لبنان يترنّح من ضربات الاصدقاء , والتصعيد الخليجي مستمر
السفير :
اذا كان من الممكن التنبؤ بسياسات السعودية في زمن «الجيل الأول»، فان هكذا مهمة باتت صعبة للغاية مع «الجيل الثاني». صارت كل الاحتمالات السياسية واردة، لكأن هناك «مملكة جديدة» يصعب فك طلاسمها ومعرفة مفاتيح أقفالها، وكيفية الدخول الى ديوانها والتعرف الى مراكز القوى فيها.
هذه الصورة الضبابية تجعل من الصعب ايجاد تفسير مقنع للقرار السعودي بإيقاف هبة المليارات الأربعة، مثلما تجعل من الصعب أكثر معرفة لماذا باركت المملكة، وتحديدا ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت، لينفجر بوجهه قرار سعودي، ربما كان يتوقع صدوره في ظل الكثير من المؤشرات التي سبقته، لكن المفاجئ هو التوقيت الذي تزامن مع عودته الى بيروت بعد غياب طويل.
وبينما كان مطلوبا من الحريري أن يعيد لم صفوف تياره وجمهوره واعادة شد عصب «قوى 14 آذار»، استعدادا للاستحقاقات المقبلة، وأولها الانتخابات البلدية والاختيارية، في أيار المقبل، فقد وجد نفسه فجأة أمام تحدي تحويل لبنان الى خط الدفاع الأمامي عن السعودية، في مواجهة تداعيات الاشتباك المفتوح بينها وبين ايران وحلفائها الاقليميين.
لكأن لبنان «الحديقة الخلفية» لكل ما يجري في الاقليم، لم تعد مقبولة أوراق اعتماده، أقله في بعض دول الخليج. صار المطلوب منه موقف سياسي واضح وأن لا ينأى بنفسه عن «الاشتباك الكبير».
تولى الحريري بنفسه تخريج «البيان الوزاري» الجديد لحكومة تمام سلام، بمعزل عما اذا كان كافيا بالنسبة للسعوديين أو أنهم كانوا يأملون بسقف أكثر ارتفاعا، ولم تمض ساعات حتى أطلق العريضة المليونية التي يأمل أن يحملها الوفد الوزاري معه في جولته الخليجية، بدءا من الرياض، وهي مهمة تقتضي اقامة «احتفاليات» في شتى المناطق اللبنانية، من صيدا الى عكار مرورا بالاقليم والشوف وبيروت وكسروان والبقاع.
لم تأت حتى الآن أية اشارة سعودية ايجابية، لا بالعكس، فان الطلب من الرعايا السعوديين مغادرة لبنان وقرار الامارات والبحرين بمنع سفر مواطنيهم الى لبنان وتقليص بعثة الامارات الديبلوماسية في بيروت، وقول مصادر مقربة من دائرة القرار السعودي أن الخطوات اللبنانية «غير كافية حتى الآن»، كانت كلها بمثابة اشارات سلبية تدل على عدم «هضم» لا البيان الحكومي ولا العريضة المليونية.
وبينما كان سفير السعودية في بيروت علي عواض عسيري يصف ما أسماه «الخطأ المرتكب بحق بلاده»، بأنه «كبير ومطلوب تصحيحه»، كان لافتا للانتباه فتح أبواب السفارة للوزير «المستقبلي» المستقيل أشرف ريفي، الأمر الذي ترك صدى سلبيا عند «التيار الأزرق»، خصوصا وأن لسان حال سعد الحريري منذ لحظة وصوله الى بيروت أن ما يقوم به ريفي لا يحظى بأية تغطية سعودية على عكس ما يشيع الرجل نفسه، ويدل على ذلك اللقاء العاصف بين زعيم «المستقبل» ووزير العدل السابق في «بيت الوسط» ثم تعمد عدم دعوته الى أي من محطات الزيارة الحريرية الى عاصمة الشمال.
واللافت للانتباه أيضا أن البعض من «أهل الخليج» في بيروت، تعمد، أمس، تسريب كلام غير مألوف مفاده «أنه بدل توجه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى بروكسل، كان الأجدر به أن يستقل طائرة تحط به في الرياض وأن يطلب هناك من قيادة المملكة التراجع عن قرار حجب الهبة المالية، وعندها يمكن أن تختلف الصورة.. وربما تصحح»!
غير أن هذا الافتراض النظري المذيل بعبارة «ربما» لا يمت بصلة الى أدبيات وحسابات بري الذي كان يتمنى أن تأتيه الدعوة الرسمية لزيارة السعودية في لحظة مختلفة عن هذه اللحظة، ولذلك، كان قراره واضحا بأنه هو من يختار التوقيت.. وعلى الأرجح لن يكون قريبا!
واذا كان الروس والأميركيون يتسابقون الى ترجمة سياسية وميدانية لخطتهما السورية المشتركة، قبل أن يبدأ العد العكسي للانتخابات الرئاسية الأميركية في مطلع الصيف المقبل، فان السعوديين يحاولون عرقلة هذا المسار، حتى تدخل الأزمة السورية ومعها ملفات المنطقة والعلاقة الأميركية ـ الايرانية، في آتون الحمى الانتخابية وصولا الى الانتخابات نفسها في الخريف المقبل، بحيث تنتقل الملفات الاقليمية (وخصوصا السوري) والدولية تلقائيا الى الادارة الأميركية الجديدة!
