ما يحصل في ملف النفايات من فضائح امر غير مستغرب، في ظل هذه الطبقة السياسية التي لا تعرف «لقمة الحلال» وتعيش على «الحرام» في ممارساتها، ولو حصلت هذه الازمة في اي بلد في العالم لسقطت الحكومة وتدحرجت رؤوس الى السجون، ولكن هذه الطبقة السياسية تعمل على هواها لانها تدرك ان المحاسبة في لبنان مستحيلة، في ظل هيمنة الطبقة السياسية على كل مفاصل الحياة السياسية.
3 ساعات من النقاشات في مجلس الوزراء وسط «مماحكات» و«نكايات» ولم يقدم اي وزير حلاً علمياً متكاملاً، وكل طرف يلقي المسؤولية على الطرف الآخر.
قضية النفايات عادت الى نقطة «الصفر»، والنفايات باقية في الشوارع، وان ملايين الدولارات التي صرفت على الدراسات ذهبت هدراً. و«الانكى» ان اجتماعات اللجان يخصص لها مصاريف وبدل اتعاب، كأن مال الدولة «سايب» للبعض. كما ان القوى السياسية المهيمنة في اطار الحدود الجغرافية لمطمر الناعمة، وتحديداً الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديموقراطي اللبناني وقوى الحراك المدني ترفض فتح المطمر. وهناك بداية لتحركات جديدة. واهالي الشويفات يرفضون فتح الكوستابرافا تحت اي حجة. وكذلك البعض في عكار يرفض فتح مطمر سرار اذا لم يفتح مطمر في المناطق الشيعية، وبالتالي فان الحكومة ستكون امام مواجهة جديدة مع الحراك المدني وستبقى النفايات في الطرقات. كما ان تلويح البعض من الوزراء باستخدام الجيش امر مستحيل، لان الجيش لا يمكن ان يقف ضد اهله وناسه، كما ان الامر يحتاج الى قرار سياسي لا يمكن ان يتوافر في هذه الظروف.

