تدفق الأحداث على نحو غير متوقع، طوال يوم أمس، أدى إلى دعوة الحكومة اللبنانية التي لا يُشارك في جلستها اليوم وزير العدل أشرف ريفي بعد أن أعلن استقالته، للنظر ببند وحيد يتعلق بتصحيح سياسة لبنان الخارجية التي عبّر عنها وزير الخارجية جبران باسيل، والتي صبّت في خدمة المشروع الإيراني بضغط من «حزب الله» الذي حمّله بيان 14 آذار مع حلفائه، في إشارة إلى «التيار الوطني الحر» وقوى 8 آذار، «مسؤولية افتعال مشكلة خطيرة مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي»، فضلاً عن تحميله «مسؤولية ضرب استقرار لبنان المالي والأمني والمعيشي».
وعليه، اتجهت الأنظار إلى ما يمكن أن يصدر رسمياً عن مجلس الوزراء اليوم، والذي يفترض أن يقوّم السياسة الخارجية ويعلن موقفاً واضحاً لا يحتمل التأويل أو المواربة أو المجاملة بانحياز لبنان إلى أشقائه العرب على قاعدة التضامن معهم، لا سيما في هذه المرحلة البالغة الصعوبة، لمنع التدخّل الإيراني من تحقيق هيمنة ومكاسب على حساب العرب.
وسيطالب البيان، وفقاً لمعلومات وزارية، المملكة العربية السعودية، من موقع التمنّي والتقدير، بإعادة النظر بموقفها من وقف المساعدات المالية لتسليح الجيش اللبناني وفق هبة الأربعة مليارات دولار.
وستأخذ صياغة البيان بعين الاعتبار مصالح اللبنانيين العاملين في الخليج، والذين يقترب عددهم من نصف مليون، فضلاً عن الأخذ بعين الاعتبار مصلحة لبنان العليا وليس مصلحة أية دولة أجنبية.
وسيركّز البيان اللبناني والمتوقع أن يصدر عن الحكومة على التزام لبنان برفض أي تعرّض أو انتهاك لسيادة أية دولة عربية.
لكن مصادر قريبة من 14 آذار كشفت أن ثمّة مخاوف من أزمة داخل الحكومة قد تنشأ على خلفية جلسة اليوم، وأن تيّار «المستقبل» يفصل بين طاولة الحوار الموسّعة وطاولة الحوار الثنائي مع «حزب الله»، وهو قد يُعيد النظر في موقفه من المشاركة في هذا الحوار.
وأشارت هذه المصادر إلى أنه إذا حدث تأزم سياسي لجهة شلّ عمل الحكومة أو اضطراب سياسي بسبب توقف الحوار الثنائي، فإن الانتخابات البلدية التي يجري التحضير لها ستصبح بحكم المعطّلة في أيار المقبل.
إتصالات تهدئة
إلا أن المعلومات أشارت إلى أنه وبعد أن صدر بيان 14 آذار الذي اجتمعت قياداته في «بيت الوسط» بدعوة من الرئيس سعد الحريري، تكثفت الاتصالات لتوفير مناخ تهدئة، وأن يكون الموقف الحكومي ملمّاً بالوضع والحؤول دون أي تطوّر يعرّض اقتصاد لبنان من خلال تعرّض مصالح اللبنانيين في الخليج لأي هزّة، كما أبلغ الوزير رشيد درباس «اللواء» ليلاً.
وعلمت «اللواء» أن الرئيس نبيه برّي والنائب وليد جنبلاط إلى جانب الرئيسين تمام سلام والحريري دخلوا على خط التحضير الهادئ لجلسة الحكومة اليوم، بما في ذلك النقاط التي سيتضمّنها البيان، باعتبار أن الجلسة مرشحة لأن تنتهي بنتيجتين: بيان رسمي واضح، ولجنة وزارية برئاسة سلام تتوجّه إلى الرياض لشرح الموقف اللبناني والتصحيح الذي خرج به بيان الجلسة.
وفي المعلومات أيضاً، أن الكتل الوزارية عقدت اجتماعات تنسيقية لتحديد السقف السياسي المقبول والمرفوض، في ظل حدة الانقسام، واعتبار وزارة الخارجية أن موقفي باسيل في كل من القاهرة وجدة جاءا مبنيين على البيان الوزاري وبالتنسيق مع رئيس الحكومة.
سلام
غير أن الرئيس سلام أكد أنه «في ما خصّ موقف لبنان في مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي لم يكن هناك أي تشاور معه حوله، لا من قريب ولا من بعيد، واتخذ الموقف دون علمه، أما بالنسبة لبيان القاهرة، فقد كان يمكن أن نؤيّد القرارات، واصفاً الإشارة وكأن هناك تغطية كاملة منه لأداء باسيل بأنها «أمر غير صحيح».
