فجّرت السعودية قنابلها السياسية في وجه الرئيس سعد الحريري منذ عودته الى لبنان، فاصابت تيار المستقبل وفريق 14 آذار مقتلاً، رغم ان اهدافها المباشرة هي حزب الله.
- القنبلة السعودية الاولى: «ممنوع المسّ بحلفائنا»، بعدما توجه الحريري الى الدكتور سمير جعجع في اليوم الاول لعودته بـ «مزاح ثقيل» في ذكرى والده مما اضطره، وبعد امر سعودي، الى زيارته والاعتذار منه.
- القنبلة الثانية: وقف الهبة للجيش اللبناني والقوى الامنية.
- القنبلة الثالثة: استقالة وزير العدل اشرف ريفي.
كل هذه «الضربات» الموجعة، جعلت قيادات 14 آذار تتداعى للاجتماع برئاسة الحريري للململة ما يمكن لملمته، فجاء بيانه عنيفاً جداً، كالعادة، ضد حزب الله والذي حمّله كل المسؤولية بالمشكلة مع السعودية، ولم يكتف بهذا فقط بل حمّل الحزب و«كل حلفاء الحزب ومن يسير في ركابه، مسؤولية ضرب استقرار لبنان المالي والامني والمعيشي».
بيان 14 آذار لم يختلف في المضمون عما كان يصدر من تصريحات لهذا الفريق حول الهجوم على حزب الله وايران، حيث ردد الاسطوانة ذاتها وانما باسلوب مختلف حين قال: «اذا استمر حزب الله وحلفاؤه من خلال السلاح غير الشرعي في تغليب مصلحة ايران على مصلحة لبنان العليا، فان ذلك سينال من دوره وانتمائه وحضوره العربي»، وبالتأكيد هوّل لبنان بلقمة عيش اللبنانيين في دول الخليج.
ولم ينس البيان شكر دول الخليج التي «فتحت ابوابها جميعاً في كل المراحل الصعبة وكانت افضل سند لنا»، هذا وهدد الحريري بعد الاجتماع انه «اذا الحكومة لم تتخذ مواقف في جلستها الاستثنائية اليوم فسيكون هناك كلام آخر». (التفاصيل ص7).
استقالة ريفي
وبالنسبة لاستقالة وزير العدل اشرف ريفي، فكانت الخطوة متوقعة، حيث بدا انه يعدّ لها وقد سبق له ان حذّر من خطوات سيتفاجأ بها الجميع.
وقد تضمن بيان الاستقالة تفصيلا عن كل الاسباب التي ادت الى اتخاذه قرار الاستقالة، «من التعطيل الذي فرضه حزب الله وحلفاؤه داخل الحكومة وخارجها، مروراً بعرقلة احالة ملف ميشال سماحة الى المجلس العدلي في محاولة سافرة لإحكام السيطرة على القضاء عبر المحكمة العسكرية وليس انتهاء بتدمير علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية». وختمه «بانه باق في مواجهة دويلة حزب الله». (التفاصيل ص7).
وقالت المعلومات أن وزيرة المهجرين أليس شبطيني ستحل مكان ريفي كوزيرة للعدل بالوكالة.
تهديد بمزيد من الاجراءات السعودية
مصادر نيابية قرأت التصعيد السعودي على الساحة اللبنانية بانها «مربكة» بعد خسارتها لكل رهاناتها في سوريا والعراق واليمن بعد الانهيارات العسكرية الميدانية، مما جعلها تدخل بالمباشر على خط المواجهة في لبنان لاعادة التوازن المفقود باعتقادها، وبعدما شعرت بضعف حلفائها الذين تحملهم المسؤولية عن «هيمنة ايران على القرار اللبناني» بمن فيهم الحريري الذي لم يستطع ملء الفراغ الذي تركه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حتى ان «الغضب» السعودي طال ايضاً رئيس الحكومة تمام سلام المتهم بتغطية موقف وزير الخارجية في كل من مؤتمري وزراء خارجية دول الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي.
ولن تكتفي السعودية بهذا المقدار، تقول المصادرالنيابية، فهناك من بدأ يهوّل بالمزيد من اجراءات الضغط على لبنان مثل وقف تأشيرات العمل، وزيارة اللبنانيين الى دول الخليج وتفعيل عمليات الطرد لتشمل شيعة محسوبين على حزب الله ومسيحيين محسوبين على التيار الوطني الحرّ.
مصادر في 8 آذار اكدت ان كل ما تفعله الرياض لن يغيّر شيئاً من موقف حزب الله، ولن يعدّل موازين القوى على الساحة اللبنانية، وهي تدرك ان حلفاءها اصبحوا في وضع ضعيف لا يسمح لهم بالتصدّي للحزب، وسألت المصادر ما الذي تحاول السعودية فعله في لبنان وخدمة لمن؟.
اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء
هذا ويعقد اليوم مجلس الوزراء جلسة اسثتنائية في السراي الحكومي لمناقشة تداعيات القرار السعودي بوقف الهبة للجيش والقوى الامنية، وتقول المعلومات انه سيصار الى التأكيد على النأي بالنفس.
