هل انتهت موجة التصاريح «الصاخبة» التي سادت البلاد خلال الاسبوعين الماضيين منذ عودة الرئيس سعد الحريري الى البلاد لتسود مكانها لغة العقل والهدوء، بعد ان تبين ان معظم القيادات السياسية في البلاد لا تجاري الرئيس سعد الحريري في سياساته التصعيدية وكذلك سياسات المملكة العربية السعودية في ظل قناعة كاملة عند كل الاطراف، ان ما تطلبه الرياض سيؤدي الى «فتنة داخلية»، وان حزب الله هو مكوّن سياسي اساسي في التركيبة اللبنانية والتباينات السياسية في البلاد امر مشروع وهي من صلب الحياة السياسية اللبنانية.
وفي المعلومات، ان الرئيس سعد الحريري الذي عوّل على مواقف النائب وليد جنبلاط وخصص له الموعد الاول لاستقباله في بيت الوسط بعد عودته من السعودية لا يجاري الرئيس الحريري في توجهاته السياسية وهجومه على حزب الله، والقطيعة معه. هذا ما اعلنه بوضوح النائب وليد جنبلاط للحريري شخصياً وهذا ما قاله في الاجتماع الذي عقد مساء الجمعة الماضي في عبيه بمقام السيد عبدالله التنوخي وبحضور نجله تيمور وكبار مشايخ الطائفة الدرزية «نحن مع الحياد وضد التطرف ولسنا مع محور ضد محور، والدروز اقلية ويذهبون «فرق عملة» في لعبة الكبار والصراع السني - الشيعي في المنطقة، وعدد الدروز لا يتجاوز 300 الف، ابلغت الجميع انني لست مع اي طرف، ولبنان لجميع بنيه وعلاقتنا كطائفة ستكون جيدة مع جميع الطوائف والاحزاب السياسية وهناك تنسيق مع الامير طلال ارسلان في كل الامور». (التفاصيل ص2).
كما ان موقف حزب الكتائب لم يجار الرئيس سعد الحريري والمملكة العربية السعودية، وكان لافتاً موقف وزراء الكتائب في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة «باننا لم نخطئ حتى نعتذر من السعودية».
فيما موقف القوات اللبنانية واضح لجهة الوقوف مع المملكة العربية السعودية لكن ليس على حساب الاستقرار الداخلي او «عزل اي مكوّن سياسي»، وهذا هو موقف التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله، ورغم صمت الوزير سليمان فرنجية لكنه لم يستطع الخروج عن هذه المعادلة، وهذا التوجه ايضا يحظى برضى جميع القوى السياسية اللبنانية.
مواقف الاطراف السياسية فرملت اندفاعة الحريري والمملكة العربية السعودية، تضاف اليها المواقف الاميركية والفرنسية الداعمة للحكومة اللبنانية والاستقرار الداخلي والهدوء، وبالتالي لا يمكن ان تتجاوز المملكة كل هذه المواقف ومن الممكن ان تفتش عن خيار آخر، غير التهديد والوعيد.
اما حزب الله فاعلن للجميع انه «يرفض الاعتذار ويرفض ان تقدم الحكومة على الاعتذار، وان سياسة التهويل لا تنفع وليفعلوا ما يشاؤون، يريدون الحوار اهلاً وسهلاً، واذا انسحبوا منه لا مشكلة في الامر، لكننا لن نتراجع امام السعودية التي تحاول فرض شروطها على لبنان نتيجة المأزق الذي تعيشه في اليمن، وكذلك في سوريا بعد التقدم الاخير للجيش السوري».