هل يمكن أن يخطر في بال السعوديين مطالبة لبنان بما لا قدرة على تحمله سياسيا وأمنيا؟
الجواب البديهي عند معظم المسؤولين الرسميين والسياسيين هو أن لا مصلحة لهم بذلك، لكن ذلك لا يمنع طرح أسئلة سريعة في هذا السياق:
÷ هل صحيح ما تردد عن طرح السعوديين والأتراك خيار فتح جبهة الشمال اللبناني، وتحديدا عبر وادي خالد مطلع السنة الحالية، وهل صحيح أن من حال دون ذلك هو الموقف الأميركي القاطع برفض التعرض للاستقرار اللبناني؟
÷ هل صحيح ما يتردد عن محاولات تقوم بها بعض المنظمات غير الحكومية في الشمال (بغطاء سياسي) من احصاءات في بعض تجمعات النازحين السوريين، وخصوصا للشبان الذين نفذوا الخدمة الالزامية في الجيش السوري سابقا، وهم يستطيعون حمل السلاح اذا طلب منهم ذلك؟
÷ هل صحيح أن فكرة اعادة احياء «أفواج طرابلس» قد عادت للواجهة.. ولماذا يتم اطلاق شائعات حول عمليات تسليح في بعض المناطق اللبنانية القريبة من الحدود السورية؟
÷ هل طلب السعوديون من قيادة الجيش اللبناني في أكثر من مناسبة الحصول على «ضمانات محددة»، بشأن وجهة استخدام الأسلحة والذخائر التي سيحصل عليها من فرنسا والولايات المتحدة عبر المال السعودي، وهل شملت هذه «الضمانات» أمورا محددة في «جبهة عرسال» والقلمون، وهل رفض الجيش اعطاء مثل هذه الضمانات، أي أن لا تقتصر إجراءاته الحدودية على المجموعات الارهابية، بل أن تشمل «حزب الله» لشل قدراته الحركية على طول الحدود الشرقية؟
÷ هل صحيح أن دولة في «التحالف الاسلامي» وجهت سؤالا للجيش حول امكان استخدام مطار القليعات العسكري في الشمال.. وجاء الجواب سلبيا من الجيش اللبناني؟
÷ هل صحيح أن الجيش اللبناني طلب من دولة خليجية تزويده بصواريخ جو ـ أرض لاستخدامها في العمليات العسكرية ضد المجموعات الارهابية في جرود عرسال وجاء الجواب سلبيا بذريعة أن المصدر الأساس لتلك الصواريخ (دولة أوروبية) رفض تزويد الجيش اللبناني بها؟
÷ هل صحيح أن قيادة الجيش اللبناني طلبت من الأميركيين التدخل لدى السعوديين أقله لتمويل صفقة طائرات «السوبر توكانو».. وهل صحيح أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان قد هاتف نظيره السعودي عادل الجبير وسأله عن مجريات هذه «الصفقة»، وكان الجواب السعودي «أننا مستمرون بالعقود» (السوبر توكانو)، وهو الجواب نفسه الذي أعطي للفرنسيين في ما يخص هبة الثلاثة مليارات دولار؟
ماذا عن الانعكاسات الاقتصادية؟
تبلغ الودائع الخليجية لدى مصرف لبنان حوالي 860 مليون دولار، بينها حوالي 250 الى 300 مليون دولار قيمة الوديعة السعودية، وهذه الودائع الحكومية استخدمت لدعم الاستقرار النقدي واعطت ثقة للقطاع النقدي والمالي اللبناني في السنوات السابقة، اما حاليا، فان احتياطي العملات الأجنبية، بفعل السياسة النقدية للمصرف المركزي، بات يشكل حوالي 37 مليار دولار، وهو من أعلى الاحتياطات التي يتمتع بها لبنان منذ اواسط التسعينيات.
اما المساهمات الخليجية في القطاع المصرفي، فهي تعتبر محدودة من خلال مساهمات افراد أو مؤسسات. وقد جرت مؤخراً عملية بيع للبنك الاهلي التجاري السعودي الذي خرج من السوق لأسباب غير سياسية، وحجمه يساوي حوالي 0.3 في المئة من حجم القطاع المصرفي في لبنان.
النهار :
بدأت كرة الثلج تكبر، وتشي بمزيد من التدهور الذي يدخل لبنان في نفق المواجهة السعودية - الايرانية المظلم، مهددة الاستقرار فيه ومصير حكومته المتضامنة شكلا لا فعلا بعدما فشلت كل الاتصالات والمساعي للتهدئة الفعلية تجاه الدول العربية واعادة ترميم العلاقات معها، مما جمد طلب رئيس الوزراء تمّام سلام مواعيد رسمية للقيام بجولة خليجية.
وتجاوزت أزمة لبنان في علاقته بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي الحدود الاقليمية فبلغت أروقة الامم المتحدة وعواصم القرار، بسبب تأثيراتها المباشرة على الاستقرار في البلد الذي يستوعب، الى مواطنيه، نحو مليوني لاجئ سوري وفلسطيني هاربين من بلادهم واماكن اقامتهم الاصلية.
وعلمت "النهار" ان دوائر الامم المتحدة العاملة في لبنان وجهت أمس الى الامين العام للمنظمة الدولية بان كي - مون كتابا تعبر فيه عن قلقها من تداعيات اجراءات اضافية تتخذها دول الخليج تجاه الرعايا اللبنانيين الذين يقيمون ويعملون على اراضيها، مما يساهم في التأثير سلباً على الوضع الاقتصادي المتدهور أصلاً، ويدفع الى احتمال قيام فوضى تنعكس على الوضعين الامني والاجتماعي بما يعوق العمل الاغاثي للمنظمة الدولية، وكذلك الامني في الجنوب اذ قد يدخل "طابور خامس" على الخط يفيد من الفوضى للقيام باعمال ارهابية أو امنية.
هذا الموضوع كان محور لقاءين في السرايا أمس، الاول مع المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة سيغريد كاغ التي كانت زارت الرياض وطهران في وقت سابق ودعتهما الى تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، والثاني مع سفير فرنسا ايمانويل بون الذي أعلن ان بلاده تتابع "الحوار مع السلطات السعودية من جهة ومع السلطات اللبنانية من جهة أخرى، للوصول الى الهدف الذي نعمل عليه والذي يهم الجميع، ألا وهو حماية لبنان وتنفيذ برنامج تجهيز الجيش اللبناني". واكد "وقوف فرنسا المستمر الى جانب لبنان لحمايته من نتائج الصراعات في المنطقة، وجميعنا لدينا فائدة استراتيجية من الاستقرار في لبنان".
وأوضحت مصادر وزارية أن الديبلوماسية الاميركية تحركت أيضاً امس لتحييد لبنان عن المواجهة الايرانية - السعودية.
وكانت السعودية صعدت موقفها أمس بالطلب من رعاياها مغادرة لبنان وعدم زيارته، بعد ايام من وقف المساعدات العسكرية المخصصة له بسبب مواقفه "المناهضة" للمملكة والتي عزتها الى "مصادرة حزب الله" إرادة الدولة، وكرت السبحة فتبعتها دولة الامارات العربية المتحدة بقرار "منع" رعاياها من السفر الى لبنان وخفض بعثتها الديبلوماسية في بيروت الى "الحد الادنى". وليلاً اصدرت مملكة البحرين قرارا مماثلا فناشدت مواطنيها عدم السفر نهائياً الى لبنان.
