أفرجت الحكومة البريطانية عن وثائقها الرسمية حسب قوانين السرية المعمول بها. وقد اعتادت في نهاية كل عام في شهر كانون الأول إزالة قيود السرية المفروضة على ملفاتها الرسمية التي تمتد 30 عاما وتحتوي على نقاشات الحكومة ومحاضر جلساتها والمراسلات بين سفاراتها في الخارج وجهازها الإداري. هذا العام اختارت أن تفرج عن ملفاتها، التي تغطي عام 1986 وتمتد إلى عام 1988، إلى وسط شباط الحالي. الملفات التي أفرج عنها هذا العام تناولت الحرب العراقية الإيرانية التي كانت قاربت على الانتهاء، وبعض النشاطات الاستخبارية والاغتيالات واختطاف الطائرة الكويتية، التي يعتقد أن اللبناني عضو حزب الله عماد مغنية كان العقل المدبر وراءها. كما تتناول اغتيال رسام الكاريكاتير ناجي العلي عام 1987. كما تناولت الملفات تدهور العلاقات الإيرانية البريطانية والنشاطات الإيرانية غير المرغوب فيها على الصعيد الدبلوماسي، والعلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، وبداية أزمة الرهائن في لبنان واختفاء ممثل الكنيسة الإنجليكانية الوسيط تيري وايت، والعلاقات مع سوريا وتدهورها. وفي إحدى جلسات الحكومة قال وزير الخارجية إنه يتعرض لضغوط من واشنطن ودول أوروبية من أجل أن يتوصل إلى تسوية مع سوريا، على الرغم من اعتقاده أن النظام يدعم النشاطات الإرهابية.
الرهائن في لبنان
وزير الخارجية السير جيفري هاو قال للحكومة إن "قصر لامبث" مقر كبير أساقفة الكنيسة الإنجليكانية أكد له سلامة ممثله تيري وايت، الذي ذهب إلى بيروت للوساطة من أجل إطلاق سراح المخطوفين الأجانب. قال إن الحكومة لا تريد أن تظهر أنها تنسق مع وايت، لأن ذلك يعطي الانطباع أن ويت غير مستقل ويقلل من فرص نجاحه. كما قال إن على الحكومة أن لا تعلق كثيرا على الموضوع لأن ذلك سيزيد من الإطالة في احتجازه في لبنان.
في نيسان 1986 نصحت الحكومة البريطانية رعاياها مغادرة بيروت الغربية. وقال هاو إن على الحكومة أن لا تنصح رعاياها الآن الموجودين في مناطق أخرى في لبنان حتى لا يتفاقم الموضوع. كما قال وزير الخارجية إن ألمانيا ستحاول التوصل إلى صفقة مع الخاطفين من أجل إطلاق سراح اثنين من رعاياها من رجال الأعمال، اختطفا في لبنان، مقابل إطلاق سراح اثنين من السجناء العرب في السجون الألمانية، على الرغم من الموقف الموحد للدول الغربية، وهو "لا لصفقات مع الإرهابيين". قال إن الحكومة ستحاول إقناع الألمان للعدول عن ذلك.
أضاف وزير الخارجية في اجتماع آخر للحكومة بأنه مضى أكثر من أسبوعين على اختفاء تيري وايت ممثل أسقف كانتبري. وقال هاو إن مصادر الحكومة تعتقد بأن ويت احتجز لأنه لم يتمكن من أن يقدم الأموال أو التعهدات بأن يستمر شحن الأسلحة لإيران، وهذا ما كان يتوقعه الخاطفون مقابل إطلاق سراح الرهائن. "هذا يبدو صحيحا، لكن من الخطأ إقحام وايت بقضايا التزويد بالسلاح. أسقف كانتبري كتب لحجة الإسلام رفسنجاني، المتحدث باسم البرلمان الإيراني وللقائد الروحي للشيعة في لبنان حسين فضل الله. الحكومة مقتنعة بأن أي تدخل رسمي من قبلها نيابة عن تيري وايت سيزيد من أهميته لدى مختطفيه ويضعه في خطر".
