الى كلّ من حاول ويحاول استدراج حزب الله الى أمكنة التعصّب المذهبي والفتن والحفلات «الجنونية» التي تصبّ كلّها في خدمة اعداء لبنان، لن ينالوا مرادهم.
فقد استطاع الحزب مساء اول من امس وامس استيعاب غضب مناصريه ومؤيديه من الاساءة التي تعرّض لها امينه العام السيد حسن نصرالله، وبحكمته المعهودة قطع السيد الطريق على الذين يحاولون جرّه الى امكنة لا يريدها، وهو الذي كان اكد في خطاباته، انه «حيث يجب ان نكون سنكون».
فالفيديو الذي بثته قناة الـ أم.بي.سي. المموّلة من السعودية، كان بهدف، وبحسب المخططين لهذا السيناريو «الشيطاني»، الوصول الى الاحتكاك في الشارع، الاّ ان قيادة الحزب كانت واعية لما يجري التخطيط له، فكانت الاوامر صارمة من القيادة: «ايّاكم وان تستفزوا، فأعداؤنا كثر والهدف جرّنا الى الاقتتال».
وهكذا، عبّر المناصرون والمؤيدون خلال اليومين المنصرمين عن تعاطفهم مع السيّد بتظاهرات ومواكب سيّارة احتجاجاً حاملين اعلام حزب الله مطلقين هتافات ضدّ المحطة وضدّ المملكة العربية السعودية، ورافق ذلك اجراءات امنية للجيش اللبناني تضمنت تسيير دوريات مؤللة واقامة حواجز تفتيش وتدقيق في الهويات.
مصادر مقربة من حزب الله اكدت ان حفلة «الهستيريا» التي افتعلتها السعودية منذ عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان لن تصل الى ما هدفت اليه، فقيادة حزب الله مدركة تماماً ان السعودية مصابة بـ«الهستيريا» بعد انكساراتها في سوريا والعراق واليمن وتشعر بالاختناق بعد تهاوي اوراقها الاقليمية، وهي كالحيّة عندما تصاب مقتلاً تشبّ شمالاً ويميناً لانقاذ نفسها، واشارت المصادر الى ان كل ما تحاول ان تقوم به السعودية لن يجديها نفعاً، والتجارب السابقة اكبر دليل، وان أي قرار بمحاولة ضرب والغاء المقاومة لن يكتب له النجاح، وهو انتحار لن يزيدها الاّ فشلاً وانكسارات. ورأت المصادر ان الاجراءات التي تتخذها السعودية ضد لبنان لن تضرّ الا جماعتها وستزيد المقاومة قناعة بانها على حق.
متى ينفد صبر حزب الله؟ تؤكد المصادر ان قيادة الحزب تنطلق من الآية القرآنية الكريمة: «يا ايها الذين آمنوا استيعنوا بالصبر والصلاة وان الله مع الصابرين».
وتقول المعلومات، ان الرئيس سعد الحريري مُربك، وهو بانتظار لقاءات يطلبها بالحاح شديد مع القيادة السعودية لمعرفة ما تريده المملكة حقاً. واشارت المعلومات الى ان الحريري لم يلقَ اي جواب واضح حتى الآن. وقد تبلّغ من السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري ان المملكة تخوض حالياً معركة سياسية دولية هدفها الخروج بقرار من الامم المتحدة يدرج حزب الله كمنظمة ارهابية، مما سيعطيها مبررا للقيام بضربات جوية تستهدف قوات الحزب الموجودة في سوريا تحت غطاء قوات التحالف الدولي ضدّ الارهاب الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية. كما ابلغه عسيري انه «سيرتب» زيارة الى السعودية للقاء المسؤولين من خلال وزير الخارجية عادل الجبير عسى.....
ـ بري: لا بديل عن الحوار الثنائي ـ
ونقل زوّار الرئىس نبيه بري مساء امس انه طلب من الجيش اللبناني والقوى الامنية القيام بمهامها وتكثيف اجراءاتها الامنية تحسباً.
وعمّا يقال ان الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل لم يعد يجدي نفعاً، قال بري: ما هو البديل عنه مؤكدا ان لا بديل عنه.
وتقول المعلومات ان بري سيقوم باتصالات مع حزب الله وتيار المستقبل من اجل تخفيف التوتر في البلاد.
ـ الحريري اول الخاسرين ـ
وبحسب اوساط سياسية عليمة فان السعودية ولو انها قد تتأخر بالرد على طلب رئىس الحكومة بزيارتها لتوضيح الموقف اللبناني، الا انها ستكون مضطرة الى تحديد موعد للرئىس سلام لزيارة السعودية، ولذلك لا تستبعد المصادر ان يظهر شيء في موضوع الزيارة خلال الايام المقبلة.
واعتبرت المصادر ان السعودية لعبت كل الاوراق التي تعتقد انها لن ترتد سلباً عليها، لان الاستمرار في رفع سقف التصعيد سيخرجها بالكامل من الساحة اللبنانية، في وقت تأكد ان لا قيمة كبرى للودائع السعودية في المصارف اللبنانية والوديعة في مصرف لبنان. ولهذا ترى المصادر ان التصعيد السعودي محكوم بسقف معين لن تتجاوزه السعودية، لان ذلك سيؤدي حكماً الى نتيجتين سلبيتين:
ـ الاولى خروج السعودية من الساحة اللبنانية، ما يعني دخولها في مأزق جديد الى جانب مأزقها في اليمن وسوريا.
ـ الثانية : ان تيار المستقبل الذي كان مضطراً ايضاً الى مجاراة التصعيد السعودي، يدرك ان اي خطوات على مستوى اسقاط الحكومة او مقاطعة الحوار مع حزب الله او هيئة الحوار يعني اخراج المستقبل من كثير من المعادلات اللبنانية. والحريري سيكون اول من سيدفع ثمن هذه الخيارات، من خلال اسقاط اي مساع تعمل لها السعودية والمستقبل لعودته الى رئاسة الحكومة.
ولذلك ترى المصادر ان السعودية ستكون امام مخرج وحيد «لحفظ ماء الوجه» الا وهو قبول طلب الرئيس سلام لزيارتها على رأس وفد وزاري كتعويض عن طلبها بالاعتذار.