إنَّ عقلية المؤامرة أو الممانعة هي بالأصل نظرية الفشل، بشكلٍ عام هي الفشل بما يجري في عالمنا العربي والإسلامي،وتحوَّلت إلى أضحوكةٍ عبثيةٍ في مسرحٍ جدِّيٍ وواقعي في الحياة، فكلما إزداد الخلاف والشقاق، يلجأ العقل العربي وبالتالي الإسلامي إلى العادة المألوفة عندهم بالتبرير،دون التغيير،ويلجأ إلى نظرية المؤامرة وإلى وضع كل الحجج على الآخر(أي الغرب والطغاة والكفرة وأمريكا وأعوانها وأذنابها)ولكن في الواقع الحقيقي الذي يحكمهم هو تاريخهم الماضي بكل أثقاله الباهظة،وإرثه الثقيل الذي قلَّ فيه الضوء وكثرت فيه الظلمات،ولهذا يصطلح عليه علم الحديث أنهم مجموعة بشرية يحكمها الأموات في القبور،وتعيش ماضيها ولا تعيش حاضرها،فالأمة التي تظن نفسها هي فوق التاريخ والبشر ولا يطالها النقد والإعتراض،ولا يطالها القوانين هي أمة تستحق أن يجري عليها أكثر مما يجري عليها اليوم.
وتبقى في قفص الماضي يمكر بها التاريخ بالمعنى المميت للحياة، هنا يتراكم الصديد على الصديد،والفوضى على الفوضى،وما من نتيجة للخروج من هذه الأوهام والسخافات،بالطبع لست مدافعاً عن الغرب الكافر،وإن كان الغرب يستفيد من هذا الصراع والخلاف ويُقوِّي جبهة على أخرى كما جرى مع حرب الفرس والروم التي كانت تتم عبر وسيطين،أحدهما تابع للفرس،والآخر تابع للروم،وبعد سقوط سد مأرب هاجر معظم العرب القحطانيين من اليمن، ومنهم من هاجر إلى العراق،وإستطاع أنذاك المناذرة منهم تكوين إمارة على الحيرة تدين بالولاء للفرس،بينما هاجر بنو عمومتهم الغساسنة إلى جنوب الشام وأقاموا إمارة تدين بالولاء للروم،وتحارب أبناء العم (الغساسنة والمناذرة) بالوكالة عن أسيادهم الفرس والروم..
تماماً ما نشاهده في لبنان بإعادة الصراع القديم بين الإمبراطورية الكسروية الفارسية، وبين الإمبراطورية الرومانية البيزنطية،والذي إستمر إلى أن ظهر العرب فجأة على مسرح الحياة.. واليوم في لبنان الآذاريين في صراع بينهما من أجل الحليف،ونحن نعلم أن الفرس والروم يتنازعان السيطرة على الشرق وهو ما يترجم اليوم بين إيران وامريكا..كأننا نشاهد حرب بين الفرس والروم،وبين العرب والفرس في لبنان.