تشتدّ حدّة المنافسة بين المؤسسة اللبنانيّة للإرسال ومحطّة الـ MTV، فتبلغ ذروتها أثناء عرض برنامجَي "لهون وبس" و"هيدا حكي" تزامناً. يتضارب البرنامجان في التوقيت، مساء يوم الثلاثاء، ويتوافقان في المضمون، فكلاهما يقوم على "الفكاهة"، التي قد تصيب حيناً وتخيب أحياناً، ويبقى مقدما البرنامجين، عادل كرم وهشام حدّاد، هما "العمود الفقري" في العمل؛ فلكلٍّ منهما أرشيفُه، وجمهورُه الذي يتابعه ويتّبعه، وهما لذلك محورا البرنامجين لا الفكرة، المستنسخة أصلاً من برنامج "البرنامج" للمبدع باسم يوسف.
يتناول الإعلاميان مواضيع الساعة المستنبطة من واقع اللبناني المعيوش، فيقلّبانها بسخرية، ما يُوقعهما بطرح القضايا نفسها، وبطريقة متشابهة في كثير من الأحيان؛ والحلقة الفائتة خير نموذج، إذ تناغمت الطرائف حدّ التطابق، فكاد الإعداد يبدو مشتركاً، لكن وعلى الرغم من التماثل، يبقى لكلٍّ أسلوبه، فمن تفوّق؟ استحكم التسابق إذاً، ما زاد التحدّياتِ شدّةً، وبات على كلا الفريقين بلوغ أوج ما عندهما؛ فالمنافسة مشروعة ودليل صحّة، والخطأ محظور ودليل وهنٍ، والجمهور أوّل المستفيدين.
هذا من حيث المبدأ من حيث الواقع، تميل الكفّة لصالح "الحرتقجي" هشام حدّاد؛ فمن يتابع مواقع التواصل الاجتماعي مساء الثلاثاء، يُدرك حجم تفاعل الجمهور مع برنامجه، إذ لا تكاد تبدأ الحلقة حتى ينشط هاشتاق #لهون_وبس على تويتر مجتاحاً "التايملاين" ومسجلاّ أرقاماً قياسية، في وقت يردّد المغرّدون "دعابة" هشام المتقنة في أغلب الأحيان، ويتبادلون وإيّاه الأحاديث والطرائف، تحت رعاية واضحة من المؤسسة الحاضنة الـ LBCI، التي تعيد بدورها نشر التغريدات.
التقدّم الملحوظ في "لهون وبس" يقابله تراجع، ملحوظ أيضاً، في "هيدا حكي" للمخرج ناصر فقيه، بعد أن كان مستأثراً بالساحة سابقاً، إذ يرى متابعون أنّ عادل كرم يبدو متصنعاً في مزاحه، متكلّفاً في ضحكته، متملّقاً ضيوفه، يبتعد عن العفويّة، ويقع في التكرار، لجهة تعابير أصبحت محطّ كلام على غرار "آه يا هبيلة" و"يا سلام" و"بيسي وبوبي" وغيرها.
وقد جاءت فقرة كبير مراسليهم "علي أسبيرين" لتزيد الطين بلّة، في وقت انضبط الجمهور الحاضر تفاعلياً، إذ ينتظر توجيه مدير المسرح، فيبدو الضحك والتصفيق مفتعلَين، خصوصاً في الحلقة الأخيرة، عندما أُلزَم الجمهور بوضع كمّامات، فأصبح متورطاً في مسرحيّة ثقيلة، تذمّر المتابعون منها في بيوتهم، وعبّروا سلباً عبر "السوشيل ميديا".
ولكن هل يمثّل رأيُ الجمهور الافتراضي رأيَ الجمهور الحقيقي؟. يرفض طارق كرم، شقيق عادل، ومنتج البرنامج، في اتصال مع "سيدتي نت" التعليق، قائلاً: "لن أدخل في تفاصيل المقارنة بين البرنامجين".
في المقابل، يعترف مصدر خاص لـ "سيدتي نت" من داخل المؤسسة اللبنانية للإرسال فيقول: "في الحلقات الأولى، لم نفلح في الوصول إلى أوسع شريحة. ومع تقدّم الحلقات، ارتفعت كميّة المشاهدة، فقارعت بنسبتها برنامج "هيدا حكي" . أمّا في الحلقتين الأخيرتين فتفوّق هشام بفرق واضح".
ويستدرك المصدر موضحاً: "في الحلقة التي استضافت "محبوب العرب" محمد عسّاف، حظيت الـMTV بنسبة مشاهدة فاقت نسبة مشاهدتنا. لكن هذا يعود إلى شعبيّة عسّاف الطاغية لا إلى البرنامج".
إذاً تفوّق هشام (يرافقه جاد) على عادل (يرافقه شادي) في الخفّة والهضامة، في حين تفوّقت محطّة "المر" على الـ LBC في استضافة نجوم الصف الأوّل، وهذا طبيعي، إذ يبدو جليّاً أن مؤسسة "الضاهر" لم تبذخ في البرنامج، ابتداءً من الديكور البسيط، مروراً بتقنيات التصوير والإنتاج المتواضعة، وصولاً إلى استقبال بعض ضيوف الصف العاشر، وكلّها عوامل تشدّ البرنامج إلى الخلف.
"عندما يحضر الأصيل يبطل الوكيل"، هكذا علّق المخرج ناصر فقيه لـ "سيدتي نت"، بُعيد عرض الحلقة الأولى من "لهون وبس". لكنّ البرنامج استعاد توازنه بعد انطلاقته المتعثرة إلى حدٍّ ما، وحقق أرقاماً تصاعديّة حتى حجز لنفسه مرتبة طليعيّة، فهل يخيب ظن "الفقيه"، ويُصبح الوكيل أصيلاً؟.
tayyar