وتأتي الاجراءات الجديدة على رغم تأكيد الحكومة اللبنانية اثر جلسة استثنائية عقدتها الاثنين التمسك "بالاجماع العربي في القضايا المشتركة"، ونيتها التواصل مع الدول الخليجية لازالة "أي شوائب" في العلاقة معها خلال الفترة السابقة.
وفيما كان رئيس الوزراء يعدّ الخطوات العملية لزيارة السعودية وعدد من دول الخليج، رشحت معلومات عن سفارة المملكة في بيروت لم تكن مشجعة وأوحت بأنّ البيان الحكومي لم يكن على قدر توقعاتها. وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الرئيس سلام سيتريّث في طلب موعد لزيارة الرياض كي تنجلي التطورات التي جنحت أمس الى التعقيد في ضوء الموقف الذي أعلنه وزير الخارجية جبران باسيل بعد جلسة مجلس الوزراء ورفضه التراجع عنه ليل أول من أمس على رغم الاتصالات التي جرت معه، وكذلك عدم حصول رئيس مجلس النواب نبيه بري على ضمانات من "حزب الله" لوقف الحملة على الرياض مما إنعكس صدور بيانات حظر السفر من السعودية والامارات والبحرين معا. وتنشط الاتصالات اليوم لتحضير الاجواء لجلسة مجلس الوزراء غدا كي لا تكون عاصفة كما هو متوقع حتى الان. واعتبرت مصادر وزارية لـ" النهار" ان الحل في كمن بالاسراع في انتخاب رئيس للبلاد يعيد تنظيم العلاقات ويضبط الايقاع لان مجلس الوزراء مقبل حتما على مواجهة ستدفع وزراء الى الانسحاب وربما الاستقالة.
وعلمت "النهار" ان مشاورات جرت أمس بين أركان 14 آذار في شأن مستجدات العلاقات اللبنانية-السعودية وما صدر من بيانات بحظر السفر الى لبنان. وأعتبرت مصادر مواكبة أن الازمة لم تنته بقرار مجلس الوزراء الاخير بل بدأت وتعقّدت أكثر بالمؤتمر الصحافي للوزير باسيل بعد جلسة مجلس الوزراء. وقالت إن هناك عملية مراجعة للتطورات جارية الان لإتخاذ الموقف المناسب.
من جهة ثانية، أكد سفير المملكة علي عواض عسيري بعد استقباله وفوداً أمت السفارة متضامنة، أن "التحرك العفوي خير تعبير عن محبة الاشقاء اللبنانيين لقيادة المملكة العربية السعودية وحرصهم على صون العلاقات الأخوية التاريخية، ويؤكد ان بعض الاصوات والجهات التي تسعى الى النيل من هذه العلاقة لا تعبر عن لبنان الذي نعرفه، لبنان الهوية العربية، لبنان الوفاء للأشقاء ولبنان المنسجم مع محيطه وثقافته وتاريخه".
المستقبل :
بيّنت التطورات والمؤشرات الواردة إلى لبنان خلال الساعات الأخيرة أنّ إصلاح ذات البين على مستوى العلاقات المتأزمة مع المملكة العربية السعودية وعموم دول الخليج العربي لا يزال يحتاج إلى بذل مزيد من الجهود الحثيثة لتجاوز خطيئة نكران الذات العربية للبنان التي اقترفها الوزير جبران باسيل في مؤتمري القاهرة وجدّة، وأنّ البيان الحكومي الصادر توكيداً على التمسك بالهوية العربية وبالإجماع العربي ليس سوى أولى خطوات الألف ميل باتجاه إعادة تصويب موقف لبنان الرسمي بما يتماشى مع تاريخه العروبي ويتناسق مع سجل ديبلوماسيته العريقة في الانضواء تحت الراية العربية بوصفها جزءاً لا يتجزأ من نسيج الهوية الوطنية. فغداة صدور البيان الحكومي، جاء تحذير كل من السعودية والإمارات والبحرين رعاياهم من زيارة لبنان «بمثابة رسالة تؤكد استمرار العتب العربي» وفق تقدير ديبلوماسي عربي لـ»المستقبل» لافتاً إلى أنّ «هذه الرسالة إنما أتت لتعبّر بشكل أو بآخر عن أنّ الإجراءات المتخذة من قبل لبنان الرسمي لتصحيح مسار العلاقة مع المملكة ودول الخليج لم تكن حتى الساعة على القدر المأمول عربياً ربطاً بجسامة الخطأ المُرتكب بحق عروبة لبنان كما تجاه أشقائه العرب».
ففي سياق وضعته أوساط سياسية واقتصادية في إطار معزّز للمخاوف والهواجس من تفاقم الأمور بشكل ستكون له انعكاسات سلبية على اقتصاد البلد ما لم يُسارع المسؤولون اللبنانيون إلى تدارك حراجة الموقف، طلبت السعودية على لسان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية أمس من رعاياها عدم السفر إلى لبنان كما دعت السعوديين الموجودين فيه إلى المغادرة وعدم البقاء على الأراضي اللبنانية «إلا للضرورة القصوى». في حين منعت الإمارات العربية المتحدة مواطنيها من السفر إلى لبنان بدءاً من الأمس وقررت خفض مستوى تمثيل بعثتها الديبلوماسية في بيروت إلى «حدّها الأدنى». وليلاً طلبت مملكة البحرين من رعاياها «عدم السفر نهائياً إلى لبنان» مع مناشدة البحرينيين الموجودين على الأراضي اللبنانية «المغادرة فوراً».
بري
وبالأمس برز موقف لافت للانتباه عبّر فيه رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الشكر للمملكة العربية السعودية على دعمها المتواصل للبنان، قائلاً في كلمة ألقاها أمام لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الأوروبي في بروكسل: «هناك حاجة إلى تعزيز دور الجيش والقوى الأمنية، ومشكورة السعودية مرة وعشر مرات ولا أعتقد أنها ستبقى على قرارها الأخير» بوقف الهبة التي كانت مقررة لتسليح القوى العسكرية والأمنية اللبنانية.
