حدثان مهمان حصلا في اليومين الماضيين ، الاول استقالة وزير العدل اشرف ريفي ، دون العودة الى كتلة تيار المستقبل او استشارة رئيس التيار الشيخ سعد الحريري حسبما اشارت كل المصادر المطلعة.
والثاني قرار المملكة العربية السعودية وقف الهبات المالية المقدرة باربع مليارات دولار للجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية. وبغض النظر عن الحجج والاسباب التي اوردها الوزير اشرف ريفي لاستقالته ، او السعودية لوقف الدعم المالي للجيش اللبناني والقوى الامنية وتحميل حزب الله وسياسة لبنان الخارجية السبب ، فان هذين القرارين يشيران الى اننا امام مرحلة جديدة لبنانية وسعودية ، فعلى الصعيد اللبناني نشهد انتكاسة كبرى لتيار المستقبل او الحريرية السياسية من خلال قيام احد الوزراء الذين صنعهم هذا التيار بالتمرد على قائده وكتلته السياسية، وهو استكمال لتمرد النائب خالد الضاهر والذي اخرج من كتلة المستقبل قبل عدة اشهر، وان كان هناك فارق بين الضاهر وريفي ، ان الاول اتى الى العمل السياسي من خلال الجماعة الاسلامية اولا ومن ثم من خلال دعم القوى والتيارات السلفية ولم يأت من خلال تيار المستقبل، اما ريفي فقد تم تعيينه اولا قائدا لقوى الامن الداخلي وثانيا وزيرا للعدل من قبل تيار المستقبل ، وهو يسعى منذ فترة لانشاء تيار سياسي وشعبي خاص به ، مما يؤكد اننا امام انتكاسة كبرى لتيار المستقبل اذا لم يتم استيعاب هذا التمرد وتحول ريفي الى حالة سياسية وشعبية مستقلة.
اما على صعيد القرار السعودي بوقف الهبة المالية المقدرة باربعة مليارات دولار للجيش اللبناني والقوى الامنية ، واذا كان صحيحا انه تم اتخاذ هذا القرار بسبب سياسة لبنان الخارجية وعدم سير لبنان مع التوجهات السعودية وليس لاسباب مالية او سياسية او خلافات داخل المملكة او لتوجيه ضربة لفرنسا لانها المستفيد الاكبر من هذه الهبة، فاننا اليوم نشهد تمردا سياسيا من دولة صغيرة كلبنان ضد السياسات السعودية وان المملكة لم تعد قادرة بالامساك بسياسات الدول او القيادات السياسية من خلال دفع الاموال والهبات ، وان هذا القرار سيعني ترك لبنان لدول اخرى كايران او روسيا او دول غربية مما يشير الى تراجع الحقبة السعودية في المرحلة المقبلة.
ومن المعروف ان السعودية نجحت في العقود الماضية بالتمدد السياسي والاعلامي والشعبي من خلال القدرات المالية التي تملكها ومن خلال توليها التحدث باسم الزعامة الدينية للعالم العربي والاسلامي، وان احد اسباب الاهتمام العالمي بدور السعودية امتلاكها للثروة النفطية وقدراتها الماليةودورها الديني.
فاذا كانت السعودية لم تعد قادرة على فرض سياساتها على بلد صغير كلبنان ولم تعد المساعدات المالية كافية لفرض هذه السياسات ، واذا كنا نشهد تراجعا في اهمية دور النفط السعودي او دور المملكة في المنطقة والعالم ، فان كل ذلك يعني بداية نهاية الحقبة السعودية في العالم العربي والاسلامي.
اذن نحن امام تحولات مهمة لبنانيا وعربيا واسلاميا وعلينا متابعة ما يجري ، وهل سنكون امام بداية النهاية للحقبتين الحريرية والسعودية في لبنان والمنطقة؟