أثبتت آخر الأبحاث في علم النفس أنّ الخلاف والجدل بين الزوجين هما سرّ نجاح حياتهما الزوجية، حيث يحاول كل منهما أنّ يقدّم وجهة نظره التي تختلف عن رؤية الطرف الآخر. فالجدل علامة صحيّة تؤكّد أنّ كلا الزوجين يشعر بحريّة التعبير عن نفسه وعن غضبه.
يتناول أستاذ علم النفس في جامعة "واشنطن"، دكتور جول غوتمان، المراحل الثلاث في الشجار الزوجي، وكيف يمكن أن يكون مفيداً أو هدّاماً، وذلك طبقاً لقواعد محدّدة كالآتي:
المرحلة الأولى: بداية الاختلاف ونشوب الشجار المفيد
عندما تتضارب آراء الزوجين لا بدّ أن يعترف أحد الطرفين بموضوعية أنّ في وجهة نظر الآخر بعض الصحّة. وهنا يمكن مناقشة التحفّظات ونقاط عدم الاتفاق للتوصّل إلى حلّ أمثَل للمشكلة. ويكون الشجار هدّاماً في المرحلة الأولى عندما يعارض الطرفان بعضهما بشكل مستمرّ، بدون محاولة الالتقاء في نقطة واحدة.
المرحلة الثانية: ذروة الخلاف
عندما يصل الخلاف الى قمته بين الزوجين يجب أن يحاول كلّ منهما فهم الآخر ومعرفة ماذا يدور في ذهنه وذلك بنيّة حسنة، وبهدف الالتقاء، ما يجعل الشجار مفيداً.
ولكن إن أعمى الغضب المتشاجرَين في هذه المرحلة، فإنّ الشجار يتحوّل إلى هدّام، فيستسلمان بطريقة خاطئة لتفسيرات الطرف الآخر وكلماته وآرائه، من دون بذل أيّ جهد للتعرّف إلى حقيقة ما يشعر به الشريك أو يفكّر فيه.
المرحلة الثالثة: نهاية الشجار
في النهاية، لا بدّ أن يقتنع الزوجان أو أحدهما برأي الآخر، واذا لم يكن هذا ممكناً فيجب أن يتنازل طرف منهما عن وجهة نظره، وليس ضرورياً أن يكون نفس الشخص هو المتنازِل دائماً.
أهمية الشجار
إلى ذلك، تشير الأبحاث إلى أهمية الشجار في دفع العلاقة قُدماً وتطويرها. فالكثير من الحالات التي كان يتوقع لها الانفصال منذ فترة بسبب الخلافات المستمرة، قد تحسنت علاقاتها كثيراً وعاد الوئام إليها.
خطر الطلاق
صدر في لندن بحث عن هيئة الدراسات الزوجية، يؤكّد أنّ الحكومة البريطانية تدفع أكثر من 10 مليارات جنيه سنوياً لعلاج الأمراض النفسية والجسدية الناتجة عن الطلاق، ومنها الإحساس باليأس والفشل لدى الزوجين المطلّقين، واللجوء الى الانتحار أحياناً، وفقدان الأطفال.
ويلفت البحث إلى أنّ طلاق الزوجين يؤثّر في أطفالهما أكثر من موت أحدهما. ويُطالِب الأخصائيون الحكومات بالتعامل مع مشكلة الطلاق على اعتبارها مرضاً خطيراً، توازي خطورته خطورة الأمراض الوبائية الحديثة.
ويحدّد البحث البريطاني النتائج المَرَضية للطلاق على الزوجين وأطفالهما، ومنها: الإصابة بالصداع الدائم، ونوبات البكاء، والتوتر العضلي وآلام الصدر، وضعف القدرة على التفكير، واللجوء الى الخمر، والتدخين، وزيادة نسب الموت والانتحار.
ولا تقف تداعيات الطلاق السيئة على الرجل والمرأة فحسب بل انها تَطال الأبناء أيضاً. وتؤكّد الدراسة أنّ أطفال المطلقين أكثر عرضة للإصابة بجروح نتيجة لحوادث شتّى، وذلك لفقدان الرعاية أو قِلّتها، كما يصابون بقروح المعدة والتهاب القولون.
وتكثر بين هؤلاء الأطفال نسبة الانحرافات السلوكية وارتكاب الجرائم الخطيرة والفشل في الدراسة والعمل. وهم بصفة عامة يفتقدون الإحساس بالانتماء، ويشعرون بأنهم منبوذون ولا أحد يحبّهم.
(الجمهورية)