وفي معرض تأكيده على عروبة لبنان، قال: «السعودية دولة عربية ونحن أيضاً دولة عربية وليس هناك من مصلحة على الإطلاق في أن يكون هناك خلاف بين لبنان وأي دولة عربية«، لافتاً في سياق الإشارة إلى التوتر الحاصل في العلاقة مع المملكة على خلفية خروج وزير الخارجية اللبناني عن الإجماع العربي إلى أنّ «ما حصل هو نتيجة معادلات سواءً في سوريا أو العراق»، وأضاف: «ما حصل أن السعودية تأثرت وأوقفت الهبة، وقد جرت معالجة الأمر في الحكومة وخرجنا بصيغة واحدة لتلافي أي خلاف مع أي بلد عربي، فنحن بلد عربي ونؤكد هذا الموضوع».
سلام يلتقي عسيري اليوم
تزامناً، أكدت مصادر حكومية لـ«المستقبل» أنّ رئيس مجلس الوزراء تمام سلام باشر بإجراء سلسلة اتصالات عربية تمهيدية لتعبيد الطريق أمام القيام في مرحلة لاحقة بجولة خليجية تبدأ من المملكة العربية السعودية وتشمل عدداً من دول مجلس التعاون الخليجي لتذليل الشوائب التي خلفها موقف وزارة الخارجية في مؤتمري جامعة الدول العربية في القاهرة ومنظمة التعاون الإسلامي في جدّة، لافتةً في هذا الإطار إلى أنّ السفير السعودي علي عواض عسيري سيزور السرايا الحكومية اليوم بناءً على طلب سلام للتشاور معه في المستجدات ولنقل رسالة من رئيس الحكومة تعبّر عن رغبته بالتواصل مع القيادة السعودية تمهيداً لزيارة المملكة.
.. ووفود متضامنة في السفارة
وبينما كانت تواقيع المواطنين تتوالى على وثيقة «لبنان للإجماع العربي» التي أطلقها الرئيس سعد الحريري سواءً عبر الانترنت أو في مراكز «تيار المستقبل» في المناطق، غصّت السفارة السعودية في بيروت صباح أمس بالوفود السياسية والنيابية والروحية والاقتصادية والشعبية المتضامنة مع المملكة، بحيث جرى التشديد على كون «اللبنانيين أوفياء لكل من يقدم لهم الخير» كما أكد الأمين العام للتيار أحمد الحريري قائلاً إثر زيارة السفارة على رأس وفد: «باقون مع السعودية بحزمها وبمشروعها العربي الذي يمثلنا، وبكل ما لهذه المرحلة من صمود وتصدٍ لكل المشاريع الغريبة عن هذا البلد».
الديار :
ماذا تريد السعودية من لبنان؟ بالامس اجتمعت الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس تمام سلام واصدرت بيانا توافقيا حظي باجماع كل القوى السياسية بما فيهم الرئيس سعد الحريري واكد على افضل العلاقات مع السعودية مع احترام الخصوصية اللبنانية والوحدة الوطنية ورفض التعرض لاي مكون سياسي داخلي، واعتقد اللبنانيون ان الازمة في طريقها الى التسوية وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين، لكن ما فاجأ اللبنانيين امس استمرار السعودية قراراتها بحق لبنان واللبنانيين عبر الطلب من مواطنيها عدم المجيء الى لبنان ومغادرة المقيمين ودعمت الامارات والبحرين القرار السعودي عبر تخفيض تمثيلهما الديبلوماسي والطلب من مواطنيهم عدم المجيء الى لبنان ومغادرة الرعايا المقيمين فيه.
هذه الاجراءات تطرح السؤال التالي، ماذا تريد السعودية من لبنان؟ هل تريد اذلال الشعب اللبناني وهي تعرف ان هذا الشعب لا يمكن لاي قوة اذلاله وضرب عنفوانه وكرامته وشموخه، واعطى دروساً للعالم في الصمود والتضحية ومقاومة المحتل الاسرائيلي وهزيمته. ماذا تريد السعودية من لبنان بعد ان اعلن مجلس الوزراء بيانه التوافقي وبان الرئيس تمام سلام سيقوم بزيارة الى الرياض، ولكن المعلومات تؤكد ان الرياض ترفض استقبال الرئيس سلام جراء استياءها لبيان الحكومة غير الحاسم والذي راعى حزب الله وهواجسه، فيما المطلوب اعلان موقف واضح من الحكومة تطالب حزب الله بالانسحاب فورا من سوريا ودون اي مماطلة والا اعلانه من قبل الحكومة حزباً ارهابيا، كما ان السعودية تريد من الحكومة ان تأخذ قرارا بقطع علاقات لبنان بايران وطرد الديبلوماسيين الايرانيين وفك اي ارتباط بين الجمهورية الاسلامية ولبنان واي مكونات اساسية في البلد، كما ان السعودية تريد فك التحالف المسيحي فورا بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع والضغط على الدكتور جعجع الموافقة على ما يقرره سعد الحريري والسعودية باختيار الاسم الذي يقررونه لمركز الرئاسة، والويل لمن يعارض القرار السعودي - الحريري خصوصاً ان الحريري تضايق من الاحصاءات التي كشفت بان 83% من المسيحيين يؤيدون تحالف عون - جعجع، في حين يخوض الحريري حرب بلا هوادة ضد العماد ميشال عون لانه متحالف مع حزب الله وثابت في تأييد الحزب وحلفاء الحزب. وهذا الامر ترفضه السعودية والحريري، وبالتالي فان السعودية تريد تطبيق دستورها في لبنان عبر الصوت الواحد والغاء الآخر، وتهجير كل من يعارض الرياض في لبنان وبالتالي على لبنان فوراً البدء باجراءات حل التحالف المسيحي والخضوع لارادة الحريري لرئاسة الجمهورية وانسحاب حزب الله من سوريا، بعد ان ثبت ان الرياض هي من قاد الحملات ضد ادراج مقولة الجيش والشعب والمقاومة في البيانات الوزارية للحكومات السابقة، وترفض هذا المنطق ولا يمكن ان تتصور وحدة بين هذا الثالوث في لبنان، كما انها طلبت ايضا طرد الايرانيين من لبنان، وتطلب السعودية تنفيذ هذه الاجراءات كي توافق على استقبال سلام والا فانها تذل اللبنانيين وستمارس المزيد من الاجراءات ضده. علما ان الرئيس سعد الحريري شخصياً يدرك ان هذه المطالب من المستحيل تحقيقها مهما بلغت الاجراءات السعودية ضد لبنان ولكن الرياض تريد لبنان ورقة في «جيبها» ولا تريد المواقف الضبابية رغم ادراكها الخصوصية اللبنانية وان تجاوزها يؤدي الى خراب لبنان.
