ترك قرار السعودية اثرا سلبيا كبيرا بعد الغاء الهبة بـ 3 مليارات دولار ثمن اسلحة للجيش اللبناني، واصيب المسيحيون وخاصة العونيون والقوات اللبنانية بخيبة امل وصدمة كبرى نتيجة هذا القرار وكلام الرئيس سعد الحريري للدكتور سمير جعجع في الاحتفال، عن مصالحته مع العماد ميشال عون، وقوله باستهزاء «من زمان يا حكيم كنت عمول هالصلحة مش هلأ، شو كنت وفّرت عالبلد شهدا وحروب». كذلك اصيب العونيون بصدمة كبرى، لتحميلهم مسؤولية الغاء الهبة السعودية معتبرين ان ذلك يمس بعزة نفسهم وكرامتهم وشرفهم، وهم علموا ان الرئيس سعد الحريري وراء تحريض الملك سلمان على هذا الامر، وان السعودية لا يمكن ان تلغي هبة الثلاثة مليارات، لولا تحريك الرئيس سعد الحريري لان الرئيس سعد الحريري اصيب بخيبة امل بعد عودته الى لبنان، نتيجة فشل سياسته الرئاسية، ونتيجة عدم تجاوب بقية الاطراف معه في فرض سياسته على الساحة اللبنانية، وقد استاء الرئيس نبيه بري جدا من الغاء الهبة السعودية وأثّر ذلك في علاقته بالرئيس سعد الحريري ووجّه اللوم له لانه لم يعمل على المحافظة على الهبة السعودية بل حرّض على الغائها. اما الصدمة الكبرى فهي عند الشعب اللبناني كيف ان زعيماً يدّعي زعامة الطائفة السنيّة وله نفوذ في السعودية يقوم بتحريض السعودية على الغاء هبة الـ 3 مليارات اسلحة للجيش اللبناني والجيش اللبناني بأمس الحاجة الى السلاح ليقوم بمحافظة الامن في لبنان، ويكون قادرا على ردع اسرائيل من الدخول على الخط الازرق، اضافة الى ان الجيش اللبناني وضع سياسته الدفاعية والعسكرية والتجهيز على قاعدة ان هنالك اسلحة ستأتي بـ 3 مليارات، فاذا به يكتشف ان ذلك سراب ووهم ووعود كاذبة وتحريض من الرئيس سعد الحريري لالغاء الهبة حتى يخضع اللبنانيون لسياسة الرئيس سعد الحريري.
الوضع الحكومي والوضع النيابي اصيبا ايضا بصدمة وانعكس ذلك وسينعكس عدم استقرار على لبنان، اضافة الى ازمة النفايات وازمة الشلل الحكومي وانتقام الرئيس سعد الحريري من العماد ميشال عون، حتى ان البعض نقل عن الرئيس سعد الحريري قوله ان الوقت لمصلحتنا والعماد ميشال عون عمره 81 سنة وهو ليس بصحة جيدة ولا ينقذنا الا موته.
وتقع المشكلة الكبرى ايضا في قانون الانتخابات الذي اتفق فيه الرئيس سعد الحريري مع الوزير سليمان فرنجية على قانون انتخابات الـ 1960 من دون النسبية، والنسبية هي اداة لتغيير جزئي في الطبقة السياسية بدلاً من ان يكون لكل زعيم منطقته ويتحكم فيه اقطاعيا، ويأتي بالنواب الذين يريدهم وخاصة المسيحيون منهم، ذلك ان هنالك اكثر من 20 الى 25 نائباً مسيحياً يسيطر عليهم تيار المستقبل والوزير وليد جنبلاط وحتى فئات اخرى، وبذلك لا تكون المناصفة حقيقية في مجلس النواب، والنسبية سوف تأتي بوجوه جديدة وهو ما لا يريده الرئيس سعد الحريري، بل يريد قانون الـ 1960 كما جرت انتخابات سنة 2000 ووضعه اللواء غازي كنعان ويريد الرئيس سعد الحريري تكرار قانون غازي كنعان مجددا.
وهذا الجفاء المسيحي تجاه الرئيس سعد الحريري بدأ يظهر في صفوف المواطنين المسيحيين ويتكلمون كأننا نحن من قتلة السعودية. وصحيح ان لدينا موظفين كثراً في السعودية، لكنهم عملوا على نهضة المملكة العربية السعودية وعملوا بضمير وشرف وابداع وخلق جديد، مما ساهم في نهضة المملكة العربية السعودية وهم ليسوا مرتزقة يتم ترحيلهم بناء لطلب الرئيس سعد الحريري او غيره. والملك سلمان اكبر من ان يقوم بترحيل اللبنانيين من السعودية ظلماً لانه لا يقبل ذلك، ويعرف ان الشعب اللبناني قام بنهضة المملكة العربية السعودية وعمل كل جهده واستفاد ماديا الشعب اللبناني، كذلك قام بافادة المملكة العربية السعودية.
