شفقنا- اكتفت المرجعية الدينية العليا خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بقراءة رسالة امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) الى والي البصرة عثمان بن حنيف الانصاري.
ونقل ممثل المرجع السيستاني وخطيب جمعة الصحن الحسيني الشريف السيد احمد الصافي خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة اليوم 10/جمادى الاولى/1437هـ الموافق 19/2/2016م ما نصه: اخوتي الافاضل اخواتي المؤمنات اعرض لكم الامر التالي:لقد كتب امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) الى والي البصرة عثمان بن حنيف الانصاري، عندما بلغه انه دُعي الى وليمة قوم من أهلها فمضى اليها فكتب اليه رسالة شديدة في اللحظ تؤنبه على استجابته لتلك الدعوة وحضوره في تلك المأدبة ويذكره بما يجب ان يسير عليه من يتولى السلطة ويكون في موقع المسؤولية في مواساة الفقراء والمحرومين، قال (عليه السلام): (أَمَّا بَعْدُ، يَابْنَ حُنَيْف: فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إلى مَأدُبـَة فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا تُسْتَطَابُ لَكَ الألوَانُ، وَتُنْقَلُ إِلَيْكَ الْجِفَانُ. وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلى طَعَامِ قَوْم، عَائِلُهُمْ (محتاجهم) مَجْفُوٌّ، وَغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ.
فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضِمُهُ(المأكل) مِنْ هذَا الْمَقْضَمِ، فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ (أي اخرجه من فمك)، وَمَا أَيْقَنَتَ بِطِيبِ وَجوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ. أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُوم إِمَاماً يَقْتَدِي بِهِ، وَيَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِهِ; أَلاَ وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ، وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ. أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلِكَ، وَلكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَع وَاجْتِهَاد، وَعِفَّة وَسَدَاد. فَوَالله مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً، وَلاَ ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً، وَلاَ أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً، وَلاَ حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً.. الى ان قال (عليه السلام): وَلَوْ شِئْتُ لاَهْتَدَيْتُ الطَّرِيقَ، إِلَى مُصَفَّى هذَا الْعَسَلِ، وَلُبَابِ هذَا الْقَمْحِ، وَنَسَائِجِ هذَا الْقَزِّ (الحرير).
وَلكِنْ هَيْهَاتَ أَنْ يَغْلِبَنِي هَوَايَ، وَيَقُودَنِي جَشَعِي إِلَى تَخَيُّرِ الأطْعِمَةِ وَلَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوِ اليمَامَةِ مَنْ لاَ طَمَعَ لَهُ فِي الْقُرْص، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ أَوْ أَبِيِتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى(جائعة) وَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: وَحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَة وَحَوْلَكَ أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى الْقِـدِّ(الجلد غير مدبوغ) أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: هذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكَهُمْ فِي مَكَارِهِ الدَّهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ فِي جُشُوبَةِ(خشونة) الْعَيْش! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكلُ الطَّيِّبَاتِ، كَالْبَهِيمَةِ الْمَرْبُوطَةِ، هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ الْمُرْسَلَةِ شُغْلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا، وَتَلْهُو عَمَّا يُرَادُ بِهَا، أَوْ أُتْرَكَ سُدىً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضَّلاَلَةِ، أَوْ أَعْتَسِفَ(ركب الطريق على غير قصد)طَرِيقَ الْمَتَاهَةِ!
وختم السيد الصافي خطبته بقوله ” صلوات الله عليك وسلامه يا امير المؤمنين يا إمام الفقراء والمحرومين.. نسأل الله تبارك وتعالى ان يشملنا برحمته ويعيننا في السير على نهجك والاقتداء بسيرتك وصلى الله عليك حياً وميتاً ويوم تبعث حياً.. وكانت المرجعية الدينية العليا قررت من خلال خطبة جمعة كربلاء المقدسة إلغاء الخطبة السياسية، لصلاة الجمعة من الجدولة الأسبوعية.السيد الصافي وخلال خطبته الثانية التي القاها في الصحن الحسيني الشريف يوم الجمعة 25/ ربيع الثاني /1437هـ الموافق 5 / شباط /2016 م، أكد على ان الخطبة الثانية (السياسية) لصلاة الجمعة سوف لا تكون اسبوعياً في الوقت الحاضر بل حسبما يستجد من الامور وتقتضيه المناسبات، بعد أن كان الدأب في ذلك أن تقرأ بشكل ” نصاً مكتوباً يمثل رؤى وانظار المرجعية الدينية العليا في الشأن العراقي “.
*وكالة نون الاخبارية