الاجراءات السعودية ضد لبنان منذ اشهر والتي تتدحرج من سيء الى اسوأ تزيد من حدة الانقسامات الطائفية والمذهبية وتهدد الاستقرار الداخلي والوحدة الوطنية. حيث بدأ الحديث عن عودة الاستنفارات الليلية في بعض شوارع العاصمة وتحركات المسلحين واجواء لا تبشر بالخير في ظل هذه التشنجات الطائفية التي تصاعدت بعد عودة الحريري الى بيروت.
الاجراءات السعودية تؤكد عدم رضى الرياض على بيان الحكومة واعتباره دون المستوى المطلوب وهذا ما المح اليه سفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري الذي رفض التعليق على البيان، كما ان مسؤولين سعوديين طلبوا ايضاحات عن ربط دعم لبنان للاجماع العربي بالقضايا المشتركة.
وحسب الذين زاروا السفارة السعودية فان اللواء اشرف ريفي حظي باستقبال مميز من السفير السعودي الذي ودعه على باب السفارة السعودية بعكس الآخرين الذين ودعهم دون ان يغادر مكانه، حتى ان تصريح ريفي الصحافي حمل اصراراً على الاستمرار بمواقفه، كما كشف بيان ان القرار، كان بانسحابي من جلسة الحكومة الاخيرة مع الوزير نهاد المشنوق الذي لم يفعل ذلك. ووقف الحوار الثنائي مع حزب الله.
كلام ريفي سرعان ما رد عليه وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كشف عن وجود توجه لاسقاط الحكومة تراجع عنه سعد الحريري كي لا تحرج الخطوة الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط وطلب منا تأجيل هذه الخطوات..
ـ 8 آذار: حملة السعودية تأكيد لفشل رهاناتها ـ
وقالت مصادر سياسية في 8 آذار ان حركة الابتزاز التي افتعلتها السعودية ليس ضد حزب الله بل ضد كل اللبنانيين لانها تعبر عن المأزق الذي يعاني منه آل سعود نتيجة خياراتهم الفاشلة سوريا وعربياً. واكدت ان هذه الحملة جاءت بعد سقوط كل الاجراءات والخطوات التي اتخذتها الرياض ضد حزب الله لمحاولة اضعافه ومحاصرته لبنانياً.
واكدت ان قرار الغاء الهبة لتسليح الجيش اريد منه توجيه الاتهام نحو حزب الله ومحاولة تحميله مسؤولية الالغاء، فيما حقيقة الامر ان الهبة الغيت عملياً منذ عدة اشهر، وهو الامر الذي كان اكده قائد الجيش العماد جان قهوجي منذ حوالى الشهرين مشيرا الى ان الغاء الهبة جاءت نتيجة خلافات بين آل سعود ونتيجة الازمة المالية الكبيرة التي تعاني منها السعودية على خلفية عدوانها ضد اليمن.
ولاحظت المصادر ان ما حصل مؤخراً يكشف الاسباب الحقيقية من وراء عودة رئيس المستقبل سعد الحريري الى بيروت، وهي قيادة حملة التضامن المتنقلة مع السعودية وفي الوقت ذاته قيادة الحملة ضد حزب الله الا ان المصادر اعتبرت ان كل هذا الصراخ والابتزاز لن يغير في حقيقة ارتهان المستقبل وحلفائه للقرار السعودي وسعيها لاحداث الفتنة في لبنان.
ـ بري: الحكومة باقية ـ
وحملت كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري في بروكسل الكثير من الرسائل ورد على كل اسئلة البرلمانيين الاوروبيين والبلجيكيين وتحدث باسهاب عن لبنان والازمة السورية وقضية النازحين وركز على محاربة الارهاب ودعا الى تقديم الدعم للجيش اللبناني وشكر السعودية على مساعداتها للبنان والجيش وقال اعتقد انها لن تبقى على موقفها الاخير. واشار الى ان استقالة الوزير اشرف ريفي لا تؤثر على الحكومة والحكومة ستبقى ولا خطر عليها، ومن الافضل ان يعود ريفي عن استقالته والا يعين وزير عدل بديل عنه، ورفض الاتهامات بان حزب الله يريد السيطرة على القرار اللبناني مؤكدا ان الحزب يحرص تماما على الصيغة اللبنانية كما انا وسعد الحريري واي لبناني آخر.
الجمهورية :
ظلَّ التصعيد السياسي سِمة المرحلة، ففيما كان رئيس الحكومة تمّام سلام يكثّف اتصالاته استعداداً لجولته الخليجية، بتفويض من مجلس الوزراء مجتمعاً، لم تشفَع محاولات لبنان الرسمي تداركَ الأزمة الناشئة مع المملكة العربية السعودية، ولا بيان الحكومة «التوافقي» بعد بيان قوى 14 آذار، ولا حملة التوقيع على «وثيقة الوفاء للمملكة والتضامن مع الإجماع العربي»، ولا زيارات التضامن إلى السفارة السعودية في بيروت، في حملِ الرياض على تبديل موقفِها والتراجع عن خطوتها بوقف هبة الأربعة مليارات من الدولارات للجيش والقوى الأمنية. إستتبعت السعودية قرارها بوقف الهبة للبنان بالطلب أمس من جميع رعاياها عدم السفر إلى لبنان «حرصاً على سلامتهم»، وكذلك طلبَت من السعوديين المقيمين فيه أو الزائرين «المغادرة وعدم البقاء هناك إلّا للضرورة القصوى، مع توخّي الحيطة والحذر والاتصال بسفارة المملكة في بيروت لتقديم التسهيلات والرعاية اللازمة».
وحذت دولة الإمارات العربية المتحدة حذوَ السعودية فسارعَت الى رفع حالة التحذير من السفر الى لبنان ومنع السفر اليه اعتباراً من أمس وقرّرت تخفيض أفراد بعثتها الديبلوماسية فيه الى حدّها الأدنى، مؤكدةً أنّها «تنسّق حالياً مع الجهات المعنية لوضع هذا القرار موضع التنفيذ الفوري».
