شهد الوسط السياسي أمس حركة رئاسية لافتة تنقلت بين معراب والرابية وبكركي ووادي أبو جميل وعين التينة، في إطار الضغط لإجراء الانتخابات الرئاسية. ورغم أن الرئيس الأسبق للحكومة، سعد الحريري، كرر تأييده لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، تحدثت معلومات عن أن موعد ٢ آذار يشكل بالنسبة إلى العماد ميشال عون موعداً مفصلياً، لأنه بعد التاريخ "سيبني على الشيء مقتضاه، سواء في ما يتعلق برئاسة الجمهورية أو الحكومة". وأشارت المعلومات إلى أن عون متفائل بنسبة كبيرة بعقد الجلسة، فيما تلمّح مصادر مقربة منه إلى أن حركة التيار الوطني الحر تهدف إلى وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، لأن تاريخ ٢ آذار يجب أن يكون حاسماً، وإلا فإن خريطة طريق جديدة ستوضع من أجل بتّ الملف الرئاسي.
لكن كل هذه الحركة لا تعني أن جلسة الثاني من آذار ستشهد انتخاب رئيس للجمهورية. الحريري كان يراهن على أن عودته ستخلق ديناميكية تُحرج خصومه وتدفعهم إلى المشاركة في جلسة لانتخاب مرشحه إلى الرئاسة. لكنه بدأ يصطدم بواقع أن الانتخابات الرئاسية هي تعبير عن اتفاق سياسي، لا عن "لعبة انتخابات". فيوم أمس، استقبل الحريري في منزله النائب سليمان فرنجية، وحاول (الأول) الضغط عليه لدفعه إلى المشاركة في جلسة الانتخاب المقبلة. لكن فرنجية، بحسب مصادر اللقاء، أكّد لمضيفه أنه لن يشارك في الجلسة، قائلاً إنه اتفق مع حزب الله على ذلك. وصرّح فرنجية بعد اللقاء الذي جمعه بالحريري بما يوحي بهذا التوجه، إذ قال رداً على سؤال عن مشاركته في الجلسة: "أنا أنسق دائماً مع حلفائنا ولا أقوم بشيء إلا بالتنسيق مع الحلفاء، فهذا هو الأساس". وقال فرنجية إنه لن يحرج الحريري بسحب ترشيحه.
وزار الحريري أمس الرئيس نبيه بري في عين التينة. وبعد اللقاء، بدا الحريري متوتراً في إجاباته عن أسئلة الصحافيين. وبعد أن قال إن ملف الرئاسة هو بيد اللبنانيين، سأل سائليه: "هل ترونني راكضاً لكي أصبح رئيساً للحكومة؟ ليس لديّ أي مشكل، فهناك نواب وهم في النهاية يقررون في الاستشارات من هو رئيس الوزراء، ولكن "ما حدا يحطها فيي"".
وفي إطار الاتصالات الرئاسية، زار موفد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ملحم الرياشي، العماد ميشال عون، وعقد معه لقاءً بمشاركة النائب إبراهيم كنعان. وعلمت "الأخبار" أن الرياشي نقل إلى عون "تمسك القوات بترشيحه أكثر من أي وقت مضى، وإصرارها على العمل لإيصال هذا الترشيح إلى خواتيمه".
على صعيد آخر، عُقِدت جلسة الحوار الوطني في عين التينة، وتمحورت حول البحث في ملفات قانون الانتخابات النيابية (من دون التوصل إلى أي نتيجة)، والنازحين السوريين، والنفايات، بعدما ظهرت فضائح مشروع الترحيل إلى روسيا.
في ملف النازحين، لفت الرئيس نجيب ميقاتي إلى ضرورة مواكبة الحوار السوري ــ السوري واتفاق وقف إطلاق النار الذي عُقِد في ميونيخ الأسبوع الماضي، مطالباً بعودة النازحين الآتين من مناطق لا تشهد حالات حرب، محذّراً من إمكان التوصل إلى حلول على حساب لبنان. وقال بري: "هناك اجتماعات تحصل وآخرها لندن، وحتى الآن لم يصلنا أي دعم من المجتمع الدولي. بعض الدول تستضيف آلاف الناس فتقيم الدنيا ولا تقعدها، ونحن نستضيف مليوناً ونصف مليون ونتحمل الحمل وحدنا". وقال الوزير جبران باسيل: «توجد إرادة دولية بإبقاء النازحين في لبنان، وهذا واضح، لذلك علينا كلبنانيين أن نصرّ بالدفاع عن حقوق بلدنا وعن حقوق النازحين بالعودة إلى وطنهم».
