تحيط بالعالم العربي،الجمهورية الإسلامية الإيرانية من الشرق. وتركيا من الشمال الغربي. وتقبع في وسطه الفاصل بين بلاد الشام والمغرب العربي دولة إسرائيل الغاصبة أمّا في الشرق، حيث الجمهورية الإسلامية، والتي يحكمها رجال الدين، بقيادة المرشد العام المطلق الصلاحية، ولطالما اعتُبر هذا المقام عائقا ديمقراطيا، وينتقص من المشروعية الدستورية، فقد ظلّت إيران، وهي الدولة العريقة في تاريخها الإمبراطوري القديم، ورغم القيود المفروضة على الحريات، وخاصة الدينية منها، مُحافظةً على اللعبة الديمقراطية التي تقتضي العودة إلى الشعب لاختيار ممثليه البرلمانيين. وما تزال، رغم العوائق، تحتفظ العملية الانتخابية بحيويتها المطلوبة.
وهاهي برامج المحافظين تتوجه للشعب الإيراني بعناوين: المعيشة، الأمان، التقدم. أما الإصلاحيين والمعتدلين ،فيخوضون معاركهم الشرعية لكسر حدّة التيار المحافظ، وذلك تأسيساً على انتصارهم المحدود عام ٢٠١٣ بفوز الرئيس روحاني بفارق بسيط. أمّا في الشمال، حيث الجمهورية التركية، وهي دولة فتية ورثت الإمبراطورية العثمانية، وخلعت ثوب الاستبداد والتخلّف، وفتحت عينا مواربة على الغرب، إلاّ أنّها ظلّت لصيقة بمحيطها الإسلامي العربي. ولم ترتض حكم العسكر ، وأعادت للانتخابات الشعبية حيويتها وشرعيتها، وما وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، رغم استلهامه الإسلامي لخير دليل على ذلك.
أمّا الدولة المغتصبة لأرض فلسطين، إسرائيل، ورغم عدوانيتها المتفاقمة ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، فتحتفظ بقدر كافٍ من الوسائل الديمقراطية التي تعود إلى استفتاء الشعب كلما دعت الحاجة إلى ذلك، ويكفيهم فخرا أنّ رئيس الدولة أُدخل السجن بتهمة التحرّش، واليوم رئيس الوزراء السابق أولمرت، خلف القضبان بتهمة الفساد.
ما هي مناسبة هذا القول؟ لن أتحدث عن الدكتاتوريات العربية التي أرخت بثقلها على العالم العربي لأكثر من أربعة عقود، حتى هبت رياح الربيع العربي، فقد سال حبر غزير في هذا المجال، بل سأتحدث عن اللعبة الديمقراطية المُعطّلة في لبنان.
ويكاد أن يكون البلد الوحيد في العالم، الذي يعجز عن انتخاب رئيس للبلاد لمدة تقارب العامين.ومع ذلك فإنّ الذين يتباهون بمآثر الجمهورية الإسلامية في إيران، يُصرّون على القول بأنّ امتناعهم عن حضور جلسة انتخاب الرئيس العتيد هو دستوري وميثاقي وشرعي، ويتباهون به ويفتخرون ، أمّا مصالح المواطنين، كالتي وردت في برامج المحافظين الإيرانيين ،من همٍّ معيشي، وأمان، وتقدم، فليست آخر اهتماماتهم، بل لعلّها ليست بالحسبان، ولم يخطر ببالهم أنّ التشبه بالكرام فلاحُ.