كذلك كرّرت وزارة خارجية البحرين في بيان الطلبَ من جميع المواطنين «عدم السفر نهائياً إلى الجمهورية اللبنانية، وذلك حرصاً على سلامتهم»، مناشدةً المواطنين البحرينيين الموجودين في لبنان «ضرورة المغادرة فوراً، وعدم البقاء فيه مع توخّي أقصى درجات الحيطة والحذر حتى المغادرة».
وقد أتى القرار السعودي والإماراتي والبحريني حول تقييد سَفر رعايا هذه الدول إلى لبنان، ليؤكد أنّ السعودية اتخذت قراراً باعتماد إجراءات تصعيدية وتصاعدية، خصوصاً بعدما وجدت أنّ الحكومة لم تتّخذ الإجراءات الكافية لتصحيح السياسة الخارجية للبنان والتي بدت وكأنّ حزب الله يسيطر عليها بشكل كامل. وتشير المعلومات إلى أنّ خطوة سحبِ سفراء هذه الدول من لبنان وُضِعت على الأجندة الخليجية،
وأنّ إجراءات أخرى ستنفّذ في سياق تشديد الضغط على خلفية عدم الحزم في التعامل اللبناني مع الملفّ، وتكشف المعلومات أنّ السعودية غير راضية عن أداء قوى 14 آذار داخل الحكومة، وقد أبلغَت هذه القوى بهذا الأمر، وأضافت أنّ استقالة وزير العدل أشرف ريفي، لم تكن محصورةً بأسباب داخلية فقط، بل أتت في سياق اتّصالات عربية على أكثر من مستوى، وقد لوحِظ أنّ استقبال ريفي أمس في السفارة السعودية كان مميّزاً، حيث عَقد لقاءً مغلقاً مع السفير عسيري نوقِشَت فيه الأزمة التي تعيشها العلاقة اللبنانية السعودية.
سلام
وعلمت «الجمهورية» أنّ ردّة الفعل السعودية لجَمت تحضيرات سلام لترجمة قرار مجلس الوزراء. وقالت مصادر حكومية لـ»الجمهورية» أن لا بدّ من انتظار بعض الوقت لجلاء المواقف بغية استئناف المساعي لزيارة الرياض وأنّ اتصالات قد تتوسّع في اتجاهات عدة لعلّ بعض الوسطاء يَدخلون على خط الوساطة لترطيب الأجواء وتحديد الموعد المطلوب.
وأضافت: «لربّما استعجل الرئيس سعد الحريري عودته إلى الرياض بغية تشغيل ماكينة الأصدقاء فيها للتخفيف من أجواء الغضب السائد في بعض الأوساط الملكية السعودية، في وقتٍ بدأت اتّصالات بالفعل بكثير من مراكز القرار في أكثر من دولة وإمارة خليجية للتخفيف من ردّات الفعل المتوقّعة لئلّا تكون مأسوية تنعكس على مصالح مئات الألوف من اللبنانيين».
وتخوّفت هذه المصادر«من أن تسبق بعض دول الخليج السعودية الى تعليق برامج العمل للبنانيين وفقَ تصنيف قد يتوسّع هذه المرة ليشمل رجال أعمال من طوائف عدة».
عسيري
وكان السفير السعودي علي عواض عسيري أكّد أمام وفود لبنانية أمَّت السفارة «أنّ كلّ مَن يسعى للإساءة إلى علاقات لبنان بأشقّائه يسيء إلى لبنان، لأنّ الأشقّاء هم العضُد، وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز التي تحرَص كلّ الحرص على أمن لبنان وسيادته واستقراره، وعلى تمكين الدولة اللبنانية من النهوض وممارسة مسؤولياتها وعلى تقديم المساعدة للبنان وأبنائه من كافة الطوائف والمناطق، وقد سبقَ أن أثبتَت هذه المواقف بالأفعال، فيما سعى بعض الجهات الى تفريق اللبنانيين وإضعاف الدولة وإدخال لبنان في ما يؤذي وحدتَه الوطنية ومناعتَه».
برّي
ومِن بروكسيل حيث حلّ ضيف شرف على البرلمانين الأوروبي والبلجيكي، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري «أنّ السعودية هي دولة عربية ولبنان دولة عربية، وليس هناك من مصلحة على الإطلاق في ان يكون هناك خلاف بين لبنان وأيّ دولة عربية، وما حصَل هو نتيجة معادلات، سواء في سوريا أو العراق، ونحن لدينا في لبنان أطراف وأحزاب، ونتمتّع بحرّية الرأي، وما حصل انّ السعودية تأثّرَت وأوقفت الهبة، وقد جرَت معالجة الأمر في الحكومة وخرَجنا بصيغة واحدة لتلافي أي خلاف مع أيّ بلد عربي. نحن بلد عربي ونشدّد على هذا الموضوع». وشدّدَ على أنّ «الحكومة ستبقى، وهي استطاعت حيال موضوع حسّاس أن تقف موقفاً موحّداً، ولا يوجد خطر إيقافها».
وعن اتّهام «حزب الله بأنه «يصادر القرار في لبنان»، قال بري: «علينا أن نفصل بين ما يقوله بعض الإعلام وبين موضوع المقاومة. من دخلَ أراضي الآخر، نحن أم إسرائيل؟. هي التي شرّدت الشعب الفلسطيني، وبذريعة وجود الفلسطينيين اجتاحت لبنان عام 1978، وفي حينه ماذا فعلَ لبنان؟ هل كانت توجد مقاومة.
لقد ذهبنا إلى الامم المتحدة ومجلس الأمن وصدر القرار 425 بناءً لمشروع أميركي، وبدلاً من أن ينسحب شارون قام بعد أربع سنوات باجتياح العاصمة بيروت، الأمر الذي أجبَر الشعب اللبناني على أن يقاوم، وكانت هذه المقاومة من أطراف عدّة، والآن يَحمل رايتها حزب الله، وهو لا يهدف الى السيطرة على القرار اللبناني. حزب الله يحرَص تماماً على الصيغة اللبنانية كما أنا وسَعد الحريري وأيّ لبناني آخر.»
