ذكر الله تعالى في أوائل سورة الأنفال وأوائل سورة المؤمنون وفي مواضع أخرى من القرآن الكريم صفات المؤمنين والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها كل مؤمن ومسلم من إيمانيات وعقائد وأفعال ولم يذكر فيها أي إشارة إلى الإيمان بإمام معين . قال تعالى في أوائل سورة الأنفال :(إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا ....) الأنفال : 1_2  .
  لقد بينت هذه الآيات صفات المؤمن الحقيقي ولم تشر أدنى إشارة إلى الإيمان بإمام معين ،فكيف يجعل البعض الإمام والإمامة من أصول الدين ومن مقومات الإيمان ومن ينكرها كافر ضال كما يذكر ذلك الشيخ المفيد فيقول : "اتفقت الإمامية على أن من ينكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار" (أوائل المقالات ص44 وبحار الأنوار ، ج 8 ، ص 366) . 
  كما قال تعالى في سورة الحجرات :(إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ) الحجرات:15 . 
  وجاء نحو ذلك في الآيات 61 و 136 و 177 و 285 من سورة البقرة حيث عدد الله مقومات الإيمان وصفات المؤمنين ولم يأت بذكر على الاعتقاد بإمام معين .
  إضافة إلى ذلك إن ما يدعيه البعض بضرورة الإيمان بإمام منصوب من قبل الله سيقوم بإصلاح الناس بقوة السيف ويجعل جميع أهل الأرض مسلمين إلى حد أن الذئب والشاة سيعيشان بسلام مع بعضهما وستمتلئ الأرض عدلا وقسطا بعد أن ملئت ظلما وجورا ،وسيقتل من الناس قتلا عظيما حتى يصل الدم إلى أعلى ركب خيله ويقولون إن كل من لا يؤمن بهذا المهدي بهذه الأوصاف فإيمانه غير صحيح.
  هذا في حين أننا نرى أن آيات القرآن تقول خلاف ذلك وسنذكر فيما يلي وباختصار بعض الآيات التي تنفي مثل هذا المهدي بتلك الأوصاف المذكورة :
   1_قال تعالى واصفا اليهود والنصارى : (فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة)المائدة :14.وقال في السورة ذاتها(وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة)المائدة : 64. بناء على ذلك فإن فرق اليهود والنصارى ستبقى إلى يوم القيامة وستبقى العداوة والبغضاء فيما بينها وهذا إخبار بالمغيبات من قبل القرآن . فإذا كان الأمر كذلك فكيف يتفق هذا مع القول بأن الله سيرسل إماما في آخر الزمن ينهي به العداوة والبغضاء بين البشر ويصبح الجميع مسلمين

متحابين؟!
  2_قوله تعالى:(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)الرعد :11 .تؤكد هذه الآية أن الله تعالى لا يغير أحوال الناس كرها أو قهرا ولا من خلال إرسال شخص يصنع ذلك التغيير بقوة السيف ،بل عندما يقوم الناس بتغيير أنفسهم بذاتهم وإصلاح أحوالهم عندئذ يغير الله حالهم .
  3_قوله تعالى :(ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) الأنفال : 53. إن الله تعالى منذ خلق البشر وحتى هذا اليوم لم يغير حال قوم بالجبر والإكراه ،سواء للأسوأ أم للأفضل ،كيف والجبر مخالف للتكليف الاختياري للبشر .
  4_(ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) يونس : 99 . الاستفهام في هذه الآية استنكاري أي لا يحق لك أن تكره الناس على الإيمان لأن الله تعالى لو أراد الإيمان من الناس بالإكراه لكان بوسعه أن يجبرهم جميعا عليه .
  5_(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)البقرة : 256 . فإذا كان الإكراه منفيا تماما فكيف يقولون إن الله سيرسل شخصا يجلب الناس إلى الدين بقوة السيف  ؟! فمن اليقين إذن أن مثل تلك الأخبار كاذبة ومخالفة ﻵيات الله وسننه . 
  6_(لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) الشعراء :3_4 . سنة الله إذن تقتضي أن يمنع رسوله أن يبخع نفسه من شدة الحرص على إيمان الناس لأن الله إذا أراد إيمانهم قهرا أمكنه أن يأتيهم بآية واضحة قاهرة تجبرهم على الإيمان لكنه لم يرد ذلك ، فكيف يمكن لأي شخص بعد ذلك أن يجبر الناس بالقوة على الإيمان !
  7_(يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون)آل عمران : 55 . في هذه الآية عدة نقاط : الأولى تدل هذه الآية كما تدل الآية 34 من سورة الأنبياء على أن عيسى عليه السلام توفي ، فالأخبار التي تقول بأنه هو المهدي أو أنه سيصلي خلف المهدي تخالف آيات القرآن الكريم . والنقطة الثانية هي أن أتباع عيسى _بنص هذه الآية الصريح _ ستكون لهم الغلبة والظهور على أعدائهم ومخالفيهم فكيف يقال بأنه سيأتي إمام يقهرهم أو يجبرهم على الإسلام أو أنه لن يبقى هناك مخالف ولا موافق ؟ وقد بين التاريخ أيضا أن النصارى كانوا متفوقين دائما على اليهود كما نجد اليوم أن دعم الدول المسيحية هو الذي مكن اليهود من السيطرة على فلسطين وهو الذي يوفر لإسرائيل أسباب البقاء . 
  والحاصل إن هذه الآية تفيد بقاء يهود ونصارى حتى يوم القيامة وأن الله تعالى سيحكم بينهم يوم القيامة بحكمه النهائي.
  8_(ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون ) يس : 68 . فإذا وضعنا هذه الآية إلى جانب قوله تعالى :(ولن تجد لسنة الله تبديلا)الأحزاب :62 . وصلنا إلى نتيجة تقول إن الله لا يبدل سنته في خلق الإنسان فلا يمكن لإنسان أن يعمر آلاف السنين دون أن ينتكس خلقه . 
  9_(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) هود : 118 _ 119. طبقا لهذه الآية سيكون هناك دائما اختلاف بين الناس وبالتالي فلا إمكانية لإمام يقوم بتوحيد الناس كلهم على الاسلام وإزالة الكفر من الأرض .