واقعة كسر ضلع السيدة فاطمة الزهراء إذا كانت واقعة كسر ضلع الزهراء عليها السلام صحيحة، إذا لماذا زوج أمير المؤمنين علي عليه السلام ابنته أم كلثوم من عمربن الخطاب في زمن خلافة عمر ؟! .. البعض يريد نفي ذلك لأنها إذا ثبتت فسيبطل موضوع واقعة الكسر وبالتالي فلن تساعده في إبقاء هذه المشاحنات والتحريض عليها ولكن واقعة زواج عمر من أم كلثوم وردت في أمهات الكتب لدينا ومنها : روى سليمان بن خالد(يقول عنه النجاشي: "كان قارئا فقيها وجها"رقم 484ص 180) أنه قال: سألت أبا عبدالله(ع) عن إمرأة توفي زوجها أين تعتد ؟ في بيت زوجها أو حيث شاءت ؟ قال بلى حيث شاءت،ثم قال : "إن عليا لما مات عمر أتى أم كلثوم فأخذ بيدها فانطلق بها إلى بيته" (فروع الكافي،الكليني، كتاب الطلاق /باب المتوفي عنها زوجها ج6، ص115،116، وأورد هذه الرواية شيخ الطائفة الطوسي في كتابه الاستبصار أبواب عدة _باب المتوفى عنها زوجها ج3،ص352، رواية أولى عن معاوية بن عمار ورواية ثانية عن سليمان بن خالد ،حديث رقم : 1257،1258،وأوردهما في تهذيب الأحكام،باب في "عدةالنساء"ج8، ص161 ، ح(557،558) وأيضا بحار الأنوار ج42، ص 106، وفروع الكافي ،الكليني ج5 ،ص346 باب تزويج أم كلثوم ، ويذكر محمد بن علي شهرآشوب المازندراني : "فولد من فاطمة(ع)الحسن والحسين والمحسن وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى تزوجها عمر (مناقب آل أبي طالب،ص 162،ج3) .
كذلك المؤرخ (الموالي) أحمد بن أبي يعقوب في تاريخه تحت ذكر حوادث سنة 17 من خلافة عمر بن الخطاب: "وفي هذه السنة خطب عمر إلى علي بن أبي طالب أم كلثوم بنت علي ، وأمها فاطمة بنت رسول الله فقال : إنها صغيرة ! فقال : إني لم أرد حيث ذهبت ، لكني سمعت رسول الله يقول : كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري فأردت أن يكون لي سبب وصهر برسول الله فتزوجها وأمهرها عشرة آلاف دينار" (تاريخ اليعقوبي ج2، ص149 _150) و(شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد ،ج4 ،ص 10 ،11 )(رواه البزاز 3/111، الحاكم المستدرك 3/153 ) . لو كان عمر ،فعلا ،ضرب بالباب على صدر فاطمة وكسر أضلاعها ،كيف يقدم علي على تزويج ابنة فاطمة إلى قاتل أمها ؟! وكيف كانت أم كلثوم ترضى بأن تكون زوجة لقاتل أمها ؟! وهل كان الإمام الحسن والحسين ،وهما شابان غيوران ، يرضيان بمثل ذلك ؟! البعض نفى أن تكون أم كلثوم ابنة الإمام علي وقالوا إنها ربيبته وهي ابنة الخليفة الأول أبي بكر ،لكن هذا القول يتعارض ورواية أوردها الشيخ الصدوق في كتابه علل الشرايع :"...فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن والحسين وحملت فاطمة الحسين واخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي ...ثم أخذ النبي (ص) بيد علي(ع) فشبك أصابعه بأصابعه فحمل النبي(ص) الحسن وحمل الحسين علي وحملت فاطمة أم كلثوم وأدخلهم النبي بيتهم ووضع عليهم قطيفة واستودعهم الله ثم خرج وصلى بقية الليل .." (علل الشرايع ، ص185رواية2) ثم هنالك سؤال ،كيف نقرأ في خطب أميرالمؤمنين علي في نهج البلاغة مدحا لعمر بن الخطاب حيث قال : "لله بلاد فلان (فلان يعني عمر وقد وجدت النسخة التي بخط الرضي أبي الحسن جامع نهج البلاغة وتحت "فلان" عمر، راجع : شرح النهج ،ج12،ص 3،4)، فقد قوم الأود وداوى العمد ، خلف الفتنة ،وأقام السنة .
