تصاعدت حدة التوتر، الثلاثاء، بين الدول الأوروبية الأكثر تضرراً من أزمة اللاجئين والمهاجرين، في حين أظهرت أرقام جديدة ان تدفق المهاجرين الفارين من الحرب والفقر يتواصل بوتيرة كبيرة.
ومع تجاوز عدد المهاجرين واللاجئين الذين وصلوا الى أوروبا الـ 110 آلاف خلال أول شهرين من العام، حذرت الأمم المتحدة من القيود التي تفرضها بعض الدول على حدودها ما قد يتسبب بحدوث حالة من الفوضى.
واندلع خلاف ديبلوماسي بين اليونان والنمسا، فيما انتقدت فيينا سياسة المانيا "المتناقضة" حول اللاجئين.
وأعرب الاتحاد الاوروبي عن قلقه في شأن خطر حدوث "أزمة إنسانية" خاصة في اليونان الواقعة على خط الجبهة، في أسوأ أزمة مهاجرين تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ويحتجز آلاف الأشخاص في اليونان بعد أن قررت مقدونيا فجأة إغلاق حدودها في وجه الأفغان، ما تسبب في أزمة على طريق الهجرة الذي يمر في البلقان في اتجاه شمال أوروبا.
واحتجت اليونان، الثلاثاء، لدى النمسا، على استبعادها من اجتماع وزاري من المقرر أن يعقد في فيينا، الاربعاء، لبحث أزمة الهجرة
واتصل رئيس الوزراء اليوناني اليكسيس تسيبراس بنظيره الهولندي مارك روت، الذي تتولى بلاده حالياً رئاسة الاتحاد الاوروبي.
وقالت وزارة الخارجية اليونانية، في بيان، إن اجتماع فيينا "تحرك آحادي الجانب وخطوة غير ودية على الإطلاق". واتهمت اليونان النمسا بتقويض جهود التوصل الى نهج أوروبي مشترك لمواجهة أزمة الهجرة من خلال التحالف مع الأعضاء المتشددين في الاتحاد الاوروبي الذين يرفضون استقبال أي مهاجر.
ودعت النمسا الى الاجتماع كلاً من مقدوينا والبانيا والبوسنة وبلغاريا وكرواتيا وكوسوفو ومونتينيغرو وسلوفينيا.
وردت فيينا بقولها إن الاجتماع له صيغة "محددة" وسيتم تعميم نتائجه على وزراء الداخلية والعدل في دول الاتحاد الاوروبي اثناء اجتماعهم الخميس.
تصاعد التوتر
وانتقدت النمسا سياسة المانيا "المتناقضة" في شأن اللاجئين، بعد أن وجهت برلين انتقاداً شديداً لفيينا بسبب تحديدها سقفاً لعدد اللاجئين الذين ستستقبلهم.
وقال المستشار النمساوي فيرنر فايمان: "يجب أن تقرر المانيا ما هو الرقم المقبول لديها"، مضيفاً أنه يتمنى "التعامل مع قرارات النمسا السياسية باحترام".
ووصل 102547 لاجئاً الى اليونان و7507 الى ايطاليا حتى هذا الوقت من العام.
وقضى 413 لاجئاً ومهاجراً غرقاً، أثناء محاولتهم قطع هذه الرحلة، بحسب ما ذكرت "منظمة الهجرة الدولية"، الثلاثاء.
وذكرت ايطاليا أنها أنقذت، الثلاثاء، أكثر من 700 مهاجر وانتشلت 4 جثث قبالة السواحل الليبية.
من ناحيته، اتصل وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس، هاتفياً، بنظيرته الألمانية ارسولا فون دير لين، ويتوقع أن يسعى للحصول على تطمينات من الأمين العام لـ"حلف شمال الأطلسي" ينس ستولتنبرغ حول نشر اسطول صغير من السفن في بحر إيجه، لمساعدة اليونان على حراسة شواطئها، رغم تردد تركيا في هذا الشأن.
وفي أحدث التطورات حول الخطوات التي تتخذها الدول الأوروبية، أغلقت مقدونيا حدودها في وجه اللاجئين الأفغان وفرضت مزيداً من التدقيق على وثائق السوريين والعراقيين الراغبين في التوجه الى شمال وغرب أوروبا.
وتسبب ذلك في تجمع المهاجرين على الحدود اليونانية المقدونية، حيث ينتظر 4000 شخص للعبور، ما اجبر الشرطة اليونانية على منع المهاجرين واللاجئين الذين وصلوا الى ميناء بيراويس من التوجه الى الحدود لتجنب تفاقم الوضع.