بدوره، اقترح النائب محمد رعد "فتح خط اتصال مع الحكومة السورية، ونعتقد أنه إذا جرى التنسيق بين الحكومتين، يمكن أن يعود نصف النازحين على أقل تقدير بطريقة كريمة، ولا يجوز أن يبقى هناك قرار ضمني في لبنان بمقاطعة سوريا، وهذا يرتدّ بشكل سيّئ على ملف النازحين وغيره، والتنسيق في مصلحة لبنان".
وعن انتخابات الرئاسة، كرر ممثلو قوى 14 آذار مواقفهم بشأن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، فقال رعد: «ثمة حملة من الجميع بشأن مسألة المقاطعة والقول إنها ليست دستورية وإنها مخالفة للدستور، اسمحوا لنا. أنتم عطلتم المجلس النيابي لفترة طويلة سابقاً واعتبرتم أنكم تمارسون حقكم الدستوري، نحن أيضاً نمارس حقّنا الدستوري، فإن كنتم تريدون استدراجنا مرغمين لتأمين النصاب لكم، فلن نفعلها، وهذا حقّنا الدستوري».


سلام: لا سرطان ولا روائح، علينا العودة إلى المطامر!



وفي ملف النفايات، أثير نقاش حاد بين النائب طلال أرسلان وسلام الذي قال: "كل يوم تصلنا عروض من أناس ليست لديهم صدقية، وأنا اليوم قبل أن آتي اتصلت برئيس مجلس الإنماء والإعمار وطلبت من أن يخابر شركة "شينوك" ويقول لهم إن أمامهم فرصة 48 ساعة. إمّا أن يؤمّنوا كل الأوراق أو يسقط كل شيء ونوقف التفاوض معهم". أضاف سلام: "في 28 كانون الثاني اتصل بي السفير الروسي وقال لي لدي هنا ممثلون عن شركة شينوك ونحن ندعم هذه الشركة، وعندما سمعتُ هذا الكلام من سفير روسيا ارتحت. ثمّ في 8 شباط طلبني السفير الروسي مرة جديدة وقال أتمنى عليك أن تصبر ليومين أو ثلاثة لكي ترتّب الشركة أوراقها. قلتُ للسفير الروسي هل تقصد بيومين أو ثلاثة تؤمّن الشركة أوراقها؟ فأجابني "إن شاء الله". وعندما التقيت في ميونخ بـ(وزير الخارجية الروسي سيرغي) لافروف، فاجأني بالقول إن حل أزمة النفايات عندكم سيتأمن عبرنا". وختم سلام بالقول إنه إذا فشل خيار الترحيل، يجب العودة إلى المطامر "لأنه الخيار الصحيح، وهذا المشروع ذهب ضحية المزايدات من الجمعيات البيئية، ومطمر الناعمة (الذي سمّاه الرئيس فؤاد السنيورة "رولس رويس المطامر") يحمل استقبال مليون طن". وقال إن "الجمعيات تزايد واخترعوا قصص الروائح والسرطان، لكن يجب أن نعود إلى المطامر، كمطمر الكوستابرافا (خلدة)".
فتدخل أرسلان قائلاً: "لحد هون وبس، ليس معقولاً أن ترموا الأمور على الناس، الكوستابرافا مكبات عشوائية لأنكم لم تقدموا شيئاً. فليحاول أحد منكم أن يسكن يومين في الشويفات وعرمون وخلدة، ليكتشف الروائح، هناك مشكلة يا دولة الرئيس، أنه لا ثقة بالدولة، ولا يتقدم شيء يدفع إلى الثقة، ما الذي يضمن لنا الوعود؟".
وتدخل النائب سامي الجميّل قائلاً: "يا دولة الرئيس أنتم تريدون مجلس الإنماء والإعمار وسوكلين وهم الذين افتعلوا الأزمة، هذا الأمر غير مقبول". وقال النائب آغوب بقردونيان: "غير صحيح أنه ليس هناك سرطان، السرطان متفشٍّ جداً، وفي برج حمود ارتفعت نسبة الإصابة بالسرطان 300% في منطقة يعيش فيها 500 ألف نسمة".
وطالب النائب ميشال فرعون بالاتصال المباشر مع الروس لحل هذه الأزمة.