بالرغم من الإنقسام الحاصل على كافة المستويات بين مختلف فئات الشعب اللبناني، يمكننا القول أن الجميع متفق على توصيف حالة البلد الهابطة على شتى الصعد الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. أما أسباب هذه الحالة فتكاد لا تحصى هنا، لكننا وفي إطار البحث عن جذور الأزمة اللبنانية وإستمرار تفاقمها، نتناول في هذا الموضوع مشاكل النظام التعليمي ـ التربوي في لبنان كواحدٍ من أهم الأسباب التي لا تساعد في تحسين الأوضاع لا بل تزيدها سوءاً.
مما لا شكّ فيه أن التربية ترتبط إرتباطاً وثيقاً بتقدم المجتمعات، فالأمة التي يتقدّم فيها التعليم من المفروض أن تشهد التقدّم والعكس صحيح. ومما لا شك فيه أيضاً أن النظام التعليمي في لبنان قد تطوّر بإستخدام أساليب متطورة وإعتماد طرائق جديدة في التعليم إلاّ أنه يُبقينا حيث نحن في مستنقع من الفوضى المنتشرة على مساحة البلد الكثير من مشاكل النظام التعليم في لبنان.
يمر لبنان في العقد الأخير بسلسلة من المشكلات التربوية والاجتماعية ولا سيما فيما يتعلق بالهيكلية التعليمية وأولويات التعليم الرسمي والخاص. وما زاد من تراكم الأعباء التربوية نزوح عشرات الآلاف من الطلاب العرب والسوريين في ظل غياب رؤية تربوية واضحة وقيادة حكيمة للحركة الطلابية.
من جهة أخرى لا بد من الإضاءة على واقع انهيار الجسم التعليمي من خلال اقحامه بالصراعات السياسية والمذهبية وفي ذلك دليل على ضعف وهشاشة هذا البنيان الذي لم تعد تنفعه الوصفات المؤقتة بل بات بحاجة إلى علاج استئصالي ولعله من المفيد اقتراح إنشاء الهيئة الوطنية لإحياء التعليم الرسمي والخاص .
ختاما"، لقد أصبحنا بحاجة ماسة إلى مواجهة الأعاصير التي تهدد الواقع التعليمي وإعلان حالة الطوارئ لإعادة هيكلة التعليم الرسمي والخاص أمام ما يُحاك من تدمير ممنهج للمؤسسات التربوية وما تبقى من مؤسسات الدولة الشرعية.