لم يغب الشأن الرئاسي يوماً عن لائحة القضايا التي يهتم بها اللبنانيون.. فإنهاء حالة الفراغ الرئاسي بالنسبة إلى معظم اللبنانيين يشكل مدخلاً أساسياً للحل، كما أظهر استطلاع سابق أجرته "شركة آراء للبحوث والاستشارات" في تشرين الثاني 2015، تبين وقتذاك أن 40% من اللبنانيين يعتبرون أن انتخاب رئيس للجمهورية يتقدم على أزمة النفايات (24%) وموضوع الاستقرار الأمني (22%).
وقد أجرت "شركة آراء" في كانون الثاني 2016 استطلاعاً للرأي حول الموضوع الرئاسي شمل عينة من 500 شخص مماثلة للتوزيع السكاني في لبنان، قام بتحليل نتائجه ماهر أبو شقرا، وأشرف على التحليل مدير الشركة طارق عمار.
ارتفاع الأسهم
وعند سؤال المستفتَين عن أي من المرشحين المطروح أسمهم يفضلون، فإن 26% منهم أجابوا بأنهم يفضلون النائب سليمان فرنجية، مقابل 21% يفضلون النائب العماد ميشال عون، بينما 15% لا يفضلون أحداً من الاثنين و38% لم يعطوا جواباً على السؤال.
ومن اللافت للانتباه أن نسبة تأييد عون ترتفع إلى 25% لدى الذكور بينما تنخفض إلى 17% لدى الإناث. وترتفع نسبة تأييد ترشيح عون كثيراً في البقاع لتصل إلى 38% مقابل 14% لفرنجية، و7% لا يفضلون أحداً من المرشحين بينما 41% لم يعطوا جواباً.
في المقابل، ترتفع نسبة تأييد فرنجية كثيراً في الشمال لتصل إلى 40% مقابل 7% لعون، بينما لا يؤيد 20% أحداً من الإثنين، و32% لم يعطوا جواباً على السؤال.
ويتفوق فرنجية على عون في الجنوب أيضاً بواقع 29% مقابل 19% لعون، وفي بيروت كذلك الأمر بواقع 23% لفرنجية مقابل 18% لعون. وتنخفض نسبة التأييد لفرنجية في جبل لبنان إلى 20% مقابل 24% لعون، فيما 20% لا يؤيدون أحداً منهما و37% لم يعطوا إجابة على السؤال.
ومن الواضح أيضاً أن نسب التأييد لعون ترتفع كثيراً عند المسيحيين مدفوعاً بما تمخض عنه اللقاء الأخير بين عون وسمير جعجع في معراب وبواقع 37% مقابل 16% لفرنجية، بينما لا يؤيد 16% أحداً من الاثنين، فيما لم يعط 31% جوابًا على السؤال.
في المقابل، فإن أسهم فرنجية ترتفع عند الطائفة السنية بواقع 35% مقابل 5% فقط لعون، فيما لا يؤيد 20% أحداً من الاثنين، ولم يعط 41% منهم جوابًا على السؤال. أما عند الشيعة، فإن تأييد فرنجية أعلى من تأييد عون بواقع 37% مقابل 27% لعون، بينما لا يؤيد 7% أحداً من الاثنين، ولم يعط 30% منهم جواباً. أما الدروز، فإنهم في غالبيتهم إما لا يؤيدون أحداً من المرشحين بواقع 24%، أو لم يعطوا جواباً محدداً (51%)، بينما لا تتخطى نسبة تأييد أحد من المرشحين عتبة 15% لفرنجية و10% لعون.
عون يتفوق على فرنجية بالتوقعات
وعند سؤال المستفتَين عمن يعتقدون أنه سينال منصب رئاسة الجمهورية، فإن 23% يعتقدون أن عون سيكون الرئيس المقبل للبلاد، بينما يعتقد 19% أن فرنجية سيكون الرئيس المقبل، ويعتقد 14% أن لا أحد منهما سيصل إلى رئاسة الجمهورية، بينما لم يعط 44% جواباً على هذا السؤال. وهذا يعني أن ثمة شريحة مهمة من الذين يفضلون فرنجية على عون رئيساً للجمهورية لا يعتقدون بأنه قد ينجح بالوصول للرئاسة. في المقابل، فإن شريحة من الذين لا يؤيدون وصول عون للرئاسة يعتقدون بأنه سيكون الرئيس المقبل للبلاد.
ومن اللافت للانتباه أن نسبة التشكيك بوصول عون إلى الرئاسة ترتفع عند المسيحيين، ففيما يؤيد 37% منهم وصول عون للرئاسة، فإن 25% منهم يعتقدون بأنه سيصل فعلاً ليكون رئيساً. بينما يعتقد 13% منهم أن فرنجية سيصل للرئاسة، 18% يقولون أن لا أحد من الاثنين سيكون رئيسا، و45% لا يعرفون من سيكون الرئيس.
