كتب المعلق ديفيد جاردنر تقريرا في صحيفة "فايننشال تايمز" قال فيه إن على إيران القلق من ناحية الأجندة الروسية في المنطقة، مشيرا إلى أن تداعيات دفاع طهران عن محورها الشيعي تمتد إلى خارج منطقة الشرق الأوسط.
ويعلق الكاتب في البداية على الانتخابات البرلمانية الإيرانية، حيث يقول إن الإيرانيين يذهبون للاقتراع يوم الجمعة، لانتخاب برلمانين؛ "واحد للشعب وآخر للملالي"، البرلمان وفيه 290 نائبا، ومجلس الخبراء وفيه 88 شخصا.
ويضيف جاردنر أن النخبة الثورية الإسلامية، التي لديها مصالح متعددة حولهما، قامت بتشكيل النتيجة في الوقت الذي حددت فيه مساحة للإصلاحيين؛ كي يبقوا داخل مؤسسات النظام الثيوقراطي، إلا أنهم هم من يقومون بإملاء سياسات الجمهورية.
ويتابع الكاتب قائلا: "الرسالة التي يرغب قادة إيران بإرسالها واضحة، وهي: رغم الاتفاق النووي، الذي يهدف إلى إعادة دمج إيران في السوق العالمي، إلا أنهم لن يخففوا قبضتهم على السلطة".
ويتساءل جاردنر: "ما هو موقفهم في الخارج؟ هل يمكن لهذه الدولة المنبوذة أداء دور بناء في منطقة تسير نحو الدمار؟ ألن تتأثر إيران في حال استمرت روسيا، حليف طهران، في الدفاع عن نظام بشار الأسد في دمشق، بسياسة الأرض المحروقة؟ ومع توضح أجندة الرئيس فلاديمير بوتين، فيجب على إيران القلق".
ويشير التقرير إلى أن "الروس، مثل الأسد، تجاهلوا تنظيم الدولة، وبدلا من ذلك، فقد ركزوا نيرانهم على المعارضة السنية، التي تهدد نظام الأسد، فالمدى الذي ذهبت إليه الحملة الروسية مثير، فهي تهدف فقط إلى تصفية القوى السنية التي تقاتل النظام، وتقوم باغتيال قادتها، وتدمر البلدات والجيوب والبنى التحتية، وتشرد السكان المدنيين، وباقتباس عبارة من ماوتسي تونغ لا يقوم الروس بقتل السمك، لكنهم يجففون المياه الذي يسبح فيه".
ويورد الكاتب أن "مصادر يوثق بها داخل سوريا تقول إن الروس تبنوا في هجماتهم الجوية اتجاها يتكون من مرحلتين: غارات متتالية تهدف إلى إنزال الموت على الذين يحاولون إنقاذ ضحايا الهجوم، وتقليد أساليب نظام الأسد القاتلة، باستخدام البراميل المتفجرة والسيارات المفخخة التي يزرعها تنظيم الدولة، ورغم نجاة ملايين المدنيين من أساليب النظام وتنظيم الدولة، فإنه من الصعب رؤية كيف سينجون من التكنولوجيا المتقدمة".
وتبين الصحيفة أن "المرحلة الثانية تهدف، كما تبدو، إلى إخلاء المناطق ذات الكثافة السكانية، وبعيدا عن المعادلة المحلية، فإن هذه الاستراتيجية تقدم إضافة أخرى من خلال إرسال مزيد من اللاجئين إلى تركيا، التي تختلف معها روسيا، ومنها إلى أوروبا، ما يزيد بدرجة كبيرة الذعر من المهاجرين".
ويقول الكاتب: "يتساءل الواحد منا عن ملازم يبحث عن مجند لتنظيم الدولة من سنة يائسين أصبحوا عاجزين، ويجب النظر للتفجيرات المروعة المتعددة التي نفذها تنظيم الدولة نهاية الأسبوع، الأول قرب مزار شيعي قرب مدينة دمشق، أما الثاني فهو مذبحة للعلويين في مدينة حمص، ضمن هذه الرؤية، ويقول الجهاديون بشكل فعلي للسكان السنة: تعالوا إلينا، يمكننا أن نحميكم من الشيعة الهراطقة وحلفائهم".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن وزيري الدفاع الروسي والإيراني سيلتقيان في العاصمة طهران، مستدركا بأن "إيران الشيعية (الفارسية) لن تحصل على الشرعية مع العرب (السنة في غالبيتهم)، وتصبح القوة الإقليمية الكبرى، في حالة وقعت على المنظور الروسي".
ويعلق جاردنر قائلا إن "السعودية وإيران مثلا دفعتا بشكل تكتيكي حلفاءهما في لبنان لدرجة تعاون الحد الأدنى، حتى لا تنتشر آثار الحرب الأهلية السرية إلى البلد، لكن الرياض قررت أن توقف دعمها بأربعة مليار دولار للجيش اللبناني؛ لأن مليشيا حزب الله حليف إيران في لبنان تسيطر بشكل كامل على الجيش والقوى الأمنية".
وتجد الصحيفة أنه "نتيجة لهذا، بدأ حلفاء السعودية والحكومة المتمايلة في بيروت يتخلون عن السفينة".
ويلفت التقرير إلى أن "كراهية القوة الإيرانية يمكن التعرف عليها في العراق، في ظل حكومة الغالبية الشيعية، وقام رئيس الوزراء، وهو شيعي إسلامي، بإخراج قائد الحرس الثوري الإيراني المشرف على المليشيات في العراق وسوريا، الجنرال قاسم سليماني، من اجتماع وزاري أمني".
ويرى الكاتب أن تداعيات دفاع إيران الشرس عن المحور الشيعي في الأراضي العربية يمتد أبعد من الشرق الأوسط، "فمواصلة طريق خطته الآن روسيا سيخرب محاولة إعادة التواصل مع الغرب، كما أن انتصارا روسيا ساهمت فيه إيران، لن يكون نكسة كبيرة للولايات المتحدة، وكذلك أوروبا المنقسمة حول أزمة اللاجئين، وتحقيقه سيحتاج إلى وقت طويل".
وتنقل الصحيفة ما قاله وزير خارجية عربي سأل وزير الخارجية الإيراني وكبير المفاوضين في المحادثات النووية محمد جواد ظريف: "هل تريد أن تكون إيران قائدة للعالم الفارسي أم للشيعة في العالم؟ بكلمات أخرى: قوة إقليمية معترف بها، أو رأس حربة في التفوق الشيعي لنزاع دائم ضد التفوق السني.
ويخلص الكاتب إلى أنه "لم يبق أمام إيران وقت كاف للقرار، من تريد، وجهها الدولي أم الإقليمي: السيد ظريف أم الجنرال سليماني؟".
المصدر: عربي21