كم كانت ثقيلة ومثقلة بالإحباط وخيبة الأمل تلك المشاهد التي رصدها محور الممانعة لنبض الشارع الهاتف بأعلى صوت أمس: «سعد سعد سعد». إذ وبخلاف ما اشتهت رياح النفخ بنار الفرقة والتفريق بينه وبين جمهوره العريض النابض بالوفاء لمسيرة الرئيس الشهيد، وفي سياق مجفّف لكل ما سال من «حبر أسود» على الصفحات والشاشات الممانعة طيلة الفترة الماضية إشاعةً لأخبار ومعطيات تتحدث عن تخاذل هذا الجمهور، أتى مشهد «الطريق الجديدة» بالأمس ليؤكد المؤكد من عمق الأصالة المتأصلة في ناسها وصدق المشاعر البيروتية الوطنية الخالصة تجاه الرئيس سعد الحريري.

عبارة واحدة عبّر عنها مشهد الحشود ونثر الورود أمام مسجد الإمام علي بالأمس، اختصرها أهالي «الطريق الجديدة» بالتأكيد على طريقتهم: باقون معك على الوعد والعهد إيماناً بمسيرة الدولة التي خطّها الرئيس الشهيد.. وجسّدها الحريري بوعد وعهد صادق مماثل: «عدتُ إلى لبنان وسأبقى معكم».

وبُعيد أدائه صلاة الجمعة في مسجد الإمام علي في حضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وحشد من المشايخ والعلماء والمصلّين، واستجابةً لدعوة خطيب المسجد الشيخ زكريا غندور «التوجه بكلمة أخوية لأناس أحبوه وأحبوا والده وأحبوا منهاجه واقتنعوا برسالته»، استهلّ الحريري كلمته قائلاً: «بيروت بقيت وفيّة للرئيس الشهيد ولمسيرته، وأنا أتيت لأكمل مشواره»، وأردف متوجهاً إلى الحضور: «نمرّ بمرحلة صعبة جداً لكننا لسنا ضعفاء بل أقوياء وصابرون (...) قضيتنا قضية حقّ وليست باطلاً، قضيتنا هي لبنان وتحقيق العدل، قضيتنا رفيق الحريري وأن نرى هذا البلد يعيش فيه المسلمون والمسيحيون تحت سقف الدولة».

«حزب الله» يصعّد

أما على الضفة السياسية المقابلة، فلوحظ ضخّ كمّ متقاطع من الرسائل والشائعات الفتنوية المتزامنة مع زيارة الحريري إلى «الطريق الجديدة» تحذر من هجوم وشيك لـ«حزب الله» على المنطقة، في وقت كان البعض يتداول في مناطق أخرى خاضعة لنفوذ الحزب رسائل صوتية تشيع بين أبناء هذه المناطق أنباء مفبركة عن عمليات تسليح جارية في «الطريق الجديدة» و«صبرا» استعداداً لعمليات عسكرية محتملة ضدهم. وفي الأثناء كان «حزب الله» على المستوى السياسي يواصل عملية النفخ في نيران الأزمة اللبنانية الرسمية مع الدول العربية من خلال سلسلة تصريحات ومواقف عدائية جديدة ضد المملكة العربية السعودية سواءً على ألسنة عدد من قيادييه وفي طليعتهم نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، أو عبر تفاعل وتفعيل الحملة الغنائية العدائية التي يشنّها منشد الحزب علي بركات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد المملكة ورعاياها أسوةً بتغريدات نجل الأمين العام نفسه جواد نصرالله الذي كان قد بادر إلى نشر تغريدات شتم حاقدة ضد الشعب السعودي.

وفي المقابل، برز أمس تصنيف السعودية عدداً من الأفراد والكيانات في خانة الارتباط بأنشطة تابعة لـ«حزب الله»، محذرةً جميع مواطنيها والمقيمين على أراضيها من التعامل معهم. وأوضحت وزارة الداخلية السعودية في بيان أنّ «المملكة ستواصل مكافحتها لأنشطة الحزب الإرهابية»، مشيرةً إلى أنّ «تصنيف تلك الأسماء والشركات وفرض عقوبات عليها يأتي استناداً إلى نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، والمرسوم الملكي الذي يستهدف الإرهابيين وداعميهم ومن يعمل معهم أو نيابةً عنهم».

سلامه

تزامناً، لفت الانتباه أمس تشديد حاكم مصرف لبنان رياض سلامه على كون الإجراءات السعودية الأخيرة لم تكن «ضد الشعب اللبناني»، وأعرب في تصريح لوكالة «رويترز» عن أمله في «أن تستعيد الحكومة العلاقات الطيّبة مع السعودية لأن لبنان كان على الدوام شريكاً اقتصادياً للمملكة»، مع طمأنته اللبنانيين في الوقت عينه إلى أنه «لا يتوقع أخطاراً على الليرة اللبنانية» وأنه «لا يعلم بأي إجراءات اتخذتها السعودية ضد المصالح الاقتصادية اللبنانية».