يدرك القاصي والداني في لبنان أن ما يسمى "دويلة حزب الله" لا تقتصر على استئثار الحزب في العديد من المحطات المفصلية بقرار الدولة اللبنانية، فالحزب لم ينتظر حكومة أو قراراً رسمياً، ولم تثنه حتى الادانات الداخلية اللبنانية والاعتراضات من المضي في حربه على الأراضي السورية، التي بررت أولاً في أنها أتت دفاعاً عن المقامات الدينية لتتدرج بعدها إلى محاربة ما يسمى "التكفيريين"، وليكشف أخيراً أنها دفاعاً عن الأسد ونظامه. ولا تلخص بتكرار حزب الله مراراً أنه "جندي في ولاية الفقيه" الإيرانية.
دويلة حزب الله تطال حتى بعض اليوميات في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل الحزب، فتلك المنطقة التي كانت قبل حزب الله منطقة منفتحة لكل الأطياف في لبنان، بات كل ما فيها يشي بـ "ملامح الحزب" من صور الخميني التي علقت بكثرة بعيد حرب تموز 2006، ولا تزال تعلق كلما دعت الحاجة والاستثمار السياسي، إلى صور عناصر لحزب الله سقطوا في سوريا، مروراً بمنع التصوير الصحفي إلا بإذن من الحزب، أو حتى تنفيذ مداهمات أمنية من قبل أجهزة الدولة اللبنانية إلا "بعد التنسيق مع لجان الحزب المعنية".
لقد استنسخ حزب الله في المناطق المتواجد فيها لا سيما في الضاحية وبعض مناطق الجنوب "ثقافته العقائدية" بنى مدارسه، أقام فرق "الكشافة" الخاصة به، مستشفياته، أنفاقه...كما استفاض في استعمال قوته على اللبنانيين في 7 أيار 2008.
أما الأخطر فهو أنه حمى في عدد من المحطات بعض المطلوبين، كما حصل في قضية مقتل الطيار اللبناني سامر حنا خطأ في 2008 على يد مصطفى المقدم أحد عناصر "حزب الله" الذي حوكم بشكل صوري، أو في قضية محاولة اغتيال الوزير بطرس حرب في 2012 من قبل شخص يدعى محمود حايك، تابع للحزب أيضاً.
ولعل القضية الأبرز فهي تأكيده أكثر من مرة وعلى لسان كبار قادته أنه لن يسلم المطلوبين في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري إلى العدالة الدولية، وقد عددتهم بالاسم المحكمة الدولية الناظرة في قضية اغتيال الحريري، موردة أدلة على تورطهم. فبعد تحقيقات ماراثونية استمرت لما يقارب التسع سنوات من تاريخ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، تمكنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان من تحديد أسماء المتهمين وعدد المشاركين في عملية الاغتيال المروعة التي شهدها لبنان في فبراير 2005. وأبرز هؤلاء المتهمين كانوا 5 من حزب الله هم مصطفى بدر الدين، وسليم عياش، وحسين حسن عنيسي، وأسد صبرا، وحسن مرعي.
المصدر: العربية