تتنقّل أبشع جرائم القتل والتنكيل بين المناطق اللبنانية فأصبحت ظاهرة قائمة بذاتها والغدر سيد الموقف نساء ورجال يلقون حتفهم فتسفك دماؤهم ببرودة، واحداً تلو الآخر فيما ترزح الطبقة السياسية تحت عجز تام. في الأشرفية قتل شاب لم يسقط بإنفجار ولا بسبب معارك طاحنة في إحدى الحروب ولا نتيجة حادث قضاء وقدر بل إنّ التفلّت الأمني وسلاح السكاكين هما اللذان قتلاه.
" أخدولي ياه ما عندي غيرو" بهذه العبارات الأليمة نوجه سهيل إلى ولده مارسيلينو الذي قضى نتيجة الفلتان الأمني المستشري في البلاد .إنه مارسيلينو إبن ال 26 عاماً لم يكن يعرف أنها لحظاته الأخيرة مع خطيبته ستيفاني التي عشقها وعقد خطوبته قبل ثلاثة أيام .
هي جريمة مروعة التي هزت منطقة الأشرفية مساء أمس والتي ذهب ضحيتها الشاب "مارسلينو زاماطا" حيث قام شابان أحمد سعد فلسطيني الجنسية و حسن فقيه لبناني الجنسية بالتعرض له بعبارات مسيئة مما أثار غضب الشاب وتطور الإشكال من مشادة كلامية إلى طعنه في قلبه بكل برودة أعصاب حتى توفي على الفور أمام عيني خطيبته ستيفاني إبنة ال 24 ربيعاً طالبة العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية .
إن ما نعيشه راهناً في المجتمع اللبناني من حالات جرائم قتل، إنما هو نتيجة الفلتان والتسيّب الأمني في البلاد، وغياب تطبيق القانون لردع الجرائم، فضلاً عن الحماية و"الواسطات" السياسية لمرتكبي هذه الجرائم، ما من شأنه أن يدفع الإنسان إلى استسهال الجريمة بحيث أنه ينفذها وكأنه يحتسي فنجان قهوة أي أنه يقتل من دون رادع ومن ثم يكمل حياته وكأن شيئاً لم يكن.
وهذا ما يذكرنا بحقبات الحرب الأهلية التي عايشناها والتي كان الإنسان فيها رخيصاً جداً يرتكب أشنع الجرائم من دون رادع و الأمر الذي يجب أن يدفع المسؤولين على المستويات كافة الى إعادة تأكيد قيمة الإنسان عبر توفير الحماية اللازمة لحياته وأمنه وكرامته.