لم تكن استدارة مجلس الوزراء نحو الخطة الاولى لانهاء أزمة النفايات التي تعتمد "خيار المطامر" مفاجئة بعدما تكاملت معالم فوضى غير مسبوقة حيال خطة وافق عليها المجلس وأقرها وحين وصلت الامور الى نقطة بداية ترحيل النفايات اصطدم الجميع بتعثرها لاسباب لا تزال تدور في غياهب "الالغاز". ولعل ابلغ دليل على الضياع الذي أصاب الحكومة والمعنيين بملف النفايات تمثل في برج بابل حقيقي شهدته الجلسة الماراتونية لمجلس الوزراء أمس والتي غاب عنها كل شيء بما فيه جدول الاعمال لتملأ قضية فشل خطة ترحيل النفايات الساعات الخمس بمبارزات كلامية متمادية بدا مستغربا بالنسبة الى بعض الوزراء ان رئيس الوزراء تمام سلام أفرط في المرونة لتركه المهرجان الكلامي يتمادى فيما النتيجة بدت مبتوتة أساساً بالعودة عن خيار ترحيل النفايات الى اعتماد المطامر، وهو الخيار الذي لم يعد منه بد ولكن بحزم حاسم هذه المرة من شأنه ان يشهر بأي فريق سياسي لا يسهله. واذ تناوب على الكلام 22 وزيرا من أصل 24، علمت "النهار" ان ملف ترحيل النفايات وصل، على حدّ وصف مصادر وزارية، الى مرحلة النزع التي تسبق الوفاة أو قد تعني إمكان حصول تطور في الساعات المقبلة تؤدي الى عودته الى الحياة في ضوء ما سيرد من موسكو من جواب حاسم.
وتحدثت عن معطيات جديدة ستتضح هويتها اليوم، مشيرة الى ان الرئيس سلام ركز في جلسة مجلس الوزراء على" اللغط الذي رافق الملف لكنه لا يلغي حقيقة أن الشركة البريطانية التي رست عليها مهمة الترحيل جدية لكنها ويا للاسف لم تتلق المستند المطلوب من روسيا مما يشير الى حلقة مفقودة في الموضوع علما أن الدولة الروسية عبر وزيريّ الخارجية والبيئة والسفارة في بيروت أبلغتنا عن الاستعداد لاستقبال النفايات من لبنان.وإذا لم نتلق الجواب غداً (اليوم) سنعود الى حل المطامر". وأفادت المصادر ان الاتجاه الغالب في مجلس الوزراء تمثل في العودة الى حل المطامر. وأوضحت ان اللجنة الوزارية التي اعيدت الى التفعيل ستجتمع برئاسة الرئيس سلام غدا السبت وستحدد ما هي المطامر التي ستركز عليها: هل هي المطامر التي حددتها سابقا خطة وزير البيئة محمد المشنوق والتي تنطلق من مبدأ المناطق؟ أم المطامر التي حددتها خطة وزير الزراعة أكرم شهيّب وهي سرار والناعمة والسلسلة الشرقية؟ وأضافت ان الاتصالات إنطلقت امس من أجل توفير توافق سياسي على المطامر، في حين دعا وزير العمل سجعان قزي الى عدم إنتظار التوافق والذهاب الى التنفيذ لإن الموضوع لم يعد يتحمّل تأجيلاً.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الرئيس سلام كان اقترح في بداية الجلسة إرجاء البحث ودعوة اللجنة الوزارية المكلفة سابقاً معالجة الملف الى إجتماع غداً للبحث في الأمر، إلا أن الوزير بطرس حرب أبدى تحفظه عن الأمر معتبرا أن اللجنة سبق لها أن رفعت تقريرها إلى مجلس الوزراء وتمت مناقشته ووافقت اكثرية مجلس الوزراء على التقرير المعتمد الطمر الصحي وإطلاق مناقصات المحارق الحديثة. ورأى أن المطلوب اليوم هو أن تؤكد الحكومة موافقتها على التقرير وليتحمل الجميع مسؤولياتهم. ولفت في كلام حرب مطالبته بإصدار القرار من مجلس الوزراء وتكليف اللجنة متابعة التنفيذ والطلب من الجيش والقوى الأمنية المؤازرة في تنفيذه مع وجوب إتخاذ تدابير في حق الشركة التي أوكِلَ إليها أمر الترحيل وخصوصاً إذا تبيّن أن هناك مستندات مزوّرة . كما لفت في مداخلة للوزير جبران باسيل دعوته الى اعتماد المحارق وقال "لا يمكن حل موضوع يتعلق بهيبة الدولة ونترك أموراً أخرى مهمة عالقة دون حل. فلا يمكن وقف سدّ في جبيل فيما تطلب مني أن أؤمن لك مطمراً في جبيل".
