لم تنجح كل المحاولات الداخلية من اجل ملاقاة السعودية التي بدأت مسارا متدحرجا من الاجراءات حيال لبنان والتي كان رأس جبل الجليد فيها وقف هبة الـ 4 مليارات دولار.وبدا ان الجانب الرسمي لم يستوعب ما تطلبه الرياض لتصحيح العلاقات التي انحدرت الى القعر بسبب سلوك وزير الخارجية جبران باسيل في المؤتمريّن العربي والاسلامي وهو سلوك يتوّج الامساك الكامل لـ"حزب الله" بمفاصل السيطرة في لبنان.ويقول احد الوزراء لكاتب هذا السطور ان الكلام يدور الان حول إعتذار الحزب من السعودية متجاهلا كليا مطلب وقف تورط الحزب في الحرب السورية.أما وزير الداخلية نهاد المشنوق فكشف ان وزيرا قال انه "لو خيّرنا بين إيران والاجماع العربي فنحن مع إيران".
يدور في ألاروقة السياسية منذ فترة حديث عن تطور الامور في إتجاه سيطرة إيران على لبنان.وكان لافتا في هذا السياق ما قاله وزير الخارجية الاميركية جون كيري أخيرا أمام الكونغرس "أن الحرس الثوري الايراني سحب عناصره بالفعل من سوريا...لكن هذا لا يعني انهم ليسوا ضالعين أو ينشطون في تدفق الاسلحة من سوريا عبر دمشق الى لبنان...نحن قلقون بشأن ذلك وهناك قلق مستمر". يأتي ذلك فيما تستعد الحكومة اليمنية لتقديم ملف كامل الى مجلس الامن الدولي وجامعة الدول العربية يثبت "التدخلات والممارسات الارهابية لحزب الله في اليمن". أما الوزير نهاد المشنوق وفي حديثه مع الزميل مارسيل غانم على شاشة ال بي سي قال: "في إحصاء بسيط للخلايا الارهابية النائمة او الفاعلة في سنة 2015 والتي يدعمها ويشغلها الحرس الثوري الإيراني نجد أن هناك 8 دول: كينيا، نيجيريا، قبرص، بلغاريا، السعودية، الكويت، البحرين والامارات، هذه دول فيها خلايا ارهابية، هؤلاء الشباب من اين أتوا؟ اين تدربوا؟ ماذا ذهبوا ليفعلوا؟ خرجوا من لبنان وتدربوا في لبنان، و8 من 10 من الموقوفين في تلك الدول هم لبنانيون..."
الكثرة الساحقة من اللبنانيين كانوا يتمنون أن تتعامل الرياض مع الاساءة التي واجهتها في الموقف الرسمي اللبناني بعد حرق سفارتها في طهران بالطريقة التي إعتمدتها لزمن طويل.لكن تمنيات الجمهور لم يواكبها تحرّك رسمي بما يتناسب مع فداحة فعل الوزير باسيل الذي وجد تغطية من رئيس الحكومة الى درجة ان وزير الخارجية سارع بعد جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية الى الاطاحة بقرار الحكومة الهادف الى تصحيح هذا الفعل الامر إستحق ثناء إعلاميا في طهران فأبرزت قول باسيل "أن الاصطفاف الى جانب السعودية ضد إيران يتعارض مع موقف لبنان بالنأي بالنفس". بدوره لم يترك "حزب الله" فرصة منذ قرار الحكومة لكي يؤكد عدم إبداء أية مرونة كي تهدأ الامور بين بيروت والرياض.فحملته الاعلامية ضد المملكة الى تصاعد وليس الى تراجع.
بإختصار، لبنان ينفصل الان عن عالمه العربي والسعودية تقول له وداعا.