؟"
- حلمي موسى:
أشار المحرر الفلسطيني للشؤون الاسرائيلية في جريدة السفير اللبنانية "حلمي موسى"، الى أن هناك عواقب وموانع كثيرة على هذا الصعيد لإصدار صحيفة، وقال: "أنا لست خبير قانوني، ولكن التراخيص في لبنان معقدة، وهذا ليس بالضبط حال المجلات او النشرات غير الدورية، وهذا لا يمنع إصدار ملاحق للصحف اللبنانية تختص بالشؤون الفلسطينية كما تفعل السفير، كملحق نصف شهري مع الزميل "صقر ابو فخر"، أو الاخبار والملحق الاسبوعي."
-عمر وهبة:
وفي هذا الصدد، اعتبر الكاتب الصحفي في جريدة الحياة "عمر وهبة"، الى اننا ربما اليوم لسنا بحاجة لجريدة فلسطينية خاصة بقدر ما نحن بحاجة الى أن تغطي الصحافة اللبنانية الحدث الفلسطيني، أي تخصيص مساحات أكبر لمواضيع الفلسطينيين كأي موضوع آخر، وفسح المجال أمام القلم الفلسطيني بطريقة أوسع.
-الدكتورة عايدة النجار
ومن جهتها تعتبر الدكتورة عايدة النجار أن القضية الفلسطينية منذ حين بين غياب تام وتهميش، في لجّة الأحداث العربية الربيعية أو الدامية أو إنشغال العالم .
ورغم 65 سنة من سنين الاحتلال الاسرائيلي اللئيم، جاء الربيع العربي بخريفه وشتائه وصيفه وتاهت القضية بين الربيع والشتاء ونار إسرائيل التي كانت دوما تتربص بالفلسطينيين وتسرق المزيد من الأراضي لتذكر العرب وتقول: "نحن هنا وسنظل نبني المستوطنات."
ولكن دولة فلسطين اليوم تطل برأسها لتقول : "أنا ما زلت هنا "و تبدو نبرة الصوت الفلسطيني أقوى وأعلى بعد أن أصبحت "دولة عضو مراقب" في الأمم المتحدة وهي خطوة ذكية ، إذ تأكدت أن أغلبية الدول في العالم ترى أن للفلسطينيين” الحق في دولة “ وإن كانت الخطوة رمزية الآن .
لقد أن الاوان للفلسطينيين بأن يعودوا بقوة لاثبات وجودهم ورفع الصوت ومطالبة العالم والدول العربية التي تعيش ربيعها، ويحق لهم السعي الى ايجاد جريدة تختص بشؤونهم وتعود لتغطي وتربط الاخبار والاحداث الفلسطينية في الداخل والشتات.
صحيفة فلسطينية بطبعة لبنانية:
ومن جهة أخرى، بان القانون اللبناني للصحف والمطبوعات يمنع اصدار أي جريدة مستقلة، ما لم تكن مرخصة سابقا وبشكل خاص الصحف السياسية ، يبقى السؤال، هل تسمح بإيجاد صحيفة فلسطينية من الداخل ولكن بطبعة لبنانية، تضم اكبر عدد ممكن من الكفاءات المتوفرة في لبنان ، لتربط أخبار الداخل بالخارج؟
فهناك الكثير من الصحف الفلسطينية العريقة في الداخل، ك"جريدة القدس، و جريدة الايام"، غيرهما. ولكن ما سبب العجز أو عدم السعي الى توسيع تغطياتهم وتأسيس فروع جديد لهم بطبعة لبنانية ؟
من جهته، يقول الكاتب الصحفي في جريدة الأخبار "قاسم قاسم"، "يمنع تأسيس أي جريدة بلبنان من دون ان يملكها حزب، والفلسطينيون من الاساس ممنوعين من تشكيل الاحزاب. فما بني على باطل فهو باطل"
انقراض الصحف الورقية:
ربما الان الصحيفة ليست مجدية كما في السابق. فمع بروز الانترنت والعجلة التكنولوجية، باتت الصحف المطبوعة، تلجأ الى ان تكون صحف الكترونية.
فتعيش بذلك الصحافة الورقية اليوم صراعاً من أجل البقاء. والاستمرار يعني نقل الصحيفة من حالة الركود الورقية إلى دينامية تشريح الحدث وتحليله وذلك عبر وسيط إلكتروني يقلص الفجوة الزمنية بين المطبوع والرقمي والمرئي.
اليوم أصبحت الصحافة الإلكترونية منافساً جدياً للصحافة الورقية وبتكلفة أقل ونسبة القراء ، أوسع بكثير، فما زالت مع ذلك مجموعة من الصحف العريقة في لبنان تصدر حوالي 40 الف نسخة يوميا للجريدة الواحدة، كجريدة النهار، والسفير، والاخبار وغيرها، فكبار السن بغالبيتهم ما يزالون يستمتعون بقراءة الصحف وحتى الان هم رافضون للتكونولوجيا بكافة وسائلها مع العلم بان الصحيفة الورقية تعتمد مرجعا اكاديميا عدا عن الحميمة بين الورق والقارئ.
"ولكن للحياة في دينامية، فالحياة الالكترونيه تطغى وتهاجم كبار السن كذلك." هكذا قال الكاتب الفلسطيني "عبدالعزيز دلول" تعليقا على الموضوع.
فلمن البقاء وأيهما الأقوى؟ سنترك الأيام تجيب.
ولكن الأهم، ان 400 ألف فلسطيني في لبنان لهم الحق في اقتناء جريدة تختص بهم، بغض النظر عن ديناميكية الحياة والعجلة التكنولوجية، فهناك أناس ما زالت حتى الان تستمتع بالورق، فضلا عن أن نسبة المتعلمين تزداد مع إزدياد الكثافة السكانية في المنطقة، فاحتمال توسع الطلب على الجريدة ينمو ويزداد مع الزمن.
تطلعات في أفق السنوات المقبلة:
حتى الآن ما زلنا بعيدين عن تحقيق العديد من الحقوق والمطالب الأساسية للشعب الفلسطيني التي تتأرجح بين حق العمل والتنقّل الى حق العودة وتقرير المصير- أي من الحقوق المدنية والمعيشية الى الحقوق السياسية وحق المشاركة في صياغة القرارات الوطنية المصيرية. ويتم التعامل مع الفلسطيني بمفهوم بعيدا عن الانسانية، ويحرم من معظم حقوقه المدنية والسياسية بحجة المساهمة معه لتحقيق حق للعودة.
نأمل تعديلات على القانون اللبناني للصحف والمطبوعات، ليتم افساح المجال أما هذه الكفاءات لكي تتضامن وتنتج محصولها المتين المتكامل، عبر جريدة خاصة بهم، ويديرونها بأنفسهم. فتبقى الجريدة هي الوسيلة المفضلة للكثير، رغما عن أنها تتضمن الكثير من التفاصيل والتنوع.
رغم ظهور كوكبة من الفلسطينيين في لبنان، كان لهم شأن وأثر على العمل الصفي والاعلامي ، "أمثال غسان كنفاني، حلمي موسى، ناجي العلي، نبيل خوري، نايف شبلاق، توفيق صايغ، كنعان أبو خضرا، جهاد الخازن، نجيب عزام، الياس نعواس، سمير صنبر، الياس صنبر، سحاب، خازن عبود، محمد العدناني، زهدي جار الله"،الخ....
فأين هؤلاء؟ ولم تغيب الجريدة الفلسطينية حتى اليوم في لبنان؟
فاطمة عد الجواد
طالبة اعلام ،الجامعة اللبنانية الدولية –لبنان