أجرت مجلة دير شبيغل الألمانية حوارا مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، عبر خلاله عن تمسك المملكة بفكرة تغيير النظام السوري، ورغبة بلاده في دعم فصائل المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات، قد تمكن من تغيير موازين القوى في الحرب السورية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن عادل الجبير، الرجل النحيف والودود البالغ من العمر 54 سنة، يمثل تجسيدا لتيار جديد في المملكة السعودية، حيث إنه درس في ألمانيا ثم في الولايات المتحدة، وهو ليس من أبناء العائلة المالكة، وقد وصل إلى وزارة الخارجية في نسيان/ أبريل الماضي، حين كانت السعودية تخوض حربا في اليمن، وكانت الأوضاع في سوريا تزداد تعقيدا.
وفي سؤال للمجلة حول خطورة الأوضاع في الشرق الأوسط، قال الجبير "إن المنطقة شهدت أزمات حادة في السابق خلال سنوات الخمسينيات والستينيات، ومرت بثورات وانهيار أنظمة ملكية في عدة بلدان، ثم موجة الحركات المتطرفة والفكر الناصري، ولكن الأزمة الحالية تبقى أكثر تعقيدا من ذي قبل".
وفي معرض حديثه حول الأهداف التي تريد السعودية تحقيقها في الصراع السوري، قال الجبير إنه "لا يرى مكانا للأسد في مستقبل سوريا، وحذر من أنه كلما طال تمسكه بالسلطة زادت الأوضاع سوءا، وهو ما تحذر منه المملكة منذ اندلاع الأزمة في سنة 2011".
وأكد الجبير أن هنالك طريقتين لحل الصراع السوري، وكلاهما ستنتهي إلى النتيجة نفسها، وهي سوريا دون بشار الأسد. حيث إن هناك المسار السياسي الذي تسعى المملكة وشركاؤها إلى اعتماده عبر ما يسمى بمجموعة فيينا، وهو يتضمن تشكيل مجلس حكم يتسلم السلطة من بشار الأسد لكتابة دستور والإعداد للانتخابات، ولكن من المهم أن يغادر بشار منذ البداية وليس في نهاية هذا المسار، وهو ما سيمكن من تنفيذ هذا الانتقال بأقل التكاليف.
أما الخيار الآخر بحسب الجبير، فهو الحرب التي ستتواصل إلى أن ينهزم بشار الأسد. كما قال الجبير: "لقد اتفقنا في ميونيخ على وقف إطلاق النار وفسح المجال للمساعدات الإنسانية للدخول إلى سوريا، حتى يتم فتح الباب للانتقال السياسي، ونحن في مرحلة حساسة جدا وقد يفشل الأمر، ولكن رغم ذلك سوف نقوم بالمحاولة، وعندما يتأكد لنا فشل هذه المقاربة سنكون مستعدين للخيار الآخر".
وتعليقا على تصريحات رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف التي تحدث فيها عن اندلاع حرب عالمية ثالثة بسبب الصراع السوري، اعتبر الجبير أن هذه التصريحات غير واقعية، وقال: "دعونا لا ننسى أن كل هذا بدأ لأن أطفالا في سن الثامنة كانوا يرسمون شعارات على الجدران، فجاءت قوات النظام وقالت لآبائهم لن تروا أبناءكم مجددا، إذا كنتم تريدون أطفالا اذهبوا إلى زوجاتكم وقوموا بإنجاب آخرين، وهو ما دفع بالشعب السوري للثورة ضد الظلم، ثم تعرضوا لقمع وحشي، ولكن هذا الجيش لم يتمكن من حماية نظامه، فطلب العون من إيران التي أرسلت عناصر الحرس الثوري وعدة مليشيات شيعية؛ مثل حزب الله اللبناني والمليشيات العراقية والباكستانية والأفغانية، ورغم ذلك فإن نظامه لم يصمد، فاستنجد بالروس، ولكن روسيا أيضا لن تتمكن من إنقاذه".