وتكلم الوزير نهاد المشنوق فرأى ان المطروح هو العودة الى قضية المطامر في ظلّ التوافق السياسي وتنفيذ القرار أو العودة الى اجراء المناقصات التي اجهضت في الماضي.
واقترح الوزير اشرف ريفي ان يطرح الموضوع على هيئة الحوار لمعالجته سياسياً. ورفض الوزير نبيل دو فريج العودة الى مناقصات جديدة لأن الأمر يتطلب خمسة أو ستة أشهر والمطلوب أن يقرر مجلس الوزراء ما يجب فعله بالنفايات المنتشرة بين المنازل وعلى الطرق، ملاحظاً أن مجلس الوزراء ألغى المناقصة تحت وطأة الضغط وهو بذلك إرتكب خطأ. وأيّد الوزير وائل أبو فاعو ما قام به الوزير اكرم شهيب وقال بـ"لا نقبل بالتشكيك في نزاهتنا والكارثة الصحية تزداد وتتعاظم على كل لبنان وستظهر النتائج بعد سنوات على مستوى التشوهات والأمراض السرطانية" وطالب بإتخاذ قرار سياسي "وإلا فلنعلن أننا دولة عاجزة فكفانا بهدلة".

بري والحريري و2 آذار
في غضون ذلك، تتخذ الحركة السياسية النشيطة للرئيس سعد الحريري في اتجاه الدفع نحو احداث اختراق في الازمة الرئاسية في جلسة 2 آذار بعدا مهما في ظل معطيات تشير الى ان هذه الحركة، وان لم تضمن توفير النصاب، للجلسة فهي آيلة حتماً الى احداث وقائع سياسية جديدة في المسار الرئاسي يصعب القفز فوقها ولو تجاهلها ظاهرياً "حزب الله " حتى الآن . اذ ان الدعوات المتكررة التي يطلقها الحريري الى نزول الجميع الى مجلس النواب والاحتكام الى الانتخاب ايا يكن الفائز بدأت تحدث تحريكا قويا للمناخ الرئاسي ليس على المستوى الداخلي فحسب بل أيضاً على المستوى الديبلوماسي. وربما أمكن ادراج الاجتماع الذي عقد أمس في السرايا بين الرئيس سلام والسفراء الاوروبيين في سياق الضغوط الغربية لانجاز الاستحقاق، اذ دعا السفراء الى انتخاب رئيس للجمهورية "من دون مزيد من التأخير وفقا لاحكام الدستور". وأكد الحريري أمس انه سيواصل الضغط لانهاء الفراغ قائلا: "سنشارك في كل الجلسات تحت سقف الدستور والديموقراطية وليربح من يربح ولن نعطل ".
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره انه "أول من طالب النواب بالتوجه الى مجلس النواب وبالنزول الى ساحة النجمة وانتخاب رئيس الجمهورية. وشددت على هذا الامر قبل الحديث والاعلان عن ترشيح النائب سليمان فرنجيه، وحتى هذه اللحظة لا تبدو المؤشرات ايجابية ومتوقعة حتى موعد جلسة الانتخاب في 2 آذار المقبل رغم كل المساعي التي تبذل في هذا الشأن".
وسئل عن حركة الرئيس الحريري وعودته الى بيروت، فأجاب: "وفر الرئيس الحريري حراكاً سياسياً في البلد مع ضرورة الحاجة للتوصل الى التوافق".
وسئل هل الحركة الداخلية تعبد الطريق الى لبننة الاستحقاق الرئاسي أم يبقى اسيراً للوضع في المنطقة وتطوراته، فأجاب: "لا تحسنن الظن كثيراُ باستقلالنا".
وعن الحديث في الايام الاخيرة عن انضمامه الى حلف رباعي في وجه العماد ميشال عون و"حزب الله " قال: "لا ثلاثي ولا رباعي ولا غير رباعي في الاستحقاق الرئاسي ولا اصطفافات".