وأعاد الرئيس سلام التأكيد على أن ما تعرّضت له المملكة من اعتداء سافر لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال، إنه اختراق لكل المواثيق والأعراف الدولية، فهذا الأمر لا يمكن أن يكون عندنا أي لبس فيه، مؤكداً الوقوف إلى جانب المملكة في هذا الأمر من دون أي تحفّظ.
وأشار سلام إلى أنه هو الذي يتحدث باسم الحكومة وفق الدستور، وأن على مجلس الوزراء أن يقول ما يجب أن يُقال، وسيتم اتخاذ الموقف الذي يجب اتخاذه، ودرس كل المستلزمات لعودة الثقة وإعادة العلاقات التاريخية بين لبنان والمملكة وبين لبنان ودول الخليج، مناشداً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز «الإنسان الكبير أب الجميع أن يُعيد النظر بمواقف المملكة ويُساهم في تعزيز هوية لبنان وشخصيته العربية».
ووفقاً لمصدر سياسي مواكب للاتصالات التي جرت ليلاً، فإن نقاشات الجلسة لن تكون سهلة، لكنه استبعد أن يتفجر الموقف داخلياً، معتبراً ان الوضع حسّاس جداً، وإن كان حرص اللاعبين الأساسيين هو أن لا يسقط الهيكل على الجميع.
وأشار المصدر، إلى ان المناقشات التي جرت في اجتماع قيادات 14 آذار، والتي انتهت إلى ثلاث نقاط مترابطة تتعلق بمصالح لبنان الحيوية المتمثلة بالعودة إلى الحاضنة العربية، وانسحاب حزب الله من سوريا، والأخذ بعين الاعتبار المصالح اللبنانيين العاملين في الخليج، لامست خطورة انفراط عقد الحكومة بعد أن طرح هذا الموضوع كبند على جدول الأعمال لإنهاء تفرّد وزير الخارجية بإعلان مواقف عبر المنابر الدولية لا تتفق مع مصالح لبنان العليا، أو على الأقل تحويل الحكومة إلى حكومة تصريف الأعمال رسمياً لنزع الغطاء عن حزب الله ومشاركته غير المقبولة في الحرب السورية.
ولاحظ المصدر ان وزراء 8 آذار الذين عقدوا مشاورات للتداول في لموقف فهموا من «حزب الله» انه ليس في وارد أخذ البلد إلى المجهول.
الحريري
في كل الأحوال، فإن الرئيس الحريري سيعقد في السادسة من مساء اليوم مؤتمراً صحفياً، ستنقل وقائعه على الهواء مباشرة، سيحدد فيه موقفه من تداعيات القرار السعودي، في ضوء الموقف الذي سيصدر عن الحكومة، وهو كان أوضح، بعد اجتماع قيادات 14 آذار ان المطلوب من مجلس الوزراء اليوم موقف واضح والا سيكون لنا كلام آخر، معتبراً ان البيان الوزاري لم يحترم، وكنا واضحين في موضوع الناي بالنفس، ولكن اليوم لم يعد جائزاً ان يكون لبنان خارج الإجماع العربي.
ونفى الحريري ان يكون باسيل نسق موقفه مع الرئيس سلام، مشيراً إلى انه حتى المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي نفسه ادان الأمر وكذلك فعل العراق، كما نفى ان تكون الهبة السعودية متوقفة منذ مُـدّة، مشيرا إلى ان هذا الكلام غير صحيح، وانه كان من المنتظر وصول بعض المعدات بين شهري نيسان وايار المقبلين، لكنه بفضل الذكاء الواسع لبعض السياسيين اللبنانيين وصلنا إلى ما وصلنا اليه اليوم.
وأوضح مصدر نيابي شارك في اجتماع «بيت الوسط» ان النقاشات تركزت على الموضوع السعودي فقط من زاوية الحرص على إنهاء المشكلة مع المملكة، نتيجة القرار بوقف هبة تسليح الجيش اللبناني.
ونفى المصدر ان يكون موضوع استقالة الوزير اشرف ريفي قد طرح لا من قريب ولا من بعيد، لكن النقاش إنحصر في السؤال عمّا إذا كان يمكن البدء بالمطالبة باستقالة الحكومة، أو إعطاء فرصة، أو ان تكون خطوة دعوتها للاجتماع كافية لإنهاء المشكلة مع المملكة، وارتؤي في نهاية النقاش الذي استغرق ساعتين، ان الموقف الذي ستتخذه الحكومة اليوم هو المدخل لمعالجة الأزمة مع المملكة، وعليه يُبنى على الشيء مقتضاه والخطوات التي يمكن ان تتخذ.
علماً ان موضوع القيام بتحريات في الشارع لم تطرح على وجه الإطلاق.
