هل يُعقل أن شعبا بكامله , مع قياداته أيضا , لم يُدرك حتى الآن , مع كل ما يحصل في العلن والسر , أنه يتحمّل ضربات الصراع الحاصل بين السعودية من جهة وبين إيران من جهة ثانية , كلا الدولتين التين تتقاذفنا ككرة اللّعب , هذا الشعب الذي يتغنى بذكائه , ويتعالى على كلّ العرب بأنه شعب مثقف ومتعلم , وأنه أول شعب عربي دخل الحضارة والمدنية , من بابها الواسع , ويُرجِع ذلك إلى أصالته الفينيقية المتجذرة بعلاقة مع العقل والإبداع , هذا الشعب الذي أصرّ بعض زعمائه بوصفه بأنه شعب عظيم .
يا شعب لبنان العظيم ...
حسب إصرار البعض على هذا الوصف , لقد كان في الماضي القريب , وتحديدا اوائل القرن العشرين , حالة من الحرمان العلمي , أو التقصير السلطوي الانمائي على الصُعد كافة , وبالاخص أسباب العلم والتعلم والمعرفة , وخاصة في الاطراف والارياف , وبسبب هذا كانت الناس تعيش حالة من عدم الخبرة السياسية والعلمية , مما أتاح للبعض أن يتسلل إلى الزعامة , إما لأنه ورثها عن آبائه وأجداده , وإما لأنه حصّل شيئا من المعرفة , تفوّق بها على غيره , من هنا يمكن أن تجدَ عذرا لكثير من الناس الذين وافقوا وأيدوا ودعموا وشايعوا بطريقة عمياء , بعض الزعامات التي لم تُفلح في النهوض بشعبها , ولم تُفلح في إخراجه من كثير من الأزمات , مع أنها قدّمت ما هو مستطاع على مستوى ضيق ومحلي .
أما اليوم وفي عصر العلم والمعرفة والانفتاح والتواصل المُتاح للجميع وبدون إستثناء , بين شعوب العالم في كل البقاع , وكل الوسائل مُتاحة لذلك , ولم يعد بالإمكان إخفاء ايّ شيءٍ على الجمهور , وبلحظات كلمحٍ بالصبر تستطيع أن تصل إلى أي معلومة , أو أي خبر , أو أي حدث في العالم , فما هو عُذرك لعدم معرفتك بحقائق الامور التي تمس حياتك اليومية .
لا نطالبك بمتابعة ما لا يعنيك , وهذا أمر طبيعي , لأنه ليس المطلوب من الجميع أن يكونوا محللين سياسيين , أو خبراء إستراتيجيين , وليس المطلوب من كل مواطن أن يتابع كل شيء , ولكن على الأقل عليك أن تتابع مصلحتك الشخصية , وتهتم بها , ومصلحة عيالك ومحيطك , هذا أضعف الإيمان , إذا لم نقُل أنه واجب عليك وطنيا أن تهتم بشؤون بلادك ومصلحة وطنك وشعبك وأهلك ككل , كيف لك أن لا تتابع أسباب قهرك وأسباب منعك من الحياة السليمة , وكيف لك أن تقدّم مصلحة عدوك على مصلحتك .
يا شعب لبنان العظيم ...
مع كثير من الخطوط العريضة تحت كلمة عظيم , إن المملكة العربية السعودية , والجمهورية الاسلامية الإيرانية دولتان تعيشان بأمن وسلام على حساب أمنك وسلامك , وتبحثان عن نفوذ في المنطقة بواسطتك , وعلى حساب راحتك ومصلحتك ومصلحة بلدك , ولا همّ لهما كيف تعيش وكيف تبني وطنك وكيف تكون مستقلا .
يا شعب لبنان العظيم ...
لبنان وطنك , يترنح بين السندان السعودي وبين المطرقة الايرانية , وضربات الصراع بينهما لا تصل إلى أحد منهما , بل تصل إليك مباشرة , ومن ثم تفتك بالدولة وبؤسساتها وبالوطن والمواطنين , والكل يتهاوى ......!!!!