ـ محضر جلسة مجلس الوزراء ـ

«الديار» حصلت على مداخلات الوزراء في جلسة الحكومة حول النفايات واظهرت «مماحكات» وعدم النقاش الجدي.
واستهل رئيس الحكومة الجلسة بتقديم عرض لمشكلة النفايات والترحيل، ثم جرى نقاش عرض فيه الوزير اكرم شهيب المكلف معالجة ملف النفايات للموضوع، وطلب اعفاءه من المهمة بعد ن فشل فيها معلنا انه يتحمل المسؤولية.
واقترح الرئيس سلام ارجاء البحث ودعوة اللجنة الوزارية المكلفة سابقا معالجة الملف لاجتماع غدا لبحث الامر. وهنا ابدى الوزير حرب تحفظه عن الامر مدليا بأن اللجنة سبق لها ان رفعت تقريرها الى مجلس الوزراء وتمت مناقشته ووافقت اكثرية مجلس الوزراء على التقرير المعتمد للطمر الصحي واطلاق مناقصات المحارق الحديثة وتحفظ بعض القوى السياسية ما حال دون اتخاذ القرار. ورأى ان المطلوب اليوم هو ان تؤكد الحكومة على موافقتها على التقرير وليتحمل الجميع مسؤولياتهم، ويبقى للجنة متابعة التنفيذ وليس اعادة البحث بطرح نتيجة بحثها مجددا على مجلس الوزراء. هذا، والبلد والناس غارقون في الزبالة والامراض.
وايد الوزير درباس طرح الوزير بطرس حرب وطالب باتخاذ التدبير اليوم وعدم ارجائه، لانه اصبح معيبا التأجيل والتردد. كما ايّد الطرح الوزيران قزي والحاج حسن الذي اعتبر ان الدولة يجب ان تأخذ قرارها وتنفذه ولو بالقوة وقد دلت التجارب على ذلك في بعض الامكنة، ورفض العودة الى اللجنة معلنا انه لن يشترك فيها داعيا الى ايجاد مطامر.
واثار الوزير بو صعب عدم جدية الشركة المتعهدة وعمالة احد المسؤولين فيها لاسرائيل، وعندما شرح رئيس الحكومة ان الشركة نفت صحة هذه الشائعة لكن التكذيب لم ينشر، عاد بو صعب لطرح الشبهات حول جدية الشركة، لكن رئيس الحكومة اوضح ان لديها عقداً مع الحكومة البريطانية. واشار الى ان رئيس الحكومة لم يتعاط بجدية مع الملف وطلب الوزير دو فريج شطب عبارة ان رئيس الحكومة لم يتعاط بجدية مع ملف النفايات». فرفض بو صعب ذلك معتبراً ان موضوع الترحيل يمكن ان نفشل فيه. واقترح اتخاذ القرار اليوم بغض النظر عن وجود الشركة. وشدد الوزير حكيم على ضرورة صدور قرار اليوم بشأن هذه القضية عن مجلس الوزراء واعتماد الحزم في تنفيذه.
وتكلم الوزير نهاد المشنوق فرأى ان المطروح هو العودة الى قضية المطامر في ظل التوافق السياسي وتنفيذ القرار او العودة الى اجراء المناقصات التي اجهضت في الماضي ودعا الى الاتفاق على خيار والسير به.
من جهته، اقترح الوزير اشرف ريفي ان يطرح الموضوع على هيئة الحوار لمعالجته سياسيا. ورفض دو فريج العودة الى مناقصات جديدة، لان الامر يتطلب خمسة او ستة اشهر، والمطلوب ان يقرر مجلس الوزراء ما يجب فعله بالنفايات المنتشرة بين المنازل وعلى الطرق، معتبراً ان مجلس الوزراء الغى المناقصة تحت وطأة الضغط، وهو بذلك ارتكب خطأ. ولفت الى ان المقالع الموجودة تتسع لملايين الاطنان من النفايات، انما مطلوب قرار سياسي.
واعتبر وزير المالية علي حسن خليل ان ايلاء البلديات أمر حل مشكلة النفايات هو كلام نظري وغير جدي. والكتلة الكبرى من النفايات هي في بيروت والضاحية وقسم من جبل لبنان، والبلديات غير قادرة على حل هذه المشكلة.
واضاف: لقد اتفقنا على ان يناقش مجلس الوزراء في نهاية الشهر المحارق. فنفايات بيروت والضاحية وجبل لبنان تحتاج ثلاث مطامر فتنتهي المشكلة وسأل هل تستطيع امل وحزب الله تدبير مطمر لنفايات الضاحية؟ وكذلك الامر بالنسبة للمناطق الاخرى.
وأيد ابو فاعور ما قاله شهيب رغم ما سيذهب اليه البعض من تشكيك بنا، الا اننا لا نقبل التشكيك في نزاهتنا والكارثة الصحية تزداد وتتعاظم على كل لبنان، وستظهر النتائج بعد سنوات على مستوى التشوهات والامراض السرطانية. وطالب باتخاذ قرار سياسي، وإلا فلنعلن اننا دولة عاجزة، فكفانا «بهدلة».
وطالب الوزير جريج بالعودة الى قرار مجلس الوزراء السابق بتنفيذ خطط اللجنة التي ترأسها الوزير شهيّب.


وأدلى وزير الخارجية جبران باسيل بمداخلة معتبرا ان الترحيل هو أسوأ حل «وليست مهمتنا انا والياس بوصعب ايجاد حل بديل، حتى ولو أتت الموافقة غدا على الترحيل، فنحن نرفض هذا الحل لأنه غير معتمد في اي مكان في العالم».
وأضاف: «الحل الثاني اطلاق المحارق، وبانتظار ذلك نعطي البلديات الصغيرة حق معالجة نفاياتها ودفع عائداتها، أما البلديات الكبيرة فيمكنها اعتماد المطامر او اجراء مناقصات جديدة مع المطامر. وبصورة خاصة ضمن المقالع والكسارات والموضوع يحتاج الى قرار سياسي». واستبعد المضي بهذا الحل دون فتح مطمر الناعمة.
وقال: «نحن لم نعرقل موضوع النفايات بل ان القوى السياسية هي التي افتعلت هذه المشكلة. فهناك هدر في سوكلين وتأخير في اجراء المناقصة في الحكومة السابقة. والتركيبة ذاتها تمنع الحل. ولا نقبل ان يقال اننا مسؤولون عن المشكلة. لا يمكن حل موضوع يتعلق بهيبة الدولة ونترك اموراً أخرى مهمة عالقة دون حل. فلا يمكن وقف سدّ في جبيل فيما تطلب مني ان اؤمن لك مطمراً في جبيل».
من جهته، اعتبر وزير الدفاع سمير مقبل ان عرقلة عملية الترحيل تدفعنا الى البحث عن مطامر وهو قرار سياسي يحتاج الى تغطية أمنية.
وهنا ختم الوزير حرب المناقشة بضرورة تكليف اللجنة متابعة التنفيذ والطلب الى الجيش والقوى الأمنية المؤازرة في تنفيذ القرار، مع وجوب اتخاذ تدابير ضد الشركة التي أوكل اليها أمر الترحيل، خصوصاً اذا تبين ان هناك مستندات مزوّرة، بالاضافة الى مصادرة الكفالة. ولاقى موقف حرب تأييد فنيش الذي رأى ان لا مفر من المطامر.

 

ـ سلام ـ

وختاماً، تحدث رئيس الحكومة ودعا سلام لاتخاذ القرار باعتماد المطامر وتعيين جلسة لاقرار الاماكن التي تقترحها اللجنة. فعلق الوزير حرب مطالبا باضافة فقرة «لتكليف القوى الزمنية والعسكرية تنفيذ مقررات مجلس الوزراء». الا ان رئيس الحكومة استمهل 48 ساعة من اجل اعلان القرار، بانتظار نهاية المهلة المعطاة لشركة ترحيل النفايات.
وهنا تمنى ابو فاعور دعوة مجلس الوزراء غدا لاتخاذ القرار السياسي، باعتبار ان اللجنة عاجزة عن اتخاذ قرار سياسي في امر كبير كهذا، فوافق رئيس الحكومة ورفعت الجلسة.

ـ سجال بين زعيتر وباسيل ـ

وبعد حوالى ثلاث ساعات من النقاش في ملف النفايات، انتقل البحث إلى جدول الاعمال، فحصل سجال بين الوزير زعيتر ووزيري التيار الوطني الحر جبران باسيل والياس بوصعب، وبالاخص مع باسيل حول المشاريع التي تنفذها وزارة الاشغال، فقد اعتبر باسيل ان هناك تمييزاً في توزيع المشاريع. وكذلك شارك وزراء الكتائب في هذا السجال، فاعترضوا على توزيع المشاريع.

ـ الملف الرئاسي وبري: لا حلف رباعي ـ

اما على صعيد الملف الرئاسي، فلا جلسة في 2 آذار، رغم حركة الحريري و«البوانتاج» اليومي الذي يقوم به واصراره على انه قادر على تأمين النصاب عبر كتلة المستقبل 34 نائبا، اللقاء الديموقراطي 11نائباً، التنمية والتحرير 11 نائباً، القوات اللبنانية 8 نواب، الكتائب 5 نواب، نواب بيروت 3 نواب، والنواب المستقلون: تمام سلام، نجيب ميقاتي، عماد الحوت، احمد كرامي، دوري شمعون، بطرس حرب، روبير فاضل، روبير غانم وميشال المر، في حين بقي موقف نائبي الطاشناق ارتور نظريان واغوب بقرادونيان والنائب محمد الصفدي غير واضح، فيما يبلغ عدد النواب الممتنعين 40 نائباً وهم: التيار الوطني الحر 18 نائبا، الوفاء للمقاومة 13 نائبا، المردة 4 نواب، عاصم قانصو، اسعد حردان ومروان فارس وطلال ارسلان ونقولا فتوش. وبالتالي فان عدد الممتنعين يصل الى 40 نائبا، اما عدد الذين سيصوتون للنائب سليمان فرنجية فيصل الى 84 نائبا، وبالتالي اذا حضر نواب المردة فان النصاب سيتأمن.
تفاؤل الرئيس الحريري والتأكيد ان جلسة الانتخاب قائمة، وأن هناك امكانية لانتخاب رئيس للجمهورية فرمله الرئيس بري الذي قال امام زواره، «حتى هذه اللحظة لا مؤشرات ايجابية بالنسبة لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 2 اذار رغم كل الجهود والمساعي والتحركات الجارية. وذكر انه كان اول من دعا الى النزول الى المجلس لانتخاب الرئيس قبل مبادرة ترشيح فرنجية وبعد لقاء معراب».
وحول ما ذكرت بعض وسائل الاعلام عن تحالف رباعي بشأن الرئاسة قال بري: لا تحالف رباعي ولا غير رباعي بالنسبة للاستحقاق الرئاسي والاصطفافات السياسية التي يحكى عنها. وحول تحرك الحريري قال الحريري يقوم بحراك سياسي وهناك ضرورة كي يحصل التوافق.
ورداً على سؤال حول ما اذا كانت الحركة الداخلية يمكن ان تؤمن ثمارها بالنسبة للرئاسة ام التحرك الخارجي، اكتفى بالقول «لا تحسنوا الظن كثيراً باستقلالنا».