وفي الملفّ الرئاسي اعتبَر بري «أنّ الأزمة ليست بسبب الاختلاف بين المسلم والمسلم، أو المسيحي والمسيحي، أو المسلم والمسيحي، هي مشكلة بين الموارنة أنفسِهم، وهناك مرشّحان الآن، كلّ واحد منهما يؤيّده فريق. والبعض الآن يستعمل النصاب من أجل تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية».
اللواء :
لا يزال ملف الأخطاء التي أدّت إليها «دبلوماسية» وزير الخارجية جبران باسيل مدعوماً من «حزب الله» يتفاعل.
ففي الوقت الذي كانت فيه الوفود الوطنية من بيروت وسائر المناطق، والتي تضم شخصيات اقتصادية ونيابية ووزارية وروحية ونسائية، تتقاطر إلى مقر سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت، معلنة التضامن مع المملكة وقيادتها، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، كانت الأنظار تتجه إلى الإجراءات التي يمكن ان تحصل لمنع فريق باسيل - «حزب الله» من التمادي في المواقف والتصريحات التي تحمل تداعيات سلبية على لبنان واللبنانيين، بعد ان أدّت المواقف المعروفة لباسيل إلى اقدام المملكة على وقف الهبة لتسليح الجيش اللبناني وتزويد قوى الأمن بالاسلحة والمعدات.
وكانت الاتصالات بدأت أمس، لتحديد مواعيد للرئيس تمام سلام لبدء جولته على دول الخليج، بدءاً من المملكة العربية السعودية لإعادة التأكيد على المكانة والأهمية التي يوليها لبنان لعلاقته معها، ومع سائر دول الخليج، انطلاقاً من الانتماء والهوية والمصالح المشتركة.
وتأتي هذه الاتصالات عشية جلسة مجلس الوزراء العادية التي ستبحث في ما تبقى من جدول أعمال الجلسات الماضية، بغياب وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي الذي تبلغ الرئيس سلام استقالته الخطية واعد مرسوماً لقبولها يحتاج إلى توقيع سائر الوزراء، بالإضافة إليه، باعتبار الحكومة تقوم مقام رئيس الجمهورية.
ولم يستبعد وزير بارز في الحكومة ان تتطرق الجلسة إلى ما صدر أمس عن الرياض ودولة الإمارات ومملكة البحرين من الطلب إلى رعاياهم مغادرة لبنان، ومن مواطنيهم عدم السفر إليه «حرصاً على سلامتهم».
ونقلت وكالة «واس» عن مصدر مسؤول في الخارجية السعودية ان الوزارة طلبت من جميع المواطنين السعوديين عدم السفر إلى لبنان، والزائرين إلى المغادرة، الا في حالة الضرورة القصوى.
وحذت حذوها وزارة الخارجية والتعاون الدولي الاماراتية التي رفعت حالة التحذير من السفر إلى لبنان إلى درجة المنع اعتباراً من يوم أمس وتخفيض أفراد البعثة الدبلوماسية إلى الحد الأدنى.
وفي الإطار نفسه كان بيان وزارة الخارجية في مملكة البحرين.
ورأى مصدر وزاري لبناني، ان هذه الإجراءات ليست مريحة، وتصب في سياق التداعيات التي نجمت عن الإساءات المتكررة والمتعمدة من الوزير باسيل الذي لم يلق أي دعم سوى من التكتل الذي ينتمي إليه والتيار الذي يرأسه.
وأشار المصدر إلى ان المشكلة ليست مع الحكومة اللبنانية ككل بل هي محصورة مع حزب الله ووزير الخارجية فقط.
وفي السياق نفسه، نفى وزير الإعلام رمزي جريج لـ«اللواء» أي ربط بين قرار المملكة بمنع رعاياها من السفر إلى لبنان ومغادرته وبين بيان الحكومة أمس، معرباً عن اعتقاده أن الإجراءات التي كشف النقاب عنها من قبل العواصم الخليجية الثلاث كانت متخذة قبلاً من ضمن سلّة إجراءات.
وأشار الوزير جريج إلى أن لبنان يعمل ما في وسعه عبر اتصالات حثيثة يتولاها الرئيس سلام ورئيس تيّار «المستقبل» سعد الحريري لترجمة الإجماع اللبناني على التضامن مع الإجماع العربي والمملكة على وجه التحديد.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن سباقاً يحصل الآن ما بين ضغط اللبنانيين على بعض الفئات لوقفها عند حدها في ما خصّ الإساءة للعلاقات العربية، واستكمال الإجراءات الخليجية المتخذة سابقاً، بحيث تطال المواطنين اللبنانيين العاملين في دول الخليج وانعكاسات ذلك على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي وحتى المالي.
وفي هذا السياق، تخوّفت مصادر مطلعة على الوضع المصرفي من إنعكاسات غير إيجابية للأزمة الحاصلة بين لبنان ودول الخليج، في ظل تراجع في التحويلات بعد تراجع أسعار النفط، والمخاطر التي تحدق بهؤلاء العاملين لجهة الاستمرار في وظائفهم أو أعمالهم إذا ما بقي «التمرّد» قائماً على بيان الإجماع الحكومي الذي صدر الإثنين الماضي.
وتوقفت المصادر عند ما أعلنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أثناء ترؤسه الإجتماع الشهري بين حاكمية مصرف لبنان ومجلس إدارة جمعية المصارف، حيث استبعد خفض تصنيف لبنان الإئتماني بالرغم من عدم إقرار الإصلاحات بعد، ملاحظاً إنعكاس تراجع أسعار النفط على حجم تحويلات اللبنانيين، مطالباً المصارف اللبنانية أن تشارك في مؤتمر البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي ينعقد في 18 نيسان المقبل، وذلك بالتزامن مع بدء الوفد النيابي اللبناني اتصالاته في واشنطن للحدّ من تأثير العقوبات الأميركية على الأوضاع المالية اللبنانية.
تجدر الإشارة إلى أن الأوضاع المالية كانت بين الرئيس الحريري والحاكم سلامة في لقائهما أمس، في ضوء الأوضاع غير المستقرة التي يشهدها الوضع السياسي.