قال إن أسقف كانتبري تلقى إجابة من الزعيم الروحي الشيعي فضل الله ينفي أي مسؤولية لاختفاء تيري وايت، وإنه لا يوجد لديه أي معلومات. قال إن الأسطول السادس الأميركي ما زال في البحر الأبيض المتوسط، لكنه لا "يعتقد بأن الولايات قادمة على أي عمل عسكري في لبنان، لكن هذا قد يتغير إذا تم قتل الرهائن الأميركان".
قال إنه على الرغم من أن الرئيس اللبناني أمين جميل يتمتع بصلاحيات محدودة في لبنان، فإن استقباله خلال وجوده في لندن من قبل الحكومة كان في مكانه. قال إن الحكومة أرسلت برسالة واضحة للنظام السوري بان سياسة بريطانيا اتجاه سوريا لم يتغير. "وتم مناقشة اختفاء تيري وايت مع جميل، إلا أن الأخير غير قادر عل ىأن يفعل شيئا".
التدخل السوري في لبنان في 22 شباط جاء بناء لطلب بعض القوى، لكن الرئيس جميل دان التدخل. "لحد الآن لا نعرف إذا كانت هذه الخطوة ستزيد أو تقلل الاضطرابات في لبنان. الولايات المتحدة وإسرائيل تصرفتا بتحفظ".
وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عرض مساعيه الحميدة للمساعدة في قضية ممثل الكنيسة الإنجليكانية تيري وايت، "لكن التقديرات تقول إن ذلك لم يكن مثمرا".
أبدت بريطانيا انزعاجها بأن إطلاق سراح الرهينة الألماني في لبنان قد تم نتيجة صفقة، مقابل تخفيف الحكم على سجناء عرب في السجون الألمانية، "على الرغم من نفي الحكومة ألمانية، فإنها اعترفت بأن الشركة التي كان يعمل لديها الرهينة الألماني دفعت مبالغ طائلة مقابل إطلاق سراحه".
اختطاف طائرة كويتية في طريقها من بانكوك للكويت
بينت إحدى الوثائق أن منظمة الجهاد الإسلامي (ذراع حزب الله الإرهابي في عمليات اختطاف الطائرات والابتزاز المالي) هي من كان يقف وراء اختطاف الطائرة الكويتية بوينغ 747 في 5 نيسان 1988، والتي كانت في طريقها من بانكوك إلى الكويت. وتعتقد الحكومة البريطانية أن عماد مغنية، صهر أحد السجناء الـ17 في السجون الكويتية، هو الرأس المدبر وراء العملية. مع أنه لا يوجد إثباتات واضحة حول تواطؤ إيران في العملية، "إلا أن هناك مؤشرات بأن الطائرة عندما حطت في مطار مشهد، انضم إلى المختطفين مجموعة أخرى، كما أنه تم تزويدهم بمتفجرات وسلاح. من حسن الحظ فقد تم إطلاق سراح جميع البريطانيين الذي كانوا على متن الطائرة". الجزائر توسطت في هذا الحادث. كما هو معتاد، تعرض الجزائر مساعيها الحميدة في نزاعات من هذا النوع، كما حصل عندما توسطت في مشكلة الرهائن بين الولايات المتحدة وإيران. الحكومة البريطانية قالت إنها حذرت الجزائر بخصوص التزامها بالقانون الدولي، مما يعني أنه عليها محاكمة الخاطفين أو ترحيلهم إلى دول أخرى لمحاكمتهم هناك. "تضمن فريق المفاوضين ممثلين عن الحكومة الكويتية ومنظمة التحرير الفلسطينية. الجزائر لامت الحكومة الكويتية على موقفها المتعنت. في 20 نيسان تم إطلاق سراح ركاب الطائرة واختفاء المختطفين. الكويت لم تقدم تنازلات، واستمرت في موقفها. الحكومة البريطانية كانت تنوي معاقبة الجزائر ومطالبتها الالتزام باتفاقيات دولية، "إلا أن بعض الدول الغربية اختارت عدم اتخاذ إجراءات ضد الجزائر".