تحت منبره كبار القوم من وزراء ونوّاب وشخصيات مسترئسة ومُستَزْلَمة , وبعضهم مسترزِق , وسفراء دول وقناصلة , وروحيون ممثلون لله , وجمهور غاضب قد إشتعل رأسه بالمذهبية , كلّ هذا مع غيرهم ممن يشاهد الفضائيات الناقلة مباشرة , لكل أنواع الشتيمة والسب , والاتهامات بكل أشكالها , وآخرها إتهام الأمة بكاملها بالعمالة للعدو الصهيوني , وكل مَن ذكرنا يسمع ويأنس ويوافق , وصاحبنا يسترسل بالسب الشرعي الإلهي , ويُدرج ذلك ضمن الجهاد في سبيل الله .
مليار ونصف المليار مسلم عملاء , خونة , متآمرون على الاسلام والمسلمين , وعلى العرب وعلى القدس الشريف , وحده المجاهد المُصر على تحرير فلسطين من خلال قتل أطفال ونساء وشيوخ السنة في سوريا , وإن إستلزم التحرير حصار أطفال ونساء وشيوخ فلسطين في مخيمات الشتات , وإن أكل الشعب الفلسطيني الاعشاب والنفايات في مخيم اليرموق , لا يضر ذلك ابدا في سبيل تحرير القدس وجوارها , هذا هو جنون حسن نصرالله , الذي يريد أن يشتم ويسب ويتهم بإسم الله والجهاد , وحرصا على وحدة الامة , والذي لم يرَ حتى الآن العدالة إلا في نظام بشار الاسد , النظام الابعد عن كل ما يمت إلى العدالة بصلة , وأيضا النظام الذي حمى العدو الصهيوني نصف قرن .
بأي لغة , وبأي منطق , يمكن أن يناقش هذا العقل الموغل في السفسطة المجنونة , هذا العقل الذي قلب كل الحقائق وغلّفها بغلاف الدين والجهاد في سبيل الله والانسانية والعدالة حسب تشخيصه هو , وإذا صادف عقلا مستعصيا , إستعار من تجربة معاوية بن أبي سفيان , أكياس الذهب والفضة ورمى بها في أحضان طالبي الرياسة .
إذا كنت تدّعي الحرص على مصلحة لبنان وشعبه , وعلى فلسطين وشعبها , فأين المصلحة من كل هذه المواقف المجنونة , التي أثارت الغضب العربي والدولي على الطائفة الشيعية وأصدقائها , في مناطق تُعتبر فيها أقلية , ويحيط بها بحرٌ من المسلمين السنة الغاضبين , وأين المصلحة في الإنسلاخ عن الحضن العربي الاسلامي , وهل ما زال الكلام ممكنا عن تحرير فلسطين مع مليار ونصف المليار عميل أو صديق للعدو الصهيوني كما عبّرت يا سماحة الامين المؤتمن .
إن الجنون أوصلك إلى الغوص في متاهات لا نهاية لها , إتهام الامة بكاملها بالعمالة والخيانة , وتبرئة العميل المتآمر , يكفي دليلا على الجنون , أو في أحسن الاحوال دعنا نسميه جنون العظمة , توضيحا لما نقصد من الجنون .
ألاستاذ علي كحيل