يرى الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي ان كل المراهنات على النظام السوري قد سقطت ولا يجوز أن يسقط الجميع في لبنان معه آملاً أن يستدرك حزب الله الموقف بسرعة.
واعتبر ان الشعوب التي تطلب المساعدة من أميركا للتحرر من الحكام الأشرار كالمستجير من الرمضاء بالنار.
وداخلياً أكد الطفيلي انه في ظل الانقسامات الاقليمية والصراع المحتدم في سوريا ليس للمبادرات الحوارية مكان في لبنان معتبراً ان النائب وليد جنبلاط يسعى إلى قتل الوقت وتبريد الاجواء بالحديث عن الحوار تارة والتحالفات الوسطية تارة أخرى.
هذه المواضيع وغيرها تحدث عنها الشيخ الطفيلي في هذه الحلقة من الحوار معه.

*النظام السوري ليس في وضعية تسمح له بملاحقة الحريري وصقر
*في لبنان فريق يشكل عصب الدولة والحياة السياسية يحمي المملوك بقوة
*دعوة النظام السوري إلى الحوار وسيلة سياسية تردف الوسيلة العسكرية لضرب المعارضة
*أميركا ما زالت تدعم الكثير من الطواغيت
*كل المراهنات على بقاء النظام السوري سقطت ولا يجوز أن يسقط الجميع معه
*ليس للمبادرات الحوارية مكان في لبنان وجنبلاط يسعى لقتل الوقت

# ماذا عن المواجهات القضائية بين لبنان وسوريا، سوريا تصدر مذكرات توقيف بحق الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر ولبنان يصدر مذكرات توقيف وإحضار بحق اللواء علي المملوك وبثينة شعبان؟
- هي فقط لتسجيل نقاط إعلامية، ولن يكون لها أي أثر عملي، ومن سطر مذكرات التوقيف يعرف ذلك، لأن النظام السوري ليس في وضعية تسمح له بملاحقة من ذكرهم، وهو المتلبّس بقتل شعبه، أضف إلى أن أحد الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف هو الرئيس سعد الحريري ، وهو أبعد من أن تناله يد القضاء السوري في أيام عزه0
وأما مذكرات التوقيف اللبنانية وإن كانت موضوعية، وقد يلاحقها الانتربول، ومن ثم القضاء الدولي، إذا لم يتم ترحيل النظام السوري بتسوية، لكنها ليست جدية، حيث صدرت كرد فعل على المذكرات السورية، وفي لبنان أيضاً فريق أساسي يشكل عصب الدولة والحياة السياسية، يقف مع المملوك ويحميه بقوة0
# هل استمعت إلى تسجيلات عقاب صقر المسربة؟ وهل تراها صائبة؟ وهل تشير إلى تورط تيار المستقبل في أحداث سوريا؟
- من المعروف ان الأطراف اللبنانية في 14 و8 آذار/مارس مشاركة في القتال بسوريا، والوقائع الحسية كشفت كل شيء، وهو أمر طبيعي، ومتوقع، وإنكاره لا يخفيه، بعد أن كشفته الجثث التي يدفنها الطرفان وأما موضوع التسجيلات فلم أستمع إليها0
# حرّمت مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، ماذا عن مشاركة تيار المستقبل وجماعات لبنانية أخرى؟
- حرّمت القتال إلى جانب النظام السوري لأنه دفاع عن الظلم والاستبداد، ومشاركة في قتل مسلمين أبرياء، ومستضعفين، وهو ما قصدته الآية الكريمة ((ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار)) فإن الدفاع عن النظام السوري من أبرز مصاديق الآية الكريمة0 وأما القتال معه فهو من الفساد في الأرض0
