ظنّ قاضي التحقيق في جبل لبنان ربيع حسامي بـ"أمير الكبتاغون" وتسعة آخرين بجرائم الاتجار بالمخدرات وترويجها وتعاطيها. واستناداً إلى التحقيقين الأولي والابتدائي، خلص الى أن حبوب الكبتاغون تعود الى الأمير السعودي.
أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان ربيع حسامي، قراره الظني في قضية "أمير الكبتاغون" عبد المحسن بن وليد آل سعود، فاعتبر فعل الأمير المدّعى عليه وآخرين في الملف يؤلف جرائم اتجار بالمخدرات وترويجها وتعاطيها. الأمير السعودي واحد من بين عشرة ادُّعي عليهم (6 سعوديين و2 سوريين و2 لبنانيين وأردني) بجرم "نقل وتهريب مخدرات وترويجها والاتجار بها وتأليف عصابة دولية لإدارة وتنظم وتمويل هذه الجرائم"، بحسب ما ورد في متن القرار الظني.
وسرد القاضي حسامي وقائع عملية التهريب، فعاد إلى 26 تشرين الأول العام الماضي، تاريخ "ضبط أربعة وعشرين صندوقاً وثماني حقائب تحتوي على كمية تزن ألف وتسعمئة وخمسة كيلوغرامات من حبوب الكبتاغون". وكانت الحقائب والصناديق تحمل ملصقات تفيد بأنّها لـ "صاحب السمو الملكي الأمير عبد المحسن بن وليد آل سعود". سُئل يحيى الشمري الذي كان إلى جانب الصناديق، فصرّح بأنها للأمير الموجود في قاعة الانتظار. ولدى تفتيش حقيبة الشمّري ضُبط فيها 5.6 غرامات من الكوكايين و116 حبة كبتاغون.
ثم أُلقي القبض على الأمير السعودي وزياد الحكيم ومبارك الحارثي وبندر الشراري ويحيى الشمري حيث أُخضعوا لفحص مخبري جاءت نتيجته إيجابية لجهة تعاطي الكوكايين بالنسبة إلى الأمير وزياد الحكيم، وإيجابية لجهة تعاطي الكوكايين وحشيشة الكيف بالنسبة إلى الحارثي، وإيجابية لجهة تعاطي الكوكايين وحشيشة الكيف والحبوب المخدّرة للشراري والشمري.
وبالاطلاع على تسجيلات كاميرات المراقبة في المطار، تبين أن السيارتين اللتين استقبلتا الأمير عند وصوله هما رانج روفر بقيادة علي جعفر وBMW بقيادة مروان الكيلاني وفان تويوتا بقيادة محمد سيف الدين، قبل أن يتبين أن جعفر هو نفسه علي فياض إسماعيل، وهو من المطلوبين بجرائم تصنيع الكبتاغون وتهريبه. وتبين أن الموقوفين السعوديين الخمسة كانوا نزلاء فندق الـ "فور سيزونز" إضافة إلى مروان الكيلاني. وبسؤال الأمير عبد المحسن عن المضبوطات، ردّ بأن لا علاقة له بتهريب المخدرات، وبأنه يتعاطى "حبوب الاكستاسي" وأنّ الصناديق والحقائب تعود إلى الشمري. كذلك ادعى أنّ الشمري، وهو صديق شقيقه الأمير عبد العزيز، طلب أن يعود معه إلى السعودية وأن يشحن ثلاث عشرة حقيبة، فوافق لوجود مكان في الطائرة. وزعم الأمير السعودي أن معرفته بالشمري سطحية، مشيراً إلى أنه في اليوم المخصص للعودة أعطى يحيى جواز سفره وجوازي زياد ومبارك والحقائب العائدة إليهم لتخليص المعاملات، فيما ذهب لتناول العشاء. ولدى ذهابه إلى المطار فوجئ بوجود حقائب كثيرة مع الشمري مكتوب عليها اسمه. وقال إنّه استخدم هاتف يحيى للاتصال بوالده لإبلاغه بأن المخدرات لا تعود إليه، لأن بطارية هاتفه كانت فارغة.
وإضافة إلى لا منطقية ما أدلى به الأمير السعودي في كثير من الأحيان، تضاربت إفادات الموقوفين أثناء التحقيق. إذ أفاد الشمري أنّه جاء إلى لبنان بناءً على طلب خالد الحارثي، وكيل الأمير. وقال إنه تولى استقبال الأمير السعودي واستأجر له السيارات، مؤكداً أن لا علم له بموضوع المخدرات. لكنه عاد واعترف بأن الحارثي طلب منه توفير كمية من حبوب الكبتاغون لنقلها إلى السعودية، على أن يسهّل الأخير دخولها، لكونه وكيلاً للأمير. وبعد البحث، علم أن الشمري استحصل من السعودي محمد الخالدي على رقم الأردني أبو أحمد الخالدي الذي يملك مصنعاً لإنتاج الكبتاغون في لبنان، واتفق معه على أن يحضر الأمير السعودي والحارثي إلى لبنان في طائرة خاصة لشراء الحبوب، فيما لا علاقة للشراري والشخصين اللذين حضرا مع الأمير بالأمر. إلا أن الشمري عاد وتراجع عن أقواله، زاعماً أنه أدلى بها تحت الضغط، وأنّ حبوب الكبتاغون التي وجدت في حقيبته حصل عليها من الحارثي. وبما أنّ هاتفه كان مع الأمير، رجّح أن يكون الأخير قد أجرى الاتصالات المشبوهة. وذكر أن حبوب الكبتاغون تعود إلى الأمير وأن الحارثي هو أساس عملية التهريب.
وخلص قاضي التحقيق إلى تورط الأمير عبد المحسن آل سعود، استناداً إلى أقوال الشمري في التحقيقين الأولي والابتدائي بأن حبوب الكبتاغون تعود إليه، واستناداً إلى إفادة الشراري بأنّه سمع الأمير يقول للشمري إن الفان الذي نقل حبوب الكبتاغون يحتوي على مفروشات وأثاث من منزله، وكذلك استناداً الى إقدام علي فياض إسماعيل المطلوب للعدالة على استقباله في المطار، معرّضاً نفسه لخطر التوقيف، وهو أمرٌ لم يكن ليفعله لو لم يكن بناءً على اتفاق سابق. كذلك استند القاضي إلى أن حجم كمية الكبتاغون وتوضيبها وتصنيع ملصقات باسم الأمير ووضعها عليها تحتاج إلى أيام عدة، وإلى أن وكيله الحارثي أحد العناصر الأساسية في العملية، إضافة إلى أن عدم تمويه الصناديق أو تخبئة الحبوب المخدرة يدل على أن القائم بالعملية على قناعة بأن الصناديق لن تخضع للتفتيش، وهذا ما لا يستطيع أن يقوم به إلا الأمير. فضلاً عن تورط مرافقيه، ولا سيما يحيى الشمّري. وعليه، قرر القاضي حسامي اعتبار أفعال المدعى عليهم الأمير عبد المحسن آل سعود ويحيى الشمري وبندر الشراري وعلي فياض إسماعيل وحسن جعفر ومروان الكيلاني وخالد الحارثي ومحمد الرويلي تشكل جنايات المواد 125 و126 و150 من قانون المخدرات، والظن بهم بجنحة المادة 127 من القانون عينه. أي اعتبار تشكّل جرائم الاتجار بالمخدرات وترويجها وتعاطيها. وظنّ بالمدعى عليهما زياد الحكيم ومبارك الحارثي بجنحة المادة 127 من قانون المخدرات ومنع المحاكمة عنهما بجناية الاتجار والترويج.