وفي المعلومات، ان الرئيس سعد الحريري ابلغ الرئيس تمام سلام تمسك تيار المستقبل بالحكومة، وان وزراء المستقبل و14 آذار لن ينسحبوا، والحكومة باقية وننتظر عودة الرئيس نبيه بري لنقرر في موضوع استمرار الحوار الثنائي. لذلك فان الرئيس سعد الحريري لم يقطع نهائياً في اي من المواضيع.
فيما الرئيس تمام سلام ينتظر رد العاهل السعودي على رسالته، وقال السفير علي عواض عسيري ان الرد سيأتي مطلع الاسبوع وسيتضمن موقف المملكة وماذا تريده من الرئيس تمام سلام وعلى ضوء ذلك يتخذ الاخير خطواته، لكن سلام تلقى من مسؤولين سعوديين في السفارة حرص المملكة على استمرار الحكومة وعدم تطييرها.
واشارت المعلومات الى ان جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 2 آذار ستكون كسابقاتها ولن يكتمل النصاب، وكل جهود سعد الحريري لدفع الوزير سليمان فرنجية لحضور الجلسة وتأمين النصاب باءت بالفشل وتبخرت، وابلغ الوزير السابق يوسف سعاده مدير مكتب الحريري السيد نادر الحريري والدكتور غطاس خوري خلال الاجتماع الذي عقد في وزارة المالية منذ ايام وفي حضور الوزير وائل ابو فاعور، ان فرنجية لن يحضر الجلسة اذا لم يحضر حزب الله. وبالتالي، النصاب لن يتأمن، علما ان الرئيس نبيه بري لا يمكن ان يشارك في جلسة تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية اذا غاب حزب الله.
وفي المعلومات، وحسب اوساط المستقبل ان الرئيس سعد الحريري سيعود الى السعودية بعد جلسة 2 اذار، وقالت الاوساط ان غيابه لن يطول، وبالتالي فان «الهمروجة» التي شهدتها البلاد قد تتراجع بعد ان ادركت السعودية ان مطالبها من المستحيل حصول اجماع لبناني عليها مهما بلغت الضغوط السعودية، ولبنان لا يمكن ان يحكم بالرأي الواحد ولا يمكن اخذ لبنان العلم والمعرفة والحضارة والثقافة الى دولة الرأي الواحد والخط الواحد، وهذا الخيار كل من حاول ان يمارسه في لبنان فشل ودفع الثمن. فيما الضغط السعودي على حزب الله لا يقدم ولا يؤخر مطلقاً، وما هي الادوات والخيارات التي تملكها السعودية للضغط على لبنان وحزب الله ؟ حتى ان الوفد النيابي اللبناني الذي زار واشنطن للبحث مع المسؤولين الاميركيين في الوضع المصرفي اللبناني سمع انتقادات من المسؤولين الاميركيين لوقف الهبة السعودية وان مساعد وزير الخارجية الاميركي ابلغ الوفد ان بلاده تفاجأت بالقرار السعودي بوقف الهبة للجيش اللبناني الذي يقوم باعمال جبارة ضد الارهاب ومكافحته، وان الولايات المتحدة ستستمر بدعم الجيش وتسليحه. واشار المسؤول الاميركي الى ان بلاده ستبلغ الرياض استياءها من وقف الهبة وستناقش هذا الملف مع المسؤولين السعوديين.

 

اشاعات امنية

ولكن الخطورة في الايام الماضية ما رافق التشنجات السياسية من احاديث عن تفجيرات امنية وسيارات مفخخة وانتشار مسلحين واقامة حواجز، تبين انها مبالغ فيها. كما تقوم الاجهزة الامنية بمتابعة موضوع توزيع بيانات مشبوهة في منطقة قصقص تحذر من هجوم لحزب الله على الطريق الجديدة ويهاجم البيان الجيش اللبناني ومن الطبيعي ان جهات مشبوهة تقف وراء هذه البيانات وقد توصل الجيش الى خيوط في هذه المسألة، في حين اكدت مصادر امنية ان الجيش اللبناني والقوى العسكرية من امن عام وقوى الامن الداخلي وامن الدولة هم في المرصاد لاي تحركات مشبوهة، والمراقبة دائمة للمناطق التي يمكن ان تنطلق منها عمليات ارهابية، وان الاجراءات الامنية في بعض المناطق عادية وربما كان الهدف من وراء الشائعات خلق اجواء بلبلة في البلد.