وأما القتال إلى جانب المعارضة السورية فإن الله عزّ وجل يقول في محكم التنـزيل ((وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين)) بعيداً عن اجتهادات بعض الفقهاء والمتمذهبين، التي تكفر من يخالف مذاهبهم، وتستبيح دمه، ومع إتفاق الكل على اسلام من نطق بالشهادتين، وأنه يحرم دمه وماله وعرضه، قلت بعيداً عن معركة التكفير هذه، فإن القرآن الكريم ينص بشكل واضح على الاصلاح بين المتقاتلين من المؤمنين فإن بغت إحداهما أي طغت وتجاوزت حدّها ولم تقبل بالصلح والعدل تقاتَل، حتى تعود إلى أمر الله وأمر الله هو العدل والقسط0 ولهذا كان موقفنا منذ بداية الأزمة السورية الاصلاح بالعدل والقسط، وذلك بأن يدخل من له قدرة على الاصلاح على خط الأزمة، ويقنع الرئيس بالتوقف عن قتل المتظاهرين، وتسليم السلطة للأمة، كما أمر الله، فإن لم يقبل، وأصرّ على قتل الشعب، وجب على المسلمين حماية الشعب السوري، والدفاع عنه حتى يقبل النظام بالصلح بالعدل والقسط، هذا ما يجب أن يسلكه الجميع، حتى حزب الله وتيار المستقبل، وغيرهما من المسلمين في لبنان وخارج لبنان، مع النظام السوري والبحريني وغيرهما، من أنظمة الفساد والجريمة في العالم العربي والاسلامي0
نهاية الحرب ليست قريبة
# هل وصل الوضع في سوريا إلى المنعطف الحاسم وماذا تتوقع؟ بقاء النظام أو سقوطه؟
- إذا لم تُمكّن المعارضة من بعض الأسلحة المضادة للدروع والطائرات، ولم يقبل الرئيس بالاستقالة من موقعه، بتقديري لن تكون نهاية الحرب قريبة، وسيسقط الكثير من القتلى قبل هزيمة النظام، وقلت سابقاً في هذه الحال أتخوف من بعض مظاهر القتل العام، لهذا من الضروري أن يجد أهل الشأن علاجاً سريعاً لحل أزمة تمسك الرئيس بالسلطة.
وهنا نسأل عن حديث النظام السوري وحماته وأنصاره في روسيا وايران ولبنان عن الحل عن طريق الحوار السوري الداخلي، هل المقصود فيه أن يشكل فريق يمثل الشرائح السورية السياسية والمناطقية والقومية والدينية والمذهبية وينتقل بسوريا إلى بر الاستقرار وسلطان الأمة كما أمر الله؟ والخروج من التسلط وحكم أجهزة الأمن؟ فإذا كان، هذا هو مقصدهم من الحوار السوري - السوري والحل الداخلي السوري، فإن هذا عين ما تقصده المعارضة الداعية إلى تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، تضم كل الطيف السوري، والتأسيس لبناء نظام ديموقراطي سليم، وعليه ما على هذه الاطراف إلا القبول بطرح المعارضة القديم الجديد، وتعلن قبولها باستقالة الرئيس، أو تسليمه كامل صلاحياته للحكومة المزمع تشكيلها.
وأما اذا كان المقصود من الحل الداخلي والحوار السوري السوري أن تجلس المعارضة على طاولة يرأسها النظام المتسلط بشخص الرئيس أو من يمثله، كما شاهدنا بعض جلسات الحوار، التي عقدها النظام مع بعض الشخصيات السورية في دمشق في الفترة السابقة، فإن هذا ليس حواراً، ولا يمكن أن يصل إلى نتيجة تخدم الشعب السوري، وتطوير النظام، وذلك لأن النظام الحالي مصرّ على التمسك بالسلطة غير منقوصة، مهما كانت النتيجة، حتى ولو دمرت سوريا بالكامل، والدليل ما نشاهده في كل المدن السورية.
وهو أيضاً سبق ووعد بالتغيير والاصلاح منذ الألفين، ولم يلتزم بشيء وكانت سياسته في هذا المجال واضحة، فهو يريد تمرير التوريث، ومن ثم الاستمرار على نهج والده في الحكم، دون أي تغيير، وهو ما مارسه خلال فترة حكمه السابقة حتى اليوم.
ثم حين يصر على اكمال ولايته حتى 2014، ويعتبر هذا الموضوع خارج النقاش، فمن قال انه سيلتزم بما يتفاهم عليه المتحاورون بعد أن تتوقف الثورة، ويرجع الناس إلى أعمالهم، وبيوتهم، ويطمئن إلى أن رياح التغيير توقفت، وأن حماسة الناس للخروج والتظاهر والمطالبة بالاصلاح انتهت، ولن يخرج الناس للاعتراض على نقض التفاهم بعذر كان النقض أو بغير عذر، وهو من يملك القوة والسلطان والآخرون لا يملكون الا الاستسلام أو السجن.
