قد يعتقد البعض أن وصول العلاقات العاطفيّة الى حدود جنونيّة وغير منطقيّة هو عملٌ من نسج الدراما. لكن الحقيقة تكمن في أن التعقيدات التي يمرّ بها الثنائي والتي تدفع احدهما الى اتخاذ قرار الانفصال المفاجئ، قد تخلق ردّة فعلٍ غير مستقرّة في صفوف الشريك الذي يشرع الى تبنّي تصرّفاتٍ مضطربة، خصوصاً في حال نتج قرار الافتراق من وجود طرفٍ ثالث سرق حلم الحبّ من قلب حبيبٍ خائب. وقد تصل حدود السخط الذي يعتري الجهة المهزومة الى حدود التهديد بالقتل في حال احتكم لقرار الانفصال، حيث يعبّر الحبيب عن جنونه من خلال رسائل نصيّة غير مباشرة أو يطلق تهديداته وجهاً لوجه وبشكلٍ حازم.
لكن الدافع الحقيقيّ لتبني هذا المنطق أبعد من حدود العلاقة نفسها، وتعاطي الطرف المهدَّد مع الوعيد والتهويل الذي يطال شخصه يجب أن يتّصف بالعقلانيّة. وفي هذا الإطار 3 استراتيجيّات يتخطّى خلالها الشريك المستهدف أزمة الرهبة التي يعيشها مرغماً حين يقلب عليه القدر طاولة الحبّ.
1. دستور الرحيل مليءٌ بالبنود لم تكن العلاقة العاطفيّة يوماً وليدة اللحظة، بل هي نتاج حتميّ لأشهر وسنوات من البناء المشترك الذي لا يمكن هدّه بلحظةٍ واحدة.
من هنا على الراغب في الانفصال أن يعالج جميع الثغرات التي من شأنها ان تؤذي الطرفين قبل الاحتكام الى هذا القرار لأن القلوب لم تكن يوماً دمية توضع في درج خزانة ساعة يشاء الزمن. وتعتبر المصارحة البنّاءة بحقيقة المشاعر اسلوباً ذكياً مع ضرورة المحافظة على العلاقة الشخصيّة القائمة على الاحترام المتبادل. أما الهروب فلا يولّد سوى المآسي على اختلاف الظروف.
2. المواجهة العاقلة خيارٌ سليم يعتبر الخوف دائماً المعيار الأساسي الذي ينتج الهزيمة. ولعل المواجهة هي السبيل الوحيد الذي يساهم في حلّ المشاكل كلها والعاطفيّة منها. لكن عن أي مواجهة نتحدّث؟ هي الاحتكام الى العقلانيّة في تظهير صورة الشجاعة ويترجم ذلك من خلال كسر صورة الجلّاد التي أبى الشريك السابق ان يخلقها كجائزة ترضيةٍ لمعنويّاته. وتكمن تلك المواجهة العاقلة في اللجوء الى المنطق وشرح الصورة التي ادّت بهما الى الافتراق.
ومن الأمثل أخذ قسط من الراحة قبل الدخول في دوّامة علاقة جديدة لأن في ذلك العمل خطأ ناتجاً من عدم استقرار عاطفي وقد يدخل في مفترقاتٍ تسمّى بالخيانة لأنها لم تحترم العشرة السابقة ولأنها تأسّست على أنقاض علاقةٍ أخرى وأدت الى حرقها.
3. دراسة طبائع الشريك وشخصيّته تأخّر حين يهدّد الشريك بالقتل، فهو تالياً من أصحاب السوابق الانفعاليّة التي حكمت علاقته العاطفيّة في أكثر من مجرّد موقفٍ صغير، قبل أن تتلبور العلاقة وتتشابك الى درجة الارتباط الفعليّ والقويّ.
من هنا يتوجّب التعقيب على جميع المواقف التي تواجه الأفراد خلال فترة التعارف لأنها حتماً ستعطي انطباعاً واضحاً عن طبيعة الشخص وتصرّفاته ونظرته الى الحياة.
وفي حال تبيّن أن تطرّفاً في المواقف يحكم طباعه، من الأفضل قطع الطريق على الغد والتملّص من السير في مراحل جديدة تعزّز التقارب الذي تشوبه علامات استفهام. أمّا التغاضي عن الأخطاء السابقة والخوف المتأخّر من تهديدات آنيّة حقيقيّة، فهو مسؤوليّة التسليم بخيار ارتباطٍ طائش كلفته قد تكون باهظة في حال لم تفِ الديبلوماسيّة بالغرض، ما يحتّم اتخاذ الوعيد على محمل الجدّ واللجوء الى احتياطاتٍ امنيّة وقانونيّة صارمة.
النهار