ماذا تريد السعودية من لبنان؟ بالامس اجتمعت الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس تمام سلام واصدرت بيانا توافقيا حظي باجماع كل القوى السياسية بما فيهم الرئيس سعد الحريري واكد على افضل العلاقات مع السعودية مع احترام الخصوصية اللبنانية والوحدة الوطنية ورفض التعرض لاي مكون سياسي داخلي، واعتقد اللبنانيون ان الازمة في طريقها الى التسوية وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين، لكن ما فاجأ اللبنانيين امس استمرار السعودية قراراتها بحق لبنان واللبنانيين عبر الطلب من مواطنيها عدم المجيء الى لبنان ومغادرة المقيمين ودعمت الامارات والبحرين القرار السعودي عبر تخفيض تمثيلهما الديبلوماسي والطلب من مواطنيهم عدم المجيء الى لبنان ومغادرة الرعايا المقيمين فيه.
هذه الاجراءات تطرح السؤال التالي، ماذا تريد السعودية من لبنان؟ هل تريد اذلال الشعب اللبناني وهي تعرف ان هذا الشعب لا يمكن لاي قوة اذلاله وضرب عنفوانه وكرامته وشموخه، واعطى دروساً للعالم في الصمود والتضحية ومقاومة المحتل الاسرائيلي وهزيمته. ماذا تريد السعودية من لبنان بعد ان اعلن مجلس الوزراء بيانه التوافقي وبان الرئيس تمام سلام سيقوم بزيارة الى الرياض، ولكن المعلومات تؤكد ان الرياض ترفض استقبال الرئيس سلام جراء استياءها لبيان الحكومة غير الحاسم والذي راعى حزب الله وهواجسه، فيما المطلوب اعلان موقف واضح من الحكومة تطالب حزب الله بالانسحاب فورا من سوريا ودون اي مماطلة والا اعلانه من قبل الحكومة حزباً ارهابيا، كما ان السعودية تريد من الحكومة ان تأخذ قرارا بقطع علاقات لبنان بايران وطرد الديبلوماسيين الايرانيين وفك اي ارتباط بين الجمهورية الاسلامية ولبنان واي مكونات اساسية في البلد، كما ان السعودية تريد فك التحالف المسيحي فورا بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع والضغط على الدكتور جعجع الموافقة على ما يقرره سعد الحريري والسعودية باختيار الاسم الذي يقررونه لمركز الرئاسة، والويل لمن يعارض القرار السعودي - الحريري خصوصاً ان الحريري تضايق من الاحصاءات التي كشفت بان 83% من المسيحيين يؤيدون تحالف عون - جعجع، في حين يخوض الحريري حرب بلا هوادة ضد العماد ميشال عون لانه متحالف مع حزب الله وثابت في تأييد الحزب وحلفاء الحزب. وهذا الامر ترفضه السعودية والحريري، وبالتالي فان السعودية تريد تطبيق دستورها في لبنان عبر الصوت الواحد والغاء الآخر، وتهجير كل من يعارض الرياض في لبنان وبالتالي على لبنان فوراً البدء باجراءات حل التحالف المسيحي والخضوع لارادة الحريري لرئاسة الجمهورية وانسحاب حزب الله من سوريا، بعد ان ثبت ان الرياض هي من قاد الحملات ضد ادراج مقولة الجيش والشعب والمقاومة في البيانات الوزارية للحكومات السابقة، وترفض هذا المنطق ولا يمكن ان تتصور وحدة بين هذا الثالوث في لبنان، كما انها طلبت ايضا طرد الايرانيين من لبنان، وتطلب السعودية تنفيذ هذه الاجراءات كي توافق على استقبال سلام والا فانها تذل اللبنانيين وستمارس المزيد من الاجراءات ضده. علما ان الرئيس سعد الحريري شخصياً يدرك ان هذه المطالب من المستحيل تحقيقها مهما بلغت الاجراءات السعودية ضد لبنان ولكن الرياض تريد لبنان ورقة في «جيبها» ولا تريد المواقف الضبابية رغم ادراكها الخصوصية اللبنانية وان تجاوزها يؤدي الى خراب لبنان.
الاجراءات السعودية ضد لبنان منذ اشهر والتي تتدحرج من سيء الى اسوأ تزيد من حدة الانقسامات الطائفية والمذهبية وتهدد الاستقرار الداخلي والوحدة الوطنية. حيث بدأ الحديث عن عودة الاستنفارات الليلية في بعض شوارع العاصمة وتحركات المسلحين واجواء لا تبشر بالخير في ظل هذه التشنجات الطائفية التي تصاعدت بعد عودة الحريري الى بيروت.
الاجراءات السعودية تؤكد عدم رضى الرياض على بيان الحكومة واعتباره دون المستوى المطلوب وهذا ما المح اليه سفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري الذي رفض التعليق على البيان، كما ان مسؤولين سعوديين طلبوا ايضاحات عن ربط دعم لبنان للاجماع العربي بالقضايا المشتركة.
وحسب الذين زاروا السفارة السعودية فان اللواء اشرف ريفي حظي باستقبال مميز من السفير السعودي الذي ودعه على باب السفارة السعودية بعكس الآخرين الذين ودعهم دون ان يغادر مكانه، حتى ان تصريح ريفي الصحافي حمل اصراراً على الاستمرار بمواقفه، كما كشف بيان ان القرار، كان بانسحابي من جلسة الحكومة الاخيرة مع الوزير نهاد المشنوق الذي لم يفعل ذلك. ووقف الحوار الثنائي مع حزب الله.