في المقابل، ترتفع نسبة الذين يعتقدون أن عون سيصل إلى رئاسة الجمهورية عند الطائفة الشيعية إلى 39%، بينما يعتقد 25% منهم بأن حظوظ فرنجية أعلى من حظوظ عون. ويعتقد فقط 4% من الشيعة أن رئيساً من غير هذا الثنائي سيصل إلى منصب الرئاسة، و32% لم يعطوا جواباً على السؤال.
واللافت للنظر أن الفئات العمرية الأكبر أكثر ميلاً إلى إظهار عدم إعطاء إجابة عمن يعتقدون سيكون الرئيس المقبل للبلاد، بينما نجد الفئات العمرية الأصغر سناً تميل إلى تحديد مرشح معين.
وتجدر الإشارة إلى أنه من بين الذين لم يعطوا جواباً على سؤال الطائفة، فإن 65% لم يعطوا جواباً أيضاً على من يفضلون من بين المرشحين للرئاسة، و68% لم يعطوا جواباً عمن يعتقدون سيكون الرئيس المقبل للبلاد. وإذا افترضنا أن هؤلاء بمعظمهم ينتمون إلى الجو اللاطائفي أو العلماني في لبنان، يشير ذلك إلى أن هذه الفئة هي الأكثر إحباطاً سياسيا.. والأقل اهتماماً بمن سيكون الرئيس المقبل.
تفاؤل مسيحي بتوافق عون وجعجع
أما عند السؤال عن موضوع دعم سمير جعجع لترشيح عون، فإن 55% من المستفتَين يرون في ذلك شيئًا إيجابيًا،( 25% إيجابياً جداً و30% إيجابياً نوعاً ما). بينما 16% يرون في ذلك الدعم شيئاً سلبياً (7% سلبي نوعاً ما و9% سلبي جداً). في المقابل، فإن 29% لم يعطوا جواباً.
ومن الواضح أن تأييد الاتفاق بين عون وجعجع لقي أعلى نسبة من الأصداء الإيجابية لدى المسيحيين بواقع 77% (49% يرونه إيجابياً جداً و28% إيجابياً نوعاً ما). ورأى فقط 6% في تأييد جعجع لترشيح عون شيئاً سلبياً. أما عند السنة، فإن 5% فقط يرون في تبني جعجع لترشيح عون شيئاً إيجابياً جداً، و36% يرونه إيجابياً نوعاً ما. بينما نسبة الذين يرون في المصالحة القواتية العونية شيئاً سلبياً لدى أبناء الطائفة السنية تبلغ 29%. أما نسبة الذين يرون في ذلك شيئاً إيجابياً لدى أبناء الطائفة الشيعية فتبلغ 55% (24% إيجابيا جداً و31% إيجابيا نوعاً ما)، وتبلغ النسبة 62% عند الدروز (29% إيجابيا جداً و33% إيجابيا نوعاً ما). وتظهر الطبقة الوسطى الأكثر انخراطاً في السجال السياسي الرئاسي والأكثر ميلاً لإعطاء رأي إيجابي حاسم بموضوع المصالحة بين عون وجعجع بنسبة 74% (39% إيجابيا جداً و35% إيجابيا نوعاً ما)، وذلك مقابل 11% يرون في ذلك شيئاً سلبياً سواء كان سلبيا جداً 7% أو سلبيا نوعاً ما 4%.
أما الفقراء فيميلون إلى عدم الحسم في هذا الموضوع حيث 38% من الفئات الأكثر فقراً لم تعط جواباً على هذا السؤال، مقابل 42% يرون في تأييد جعجع لترشيح عون شيئاً إيجابياً و20% يرون فيه شيئاً سلبياً.
أما الفئات الغنية، فإن 37% منهم لم يعطوا جواباً على هذا السؤال، فيما يرى 47% منهم في الاتفاق شيئاً إيجابياً مقابل 16% يرون فيه شيئاً سلبياً.
يعكس هذا الاستطلاع تشبث اللبنانيين بأية بارقة أمل تلوح في الأفق السياسي، وهم يرون في انتخاب رئيس للجمهورية مدخلاً لحل أزماتهم المتراكمة. وإذا كان الملف الرئاسي سياسياً بامتياز، غير أنه يرتدي صبغة مختلفة بالنسبة للناس الذين يحملونه بعض آمالهم في خضم اليأس والتشاؤم الذي تحمله الظروف الاقتصادية والسياسية في لبنان والمنطقة.