انتهت رحلة المواكب السياسية والشعبية إلى السفارة السعودية، وبدأت رحلة انتظار رد الديوان السعودي على رسالة رئيس الحكومة تمام سلام إلى الملك سلمان بن عبد العزيز، فإذا كان ما قامت به الحكومة كافيا في عرف السعوديين، لن يتأخر الموعد الملكي، وإذا كان ناقصا، لن يقتصر الأمر على صفر موعد، بل على إجراءات متصاعدة، لَمَّح إليها، مساء أمس، وزير الداخلية نهاد المشنوق بقوله: «نحن ذاهبون إلى مواجهة عربية كبرى، وهناك دول جديدة ستنضم إلى دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة لبنان، وقد نذهب إلى قمة عربية في هذا المجال».
وجاء كلام المشنوق، عشية توجهه إلى العاصمة التونسية للمشاركة في اجتماع وزراء الداخلية العرب يومي 2 و3 آذار المقبل، متعارضاً مع مناخات جلسة مجلس الوزراء الهادئة، أمس، ومتجاوزا سقف خطاب الرئيس سعد الحريري الذي هاجم، أمس، «حزب الله» واتهمه بالتورط بملفات أمنية في سوريا والعراق واليمن ودول الخليج وبأنه «فاتح دكانة على حسابه».
وفيما استبعد المشنوق أن تؤدي جولة خليجية الى عودة السعوديين عن قرارهم، كان لافتاً للانتباه توجيه وزير الداخلية انتقادات علنية لرئيس الحكومة، بقوله: «هناك خلل في علنية موقف سلام بموضوع اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، وأنا سمعته مرتين في مجلس الوزراء، وأعتقد أنه غير مطلع على الفارق بين بيان الاجتماع الوزاري العربي (إدانة «حزب الله») والمقررات الصادرة عن الاجتماع (إدانة التدخل الايراني في شؤون الدول العربية)»، معتبرا أن الأمر التبس على رئيس الحكومة عندما قال إن وزير الخارجية جبران باسيل نسّق موقفه معه، وقال إن هناك تسويات لا تحصل إلا بعد المواجهات، ورأى أننا على حافة الهاوية السياسية والمالية.. أما الأمنية فإنها بألف خير.
وجدد المشنوق القول إن كل الخيارات مطروحة للنقاش في مواضيع الحوارَين الوطني والثنائي والحكومي، وقال إنه كان صاحب اقتراح الخروج من الحكومة في الاجتماع الذي عقد في السعودية برئاسة الحريري، قبيل عودة الأخير إلى بيروت، وكان الجواب بالرفض، معتبرا أن الاستقالة من الحكومة ليست خيارا شخصيا بل خيار سياسي يتعلق بالتيار السياسي الذي سَمَّاه وزيرا، وسأل: «ماذا يمنع أن تصبح الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال»؟
وفيما كان الرئيس الحريري يعطي تعليماته بكل وضوح بمنع الانجرار إلى أي تصرف في الشارع يهدد بتوتير الأجواء الداخلية، بدا واضحا أن ثمة «طابورا خامسا» يتحرك تحت جنح الظلام، سواء بتعميم بيانات مجهولة التوقيع تُحَرِّض على الفتنة وعلى الجيش اللبناني، في مناطق ذات حساسية مذهبية في العاصمة، أو بإشاعة مناخات حول إشكالات وهمية تحصل في بعض المناطق، والمؤسف أن ذلك ترافق مع ضخ إعلامي حول إجراءات أدت إلى طرد مئات العائلات اللبنانية من دول مجلس التعاون الخليجي...
بري: الاستحقاق الرئاسي قريب
وفي موقف لافت للانتباه أثناء استقباله حشدا من أبناء الجالية اللبنانية في بروكسل، أمس، أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن إنجاز الاستحقاق الرئاسي «أصبح أقرب من أي وقت مضى».
هذا الموقف استوجب قراءات متضاربة في بيروت، وتزامن أيضا مع اجتماع عقد، ظهر أمس، في وزارة المال ضم الوزراء علي حسن خليل(«أمل») ووائل أبو فاعور(«الاشتراكي») وروني عريجي(«المردة») ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري المهندس نادر الحريري(«المستقبل») والوزير السابق يوسف سعادة(«المردة») والنائب السابق غطاس خوري(«المستقبل»).
وعلم أن «تيار المستقبل» حاول خلال هذا الاجتماع تشجيع رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية على حضور جلسة الثاني من آذار المقبل، على قاعدة محاولة توفير نصاب الثلثين للجلسة النيابية الرئاسية.. وعُلِم أن جواب «تيار المردة» كان واضحا وحاسما بأن فرنجية، وبرغم استمرار تقديره للمبادرة الحريرية، لن يشارك في أية جلسة رئاسية إلا إذا شارك فيها «حزب الله».
الأمم المتحدة: إنها أموال المملكة!
من جهة ثانية، أكد المتحدث الرسمي، باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، وقوف المنظمة الدولية إلى جانب لبنان، مشددا على «أهمية استقراره، وحمايته من مخاطر التوترات والتقلبات، التي تشهدها حاليا منطقة الشرق الأوسط».
وقال دوغريك، في مؤتمر صحافي، في مقر المنظمة الدولية في نيويورك: «نتابع عن كثب التوتر الحالي، بين لبنان ودول الخليج، ونحن دائما نؤكد على أهمية الاستقرار السياسي فيه، وسوف تواصل الأمم المتحدة مساندتها للحكومة والشعب، بهدف حماية البلد».
وحول قرار الرياض بوقف مساعداتها المقررة لتسليح الجيش اللبناني، عن طريق فرنسا، وقدرها 3 مليارات دولار أميركي، قال دوغريك: «إنها أموال المملكة العربية السعودية، ومن حقها أن تفعل بها ما تشاء»، واستدرك قائلا: «لكن من المهم للغاية أن نستمر (المجتمع الدولي) في دعم القوات المسلحة اللبنانية».