يبدو أن الاتفاق الهش الذي أبرم هذا الأسبوع بين أكبر منتجين للنفط في العالم وهما السعودية وروسيا، للحد من الإنتاج، لن يكون قادرا على وقف التراجع الكارثي لأسعار النفط العالمية وتغيير اتجاه الأسعار، التي تمثل كارثة بالنسبة إلى الاقتصادات التي تعتمد على تصدير النفط.
ويرى كريس فيفر كبير المشاركين في شركة “ماكرو أدفايزوري” للاستشارات المعنية بالملف الروسي أن “أي اتفاق على تثبيت لمعدلات الإنتاج المرتفعة بالفعل حاليا، لا يمثل أساسا لزيادة الأسعار”.
وكانت أربع دول منتجة للنفط وهي السعودية وروسيا وقطر وفنزويلا قد اقترحت، الثلاثاء، تجميد إنتاج النفط عند مستويات يناير الماضي في محاولة لتحسين أسعار النفط المنخفضة في السوق.
ورغم إعلان الاتفاق وإبداء دول أخرى مثل الكويت تأييدها للاتفاق، إلا أن سعر مزيج برنت تراجع بعد ساعات دون حاجز الـ33 دولارا للبرميل.
وكانت أسعار النفط قد تراجعت الشهر الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من 12 عاما لتسجل أقل من 30 دولارا للبرميل، وهو ما يلحق ضررا كبيرا بالاقتصادات المعتمدة على تصدير النفط بما في ذلك روسيا وفنزويلا، بعد أن بقيت لسنوات فوق 100 دولار للبرميل حتى منتصف عام 2014.
وقال فيفر في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية إن سوق النفط تعاني حاليا من فائض يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا، ولذلك فإن تجميد الإنتاج عن مستوياته الحالية، ليس حلا لانخفاض الأسعار.
وأضاف “بالنسبة إلى أسعار النفط، فإنه لكي يتم توفير دعم لسعر يزيد عن 30 دولارا للبرميل، فإنه يجب أن يتم خفض الإنتاج عن المستويات الحالية. وهذا الاتفاق لا يقدم حلا لهذه المشكلة”.
ويبدو أرتيم كونشين كبير محللي شؤون النفط في مجموعة “أوتكريتي” أكبر مجموعة مالية مستقلة في روسيا من حيث الأصول، أكثر تفاؤلا حيث يرى أن سعر 30 دولارا أصبح الحد الأدنى لسعر الخام في السوق.
وقال إن السوق ظلت تقاتل من أجل هذا المستوى خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة الماضية.
ويرى سيرجي أليكساشينكو نائب وزير مالية روسيا سابقا أنه “يبدو أن الهدف الدقيق لكل من السعودية وروسيا هو الإبقاء على النفط بين 30 و40 دولارا للبرميل”.
وهذه الأسعار منخفضة بالنسبة إلى منتجي النفط غير التقليدي (النفط الصخري) نظرا لتكلفة الإنتاج المرتفعة، وهو ما يمكن أن يجبرهم على الخروج من الأسواق بحسب أليكساشينكو ومحللين آخرين.
وكان اجتماع الدوحة قد ضم وزير الطاقة القطري محمد بن صالح السادة ووزير البترول السعودي علي النعيمي ووزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك ووزير الطاقة الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو.
وبحسب الوزير القطري محمد السادة فإن الدول الأربع عقدت “اجتماعا ناجحا لمراجعة أوضاع السوق، ووضعت في الاعتبار مسألة العرض والطلب على المدى الطويل وتأمين الإمدادات”.
وأوضح أن الأسعار الحالية للنفط لا تساعد على الاستثمار في قطاع النفط، في وقت يزداد فيه الطلب على النفط بشكل متواصل.
وقال إن الدول الأربع اتفقت على تجميد إنتاج النفط على أساس مستويات يناير، على أمل أن تنضم إليه دول منظمة أوبك والدول المنتجة الرئيسية من خارج المنظمة.
كما اشترط وزير البترول السعودي علي النعيمي مشاركة المنتجين الرئيسيين من داخل وخارج أوبك، مؤكدا أن هذه الخطوة كافية لاستقرار السوق.
ونفى أن تكون الأسعار المنخفضة للنفط قد تركت أي أثر على الاقتصاد السعودي، مؤكدا أنها تملك وفرة من الموارد الأخرى، وتعمل بسرعة كبيرة جدا لتنويع الاقتصاد وزيادة مصادر الدخل للاقتصاد السعودي.
من الواضح أن الاتفاق بحجمه الحالي لن يكون مؤثرا بدرجة كافية لتحويل اتجاه أسعار النفط وسينتظر مزيدا من التأييد من بقية منتجي منظمة أوبك والمنتجين المستقلين، ليتمكن من إحداث تأثير في الأسواق.
ويبدو مستبعدا أن يحظى بإجماع المنتجين، وخاصة الدول التي تريد زيادة إنتاجها بأي ثمن مثل إيران.