يتوجه الناخبون الإيرانيون، الجمعة، إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في مجلس الشورى القادم.
وهذه الانتخابات هي الأولى في إيران منذ التوقيع في يوليو 2015 على الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، والذي أتاح إنهاء عزلة إيران وعودتها إلى الساحة الدولية مع رفع العقوبات المالية الغربية التي كانت تخنق اقتصادها في يناير.
ويتنافس على عضوية مجلس الشورى قرابة 6229 مرشحا بينهم 586 امرأة لشغل 290 مقعدا.
وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 580 امرأة مرشحة للانتخابات الإيرانية، وهو رقم قياسي جديد في إيران. ويرى كثيرون أن ذلك يشكل جزءا من الاستراتيجية الانتخابية للرئيس حسن روحاني.
غير أن مراقبين يؤكدون أن الجهود التي يبذلها الإصلاحيون الداعمون لتولي المرأة لمناصب أكبر في إيران تبقى أقل من انتظارات شريحة واسعة من الشعب الإيراني الطامحة إلى انفتاح أكبر.
ويؤكد هؤلاء على أن وجود نحو 500 امرأة من جملة 6 آلاف مرشح، يبقى رقما ضئيلا ولا يلبي طموحات الإيرانيات.
وتقول سهيلة جلودار زاده، نائبة عن حزب العمال الإيراني في البرلمان، إن “النساء المرشحات حاليا قد حاربن من أجل قناعاتهن في أوقات أكثر صعوبة، ونجحن في بعض الأوقات أيضا. ولكن على العكس الآن، لم تكن الأضواء تسلط عليهن أبدا. وإذا زاد عدد الأعضاء من النساء في البرلمان، فإنه بوسعنا أن نسعى إلى تحقيق أهدافنا في سلطة أكبر، وفي ظل ظروف أفضل وباعتراف عام أكبر” .
وترغب جلودار، وهي عضو رئيسي في الحركة الإيرانية لحقوق المرأة، ويتصدر اسمها حاليا قائمة المرشحين الإصلاحيين في الانتخابات البرلمانية، في الدفع بشكل أكبر من أجل مزيد من الإصلاح وحقوق المرأة في إيران.
وأضافت جلودار “نأمل في الفوز بثلاثين بالمئة من مقاعد البرلمان. وأنا على ثقة بأن ذلك سوف يتحقق، ليس فقط في طهران بل في جل الأقاليم. المرأة هناك أكثر طموحا وتبذل كل ما بوسعها للفوز في الانتخابات”.
ويقول مراقبون، إن العديد من النساء بدأن بالشعور في أن توقعاتهن من الانتخابات المقبلة كانت أوهاما، وبدأن بفقدان الأمل في رئيسهم صاحب النهج البراغماتي وما وعد به من مجتمع يسوده مزيد من الحريات.
وستكون الانتخابات اختبارا للتأييد الشعبي لروحاني نفسه قبل الانتخابات الرئاسية التي تجري في العام المقبل.
وكان روحاني قد فاز في انتخابات الرئاسة في العام 2013 بفضل دعم كثير من النساء والشبان الذين شجعتهم تصريحاته على استحقاق الإيرانيين للعيش في بلد حر وتمتعهم بما تتمتع به شعوب أخرى في مختلف أنحاء العالم من حقوق.
وكان أنصار روحاني يأملون بأن يؤدي فوزه في الانتخابات إلى تغيير اجتماعي في إيران التي تتمتع فيها النساء بحقوق أقل من الرجال في مجالات منها ما يتعلق بالميراث والطلاق وحضانة الأطفال، كما تفرض عليهن قيود في السفر وارتداء الملابس وتطبق الشريعة الإسلامية شرطة خاصة مهمتها الحفاظ على الآداب والأخلاقيات.
لكن دعاة حقوق الإنسان يقولون إن إيران لم تأخذ خطوات تذكر في سبيل زيادة الحريات السياسية والثقافية، حيث ركز الرئيس اهتمامه على التوصل إلى الاتفاق النووي مع القوى العالمية لإنهاء العقوبات الدولية التي عرقلت الاقتصاد.
وترفض إيران أي اتهامات بأن سياساتها فيها تمييز ضد النساء، وتقول إنها تطبق الشريعة الإسلامية.
والآن يبذل روحاني وحلفاؤه المعتدلون جهودا كبيرة لحشد اثنين من قواعد التأييد الرئيسية لهم وهما النساء والشباب.
والنساء في إيران يمثلن أكثر من نصف السكان وهن من بين الأفضل تعليما في الشرق الأوسط ويصل معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بينهن إلى 80 بالمئة كما أنهن يمثلن أكثر من 50 بالمئة من خريجي الجامعات.
لكن القانون الإيراني يتيح للرجل تطليق زوجته بسهولة أكبر بكثير من قدرة المرأة على الحصول على الطلاق. كما أن القانون يمنح الأب حضانة أطفاله فوق سن السابعة تلقائيا.
ويتعين على النساء الحصول على إذن من الرجل للسفر إلى الخارج، كما أن شهادتهن أمام القانون تساوي نصف شهادة الرجل.
ورغم أن المرأة لا تستطيع ترشيح نفسها لمنصب الرئيس، فبوسعها شغل معظم المناصب الحكومية الأخرى ولها حق التصويت.
وقالت مريم (26 عاما) والتي لم تستطع أن تحتفظ بحضانة ابنها ذي الأعوام الثمانية بعد طلاقها في مدينة أصفهان بوسط إيران “ما الذي سيتغير إذا أدليت بصوتي. هل يستطيع المرشحون الإصلاحيون منحي حقوقا مساوية للرجل؟”.
وقالت لجنة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة حقوق الطفل هذا الشهر، إن البنات يواجهن معاملة تمييزية “في العلاقات الأسرية والنظام القضائي الجنائي وحقوق الملكية العقارية”.
وقالت فاريبا خميسي (58 عاما)، الموظفة الحكومية المتقاعدة من طهران، إنها لن تتخلى عن آمالها في المزيد من التحرر رغم عدم وجود دلائل على التغير الاجتماعي. وأضافت “بالطبع سأدلي بصوتي في الانتخابات. المشاكل كثيرة مثل الضغوط الاقتصادية والقوانين التي تميز ضد النساء، لكن إذا لم ندل بأصواتنا فسيكتسب المحافظون المزيد من السلطات”.
ويتهم الخصوم المتشددون روحاني بأنه يشجع على المزيد من الانحلال الأخلاقي في المجتمع بمناداته بالتساهل الاجتماعي.
ولا يزال الساسة المعتدلون مؤمنين بنظام الدولة الدينية في إيران لكنهم ينادون بتحسين العلاقات مع الغرب وبمزيد من حرية التعبير وتخفيف القيود الإسلامية المشددة التي تنظم ارتداء الملابس والاختلاط بين الجنسين. وقالت جلودار “باعتباري مرشحة إيرانية من واجبي أن أكافح من أجل
حقوقهن. النساء عازمات على بناء إيران. وبالإدلاء بأصواتهن يمكنهن تحقيق هذا الهدف”.
المصدر: العرب