نجح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في مقابلته التلفزيونية في أن يترك أثراً لدى اللبنانيين، خصوصاً في حديثه عن أن "لبنان قادم على مواجهة عربية كبرى"، لكنه كان حريصاً على أن الأمن سيبقى ممسوكاً، لأنه يدرك أن اللبناني يبحث اليوم عن أي مؤشر ليقول: "خربت" أو "الحرب الأهلية آتية".

وتزامناً مع ارتفاع حدة الخطاب السياسي، حاول مجهولون استغلال التوتر القائم في الجمهورية جراء القرارات السعودية برمي منشورات في منطقة قصقص تنبه "السنة من عملية يحضر لها حزب الله"، وتناقلها اللبنانيون على "واتس آب" ومواقع التواصل الاجتماعي التي تشهد أكثر المواجهات بين أنصار "8 و14 آذار"، فضلاً عن تحذيرات إعلامية من وقوع "7 أيار" جديد، فهل لبنان مقبل على مواجهة كبرى وما مصير المظلة الأمنية؟
يستغرب نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي كلام المشنوق، ويعتبر أن الأخير "أراد أن يحدث أثر المواجهة الكبرى قبل وقوعها"، موضحاً انه "عندما يصدر مثل هذا الكلام من مسؤول لبناني ووزير داخلية ويقول أن لبنان قادم على مواجهة كبرى، وبصرف النظر عن صحة الموقف أو عدمه فيعني أنه يحاول تحقيق نتائج المواجهة قبل حدوثها"، متسائلاً: "هل هذه المواجهة ستقع أم أن هذا الضجيج غايته جر حزب الله إلى التفاوض؟ وعلى ماذا يتفاوض؟ فهم يعلمون جيداً أن مسألة سوريا واليمن والبحرين والمنطقة لا يستطيعون التأثير على الحزب فيها، ويريدون التفاوض على احداث فك ارتباط بين الحزب وحلفائه في معركة رئاسة الجمهورية، وهذه المحاولة التي يسعون إلى تحقيقها بوسائل عدة، لن تحقق أهدافها سابقاً".

في المقابل، يعتبر نائب رئيس "تيار المستقبل" النائب السابق أنطوان أندراوس "أننا لسنا متجهين إلى مواجهة مع العرب بل هناك ميليشيا "حزب الله" تواجه أخوتنا العرب وثلثا الشعب اللبناني سيدفع الثمن، ولسنا نحن كلبنانيين نواجه العرب والمواجهة العربية ستكون ضد سياسة ايران"، مؤكداً أن "انضمام أي دول عربية اخرى إلى جانب دول الخليج سيكون بسبب سياسة حزب الله تجاه تلك الدول ونحن ندفع ثمن سياسة السيد حسن نصر الله".
وعما إذا كان هدف الحملة على "حزب الله" جره إلى التفاوض، يقول أندراوس: "أشك في أن تكون هذه أهداف الحملة، لكننا نتمنى أن يجلس "حزب الله" على الطاولة ويرى مصلحة لبنان والشعب واخواننا العرب، ففي نهاية المطاف شيعة لبنان من العرب ولا نريدهم ايرانيين، فإذا كان ما يحصل يوصلنا إلى حوار من هذا النوع مع الحزب فنحن نتمنى ذلك كي يقلع حزب الله عن سياسته".


لم يقترب المشنوق من خط الأمن، وأكد أن "لبنان يتجه إلى الهاوية" لكن المظلة الأمنية ستبقى، ويتوقف عند هذا الأمر الفرزلي قائلاً: "إذا كانت المواجهة الكبرى ستقع فإن المظلة الأمنية التي حكمت لبنان لن تبقى، وحديث الوزير المشنوق عن بقائها غير دقيق لأنه أقله يمكن القول أن لا أحد يستطيع حينها أن يضبط ايقاع هذه المظلة الأمنية، وإذا كانت المراهنة على الأميركي بان يبقى ضابط الايقاع، فهو قاتل "حزب الله" ويعتبره ارهابياً باجماع مجلس النواب لكنه لم يطرد الشيعة من أميركا، و لم يقطع المساعدات عن الجيش اللبناني"، معتبراً أن "كلام المشنوق غايته احداث الاثر السياسي قبل وقوع المواجهة، لأنني لا أريد أن أصدق أن مواجهة ستقع، لأنها إذا وقعت فعلاً فستحدث نتائج استراتيجية على الأرض وتترك بصمات نهائية على واقع الكيان اللبناني".
بالنسبة إلى أندراوس فـ"كل الهزات الأمنية واردة في البلد"، متسائلاً: "من يملك السلاح اليوم، ومن يستطيع أن يقوم بـ 7 أيار أو ما يشابهه فلن يقوم به إلا من لديه السلاح أو من يستخدم أسلوب القمصان السود، وسمعنا شائعات من أيام أنه حصل مثل هذا الاستنفار، أيضاً الطابور الخامس متواجد ويستغل حال البلد لتخويف الناس".
ويفرق الفرزلي بين الهزة العسكرية الشبيهة بـ"7 أيار" والهزات الأمنية الضيّقة، ويقول: "استبعد الأحداث العسكرية أما الهزات الأمنية فنحن نشاهدها من حين إلى آخر، كالتفجيرات التي ربما تزيد حدتها في المستقبل ويمكن ألا تزيد لكنها في نهاية المطاف لن تؤثر".
لم يكشف رامي المنشورات عن هويته، وفي رأي الفرزلي "على الجيش أن يلقي القبض على هذه الجهة لأن ما قامت به يندرج ضمن افتعال فتنة مذهبية، ويظنون أن حزب الله يخشاها ولا يريدها وبذلك يريدون أن يبحثوا أثر تنازله ولوي ذراعه في المعركة قبل حين"، متسائلاً: "ما الفرق بين هذه المنشورات وقول المشنوق أن هناك مواجهة عربية كبرى؟". لكنها تمثل رأي "الطابور الخامس" بالنسبة إلى أندراوس ولا يستبعد أن "تكون خلفها الجهة التي تريد النزول إلى الشارع"، غامزاً إلى قناة "حزب الله".


لا تزال قوى "8 آذار" في حال صدمة أمام ما يجري ولم تلتقط أنفاسها للرد، وتتجه الأنظار نحو جلسة انتخاب رئيس جمهورية في 2 آذار المقبل، ويقول الفرزلي في هذا الشأن: "عليهم أن يدركوا أن في 2 آذار لن يكون هناك جلسة رئاسة، وسيكون ذلك بمثابة الرد القريب المدى على كل هذه الحملة، وبعد 2 آذار ليس كما قبله وحالياً هناك كباش".
في المقابل، اعتبر اندراوس أنه "في حال كان برأي الفرزلي أن الرد يكون بلا جلسة في آذار، وهو نائب رئيس مجلس نواب، فأتأسف لهذا الكلام وأنصحه بركوب الطائرة والذهاب إلى ايران ليعيش هناك ولا يجب أن يعيش في دولة ديموقراطية"، ويصف حال البلد بـ"السيء جداً، خصوصاً إذا كنا سنكمل بمثل هذه الحكومة والتناقضات، حتى أمنياً، من قام بـ 7 أيار يستطيع أن يكرره".