وبالنسبة إلى مسألة عدم ذكر اسم باسيل أو «التيار الوطني الحر»، في البيان، كشفت المصادر لـ «اللواء» انه كان هناك اتفاق مسبق منذ السبت الماضي بين حزب «القوات اللبنانية» وقوى الرابع عشر من آذار على عدم تسمية الوزير باسيل والتيار الحر بالاسم بالبيان الذي صدر عن الاجتماع، ولفتت المصادر إلى انه كان هناك مطالبة من بعض المجتمعين بضرورة ان يكون البيان اقوى من الذي صدر، ولكن تمّ التوافق في النهاية على الاكتفاء بهذا البيان في انتظار موقف الحكومة الذي سيصدر عنها في اجتماع اليوم.
وفي أوّل تعليق له على البيان، قال وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب لـ «اللواء» باسم «التيار الحر» انه قد يشكر 14 آذار على البيان الذي صدر لأن ما تطالب به هذه القوى من خلال النقاط التي اوردتها سبق وأن طالبنا بها كوزراء للتيار الوطني الحر في جلسات سابقة للحكومة، موضحا ان الوزير باسيل كان قد طالب باتخاذ قرار داخل مجلس الوزراء، لكنه لم يقلق أي تجاوب. مذكراً بالموقف الذي كان اتخذه باسيل بالنسبة لادانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران واحترام ميثاق جامعة الدول العربية والالتزام بعدم التدخل بالشؤون الداخلية لأي دولة عربية.
واعتبر انه في حال تمّ اتخاذ موقف داخل الحكومة اليوم فهذا سيكون مؤشرا ايجابيا وبداية حل للمشكلة مع السعودية.
استقالة ريفي
أما بالنسبة لاستقالة وزير العدل، فقد فوجئ زوّار المصيطبة بمفاجأة الرئيس سلام بالاستقالة، ولاحظ هؤلاء أن رئيس الحكومة الذي تبلغ هاتفياً بنبأ الاستقالة أبدى انزعاجاً من هذه الخطوة.
وفي المعلومات ان «بيت الوسط» لم يكن أيضاً على إطلاع على استقالة ريفي المفاجئة، لا سيما بعد «ترتيبات المصالحة» التي حصلت وما قيل عن التزام وزير العدل بقرار التيار ورئيسه.
وتضمنت استقالة ريفي التي قدمها إلى الشعب اللبناني والرئيس سلام حيثيات تتعلق بدوافعه التي شددت على مواجهة الدويلة والاستمرار في معركة إنقاذ لبنان.
وفور شيوع النبأ أمت وفود شعبية منزل ريفي في طرابلس وعلت هتافات تطالب الحكومة بتقديم استقالتها، إلا أن ريفي لم يشأ أن يتفاقم هذا الموقف، واكتفى بالبيان الذي أصدره من منزله، مؤكداً انه لن يقبل في مسيرته أن يتحوّل إلى شاهد زور، بعد الذي حصل في قضية ميشال سماحة ومحاولات الغطرسة والهيمنة على قرار الحكومة، ما فعله الوزير باسيل الذي تجرأ بطلب من حزب الله على الإساءة بالمملكة وامتنع عن إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران.
مجلس التعاون
تجدر الإشارة إلى ان دول مجلس التعاون الخليجي كانت أعلنت تأييدها التام لقرار المملكة اجراء مراجعة شاملة لعلاقاتها مع لبنان ووقف مساعداتها بتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني إن دول مجلس التعاون تساند قرار المملكة العربية السعودية الذي جاء ردًا على المواقف الرسمية للبنان التي تخرج عن الإجماع العربي ولا تنسجم مع عمق العلاقات الخليجية اللبنانية، وما تحظى به الجمهورية اللبنانية من رعاية ودعم كبير من قبل المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون أن دول مجلس التعاون تعرب عن أسفها الشديد لأن القرار اللبناني أصبح رهينة لمصالح قوى إقليمية خارجية، ويتعارض مع الأمن القومي العربي ومصالح الأمة العربية، ولا يمثل شعب لبنان العزيز الذي يحظى بمحبة وتقدير دول المجلس وشعوبها، وهي تأمل أن تعيد الحكومة اللبنانية النظر في مواقفها وسياساتها التي تتناقض مع مبادئ التضامن العربي ومسيرة العمل العربي المشترك، وتؤكد استمرار وقوفها ومساندتها للشعب اللبناني الشقيق، وحقه في العيش في دولة مستقرة آمنة ذات سيادة كاملة، وتتطلع إلى أن يستعيد لبنان عافيته ورخاءه الاقتصادي ودوره العربي الأصيل.
اللواء : 14 آذار تحمّل حزب الله مسؤولية المشكلة الخطيرة مع السعودية .. واستقالة مفاجئة لريفي
اللواء : 14 آذار تحمّل حزب الله مسؤولية المشكلة الخطيرة مع...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
540
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro