بمناسبة وفاة “صحافي الأمة العربية الأوّل” الاستاذ محمد حسنين هيكل خصّ السيّد محمد حسن الأمين “جنوبية” بحديث جاء فيه:
“يشكل غياب الصحافي والكاتب الكبير المرحوم محمد حسنين هيكل فجوة كبيرة وفراغاً واسعاً على مستويات عديدة، أهمها إبداعه في مجال الصحافة ودوره الكبير في تطويرها وتحويلها إلى مادة فكرية، والانتقال بها من عصر إلى عصر جديد، مرافقاً في ذلك وبصورة تدعو إلى الإعجاب والذهول الشبكة الكبيرة والمعقدة من الأحداث والتحولات طيلة أكثر من ثلاثة أرباع القرن، ولا ننسى أن عبقريته في مجال الكتابة والتحليل السياسي الاجتماعي لم تكن مجرّد قدرات فنية ولغوية، بل كان جوهرها في متابعة استثنائية لأحداث العالم بصورة عامة ولقضايا مصر والعالم العربي بصورة خاصة، وبالطبع لا يمكن نسيان الدور المفصلي الذي لعبه الراحل الكبير إلى جانب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وإني لأعتبر إنجازه المميز في كتابته لنص فلسفة الثورة وهي المهمة التي أوكلت إليه من قبل عبد الناصر، فاستطاع أن يكشف بصورة دقيقة طبيعة الأفكار والاستراتيجيات التي قامت عليها هذه الثورة.
الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل
كان لقائي الأول معه في القاهرة في أول التسعينات من القرن الماضي، لدى انعقاد المؤتمر الأول للمؤتمر القومي الإسلامي وصدف أن كنّا جالسين جنباً إلى جنب، مما أتاح فرصة غنية لأفكار ومناقشات تتعلق بالمسألة القومية والمسألة الإسلامية، وكان يتسم حديثه معي وأسئلته بتواضع نادر، وهو يسأل عن قضايا ومعلومات عن لبنان وعن الفكر الإسلامي بما كنت أعتقد أنه كان ملمّاً بها، وقد ملأتني دماثته وتواضعه مزيداً من التقدير والاحترام تضاف إلى موهبته النادرة في مجال الصحافة والكتابة السياسية.
اقرأ أيضاً: بين الحياة و الموت… وقفةٌ مع محمد حسنين هيكل
ثم تتابعت لقاءاتنا منذ ذلك الوقت بصورة نسبة سنويّة، سواء في المؤتمر القومي العربي أو المؤتمر القومي الإسلامي، في زياراته المكرّرة إلى بيروت. وبالخلاصة فإنني لا أدّعي بأن إعجابي بهذا الرجل كان مصدره تطابقاً في الرؤية السياسية والدينية للأمور المتصلة بهذين العالمين الواسعين، فقد وافقته وخالفته كثيراً وخاصة في السنوات الثلاث الأخيرة، ولايخفى أن موقفه من الثورة السورية كان واحداً من هذه المسائل الخلافية بيني وبينه، ولكنني بالرغم من ذلك لا أعتبر أن الاختلاف مع هيكل سواء في هذه القضية أو غيرها يقلّل من فرص الشهادة لهذه الشخصية بالانفراد والتميّز واعتباره صحافي الأمة العربية الأوّل على مدى أكثر من نصف قرن”.