لكن معلومات اخرى تقول ان وزراء 14 آذار سيستمرون في التشويش الى حدود اسقاط الحكومة، لكن السؤال المطروح: هل هناك قرار اقليمي دولي باسقاط حكومة سلام؟
بري: هل لبنان اقوى من ايران لنذهب ابعد مما ذهبت اليه؟
قال الرئيس نبيه بري لزواره امس انه شجع على انعقاد جلسة لمجلس الوزراء الاستثنائية اليوم لانها ضرورية من اجل تثبيت سياسة لبنان الخارجية وفق القاعدة المتفق عليها، وهي النأي بالنفس عن الازمة السورية والتمسك بالاجماع العربي في ما يتعلق بالقضايا العربية المشتركة. اضاف: لا مانع بعد صدور الموقف الموحد عن الحكومة في ان يتوجه وفد الى السعودية لاعادة تصويب العلاقة اللبنانية - السعودية.
وحول ردود الفعل التي اعقبت القرار السعودي بالغاء الهبة للجيش اللبناني والقوى الامنية، استغرب بري هذه الثرثرة التي تؤدي الى «الهرهرة»، منبهاً الى ان الوضع اللبناني المحتقن والهش لا يحتمل مثل هذه المهاترات السياسية التي قد تؤدي الى الانزلاق نحو الفتنة.
واشار الى ان ايران التي تمثل قوى اقليمية اساسية تؤكد في كل مناسبة حرصها على اقامة علاقات جيدة مع الرياض، وحتى عندما هوجمت السفارة السعودية في طهران، سارعت القيادة الايرانية الى استنكار ما حصل وتوقيف الفاعلين، مشدداً على انه من الطبيعي ان نكون ايضاً من المتمسكين بابقاء جسور التعاون والتواصل ممدودة مع الدول العربية، متسائلاً: هل لبنان اقوى من ايران حتى نذهب ابعد مما ذهبت اليه؟
وعما اذا كان مستعداً لزيارة السعودية في هذا الوقت من اجل تخفيف حدة التوتر، اكد انه سبق له ان اعلن عن قبول الدعوة الرسمية التي وجهت اليه لزيارة المملكة، لكنه سيلبيها في الظرف المناسب.
معركة رئاسة الجمهورية
على صعيد آخر، عادت معركة رئاسة الجمهورية الى نقطة الصفر وفشل الرئيس سعد الحريري في اقناع الدكتور سمير جعجع بفك التحالف المسيحي بينه وبين العماد ميشال عون، محاولا إقناع الدكتور سمير جعجع بأن المملكة العربية السعودية ستدفع له أموالا اذا أيّد الوزير سليمان فرنجية، كذلك فان تيار المستقبل سيدعم الدكتور سمير جعجع في الانتخابات النيابية في كل المناطق. لكن الدكتور سمير جعجع كانت له مواقف ثابتة ومشرّفة رفض فيها رشوة الرئيس سعد الحريري ورفض فيها فك التحالف مع العماد ميشال عون، وقال له : انا أعطيت كلمتي في معراب وعقدت مؤتمرا صحافيا ورشحت العماد ميشال عون، ولن اسحب ترشيحي للعماد ميشال عون، أما انت فعبر زيارة فرنجية السريّة لك في باريس رشحته دون ان تعلمنا بكلمة واحدة وكأننا لسنا حلفاء وليست لنا كلمة في الموضوع.
لذلك لن اتراجع عن ترشيحي للعماد عون ولن اتراجع عن التحالف المسيحي لان الساحة المسيحية ارتاحت بتحالف العونيين والقواتيين وأصبحت الساحة مستقرة، وحتى عناصر الكتائب بدأت تؤيد التحالف المسيحي الكبير بين «القوات» وعون وترتاح الى هذا التحالف وانا لا استطيع الخروج من التحالف المسيحي الذي اقمته.
الملاحظ انه في الشارع المسيحي بدأت حساسية على الرئيس سعد الحريري وعلى مواقفه وعلى الاستهزاء الذي أظهره اثناء خطابه، بموقف الدكتور سمير جعجع من المصالحة مع العماد ميشال عون، ومن ثم مطالبة الرئيس سعد الحريري بفك التحالف المسيحي بين الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون، وكيف ان زعيما سنيا يريد ان يفرض رأيه على الساحة المسيحية بالقوة وبالمال وبالرشوة ويريد اضعاف المسيحيين بهذا الشكل. كذلك فان انصار العماد ميشال عون لديهم حساسية كبرى على الرئيس سعد الحريري، لانه رغم اتصال العماد ميشال عون مرات في الماضي بالرئيس سعد الحريري فان الرئيس سعد الحريري لم يكلف نفسه الاتصال مرة واحدة بعد مجيئه الى لبنان بالعماد عون بل ذهب الى كل الأمكنة والزيارات ولم يقم بزيارة العماد ميشال عون او الاتصال به.
واذا كان الرئيس سعد الحريري يعتقد انه خلال ساعات استعاد زعامته فهو خاطئ، واكبر دليل ان النائب خالد الضاهر اعلن انه لن يسير في خيار انتخاب الوزير سليمان فرنجية، كذلك فان الوزير اشرف ريفي قدم استقالته لان أساس الأساس ليس فقط عدم مناقشة موضوع ميشال سماحة في مجلس الوزراء بل لان الرئيس سعد الحريري قال «ان الوزير اشرف ريفي لا يمثلني»، وهذا ما اغضب الوزير ريفي الذي كان ينتظر دعما من رئيس الحكومة السابق الرئيس سعد الحريري بتحويل ملف ميشال سماحة الى المجلس العدلي او بحث الموضوع على الأقل في مجلس الوزراء وان يتضامن وزراء 14 اذار مع الوزير اشرف ريفي بدل ان يقول الرئيس سعد الحريري «ان الوزير اشرف ريفي لا يمثلني».