ما هذه أوروبا التي بنيناها؟
وجاء في بيان مشترك لمفوض الهجرة في الاتحاد الاوروبي ديميتريس افراموبولوس ووزير الهجرة الهولندي كلاس ديكهوف: "نحن قلقون في شأن التطورات على طول طريق البلقان والأزمة الإنسانية التي يمكن أن تحدث في بعض الدول خاصة اليونان".
وقال رئيس وكالة اللاجئين في الامم المتحدة فيليبو غراندي: "انا قلق جداً من الأخبار عن زيادة إغلاقات الحدود الأوروبية على طول طريق البلقان، لأن ذلك سيخلق مزيداً من الفوضى".
وأضاف "لقد قلنا للدول الأوروبية ان عليها ان تستقبل مزيداً من اللاجئين بالطرق القانونية وقبولهم مباشرة حتى لا يدخلوا عن طريق عصابات التهريب.. اذا كانت اوروبا لا تستطيع القيام بذلك فما هذه اوروبا التي بنيناها".
وعند الحدود اليونانية استقلت عائلات أفغانية نحو عشر حافلات لقطع رحلة العودة الطويلة جنوباً نحو العاصمة، حيث سيتم وضعهم مؤقتاً في مخيمات، بحسب الشرطة المحلية.
وقررت مقدونيا، الأحد، منع مرور المهاجرين الأفغان، وعزت مسؤولية هذا القرار الى الدول المجاورة، صربيا وكرواتيا وسلوفينيا.
وبحسب الشرطة المقدونية فإن هذه الدول الثلاث قررت خفض عدد المهاجرين وتمت اعادة اكثر من 600 أفغاني الى مقدونيا، في الأيام الماضية.
إلى ذلك، اتهمت "منظمة العفو الدولية"، يوم الثلاثاء، النمسا بـ"انتهاك حقوق الإنسان"، لأنها وضعت سقفاً لعدد طلبات اللجوء التي تقبلها يوميّاً، بينما اعتبرت حكومة النمسا أنّها تتصرف في إطار القانون. وأثارت النمسا غضب دول الاتحاد الأوروبي، ودفعت "المفوضية الأوروبية" إلى اتهامها بانتهاك القانون عندما أعلنت هذا الشهر أنها لن تستقبل أكثر من 80 طلب لجوء في اليوم على طريق المهاجرين الرئيسي من سلوفينيا.
وأوضح رئيس المنظّمة هاينز باتزيلت أنّ "اتفاقية جنيف لحقوق اللاجئين لا تعرف كلمة حصّة أو عبارة حدّ القبول"، مؤكّداً أنّ "الاتفاقيّة قانون ملزم في النمسا".
واعتبر أنّ "بلداً يمكنه استضافة مليوني و800 ألف سائح سنويّاً يمكن أن يفعل المزيد". وقال: "من المعيب القبول بالتزام كاتفاقية جنيف ثم الامتناع عن الالتزام بها عند أول أزمة."واعتبرت النّمسا أنّ تصرفّها "مجرّد رد فعل على غياب تضامن الدول الأوروبية الأخرى برفضها استقبال المهاجرين أو عدم تأمين الحدود الخارجية للاتحاد بعد أن استقبلت النمسا 90 ألف طالب لجوء العام الماضي.
بلجيكا تجمد "شنغن"
وفي الاجراءات الجديدة، أعلنت بلجيكا، الثلاثاء، إعادة فرض مؤقت للرقابة على حدودها مع فرنسا تحسباً لتدفق محتمل من المهاجرين بعد مغادرتهم لمخيم كاليه العشوائي في شمال فرنسا، والقريب من مدخل نفق المانش.
وأعلن وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون، خلال مؤتمر صحافي: "لقد ابلغنا المفوضية الأوروبية بأننا سنوقف العمل مؤقتاً بنظام شينغن"، الذي يضمن حرية التنقل ضمن الدول التي وقعت الاتفاق.
وكانت فرنسا علقت عملية إجلاء مخيم كاليه بانتظار صورة قرار عن القضاء حول شرعية هذه العملية.
وأوضحت محكمة ليل الإدارية، التي رفعت مجموعة لاجئين وجمعيات تحتج على أمر الاخلاء شكوى أمامها، انها لن تصدر حكمها، الثلاثاء.
والمخيم الذي أقيم قرب ميناء كاليه الكبير في شمال فرنسا، يضم مدن صفيح يقيم فيها ما لا يقل عن 3700 مهاجر بحسب السلطات، وربما أكثر وفقاً للجمعيات التي تقدم لهم المساعدة.
(أ ف ب، رويترز)