كلام ريفي سرعان ما رد عليه وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كشف عن وجود توجه لاسقاط الحكومة تراجع عنه سعد الحريري كي لا تحرج الخطوة الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط وطلب منا تأجيل هذه الخطوات..
ـ 8 آذار: حملة السعودية تأكيد لفشل رهاناتها ـ
وقالت مصادر سياسية في 8 آذار ان حركة الابتزاز التي افتعلتها السعودية ليس ضد حزب الله بل ضد كل اللبنانيين لانها تعبر عن المأزق الذي يعاني منه آل سعود نتيجة خياراتهم الفاشلة سوريا وعربياً. واكدت ان هذه الحملة جاءت بعد سقوط كل الاجراءات والخطوات التي اتخذتها الرياض ضد حزب الله لمحاولة اضعافه ومحاصرته لبنانياً.
واكدت ان قرار الغاء الهبة لتسليح الجيش اريد منه توجيه الاتهام نحو حزب الله ومحاولة تحميله مسؤولية الالغاء، فيما حقيقة الامر ان الهبة الغيت عملياً منذ عدة اشهر، وهو الامر الذي كان اكده قائد الجيش العماد جان قهوجي منذ حوالى الشهرين مشيرا الى ان الغاء الهبة جاءت نتيجة خلافات بين آل سعود ونتيجة الازمة المالية الكبيرة التي تعاني منها السعودية على خلفية عدوانها ضد اليمن.
ولاحظت المصادر ان ما حصل مؤخراً يكشف الاسباب الحقيقية من وراء عودة رئيس المستقبل سعد الحريري الى بيروت، وهي قيادة حملة التضامن المتنقلة مع السعودية وفي الوقت ذاته قيادة الحملة ضد حزب الله الا ان المصادر اعتبرت ان كل هذا الصراخ والابتزاز لن يغير في حقيقة ارتهان المستقبل وحلفائه للقرار السعودي وسعيها لاحداث الفتنة في لبنان.
ـ بري: الحكومة باقية ـ
وحملت كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري في بروكسل الكثير من الرسائل ورد على كل اسئلة البرلمانيين الاوروبيين والبلجيكيين وتحدث باسهاب عن لبنان والازمة السورية وقضية النازحين وركز على محاربة الارهاب ودعا الى تقديم الدعم للجيش اللبناني وشكر السعودية على مساعداتها للبنان والجيش وقال اعتقد انها لن تبقى على موقفها الاخير. واشار الى ان استقالة الوزير اشرف ريفي لا تؤثر على الحكومة والحكومة ستبقى ولا خطر عليها، ومن الافضل ان يعود ريفي عن استقالته والا يعين وزير عدل بديل عنه، ورفض الاتهامات بان حزب الله يريد السيطرة على القرار اللبناني مؤكدا ان الحزب يحرص تماما على الصيغة اللبنانية كما انا وسعد الحريري واي لبناني آخر.
ـ النفايات ـ
وفي ملف النفايات، تبدو الحكومة عاجزة عن فعل اي شيء في هذا الملف، وتم تأجيل اجتماع اللجنة الوزارية الى اليوم رغم ان وزير البيئة محمد المشنوق خارج لبنان وعاد اليه الملف بعد اعتذار الوزير اكرم شهيب عن استكمال مهمته وحسب الاتصالات التي اجريت مؤخراً فان الاتفاق كان على تطييف المطامر ومذهبيتها، وطرحت الامور بكل وضوح على ان يكون مطمر الكوستابرافا لنفايات الضاحية والشويفات. ومطمر الناعمة لنفايات عاليه والشوف والمتن الاعلى، ومطمر سرار ترمى فيه نفايات السنة، وتم الحديث على ان يتم اعادة فتح مطمر برج حمود للمسيحيين واذا تم رفض ذلك فعلى المسيحيين ان يؤمنوا مطمراً لنفاياتهم. واشارت المعلومات ان النائب وليد جنبلاط رفض كل الاتصالات التي اجريت معه لفتح مطمر الناعمة وبشكل مؤقت لاسبوع او اسبوعين لسحب النفايات من الشوارع لان الوزير محمد المشنوق اكد بان مطمر الناعمة قادر على استيعاب مليون و300 الف طن فيما اصر جنبلاط على حل متكامل وشامل، وقد حصل جنبلاط على دعم من النائب طلال ارسلان والمنظمات البيئية وحتى الان لم يتم التوصل الى حلول بعد وبالتالي النفايات ستبقى في الشوارع وفي النهاية سترسو على شركة سوكلين التي ابلغت محافظ بيروت زياد شبيب عدم قدرة مكب الكرنتينا على الاستيعاب، وهذا ما سيؤدي الى تراكم النفايات في الشوارع، واتصل شبيب بوزير الداخلية نهاد المشنوق وتم الاتفاق على توسيع مكب المدور وبالقرب من مكاتب شركة سوكلين لتوسيع قدرته الاستيعابية لعدة ايام فقط والعمل على تأمين مواقع بديلة باسرع وقت.
علما وحسب المسؤولين عن ملف النفايات فان اكثر من 600 الف طن تنتشر في شوارع العاصمة والضواحي وسحبها في الشوارع يتطلب اكثر من شهر.