الخطوة التي أقدمت عليها المملكة العربية السعودية بوقف المساعدات المقررة لتسليح الجيش اللبناني ولشراء معدات لقوى الأمن الداخلي. لم تكن مفاجأة بعد سيل المواقف والاتهامات والشتائم التي تعرضت لها من قبل قوى سياسية وحزبية لبنانية وخصوصا من حزب الله والتي نالت من العلاقة التي تربط لبنان بالمملكة.
إذ ان تاريخ هذه العلاقة طويل. ولم تقدم السعودية من خلال هذه العلاقة سوى الخير للبنان ولأبنائه ان لجهة المساعدات التي تقدمها له في غير مناسبة وخصوصا عندما يتعرض لأية مخاطر او لجهة استضافتها لمئات الآلاف من اللبنانيين الذين يعملون في المملكة والتي لم تفرق بين مسلم ومسيحي وبين سني وشيعي كما أنها لم تسأل عن الانتماء السياسي او الحزبي لهذا او ذاك.
وما كان للسعوديه ان تقدم على هذه الخطوة والتي تعتبر حقا طبيعيا لها إلا بعد ما أثبت لبنان وبالملموس أنه بالفعل وبالقول صار ولاية إيرانية. وإن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل رئيس التيار العوني بات يقوم بدور وزير الخارجية الإيراني في أي مؤتمر عربي او إسلامي وخصوصا في القضايا المرتبطة بالنزاع السعودي الإيراني في المنطقة. فلبنان تحول الى منبر للسياسة الإيرانية وإلى صندوق بريد للرسائل الإيرانية باتجاه الأطراف المناوئة لها.
وعلى رأس هذه الأطراف تأتي المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا عربيا واسلاميا للتصدي للمشاريع الإيرانية الإقليمية القائمة على التوسع في المنطقة العربية. وأكثر من ذلك فقد صار لبنان مكانا تنطلق منه أجهزة أعلام وفضائيات برعاية حزب الله لا هدف لها سوى الترويج للسياسة الإيرانية ومهاجمة السعودية ودول الخليج العربي لدرجة أصبح معها لبنان مجرد ساحة تستخدم في عملية ابتزاز العرب وخصوصا الدول الخليجية بحيث لم يترك حزب الله وأتباعه من جماعة ميشال عون وغيره مناسبة إلا وكالو الشتائم والسباب لهذه الدول مع التركيز على السعودية بحيث صار هتاف الموت لآل سعود ملازما للخطابات التي يلقيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن الله في أي مناسبة والذي بات يسمح لنفسه بإلقاء دروس في الوطنية ورسم السياسات الاقليمية متجاهلا الدور الإيراني في إثارة النعرات المذهبية في المنطقة. وهي عملية لا تخدم سوى إسرائيل ومن يدور في فلكها.
وكان مفترضا من الحكومة اللبنانية أن تتنبه باكرا إلى خطورة تحول البلد إلى بوق إعلامي لأيران ولحزب الله وكل الأتباع وقيام وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل كقائم مقام وزير الخارجية الإيراني.
وكذلك كان من المفترض من الحكومة اللبنانية إتخاذ موقف واضح من الحملات التي تتعرض لها السعودية.
وكان عليها ان تدرك أن اي هجوم على السعودية وعلى دول الخليج سيرتد سلبا على الواقع اللبناني الداخلي وعل كافة المستويات وخصوصا على المستوى الاقتصادي وفي الجانب السياحي. إذ ان لبنان يبدو مقبلا على مرحلة صعبة لجهة القطاعات الاقتصادية وعلى رأسها القطاع المصرفي.
لا شك أن لبنان في وضع لا يحسد عليه ومشكلته تزداد تعقيدا سواء مع استمرار الحكومة او مع استقالتها. وإذا كان للخطوة السعودية من إيجابية فهي دعوة اللبنانيين إلى الاستيقاظ من غفوتهم والتصدي لمشروع تحويل لبنان إلى ورقة في الحسابات الإيرانية..