الى اين يذهب الرئيس سعد الحريري الان؟ الرئيس سعد الحريري وصل الى الحائط المسدود وهو غير قادر على اجراء الانتخابات الرئاسية كما يريد، ولا يستطيع فرض مرشحه لانتخابات الرئاسة ما دام العماد ميشال عون وحزب الله والدكتور سمير جعجع اخذوا موقفا بتأييد العماد ميشال عون، وعبثا حاول اقناع الدكتور سمير جعجع بترك العماد ميشال عون. رفض الدكتور سمير جعجع ذلك وقال انه اتفق على ترشيح العماد ميشال عون لان الرئيس سعد الحريري رشح الوزير سليمان فرنجية دون مشاورته، ودون التنسيق معه. وقال الدكتور سمير جعجع «انك تتدخل يا سعد الحريري في منطقة الشمال، وتقلب الموازين ضدي وتغير الامور على الساحة اللبنانية دون مشاورتي، وانا في 14 اذار معك حليف ولم اخطىء في شيء وكنت صلبا دائما وبقيت في لبنان بينما انت ذهبت الى الخارج وتركتنا وحدنا، ثم فاجأتنا بترشيح الوزير سليمان فرنجية وكأننا غير موجودين، لذلك انا ايدت العماد ميشال عون.
ـ الحلف العوني ـ القواتي ـ
اصبحت جماهير العونيين والقواتيين متفقة على رأي واحد وهو انهم لا يقبلون ان يقوم زعيم سني باختيار رئيس جمهورية لبنان، بل يقبلون ان يأتي هو رئيسا للحكومة باستشارات نيابية، لكن ان يختار رئيس الجمهورية الماروني ويفرضه على الشعب اللبناني فهذا امر مرفوض لدى الشارع المسيحي. وفي اجواء الكنائس والرهبانيات والمسيحيين والقواتيين والعونيين رفض كامل لسياسة الرئيس سعد الحريري، مع ان الدكتور سمير جعجع استوعب ديبلوماسيا الامر، وبقي على علاقة شخصية ممتازة مع الرئيس سعد الحريري دون ان يقاطعه، لكنه رفض الذهاب الى باريس ورفض الذهاب الى المملكة العربية السعودية وبقي على موقفه. وهو لن يغير موقفه ويترك العماد ميشال عون وينفذ اوامر الرئيس سعد الحريري، لان المعروف عن الدكتور سمير جعجع انه بقي 11 سنة في زنزانة صغيرة ولم يغير رأيه ولم يخضع للوصاية السورية، فكيف الان يخضع للرئيس سعد الحريري؟ اما العماد ميشال عون فمستمر في ترشحه، كذلك حزب الله قبل انهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان بشهرين رشح العماد ميشال عون، وهو ما زال على كلمته ويرشح العماد ميشال عون ولم يتغير قطعياً، وهو قال لحليفه الوزير سليمان فرنجية انه اتفق مع العماد ميشال عون ولا مشكلة لدينا، فاذا انسحب العماد ميشال عون يمكننا تأييدك. اما طالما ان العماد ميشال عون مرشح لرئاسة الجمهورية، فنحن لن نتركه ومتضامنون معه، لاننا اعلنّا هذا الموقف قبل سنتين وما زلنا عليه.
ـ قانون الانتخابات النسبية ـ
اذا جرت الانتخابات النيابية على قاعدة قانون 1960 فلن يكون هنالك عدالة وتوازن بين المسيحيين والمسلمين، بل ان النسبية هي التي ستؤمن المناصفة العادلة بين المسيحيين والمسلمين. ولذلك فالرئيس سعد الحريري يرفض النسبية كليا والوزير وليد جنبلاط يرفض النسبية كليا، ذلك ان الوزير وليد جنبلاط يريد ان يبقى مسيطرا على الشوف وعلى عاليه سيطرة كاملة، والرئيس سعد الحريري يريد ان يبقى مسيطرا على كل المناطق التي يسيطر عليها عبر انتخابات 1960. ولذلك فان هنالك من يطالب بالنسبية بقانون عصري يجري في اميركا ويجري في العالم، يقوم بتغيير الوجوه ويؤدي الى تداول السلطة في شكل سليم. لذلك فان المشكلة الكبرى هي قانون الانتخابات. الذي اتفق عليه الرئيس سعد الحريري مع الوزير سليمان فرنجية هو ان يكون قانون انتخابات 1960، بينما اكثرية الكتل تريد اعتماد النسبية في قانون الانتخابات وهذه مشكلة كبيرة. والقوى مثل الرئيس نبيه بري وحزب الله والدكتور سمير جعجع وغيرهم لا يقبلون ان يختصروا البلد بالوزير فرنجية والرئيس سعد الحريري وما يتفقان عليه، بل يريدون ان يجتمعوا على الطاولة ويحددوا نقاط الاتفاق للمستقبل، فيتم انتخاب رئيس جمهورية على اساس الاتفاق الجديد وتشكيل حكومة وحدة وطنية على هذا الاساس، واذّاك يتم انتخاب رئيس جمهورية ويحصل الاستقرار السياسي في لبنان وتتألف حكومة لبنانية جديدة وتكون الانتخابات اللبنانية مناصفة عادلة بين المسيحيين والمسلمين.