وتساءلت المجلة حول ما إذا كان وجود كل هذه العناصر الدولية والإقليمية في سوريا يعني فعلا اندلاع الحرب العالمية الثالثة، ولكن الجبير اعتبر أن الأوضاع في سوريا أخذت منحى خطيرا، ولكنها لا تعني أبدا أن الحرب العالمية الثالثة أصبحت وشيكة، حيث إن السعودية عرضت إرسال قوات خاصة للقيام بعمليات برية لمساندة جهود التحالف الدولي ضد الإرهاب، وروسيا أيضا تقول إنها تريد هزم تنظيم الدولة، وبالتالي فإنه يفترض أن إرسال قوات سعودية برية سيساعد على تحقيق هذا الهدف، ولن يؤدي لاندلاع حرب عالمية، إلا أن السؤال الذي يبقى مطروحا هو: "هل تشعر روسيا بالقلق لأن انهيار تنظيم الدولة قد يفتح الباب أمام انهيار النظام السوري؟".
وأكد الجبير أن المملكة السعودية مستعدة لإرسال صواريخ مضادة للطائرات لفصائل المعارضة السورية المعتدلة، وقال: "نحن نعتقد أن وجود صواريخ أرض جو في سوريا سوف يغير من ميزان القوى على الأرض، وسيمكن المعارضة المعتدلة من تحييد دور طائرات الهليكوبتر والطائرات المقاتلة التي تقوم بالقصف العشوائي وترمي الأسلحة الكيميائية على السكان، وسيكون تأثيرها مثلما حدث سابقا في أفغانستان، حيث إنها نجحت في تغيير مجرى المعركة، ولكن هذا الأمر يجب أن يخضع لدراسة دقيقة حتى لا تنتهي هذه الأسلحة في الأيادي الخاطئة".
وحول العلاقات مع روسيا، قال الجبير إن "علاقة الرياض وموسكو شابها خلاف حول القضية السورية، ولكن باستثناء ذلك فإن العلاقة جيدة والطرفان يسعيان لتعميقها، حيث إنه يوجد في روسيا 20 مليون مسلم، كما أن كلا البلدين لديه رغبة في محاربة الإرهاب، وتحقيق الاستقرار في أسواق المحروقات، وحتى في سوريا، فإن الخلاف هو تكتيكي أكثر منه استراتيجي، وكلا الطرفين يريدان سوريا موحدة ينعم فيها كل السوريون بحقوق متساوية".
أما حول الخلافات مع إيران، فقد أكد الجبير أن "الرياض تسعى لبناء أفضل العلاقات مع طهران، إلا أن هذه الأخيرة اعتمدت منذ ثورة 1979 سياسة طائفية وسعت إلى تصدير ثورتها وتدخلت في شؤون جيرانها، وارتكبت بعض الجرائم في حق الديبلوماسيين والسفارات، كما أنها مسؤولة عن بعض الهجمات الإرهابية في المملكة وتهريب المتفجرات والمخدرات إلى داخل السعودية، وهي أيضا تحرك مليشيات طائفية في العراق وباكستان وأفغانستان واليمن، من أجل زعزعة استقرار هذه البلدان".
كما رد الجبير على اتهامات وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، التي اعتبر فيها أن السعودية تساند تنظيمات إرهابية، وأكد أن "المملكة السعودية لا علاقة لها بتنظيم القاعدة أو جبهة النصرة، وهي لا تتسامح مع الإرهاب، بل تلاحق هذه التنظيمات ومن يساندها ومن يبرر أفعالها".
كما نفى الجبير خلال هذا الحوار أية علاقة بين الفكر الوهابي وإيديولوجيا تنظيم الدولة، واعتبر أنه بهذا المنطق نفسه، يمكن الربط بين الديانة المسيحية ومنظمة كلو كلوس كلان العنصرية، التي أحرقت السود باسم المسيح.
المصدر: عربي 21