ذهب نقي الثوب ، قليل العيب . أصاب خيرها ، وسبق شرها أدى إلى الله طاعته ،واتقاه بحقه.رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي فيها الضال ،ولا يستيقن المهتدي"(مصدر سابق) . وهذه الخطبة قالها علي بعد وفاة عمر ، ونحن نذم فيه ونلعنه ونسبه ، ولو سلمنا جدلا بما يقال ونسمعه من أصحاب المنابر ومعظم رجال الدين من أفعال مشينة صدرت منه ، بحق السيدة فاطمة عليها السلام ، فهل نحن أكثر غيرة وأشرف من الإمام علي حتي نقاضيه ثم نحكم عليه بالكفر والخروج من الإسلام ، ثم نبيح لعنه وسبه وشتمه ،أليس هذا غريبا ؟! أليس غريبا أن ندعي أننا شيعة علي ونحن لا نقتدي به عليه السلام بل نمضي في عصبياتنا وعداوتنا وتجييش عواطف الموالين وتأجيجها ؟! هذا عدى أن أميرالمؤمنين قال عنه : "ذهب نقي الثوب ، قليل العيب ..أدى إلى الله طاعته ، واتقاه بحقه .." فهل يعقل أن يمدح الإمام علي شخصا ظلم وأساء إلى زوجته ثم يصفه بالتقوى والطاعة لله ؟! يرد البعض ليقول أن الإمام استعمل التقية ، وجوابنا أن أمير المؤمنين لم يكن يوما ليكتم أي شئ يحوك بنفسه ، كان أمارا بالمعروف نهاءا عن المنكر لا يحابي ولا يداري ولا يكذب ولا يداجي كما يصرح هو بنفسه حينما قال : "والله ما كتمت وشمة (كلمة) ولا كذبت كذبة"(شرح نهج البلاغة ج1، ص272) إذا لماذا التركيز على حادثة الكسر ؟ يجيب على ذلك الدكتور علي شريعتي نقلا عن السيد محمد حسن الكشميري فيقول: "إن العداوة المركزة بين الخليفة عمر بن الخطاب والفرس هي من أهم الأسباب التي دفعت الإيرانيين إلى تنقيح وتوسيع وتكبير مأساة الزهراء فالهجوم على بيت الإمام علي قد حصل فعلا وإن اضطهادا وإجبارا للإمام علي على البيعة قد وقع فعلا ، لكن هناك إضافات كثيرة أدخلت على القضية ، وذلك لما يحمل الفرس من حقد شديد على عمر بن الخطاب لأنه هدم الإمبراطورية الفارسية وطردهم من المدينة المنورة أيام خلافته ، وأن هذا الحقد القومي على عمر هو الذي دفع بالصفويين إلى أن يوسعوا مأساة الزهراء ودفعوا بالمجلسي إلى نشر روايات في هذا المجال ولكنها ضعيفة للغاية وهذا السياق هو الذي دفع الصفويين إلى أن يعمروا في كاشان قبرا لامرأة صوفية تسمى لؤلؤة فغيروا الأمر إلى قبر أبي لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب ودفعوا بالناس لزيارته والترحم عليه ، علما بأن أبا لؤلؤة قتل في المدينة ولا يوجد ما يدل على أنه كان مسلما ولربما كان مجوسيا أو نصرانيا" (بين قوسين،السيد محمد الكشميري، ص 108) .
وهذا ما يمكن تأكيده عبر القصة التي يرويها الشيخ علي كوراني في كتابه "طريقة حزب الله في العمل الإسلامي" (ص 160) وما أثاره حول تدخل السفارة البريطانية في طهران في تمويل مجلس عزاء حسيني وإلزام خطيبه بالحديث عن مظلومية الزهراء وكسر ضلعها وإسقاط جنينها فقط ، أي تحريضه على صب الزيت على النار وتصعيد الخلاف الطائفي ال المعروف والمصطنع والمفتعل بين السنة والشيعة وإذكاء نيران الحرب بين الدولة العثمانية والصفوية التي كانت مشتعلة بينهما آنذاك ، وها نحن نعيش آثارها ورواسبها وأفكارها اليوم وللأسف ..