عرضت قنوات تلفزيون إيرانية لقطات فيديو قالت إنها لقناص من حزب الله اللبناني أثناء قتله 6 من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية داعش، غير أنه تبين لاحقا أن تلك اللقطات ما هي إلا لقطات من لعبة فيديو.
أصبح “الفيديو الفضيحة” أضحوكة مواقع التواصل الاجتماعي العربية والعالمية بعد أن كشفه ناشطون. وانتشر الفيديو الذي عرض على التلفزيون الإيراني على الإنترنت تحت عنوان “قناص حزب الله يقتل 6 من داعش بدقيقتين”.
ونشر الإعلام الإيراني ومن ضمنه مواقع إنترنت للتلفزيون الحكومي الفيديو تحت عناوين مختلفة من بينها “قناص من حزب الله يقتل مقاتلي داعش” أو “قناص حزب الله يطرد داعش المتوحشين” أو “ستة مقاتلين من داعش قتلهم في دقيقتين قناص حزب الله”.
وعرضت اللقطة التي يفترض أنها أخذت بواسطة “منظار حراري” لتبين مقاتلين من تنظيم داعش وبخلفية أصوات عربية. ولإضفاء المزيد من المصداقية على الفيديو، قالت وكالة أنباء “ميزان نيوز” إن البندقية المستخدمة في قتل عناصر داعش هي بندقية “آراش” إيرانية الصنع، وهي بندقية قنص من عيار 20 ملم، مزودة بمنظار متطور، يبلغ مداها القاتل حوالي 1800 متر، بحسب المصادر الإيرانية.
بيد أنه تبين لاحقا أن الفيديو ما هو إلا لقطات من اللعبة الشهيرة “ميدالية الشرف”، وتحديدا من نسخة عام 2010، بينما المشهد الوارد في اللعبة خاص بالحرب في أفغانستان.
واستدل على ذلك بظهور جزء من أيقونة أسفل الشاشة عندما يقتل أحد المسلحين برصاص القناص، وهو نفس الشعار الذي يظهر في اللعبة عندما يقتل القناص أحد الأعداء برصاصة في رأسه، بحسب ما ذكرت صحيفة “إندبندنت”.
ومن خلال البحث عن الفيديوهات الأصلية للعبة، يلاحظ أن الشيء الوحيد المتغير بالنسبة إلى ما يبثه التلفزيون الإيراني الرسمي هو تفاوت لون الصورة. وعلى الرغم من أن الفيديو أزيل من المواقع الإيرانية بعد الكشف عن التزييف والتضليل، إلا أن الشريط ما زال يوصف بأنه أصيل وحقيقي في مواقع إخبارية أخرى ووسائل تواصل اجتماعي إيرانية.
ويعتبر حزب الله الداعم الأول للنظام السوري برئاسة بشار الأسد، وكان أمنيه العام حسن نصرالله أعلن في 2013 رسميا دخوله عسكريا في الحرب السورية. واعتبر مراقبون أن القنوات الإيرانية مارست صحبة حزب الله تضليلا إعلاميا وتحريفا في الوقائع والأحداث، مؤكدين أن أمين عام حزب الله حسن نصرالله يعتمد مع جمهوره أسلوب “ما يطلبه المشاهدون”.
وبرع حزب الله في العالم العربي والإسلامي في استخدام سلاح الإعلام والحرب النفسية ضد أعدائه وخصومه وحتى ضد أبناء طائفته وبعض أبناء الحزب الذين تمردوا عليه أو اعترضوا على سياساته.
ولدى الحزب أقسام إعلامية متخصصة في الرصد الإعلامي التلفزيوني والإلكتروني يعمل فيها أفراد مدربون على إدارة الحروب النفسية والإعلامية، ومنها إطلاق الإشاعات التي تنتشر بين الناس كالنار في الهشيم لتشويه صورة المعارضين أو الذين ينتقدون توجهات الحزب أو من يرعاه، ويعتمد حجم الحملة على حجم المستهدَف ومدى خطورته، في حين يتبنى الحملات عادة ناشطون أو إعلاميون أو مواقع إلكترونية مقربة من الحزب في العلن، وتُدار من داخله سرّا، ويبقى الحزب وأجهزته الإعلامية المعروفة بعيدين عن أي شك أو شبهة.
كما ينشط “الإعلام الحربي” لحزب الله بشكل لافت وهو “يحرم” على الجميع تناول عملياته في سوريا مثلا، فهو المخول الوحيد بضخّ الأخبار وترويج المعلومات التي تصبّ في اتجاه واحد وهو إبراز قوته وعظمته.
غير أن خبراء يؤكدون أن كل هذا انتهى في عصر المواطن الصحافي، ولم تفرز تكنولوجيا الإعلام الجديد ظواهر إعلامية جديدة فقط، وإنما أفرزت مصطلحات وتعابير أضيفت إلى القاموس الإعلامي المهني والأكاديمي، باعتبارها أحد مسارات إنتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والثورة الرقمية.
وما يثير الانتباه، بروز مصطلح صحافة المواطن التي نشأت في إطار ما عرف بالإعلام الجديد. وساهم ذلك في تغير المقاربة بشكل كامل في عصر المواطن الصحافي، فصور الأشلاء والدماء والتزوير، أغرقت الصفحات الاجتماعية، وأثبتت أيضاً أن لصحافة المواطن دورا ما فتئ يتعاظم، في كشف الوقائع وتحديد المسؤوليات.
ومع طفرة وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والمسموعة والرقمية باتت الأخبار تتدفق من كل حدب وصوب، وانتهى زمن البحث عن المعلومة، بل أصبحت هي التي تلاحق الإنسان حيثما كان.
ويؤكد خبراء أن في الماضي كانت هنالك مصادر محدودة للمعلومات كالتلفزيون الأرضي والجرائد الرسمية، لذلك كان من السهل على وسائل الإعلام فرض ما تريده على الجمهور ولكن تغير الأمر جذريا اليوم مع جيل رقمي بامتياز يعرف جيدا كيف يكشف الصور والفيدوهات المفبركة.
يذكر أن الفيديو الفضيحة لحزب الله ليس الأول من نوعه، فقد سبق وأن وجهت انتقادات لقيام قنوات روسية بسرقة مقطع فيديو من لعبة شهيرة لاستهداف عناصر من تنظيم داعش.
المصدر : العرب