وعلى فرض جرت الانتخابات عام 2014 وفاز الرئيس الحالي بنسبة 99,99 % في هذه الانتخابات، وفي كل انتخابات قادمة، كما هو شأنه وشأن الحكام العرب وهو القادر على فعل ذلك بما يملك من سلطان قاهر، لهذا كلّه يمكن أن نفهم من اصرار النظام وحماته على صيغة الحوار الذي يريدون، انهم متمسكون بالنظام، ولا يريدون أي شكل من اشكال الاصلاح حتى ولو كان متواضعاً، وان الحديث عن الحوار، والدعوة إليه، ما هو إلا وسيلة سياسية تردف الوسيلة العسكرية لضرب المعارضة السورية، وتطلعات الشعب نحو التغيير والاصلاح.
ومع وضوح الهدف من شعار الحوار الذي يطرحه فريق النظام، نقول: إذا كان البعض جاد بالحوار والاصلاح، ما عليه إلا أن يقبل بتنازل الرئيس عن صلاحياته كاملاً، وتسليمها لحكومة انتقالية محددة الوظائف والزمن.
لقاء اوباما بوتين

# الكل ينتظر لقاء باراك أوباما وفلاديمير بوتين في الربع الأول من العام الجديد هل سنشهد تسوية على حساب الشعوب العربية، أم ندخل حرباً باردة جديدة تدفع هذه الشعوب أثمانها أم أن هناك شيئاً ثالثاً؟
- من الطبيعي حين يتم لقاء بين الاقوياء أن يبحثوا عن مصالحهم فقط، وليس من المتوقع أن يبحثوا مصالح الآخرين من غير الشركاء، ومن الطبيعي ألا تكون التسويات بينهما لصالح المستضعفين أمثالنا.
والحرب الباردة أيضاً نحن ضحاياها، من واجبنا الحذر، واليقظة والاعتماد على أنفسنا، وسواعدنا، لدفع غائلة الأيام عنا، وبناء مستقبلنا بعرق جهادنا، ودماء شهدائنا.
# نشر صواريخ الباتريوت في تركيا هل هو مقدمة لعمل كبير في سوريا أم أنه خطوة دفاعية بحتة؟
- تركيا كانت وما زالت حذرة من الانزلاق بمفردها نحو المستنقع السوري، وهي ترغب أن تكون جزءاً من مجهود دولي لحلّ الأزمة السورية، لهذا تجنبت رد الفعل على الاستدراج السوري، وكانت تطالب المجتمع الدولي وحلف الناتو بأخذ موقف من الأحداث السوريّة، ومن تحرشات النظام السوري، واليوم يعتبر قرار نشر بطاريات باتريوت مع طواقمها على الحدود التركية - السورية انتصاراً لسياسة الأتراك، فهم بعد أن وضعوا حلف الناتو وصواريخه وجنوده بينهم وبين النظام السوري، حصنوا وضعهم العسكري، في وجه أي تطور في المستقبل مع سوريا، وفي وجه التحركات الروسية المتشنجة بسبب الوضع في سوريا.
# في رأي اسلاميين اليوم لم تعد الولايات المتحدة الشيطان الأكبر كما قال الامام الخميني وهناك صلات لبعضهم بها، ماذا تغير في النظرة الاسلامية لأميركا؟ وهل توافق على تبديل النظرة الاسلامية لها؟ وصارت مدعوة من قبل بعضهم من أجل تخليص الشعوب من أنظمة الاستبداد كأننا لم نعد الا امام خيارين وحيدين بين الشيطان الأكبر والاستبداد ما رأيك؟
- جاء في القرآن الكريم ((أو جاؤوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليك السلم فما جعل الله عليهم سبيلاً)) ((وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم)).
الاسلام قام على الكلمة ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)) والإذن بالحرب ورد في سياق دفع الظلم ((أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)) الاسلام يجنح للسلم، ومن يرفع راية السلام بصدق يقبل منه، هذه هي القواعد العامة للسلم والحرب في القرآن الكريم/ القاعدة الأساسية للسلم، التعارف، والتعاون بين الأمم والشعوب على البر والتقوى، والحرب استثناء تفرضها قواعد الدفاع عن النفس، ورد الظلم.
الدول والشعوب التي تريد السلم والخير دول يحترمها الاسلام، ويحترم قواعد العلاقات الطيبة معها. وأما الدول التي تبادرنا بالعدوان والظلم أذن الله لنا بقتالها، ورد ظلمها وعدوانها.