«يوم التضامن مع المملكة»
في هذه الأثناء، أضاف «يوم التضامن اللبناني مع المملكة» والذي تمثّل بالوفود السياسية والحزبية والشعبية والاقتصادية والروحية التي توافدت إلى مقر السفارة في شارع بلس، أمس، وتستمر اليوم أيضاً، بُعداً جديداً لحركة «بيت الوسط» من خلال حملة التوقيع التي افتتحها الرئيس الحريري وشخصيات سياسية ووزارية ونيابية على «وثيقة الوفاء للمملكة والتضامن مع الإجماع العربي»، في ما وصف بانها «خطوة سلمية حضارية راقية تعكس تمسك اللبنانيين بالعلاقات الأخوية المتينة والوثيقة مع المملكة ودول الخليج»، على حدّ تعبير بيان كتلة «المستقبل» التي دعت اللبنانيين، أمس، إلى أوسع عملية توقيع على هذه الوثيقة الموجهة إلى خادم الحرمين الشريفين وإلى الشعب السعودي.
ولفتت الكتلة في بيانها الأسبوعي إلى الدور التخريبي الذي يمارسه «حزب الله» على علاقات لبنان الخارجية والعربية خصوصاً، معتبرة انه «اصبح يُشكّل خطراً حقيقياً على حرية وسيادة لبنان وعلى مصالح اللبنانيين في الداخل والخارج».
وإذ ناشدت الكتلة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إعادة النظر بالموقف الذي اتخذ لناحية تجميد الهبات المخصصة لدعم وتسليح الجيش اللبناني القوى الأمنية اللبنانية، طالبت جميع اللبنانيين بالتحلي بمزيد من التروي وبعد النظر والتبصر بالاضرار الهائلة التي تصيب لبنان واللبنانيين من جرّاء الاستمرار في تخريب علاقات لبنان الأخوية الوثيقة، وعدم ترك الساحة اللبنانية لسياسة إيران التي لم تتورع عن إظهار اطماعها في أكثر من دولة عربية ومن ضمنها لبنان.
الاخبار :
لا عريضة الرئيس سعد الحريري، ولا بيان مجلس الوزراء، ولا الحج إلى السفارة في بيروت، جعلت نظام آل سعود يوقف سياسته العدوانية على لبنان. وبعد منع السعوديين من زيارة "بلاد الأرز"، هل يغطّي النظام قرار خفض الإنفاق الحكومي بطرد لبنانيين بذريعة معاقبة حزب الله؟
أدار النظام السعودي ظهره لكل المناشدات التي أطلقها فريقه السياسي في لبنان. لا بيان مجلس الوزراء نال رضاه، ولا موقف تيار المستقبل، ولا عريضة الرئيس سعد الحريري لقيت آذاناً صاغية في الرياض.
فبالتزامن مع بيان كتلة المستقبل التي استكملت حفلة «مناشدة» الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز «والمسؤولين في المملكة إعادة النظر بالموقف الذي اتخذ لناحية تجميد الهبات المخصصة لدعم وتسليح الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية»، أعلنت الرياض أنها طلبت «من جميع المواطنين السعوديين عدم السفر الى لبنان حرصاً على سلامتهم». وطلبت من «المواطنين المقيمين أو الزائرين للبنان المغادرة وعدم البقاء هناك إلا للضرورة القصوى، مع توخّي الحيطة والحذر والاتصال بسفارة المملكة في بيروت لتقديم التسهيلات والرعاية اللازمة». سريعاً، لحق نظام الإمارات بحكام السعودية، وزايد عليه. لم يطلب من الإماراتيين عدم السفر إلى لبنان، بل أصدر قراراً يمنعهم من ذلك. ولم يكتف بالطلب من الإماراتيين مغادرة الأراضي اللبنانية، بل قرر خفض أفراد بعثته الدبلوماسية إلى الحد الادنى. وبطبيعة الحال، سارع النظام البحريني إلى نسخ البيان السعودي، حرفياً. وجّه السعوديون صفعة إلى فريقهم اللبناني، وعلى رأسه الحريري، رغم أن الأخير قاد جوقة كبيرة من محاولي استرضاء النظام السعودي، بشتى الطرق. وفي مقابلهم، كان صمت شبه تام. فحزب الله، كعادته، ينتظر وصول الموجة إلى ذروتها. أما حلفاؤه، فهم إما صامت أو يعبّر عن مواقف تطالب بالحرص على مصالح السعودية وعلى العلاقات معها، باستثناء الوزير السابق وئام وهاب والعميد المتقاعد مصطفى حمدان. ورغم محاولة الحريري استدراج التيار الوطني الحر إلى مواجهة عبر تحميله مسؤولية «الإساءة إلى علاقات» لبنان بالدول الخليجية، فضلاً عن مهاجمته كما لو أن الوزير جبران باسيل اتخذ بنفسه قرار التراجع عن الهبتين السعوديتين للجيش اللبناني والاجهزة الامنية، فإن التيار انكفأ عن مواجهة تطال سهامها الرياض.
التيار الوطني الحر يطلب من مسؤوليه عدم مهاجمة السعودية والالتزام بموقف التكتل
لكن تيار المستقبل تابع هجومه على باسيل، مع أن موقف الأخير، وما صدر عن وزارة الخارجية خلال الشهرين الماضيين، تضمّن إدانة صريحة للهجومين على مقرّي البعثتين الدبلوماسيتين السعوديتين في إيران، بخلاف بيان مجلس الوزراء أول من أمس الذي رحّب به الحريري وتياره وكتلته النيابية وحلفاؤه. وعلمت «الأخبار» أن مكتب العماد ميشال عون عمّم على مسؤولي التيار ونوابه ووزرائه ووسائل إعلامه عدم مهاجمة السعودية، وعدم الدخول في سجالات تؤدي إلى انتقاد قرارات الرياض وسياساتها، والالتزام بسقف المواقف التي يصدرها باسيل وتكتل التغيير والإصلاح. ومن هذا المنطلق، صدر بيان التكتل أمس، ليذكّر بمواقفه ومواقف باسيل السابقة، وليؤكد أنه «لا يمكن لأحد أن يزايد علينا في حرصنا على المملكة العربية السعودية ودول الخليج من منطلق أنها دول عربية شقيقة، وهذا الحرص هو بالتأكيد بمقدار حرص هذه الدول على لبنان المُقيم أو المنتشر في أرجاء هذه الدول، مهاراتٍ عاملة ورساميل ومشاريع». التيار إذاً يحاول حصر السجال في الداخل اللبناني، كونه يرى الهجوم على باسيل محاولة من تيار المستقبل وبعض قوى 14 آذار لـ»إحراق» ترشيح العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.