إنه لبنان سويسرا الشرق كما يقولون، يرحب بكم جميعاً،لأنك تجد وستجد فيه كل ما تريد وما يحلو لك وما تحبث عنه، وتجد فيه من يبحثُ عنك،يقول المثل إسمع تفرح وجرِّب تحزن، ما عليك إلا أن تنظمَّ إلى حزب أو تنظيم بحسب طائفتك،إن كنت شيعياً فعليك الإنخراط في حزب الله أو حركة أمل،إن كنت درزياً فعليك بوليد بيك أو البكوات الأخرى،إن كنت مسيحياً فعليك بالقائد الفذ ميشال عون لربما وصل إلى قصر بعبدا ويصبح رئيساً للبلاد والعباد، وإن كنت سنياً فعليك بتيار المستقبل والتيارات الأخرى..

إنه لبنان يا عزيزي قوته في ضعفه هكذا يقولون، ولكن هل تسائل أحد إن ضعف لبنان في حاكميه؟ما أكثر محبي لبنان وعاشقيه، في ليلةٍ وضحاها ينقلب عليه،ويصبح عدواً له وعليه،عندما يجرون أحداث ومصالح الدول الكبيرة على لبنان وإلى داخله بكل الطوائف والأحزاب والمذاهب،وهم على إستعداد وبجهوزيةٍ تامة إن يحرقوه في سبيل إرضاء دولهم،تحت مسمياتٍ عديدة مرعبةٍ ومخيفة..

ومع ذلك ترى الذكاء اللبناني الخارق والفذ العابر لعقلاء العالم لا يحميهم من الأعداء،وترى فهلوة اللبناني وقدرته على التكيف والتعايش في كل المواقف والأحداث والمتغيرات،وكل واحدٍ يعبر عن موقفه بلغته الخاصة،ومع هذا كله لم يمنع هذا الفهلوي والبهلوي إستمرار النظام الطائفي،هذا النظام الهش والفش الذي يتقاسمه الجميع وفقاً لفئويته وحزبيته وطائفيته،أو لتلك الدولة التي ينتمي إليها لحمايته وحماية طائفته،أو لتلك الطائفة التي تستولي على الدولة وتصبح هي الدولة...

نصف اللبنانيين يخرجون بمجرد تأشيرة خروج لوجهة سير واحدة إلى الشوارع للمطالبة بدعم دولهم التي تحميهم من مؤامرات الأعداء، وفي المقابل يخرج النصف الآخر بتأشيرة خروج إلى الشوارع رافعين شعارات ومطالبين لا نريد وصاية من أحد،ومع ذلك يدافعون عن دولهم، نحن بحاجة ضرورية وبحاجة ماسة إلى تسامح مع بعضنا البعض وإلى حوارٍ وطني بعيداً عن النظام الطائفي ولا نسمح لأحد أن يعرضنا للموت والتهجير والكراهية مهما كانت هذه الجهة، ولا نسمح لأي دولة أن تحارب باللبنانيين على حساب مصالحها، ولسنا مستعدين لبيع نفوسنا وبيوتنا لحساب الدول، حينها نكون صادقين مع الله أولاً ومع أنفسنا وبلدنا ثانياً،وغير ذلك دونه خرق القتاد..