فلو مدت أميركا أو غير أميركا يد السلام حقيقة، وامتنعت عن العدوان، ومناصرة العدوان والظلم، كان من حقها أن نحترمها، ونحترم قواعد السلام معها، لكن الواقع حتى هذه اللحظة ليس كذلك، صحيح أنها تخلّت عن حماية بعض الحكام المجرمين في بعض البلاد العربية، ولكنها ما زالت تدعم الكثير من الطواغيت، وما زالت تقف بكل قوتها وسلاحها ومالها مع العدوان الصهيوني المحتل، وتدعمه في كل ما تقترفه يداه من قتل وتشريد واحتلال.
ولا تلام الشعوب التي تريد التخلّص من الحكام المجرمين، إذا ما فتحت قنوات حوار مع الدول الداعمة لهذه الأنظمة مثل روسيا وأميركا، بل يجب عليها فتح هذه القنوات للحوار، لعلها تستطيع إقناع هذه الدول بسحب دعمها لأنظمة الظلم، وهو ما فعله بعض الشعوب على ما أعتقد. فإن تواصل الشعوب مع دول الاستكبار الدولي الداعمة لأنظمة الفساد والجريمة، حتى تتحرر من الحكام الأشرار، لا يعيبها بقدر ما يعيب الحكام، وأنصارهم، وأعوانهم، ألا يدرك الداعمون للحكام حجم محنة الشعوب الهائمة على أبواب الدول الكبرى؟ باكية أطفالها، وأعراضها، طالبة عدم دعم حكام هذه الشعوب.
أليس من المهانة أن تستجير الشعوب من حكامها بأسياد هؤلاء الحكام، ولا من مجير. صدق من قال كالمستجير من الرمضاء بالنار.
# هل وجهت التهنئة للإئتلاف السوري المعارض ورئيسه أحمد معاذ الخطيب؟
- التهنئة ان شاء الله تكون بعد انتصار الحق في سوريا، وقيام دولته العادلة، التي تجمع شمل السوريين وتوحدهم.
# لطالما حذرت من انتقال الحريق السوري إلى لبنان، بعد أحداث طرابلس الأخيرة هل ما زلت عند مخاوفك؟
- الخطر محدق اليوم بلبنان أكثر من أي يوم آخر، وفي هذه المناسبة أكرر دعوتي لمن يقف مع النظام السوري، أن يعيد النظر بموقفه هذا قبل فوات الأوان، خاصة أن كل المراهنات على بقاء النظام سقطت، بعد تقدم المعارضة في كل الجهات، ولا يجوز أن يسقط الجميع مع سقوط النظام في دمشق. آمل أن يستدرك الأحبة في حزب الله الموقف بسرعة، إذا كانت المقاومة عزيزة عليهم.
مبادرة جنبلاط
# ما رأيك بمبادرة النائب وليد جنبلاط الأخيرة لمعاودة الحوار؟
- في ظل الانقسامات الاقليمية والصراع المحتدم في سوريا ليس للمبادرات الحوارية مكان في لبنان.
# تحدث جنبلاط عن وجود حلف رباعي يضمه مع الرؤساء سليمان وبري وميقاتي، هل يمكن أن يشكل هذا التحالف نقطة انطلاق للخروج من اصطفافي 8 و 14 آذار / مارس؟
- يسعى وليد جنبلاط لقتل الوقت، وتبريد الأجواء بالحديث عن الحوار تارة، وتحالفات وسطية تارة أخرى، وهي مبادرات وأحاديث لا تنفع خاصة، وأن بري لا يستطيع أن يبتعد عن تحالفه القائم، وسليمان وميقاتي لا يصنعان التوازن المطلوب.
# يبدو أن قانون الستين هو القانون النافذ حتى الآن، هل ترى أن 8 آذار/ مارس ستعطل الانتخابات النيابية اذا لم يقر قانون انتخاب جديد؟
- من عادة الساسة في لبنان أن يتحدثوا كثيراً عن قانون للانتخابات، وتجديده، وتغييره قبل الانتخابات، ثم يعودون لقديمهم، وهو ما يسعى أغلبهم اليوم للوصول إليه، وإن كانت سياستهم هذه تضر البلد وتمزقه، لكن هذا هو ديدنهم، وعلى أي حال يجب العمل لوضع قانون جديد يصلح فاسدهم، ويخرج لبنان من دائرة الصراع الطائفي والمذهبي والقبلي والجاهلي.